الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2017-11-20

المقاتلون الأستانيون الخافضون للتوتر والتصعيد في ملحمتهم السادسة - بقلم: د. أسامة الملوحي

بسم الله الرحمن الرحيم
أحد أهم أعضاء وفد الفصائل المقاتلة إلى أستانة قيل له:
 لماذا تستمرون في الحضور رغم انتقادات أغلب الجهات الثورية لكم ورغم وجود انتهاكات لاتفاقات الهدن من طرف النظام  أثناء كل أستانة, ومصيبة ميدانية كبرى بعد كل أستانة؟...
فلوى عضو الوفد رأسه مستكبراً وقال مع ابتسامة في طرف فمه وشبه اغماضة للعينين...:
أنتم لا تعلمون شيئا ...إنا نعلم ما لا تعلمون...ونرجو من الراعين في الأستانة ما لا ترجون وما لا تفهمون....
ولكن جولات الأستانة جمَّدت جبهات كان النظام بريدها أن تتجمد ليستفرد بجبهات أخرى.
ولمَّا أراد النظام إقفال جبهات مع الضمانة الكاملة أخذ ذلك من الأستانة واطمأنَّ بذلك لنقل قطعات عسكرية كبيرة إلى مناطق استراتيجية أخرى..

هناك مناطق استراتيجية حساسة لا يستطيع النظام أن يسحب منها قواته سواءً منها القوات المواجهة أو القوات الاحتياطية باي شكل من الاشكال لأنها تحفظ وجوده وتمنع أي هجمة ارتدادية مفاجئة نحو القلب في العاصمة خاصَّة, وكانت قطعات مدربة كبيرة مخصصة لحماية القلب لا تغادر العاصمة ومحيطها وعددها يبلغ اكثر من عشرين ألف فرد....ولكن بعد جولات أستانة وضياع داريا وبلدات وادي بردى والقابون وبرزة وحي تشرين  أصبح ذلك ممكناً. 
وكان من نتاج الأستانة الخامسة المدعومة باتفاقيات جانبية أخرى على الأرض وفي القاهرة أن النظام استطاع نقل آلاف المقاتلين باتجاه الشرق والبادية... البادية التي تحتاج عشرات الألوف من الجنود إضافة إلى أفراد الميليشيات.
وفي الأستانة السادسة مرر الأستانيون اتفاقاً ميدانياً خطراً للغاية:
مرروا منع أي انطلاقة لأي معركة عسكرية باتجاه النظام وبذلك أسقطوا الورقة العسكرية تماماً من المفاوضات السياسية التي يمكن أن تنال من بقاء بشار الاسد, وعززوا من هدف النظام ومن معه بالحسم العسكري المباشر والتدريجي في بعض المناطق.
وإمكانية انطلاق مثل هذا العمل العسكري واردة باتجاه الساحل غرباً أو باتجاه حماة جنوباً او باتجاه حلب من غربها وجنوبها وباتجاه طريق النظام إلى حلب شرقا في محور أثريا خناصر وحتى باتجاه قوات قسد المتعاونة مع النظام شمالاً.
وفي هذا الاتفاق الأستاني الأخير جعلوا منطقة الكنس المخطط لها لتجميع المقاتلين في الوسط ليعزلوا المقاتلين عن أي مبادأة عسكرية بالاتجاهات التي ذكرناها.
وفي هذا الاتفاق وسعوا قائمة المصنفين المستَهدفين إلى كل الذين يرفضون اتفاق الأستانة وفي رواية روسية أخرى: "سيكون مشمولاً بالاستئصال والإزالة كل من يصر على تغيير النظام"
كل من لا يزال يريد رحيل بشار الأسد متطرف يجب أن يزول في ميزان الروس الضامنين.
وفي الاتفاق الأخير مخاوف كثيرة في وجود جهود للفصائل الأستانية قد تكون للمساعدة في العزل والتجميع والاحتراب.
وحددوا ستة أشهر للاتفاق الأخير, ربما ريثما يتمكن النظام ومن معه من السيطرة على البادية والشرق ليعود فيقضم ما تبقى من قطع منهكة هنا وهناك هي مناطق خفض التوتر الأربع.
لقد اتضح للجميع اليوم أن الأستانة أهم من جنيف وأن الأستانة أسرع من جنيف بكثير...وأن الأستانة تؤثر مباشرة على الميدان وأن نجاحات أستانة تواكب الاجتماعات وتعززها....نجاحات لطرف واحد...نجاحات لبشار الأسد ومن معه.
وفي الجانب السياسي كان للأستانات دور كبير مؤثر أيضاً:
-     الأستانات عززت شرعية روسيا كوسيط وضامن, وما يكون على الخريطة و الأرض يكون أسهل منه ما هو في الاتفاقات السياسية.
-     الأستانات أعطت شرعية لوجود إيران في المفاوضات فالموافقة على الجلوس مع وفد ايراني أستاني سيسهل الجلوس مع وفد إيراني جنيفي ولن يؤثر أبداً التحفظ المتكرر من وفد الأستانة على وجود إيران كضامن فهم يجلسون معها ويوافقون على ما تعده وتوافق عليه ثم يتحفظون. 
-     الأستانات مهدت لبقاء بشار الأسد وسيسهل على المفاوضين السياسيين بعد تطعيم وفد الهيئة العليا للمفاوضات , سيسهل عليهم الموافقة على صيغة مضللة فيها بقاء بشار الأسد.
الأستانة أقوى من جنيف لان الوجوه تقابلت بين النظام ووفد الفصائل في الاجتماعات وكل الاتفاقات الميدانية بنيت على أساس وجود أساسي لقوات النظام والميليشيات, واعتراف الفصائل بالنظام اتفاقاً أكبر ذريعة لمن يريد الاستجابة للرغبة العامة للَّاعبين في بقاء بشار الاسد.
المقاتلون الأستانيون الخافضون للتصعيد والتوتر قدموا ورقة المعتقلين للمرة السادسة ولم يأبه لهم أحد.
مرر الآباء الرعاة الولاة كل شيء وتركوا ورقة المعتقلين معلقة...ورقة معلقة جعلوا لها أستانة مُضللة أخرى قد يُدخلهم النظام بعدها في نفق ونفي وتفاصيل لا يخرجون منها بسنين.
لقد قالوا أن الأستانة السادسة هي الأخيرة ويبدو أنها فعلاً المحطة الأساسية الهامة الأخيرة التي حققت فيها روسيا وإيران أكثر مما كانتا تتوقعان و تتمنيان .ً

د. أسامة الملوحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق