الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2016-09-30

المكارثية الجديدة والإسلام – بقلم: د. أحمد محمد كنعان

المكارثية: حركة سياسية انتهازية تستهدف الخلاص من الخصوم باتهامهم اتهامات خطيرة دون اهتمام بالأدلة، وتنسب هذه الحركة إلى السياسي الأمريكي جوزيف مكارثي (١٩٠٨- ١٩٥٨) الذي كان رئيساً لإحدى اللجان الفرعية في مجلس الشيوخ الأمريكي، فقد أراد هذا الانتهازي التخلص من بعض خصومه السياسيين فراح يتهمهم بالشيوعية، في الوقت الذي بدأت الولايات المتحدة تحس بخطر الشيوعية على البلاد، في فترة كان الاتحاد السوفياتي راعي الشيوعية في ذروة قوته ونشاطه في نشر الشيوعية في أنحاء العالم !!

فقد استغل مكارثي هذه الظروف، وأخذ يكيل التهم بالشيوعية إلى خصومه من موظفي الحكومة الأمريكية مدعياً أنهم يعملون لصالح الاتحاد السوفياتي، ما أدى بالكثيرين منهم إلى السجن وخراب بيوتهم والقضاء على مستقبلهم السياسي، ثم تبين أن معظم اتهامات مكارثي كانت اتهامات زائفة تفتقر إلى أدلة، ما دعا المجلس في عام ١٩٥٤ إلى محاسبة مكارثي وإصدار قرار رسمي ضده يتضمن لوماً شديداً، ويتهم عمله بأنه خارج عن القانون وأنه غير أخلاقي، وتحت وطأة هذه الفضيحة المدوية وقع مكارثي فريسة المخدرات التي عجلت بنهايته !!
لكن، بالرغم من إدانة المكارثية في حينه واعتبارها عملاً غير أخلاقي ولا قانوني إلا أنها وجدت لها فيما بعد مكاناً في ممارسة كثير من الدول التي راحت تتخلص من خصومها بهذه الطريقة الانتهازية!!
ومن المؤسف أن الولايات المتحدة نفسها التي أدانت المكارثية في حينه تعود اليوم لاستخدامها ضد الإسلام الذي رأت فيه خصماً يهدد نهجها الإمبريالي، ويكشف سوءاتها، فراح المكارثيون الجدد هناك يتهمون الإسلام بالتطرف والإرهاب وغيره من الاتهامات الزائفة لتبرير ضربهم للإسلام ووقف تأثيره وانتشاره في العالم، بل وصل الأمر بهم إلى نشر الخوف من الإسلام ( إسلامفوبيا) في العالم في محاولة خبيثة للقضاء على الإسلام كما فعلوا بالشيوعية من قبل، لكن فات المكارثيون الجدد ذلك الفارق الكبير ما بين الشيوعية التي هي فلسفة بشرية اعتنقها بضعة ملايين من البشر برهة من الزمن تحت سلطات دكتاتورية غاشمة، وبين الإسلام الذي هو دين سماوي يدين به عدد لا يحصى من البشر في مختلف أنحاء المعمورة!!

وإذا كانت المكارثية السابقة قد افتضح أمرها على الملأ، فأحرى بالمكارثية الجديدة أن تهزم أمام الإسلام!! بل بدأت هزيمتها بالفعل، فقد بدأت الحملات ضد الإسلام في العالم تتراجع بسبب جهود باحثين منصفين راحوا يدافعون عن الإسلام بشجاعة، غير عابئين بالحملات المكارثية، وراحوا يبينون الفارق الكبير ما بين الحركات المتطرفة التي تنسب نفسها إلى الإسلام وبين الإسلام نفسه الذي يرفض كل أشكال التطرف الديني وغير الديني!! ما يعني أن المكارثية الجديدة مآلها إلى الهزيمة في معركتها ضد الإسلام، وأنها سوف تنتهي نهاية كارثية كما انتهى جوزيف مكارثي بتلك الفضيحة المجلجلة التي عجلت نهايته!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق