الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2017-02-23

الإسلام في أفريقيا (الحلقة 26) زيادة الله يوجه جهوده للغزو والفتح - محمد فاروق الإمام

وبعد أن اطمأن زيادة الله لسكون البلاد وجه اهتمامه لإصلاح ما اختل من أحوال مملكته، فبدأ نشاطه بتوجيه الناس للانشغال بالغزو والفتح في الخارج.
فأمر بإعداد الأساطيل وحشد الجند، وبعد أن اكتمل له ذلك، أمر بتوجيه الأساطيل المحملة بالجند إلى (سردينية) - وهي يومئذ تحت حكم الروم البيزنطيين - فأوقعوا فيها معارك عظيمة، وعاد الأسطول منتصراً غانماً بعد أن ألحق بالروم هزائم كثيرة، فأغدق زيادة الله بالأعطيات على الجيش لبلائه في العدو.
كذلك بدأ زيادة الله يوجه اهتمامه إلى الشؤون الداخلية لإصلاح حال رعيته وتحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية. فبدأ بتعيين أسد بن الفرات قاضيا للقيروان سنة (204هـ/819م)، فأسعد هذا القرار الصغير والكبير من أهل القيروان لما لأسد من منزلة عالية في نفوس الناس احتراما لدينه وعلمه.

وعادت إفريقية تعيش عهد الأمن والسلام ورغد العيش، وغدا أهلها في أيسر حال وأنعم بال. ولكن هذا لم يمنع الحاقدين والطامحين للملك من تعكير صفو هذا الأمن والأمان، متنكرين لهذا الأمير السخي العادل، فنشبت الثورات هنا وهناك في مجمل أنحاء المغرب منذ بداية عام (207هـ/822م) وحتى عام (214هـ/829م)، حين هلك آخر هؤلاء المتمردين عامر بن نافع بمدينة تونس. فاستراحت إفريقية دون أن يلجأ زيادة الله إلى الثأر ممن تمردوا عليه، بل كان يحسن إليهم، ويسامحهم ليستألف قلوبهم. 
لقد كان زيادة الله من أبعد ملوك الأغالبة نظراً في تدبير سياسة الملك، فقد أمسك عن ملاحقة الثوار والمتمردين، والتفت إلى الاهتمام بأوضاع الدولة الداخلية، فنراه يستعين بصفوة الفقهاء والعلماء ليكونوا رجال حكمه فيقلدهم المناصب الهامة في لدولة، وينشئ المصانع لبناء السفن في (سوسة) بنية استئناف الفتوح في جنوب إيطاليا.
ولم يغفل زيادة الله عن إعطاء الناحية التجارية بعض اهتمامه، فقد كان الصراع على أشده بين الدول البحرية في ذلك الحين لفتح الطرق البحرية المؤدية إلى الأسواق التجارية، ومن هنا كان يراقب بحذر ما يجري في البلاد الإيطالية.
وقد نقل إليه سنة (212هـ/827م) أن إمبراطور الروم بالقسطنطينية قد استعمل على جزيرة صقلية البطريق (قسطنطين) الذي عين قائدا لأسطوله أحد الروم الشجعان واسمه (فيمي)، والذي أقدم على غزو إفريقية ونهب وسبا من سواحلها أموال المسلمين وبناتهم مخالفاً بذلك المعاهدات والاتفاقيات التي سبق ووقعها قسطنطين مع الأغالبة، مما جعل هذا الأخير يكتب إلى إمبراطور الروم بما أقدم عليه فيمي فيأمر الإمبراطور بالقبض عليه وتعذيبه. ويعلم فيمي بما يدبر له، فيوجه أسطوله وجنده نحو صقلية ويهزم قسطنطين ويعلن نفسه حاكماً لها، ولكن هذا لا يستتب له الأمر فيفر ومن معه إلى إفريقية مستنجدين بزيادة الله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق