الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-06-04

خواطر ثورية – بقلم: شادية حميد


أجلس بين زميلاتي في العمل من الطائفة العلوية... وطبعا أنا الوحيدة من الطائفة السنية في هذا القسم من الشركة  من بين خمس وعشرين موظفاً.. كعادة مؤسسات الدولة  في اللاذقية والتي يتم  فيها توظيف بين 1- 5 % من أهل السنة. مع أنهم الأكثرية في المدينة...
يتناهى إلى سمعي ...
"عصابات مسلحة"...
"مخربين"....
"تفكيك عبوات ناسفة زرعتها القاعدة في مشروع الصليبة"....
"إلقاء القبض على شبكة إرهابية  تابعة للشيخ حمد في العوينة"...
"المسلحون من جنسيات مختلفة  يجوبون شوارع الصليبة ويطلقون الرصاص"...
 
يتحدثون بشكل طبيعي أمامي ودون أي حرج... أكثر من مرة أريد أن أسألهم :
من هي تلك العصابات المسلحة؟
من يزرع العبوات الناسفة في أحيائنا؟
من يطلق الرصاص على الناس؟
من هي الجهات التي تدعم هؤلاء المسلحين ولا تريد حكم بشار امريكا ام اسرائيل؟

ثم أتوقف... أشعر بالخوف... ينتابني شعور بالعجز والجبن ...

أحداث جسام ووقائع رهيبة  تدفعني لمحاورتهم ومناقشتهم فيما يقولون... لكن مرة أخرى أقول لنفسي: يا بنت من ستحاورين ..

ومن المؤكد إن فتحت فمي أمامهم  بكلمة سأختفي  في أحد فروع الأمن... لا تورطي نفسك...

ما أبشع هذا الاحساس...!!

تتكاثر في ذهني الأسئلة...

هم يتحدثون معي وأنا بنت الصليبة .. استشهد جاري.. وخطفوا قريبتي ... واعتقلوا أبي... نصف أقاربي مفقودون ونصفهم الآخر
هُجِّر من بيته...
أسأل نفسي: هل يتوقعون أنني مؤيدة لنظام الأسد؟

هل يمكن أن يبلغ بهم الغباء هذا المبلغ؟.. أم أن على عقولهم غشاوة فلا يستطيعون أن يروا إلا وجهة نظرهم... ولا يقبلون إلا بها... وربما لا يتوقعون أن يوجد على سطح الارض من يملك وجهة  نظر مخالفة...
هذا لو كنا نتحدث عن موضوع يحتمل وجهات نظر... وليس جرائم ضد الإنسانية ...

ثم أقول لنفسي ألا يملكون من الأدب أو مراعاة مشاعر الآخرين ما يجعلهم يتجنبون الحديث أمامي ...

يتحدثون ويعيدون ما ترويه قناة الدنيا. وما يفوقها حتى..!!

أعود فأتساءل ... هل هم مصدقون فعلا لهذه الروايات؟؟

أقول ربما ... قد تبلغ محدودية العقل والبلاهة هذا المستوى...

أم أنهم يعلمون تماماً ماذا يجري على الارض, وما تقوم به عصابات الأمن والشبيحة  في كافة المدن السورية.. وهم مؤيدون لكل ما يفعله نظام الأسد من إجرام...!؟

لو كان الأمر هكذا فلدي مبرر لتخوفي من الحديث معهم ومناقشتهم..

أعلم أن المشاركون في قتل السوريين هم من جميع الطوائف.. ولكن النظام يقتل باسمهم وغالبا عن طريقهم .. وورط الطائفة العلوية حتى آذانها في القتل..

وأعلم أن السجانون والمحققون فيهم نسبة من غير الطائفة العلوية ولكن ما يقوله الخارجون من المعتقلات الأسدية, وما ينقلونه لنا من العبارات والتصرفات الطائفية, لها مدلول واحد أن النظام استطاع أن ينجح بتوجيه الكثير من هؤلاء إلى هذه التصرفات لتصبح صبغة عامة للمعتقلات, وهو في جميع الاحوال  ومنذ بداية الثورة أرسل رسائل للعلويين أنها حرب ضدكم فقوموا, فقاموا ولا زالوا يعتبرونها حرب ضدهم... حتى سمعت بأذني إحداهن تقول بصوت مختنق والدموع تكاد تنسكب "ما عم صدق انو الحكم يروح مننا".. وهي من المثقفين..!!

 معظم أبناء الطائفة أصموا آذانهم وأوقفوا عقولهم عن التفكير في نتائج ما يفعلون ..ونتائج سكوتهم على أقل تقدير... ربما لأنهم فعلا لا يتخيلون أن نظام الأسد سيسقط

وجود علويين وقفوا مع الثورة أمر واقع وها هي فدوى وخولة ووحيد ونزار... ولكن لا يكفى ليقال أن الطائفة  ثارت مع الثائرين... لا زالت المشاركات  خجولة وأغلبها سرية ..

ونحن نعلم أن رد فعل النظام على ثورة إحدى القرى العلوية ستكون أشد من غيرها .. وأن المعتقل العلوي المعارض  يتعرض لما يتعرض له السني المعارض, إن لم يكن أشد..

ولكنها المواقف التي تجلو معادن الناس وتغربلهم. وقد فعلت بعد كل هذه المدة...

وركب الثورة ماض  ولا ينتظر أحدا ...وسيصل عاجلا أم آجلا... بمشاركة مختلف الطوائف أم بدونها ... وسينال المجرمون  من كافة الطوائف نصيبهم.. وإذا أفلت الزمام للانتقام فهل سنرى قرى علوية ستباد ..؟

وهذا ما نسمعه هنا وهناك من شاب اعتقل ورأى أهوال التعذيب... من أخ اغتصبت أخته في سراديب فروع الامن .. من أب فقد ابنه برصاص الأمن ...من أهل قرية قصفوا من أراضي القرية الجارة العلوية ... من أهل حي منكوب سمعوا أصوات الأغاني والطبول من الحي العلوي القريب ابتهاجا بقتل إخوتهم...  هؤلاء لن يشفوا غليل قلوبهم بانتظار محاكمات... وعندها سيبدأ الانتقام حتما من العلويين..

لا أحد يريد أن نصل إلى هذه النقطة.. ولا نتمنى ذلك...وحتى هذه اللحظة ورغم كل جراح اللاذقية لم نسمع بتصرفات طائفية من قبل الثوار أو حتى عمليات انتقام...بالعكس تماماً فحتى الجمعة الفائتة كانت عبارات الوحدة ترفع في المساجد.. وهذا يدل على الخلق الرفيع والفكر السديد الذي يتحلى به هؤلاء الشباب الثائرين..
 وإن كان بعض أهل السنة الشبيحة يستحقون الانتقام قبل العلويين... وهم من أطال عمر النظام بشكل أساسي ..

ولا أعتقد أن نداءً سيوجه  للعلويين سيجدي بعد الان...فقد آن للضمائر أن تستيقظ  وللعقول المغلقة أن تفتح نوافذها لتستوعب أنها المغرر بها ..

وأتمنى ممن يتوعدون العلويين بالانتقام ليلا نهاراً أن يبدؤوا بتنفيذ ما هو أبسط ... رأس سعيد شاكوش أو أبو شكيب مثلا... وسيجدون أن أذرع النظام ستبدأ بالتراجع شيئاً فشيئاً ضمن الأحياء الثائرة في اللاذقية ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق