الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2018-01-05

(حلقة بحث) حياة الشيخ علي الطنطاوي – بقلم: خولة العثمان

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الانبياء والمرسلين، إن الحمد لله سبحانه لا نحصي عليه ثناء كما أثنى على ذاته العلية، أما بعد فقد حاولت في بحثي هذا اقتباس بعضاً من نور سطع في سماء الامة فأضاء افاقها: الشيخ العلامة المربي والكاتب الشيخ علي مصطفى الطنطاوي رحمه الله تعالى في حياة امضاها ثابتا على مبادئه مدافعا عن امته ودينه ولغته.
تأتي اهمية هذا البحث كونه دراسة يسيره لحياة شخصية اسلامية عظيمة كالشيخ الطنطاوي والوقوف على كنوزه في الثقافة والادب والمؤلفات الاسلامية.



 وقد اتبعت في دراستي هذه المنهج التاريخي، ومن الدراسات السابقة في ذلك:
  1-                       ذكريات الشيخ وهي ثمانية أجزاء.
  2-                       مقالة الأستاذ مجاهد ديرانية (www.aluka.net).
  3-                       كتاب (هكذا ربانا جدي علي الطنطاوي) للداعية عابدة المؤيد العظم.
وجاءت خطة بحثي كالتالي:
  o    المطلب الأول: (نشأته واسرته).
  o    المطلب الثاني: (طلبه للعلم، شيوخه).
  o    المطلب الثالث: (زوجته، بناته، أصهاره).
  o    المطلب الرابع: (أبرز اعماله ووظائفه).
  o    المطلب الخامس: (أسفاره ورحلاته).
  o    المطلب السادس: (مؤلفاته).
  o    المطلب السابع: (وفاته _رحمه الله تعالى _).
ومن الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث مع قلة المصادر الملموسة في بلد غير عربي وغياب بحث متكامل عن حياة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى (حتى في المواقع على الشابكة).
وكل الشكر للأستاذ _ محمد الشامي _ (حفظه الله) الذي شجعني وساعدني وأشرف على بحثي.
 أسال الله العلي القدير التوفيق والسداد
 وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

                                                                                       خولة وحيد العثمان
                                                                   انطاكيا -تركيا
 6 ربيع الثاني 1439هـ

          24 /12 / 2017م



المطلب الأول
نشأته وأسرته
ويتضمن خمسة مسائل:
1-            أسرته
2-            أسرة الأم
3-            ولادته ونشأته
4-            وفاة الأم
5-            وفاة الأب

المطلب الأول
نشأته – أسرته
عندما هبت نسمة من ارض الكنانة على ارض الفرات وفاحت عبقا رائعا ملأ الافاق وانطلقت نفسا زكية بإذن ربها تنافح عن الاسلام والوطن والافهام انه كنز الزمان، اعجوبة عصره علما وحكمة وذكاء، وطرفة وثقافة الشيخ علي مصطفى الطنطاوي هو عدة رجال في رجل واحد الاستاذ والخطيب، القاضي والقاص، المسرحي والناقد الاديب النجيب نابغة الشام أحد شهود العصر النادرين الذين تابعو تغير الدول واختلاف الحكام منذ نهاية الدولة العثمانية حتى وفاته (رحمه الله) سيرته أجدر بأن تدرس وتحتذى ويتعلم منها الكبار قبل الصغار.

أولاً – أسرته
يعود اصل اسرة الطنطاوي إلى طنطا عاصمة اقليم الغربية في مصر التي قدم منها (عام 1839م) جده احمد بن علي بن مصطفى مع عمه (عم الجد ) الشيخ محمد بن مصطفى الفلكي الذي ادخل علم الفلك إلى دمشق ومن اثاره (البسيط )[1] الموجود في منارة الجامع الاموي وعليه اسمه وبسيط اخر في جامع الدقاق في حي الميدان ،وكان عالما زاهدا يعيش على خبز (الجراية)[2] ويكتفي بالقليل وله ترجمه في كتاب الشيخ عبد الرزاق البيطار وكتاب ((الحدائق)) للشيخ الخاني وهو احد رجلين انتهت اليهما الفتوى في الشام وهو محمود افندي الحمزاوي قرأ الشيخ محمد الطنطاوي على محدث الشام في تلك الايام الشيخ عبد الرحمن الكزبري والشيخ سعيد الحلبي وغيرهم ثم عاد إلى مصر ولزم الازهر خمس سنين ودرس على يد مشايخه في ذلك العصر وهو فقيه عالم باللغة العربية والفلسفة و العلوم اصابه الصمم فاخترع طريقه للكلام بالإشارة (اشارات اليد ) وعلمها من حوله فكان يخاطبهم ويخاطبونه ثم عاد إلى دمشق ثم رجع إلى دمشق واتخذ حجرة له في مسجد (سيدي صهيب)في اول حي الميدان  فكان يعلم فيها نهاره كله واستمر في ذلك سنين حتى دعاه الامير عبد القادر الجزائري واستأجر له دارا واسعه وعين له معاشا وارسل اليه اولاد ليعلمهم القران الكريم.
ولما مات الامير عبد القادر الجزائري جعلت له الحكومة راتبا فلم يأخذه وصار يبيع كتبه وهي اعز ما عنده، حتى توفاه الله سنة 1306 هجرية وصلي عليه في الجامع الاموي بمشهد عظيم ودفن في مدفنة (الباب الصغير) في دمشق.
اما جده احمد بن علي بن مصطفى فكان امام طابور متقاعد في الجيش العثماني ولم يكن عالم كعمه لكنه كان يحب العلم والادب ، تزوج ابنة عمه الشيخ محمد ورزق عشرة من الولد لم يبق منهم الا ابوه مصطفى وعمه عمرت طويلا (كان الشيخ علي يقول انا سبط الطنطاوي ) كان احمد مهيبا مرهوبا حياته منتظمة كالساعة الدقيقة رحمه الله اما ابوه مصطفى بن احمد الطنطاوي فهو من علماء دمشق المعدودين ومن صدور فقهاء الحنفية ،كان يلقي دروسا في بيته على مجموعه من مشايخ الشام ومنهم: الشيخ هاشم الخطيب والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت والشيخ محمود العقاد والشيخ محمود الحفار واخوه الشيخ عبد الرزاق الحفار وغيرهم.
كان الشيخ مصطفى حتى عام 1918مديرا للمدرسة التجارية التي انشأها التجار في بيت (خليل مردم بك) الكبير وراء سوق الحميدية، كانت تدرس فيها المناهج الرسمية بالإضافة إلى العناية بعلوم الدين على يد اعلام من علماء دمشق، صار بعد ذلك (امينا للفتوى) عند الفتي الشيخ ابي الخير عابدين والد الشيخ ابي اليسر عابدين ثم صار مفتي في جبل الدروز ثم رئيس لديوان محكمة التمييز (محكمة النقد الان) إلى ان توفي (رحمه الله تعالى) عام 1925.
كان تأثير والده عليه عظيما فقد كان علي الطنطاوي أكبر اخوته يداوم على حضور مجالس والده ويصاحبه في زياراته، فاستفاد الكثير من مجالسة العلماء …فهو يدخل بالشاي والماء على دروس والده في الصباح فيأمره والده ان يناوله (حاشية ابن عابدين) او (الفتاوى الهندية) او الجزء الفلاني من هذا الكتاب او ذاك.
 ثم يحضر دروسه مساءاً في جامع التوبة يقول الشيخ: (ما لعبتُ يوماً مع أطفال في الزقاق، أعكف وقتي كله على مطالعة الكتب من مكتبة البيت، أفتح عيني في الصباح على تلاميذ بعمائم ولحى يقرؤون على أبي)[3].


ثانياً – أسرة الأم
جده من جهة امه الشيخ ابو الفتح الخطيب.
كان له ثلاثة اولاد: محب الدين، رئيفة (وهي والدة الشيخ علي الطنطاوي)، بهيه.
انحدرت اسرة الخطيب من الموصل في العراق ثم استوطنت دمشق وهم اسرة علم ودين كانوا من خطباء المسجد الاموي وخاله الداعية والكاتب محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وانشا فيها جريدتي (الفتح) و (الزهراء) وكان له باع طويل في الدعوة والصحافة والادب.
وكان لهذا النسب العالي تأثيره في تكوين شخصية شيخنا علي الطنطاوي.

ثالثاً – ولادته ونشأته
ولد الشيخ علي الطنطاوي في مدينة دمشق في 23 جمادى الاولى 1327 هجري 12 حزيران 1909، تفتح وعيه على هذه الدنيا وقنابل الحلفاء تدك عاصمة الامويين والدولة العثمانية تتفكك وتحولت ولاياتها إلى دويلات حتى سوريا اصبحت اربع دويلات والحرب العالمية الاولى قائمة فدمشق في احلك ايامها والجوع يعم البلاد والرجال ابتلعتهم الحرب فشهد المشانق والمآتم فامتلأت ذاكرته بهذه الصور المرعبة حتى لم يبقى فيها مكان لغيرها، فأيام الشّريف والاستقلال مّرت كخيال واهٍ ما لبثت ان صُفعت بمرارة الانتداب الفرنسي في مأساة (ميسلون) التي خرج منها الفتى بدرس ممهور بدماء الشهداء درس يقول ان الحماسة وحدها لن ترد غازياً ابداً .
وكما في كل زمان كان العلماء اول من يتصدى للظالمين والمعتدين حيث تولى (الشيخ بدر الدين الحسيني) شيخ العلماء في سوريا قيادة ثورة الشعب حيث كانت تخرج المظاهرات من الجامع الاموي عقب صلاة الجمعة فيتصدى لها جنود الاحتلال بالماء تارة وبالرصاص تارة اخرى.
وعلي الطنطاوي في خضم هذه الاحداث كان الفتى تلميذاً في المدرسة وأعلنت مدرستُه عن المشاركة في استقبال الجنرال (ويفان) الذي حلّ محلّ الجنرال (غورو) فرفض الخروج وقال: (إن الفرنسيين اعداء ديننا ووطننا ولا يجوز أن نخرج لاستقبال زعيمهم).
وبعد عودته من مصر في رحلته الاولى وعلى غرار ما كان يجري في مصر أنشأ (اللجنة العليا لطلاب سوريا) وانتُخب رئيسا لها وقادها نحو ثلاث سنين وكانت هذه اللجنة بمثابة اليد التنفيذية للكتلة الوطنية التي قادت النّضال ضد الاستعمار الفرنسي للشّام فهي التي تنظم المظاهرات والاضرابات، وهي التي أبطلت الانتخابات المزوّرة سنة1931م.


رابعاً – وفاة الأم:
وجاء اليوم الاسود الذي ماتت فيه امه وكان ذلك في 22 صفر 1350 هجرية ماتت امه وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
(يقولون ان المصيبة تبدأ كبيرةً ثم تصغر ولكنّ مصيبتي في أمّي تنمو بنفسي كل يوم، اللهّم صبراً، وإني والله ما أطيق صبراً)[4]
هكذا وصف الشيخ الطنطاوي موت أمّه التي ما ذكرها يوماً الا وفاضت عيناه حزناً وشوقاً وقد مضى على وفاتها الاربعون والخمسون والستون سنه كان يذكر رحيلها بلوحاتهِ الأدبية الفريدة الذي امتزج فيها الأدب بصدق الاحساس النّبيل كانت وفاتها أوّل خطب من خطوب الدهر المَّ به فكان يزور قبرها في مقبرة الدحداح مع صديقه أنور العطار،(لقد كان ما ظنّناه مستحيلاً، لقد ماتت أمي وأمك واحتواهما ذلك القبر الذي حوى أبوينا من قبل، وعشنا بعدهما لم نملك منهما الاّ دموعاً حرّى في العين وحسرات لاذعات في القلب ... لقد غابتا إلى الابد ...)[5].
في ذلك الطريق الضّيق الذي يمتدّ من العقيبة في دمشق إلى رحبة الدّحداح (حيث دفن والداه) ولطالما ذكر ذلك الطّريق الذي ولدت سعادتُه في أوّله وماتت في آخره: (إن في هذه المقبرة بقايا من قلبي، ان لها تاريخاً في نفسي)[6].
 
خامساً – وفاة الأب
كان والد الشيخ الطنطاوي عالماً جليل القدر كريم اليد لمّا ضاق الحال بالناس أثناء الحرب العالميّة الأولى وسع الله عليه فلم يعرف الضّيم ونشأ الشيخ في بيت لا يعرف الفقر حتى أفاق يوماً من سنة 1925 وكان عمره 16 سنه واخوته بين عشر وشهر، وإذا بوالدهم قد توفّي، أحسّ الشيخ وقتها أنه قد ارتفع السّتر عن تلك العائلة فإذا التركة ديون وديون فباعوا البيت وأثاثه ليوفوا النّاس وتركو الدار الفسيحة في الصالحية ليستأجروا كوخا في حارة ( الدّيمجية ) في آخر العقيبة قرب مكان يسمّيه النّاس من شدّة التوائه وضيقه  ( محل ما ضيّع القرد ابنه ) وعاشوا في غرفتين من الطين واللبن سقفها من خشب يضيؤها سراج الكاز، لتقطع الاسباب ولا يبقى الا الله سبحانه لهم معيناً، ولا يكون لأحد غيره ذي المنّه فضلا على هؤلاء الصبية فتخلى عنهم الاقرباء الموسرون فكانوا لا يطرقون لهم باباً الا خالهم الاستاذ محبّ الدّين الخطيب الذي يمدّهم بين الحين والآخر بجنيهات مصرية قليله ، لم يكن يطيق أكثر منها، فنزل الفتى علي إلى السّوق بقصد العمل بالتجارة لينهض بأعباء الأسرة فجمع له التجار بعض المال ليبدأ ولكن الله صرفه عن هذا الطّريق وعاد إلى الدراسة ليكمل طريقه فيها.
ومن ظلمة الليل انبثق الفجر الجميل وصبر الشيخ واخوته ونالوا بحمد الله:
فأخوه الثاني أصبح قاضياً وأديباً وشاعراً.
واخوه الثالث مدرّساً موفقاً وداعياً واديب.
والرابع استاذاً كبيراً في الجامعة وأوّل من حمل لقب دكتور في الرّياضيات (أتمّ دراسته في فرنسا).
وهم ناجي الطنطاوي.
وعبد الغني الطنطاوي.
ومحمد سعيد الطنطاوي.
وكلهم من اصحاب الفضل والعلم والادب.

المطلب الثاني
طلبه للعلم وشيوخه
ويتضمن مسألتين:
1-                         دراسته في الكتّاب.
2-                         دراسته في المدارس الأهليّة في دمشق.

المطلب الثاني
طلبه للعلم وشيوخه



كان علي الطنطاوي اول من جمع في دمشق بين اسلوبي الدراسة آنذاك وكان العلماء في عصره بين (شيخ) لا يعرف من علوم الدنيا الحديثة شيئاً و (أفندي) لا يفقه من علوم الدين الا شيئا لا يغني ولا يجزي فهو الذي جمع بين الاسلوبين.

اولاً – دراسته في الكتّاب
دراسة الكتاب التي بدأها في جامع التوبة وكان ذلك سنة 1914 وكان قبل ذلك قد بدأ بالقراءة على ابيه الشيخ مصطفى الطنطاوي فلما توفي رحمه الله قرأ على خيرة العلماء الشام ومنهم:
  1-                       الشيخ بدر الدين الحسيني (المحدث الاكبر).
  2-                       السيد محمد بن جعفر الكتاني صاحب الرسالة المستطرفة
  3-                       الشيخين المعمرين الشيخ عبد المحسن الاسطواني.
  4-                       الشيخ سليمان الجوخدار.
  5-                       مفتي الشام الشيخ عطا الكسم.
  6-                       الشيخ المفتي (الطبيب) ابو اليسر عابدين.
  7-                        السيد محمد الخضر حسين شيخ الجامع الازهر والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ مصطفى عبد الرزاق والشيخ محمود شلتوت (من مشايخ الازهر).
  8-                       خاله المؤرخ العالم الكاتب محب الدين الخطيب.
  9-                       العالم الاديب السلفي محمد بهجه البيطار الذي لقبه (نابغة الشام) قبا أن يتم الثلاثين من العمر.
  10-                 العالم الشيخ توفيق الايوبي.
  11-                 المفسر الشيخ عبد الله العلمي.
  12-                 العالم الواعظ الشيخ هاشم الخطيب.
  13-                 المؤرخ الكاتب محمد كرد علي منشئ المجمع العلمي في دمشق.
  14-                 الشيخ المصنف الاديب عبد القادر المغربي وغيرهم

ثانياً – دراسته في المدارس الأهليّة في دمشق
تلقى دراسته الابتدائية الاولى في العهد العثماني فكان طالبا في المدرسة التجارية التي كان ابوه مديرا لها سنة 1918 م ثم في المدرسة السلطانية الثانية، وبعدها في المدرسة الجقمقية (مؤسسها الشيخ عيد السفرجلاني من أكبر مشايخ دمشق ومعلمها لمدة ستين عام) ثم في عنبر الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق آنذاك حيث نال منها (البكلوريا) الثانوية العامة سنة 1928م.
ومن طريف ما ورد في ذلك عن الشيخ عندما قالو له هذه السنة هي المستقبل فتهيأ لها انه قال: (لم يدع في كتب المدرسة حاشية الا حشاها في راسه، ولا تعليقه الا علقها في ذاكرته ثم دخل إلى الامتحان بعقل من سطوح واجسام وخطوط وارقام وخرافات واوهام ... فنجح أعظم نجاح)[7].
كثيرا ما ذكر علي الطنطاوي اساتذته في مكتب عنبر وبمناسبات عده منهم الاستاذ سليم الجندي والاستاذ عبد القادر المبارك الذي قال فيهما: (لقد ماتا وما اعرف تحت قبة السماء اعلم منهما بالعربية)[8].
والاستاذ عبد الرحمن سلام الذي قال فيه: (لقد كان عجبا من العجب)[9].
تسابق الطنطاوي مع زملائه في مطالعة الكتب وقراءة المقالات ومعرفة المصادر وامهات الكتب فكان يذكر انه اول ما طالع كتاب (حياة الحيوان) للدميري وكتاب (بلوغ الأرب) للألوسي وكتاب (الأغاني) للأبي الفرج الأصفهاني الذي كان يقول هو (رأس مالي في الادب)، بعد الثانوية كان علي الطنطاوي اول طالب من الشام يؤم مصر للدراسة العالية حيث التحق بدار العلوم العليا، ولكنّه لم يتمّ السنة الاولى فعاد إلى دمشق في السنة التّالية (1929م) ودرس الحقوق في جامعتها حتى نال الإجازة الجامعية فيها سنة 1933م.

المطلب الثالث
زوجته، بناته، أصهاره
ويتضمن مسألة:
زوجته وبناته واغتيال ابنته بنان (رحمها الله) وأصهاره.


المطلب الثالث
زوجته، بناته، أصهاره

زوجته وبناته واغتيال ابنته بنان (رحمها الله) وأصهاره:
زوجة الشيخ علي الطنطاوي السيدة عائده الخطيب ابنة عم امّهِ الأستاذ صلاح الدّين الخطيب شيخ القضاء السوري المستشار وكاتب العدل، أمُّها بنت المحدِّث الأكبر عالم الشام بالإجماع الشيخ بدر الدين الحسيني رحمه الله، عريقة الأبوين موصولة النّسب كان الشيخ يكنّ لها كلّ الحبّ والاحترام وخالص الوفاء.
وصفها الشّيخ علي بانها أكمل النّساء وأفضلهنّ فاستغرب صديقٌ له من ذلك فردّ عليه أجمل رد قائلا: (لماذا يكتب المحبّ عن الحبيبة وهي زوجُ الحرام، ولا يكتب عن الزّوجة وهي حبيبته بالحلال؟)[10].
وعبر عن سعادته في بيته بمناسبات عده، وقد لخص وجهة نظره في اختيار الزوجة بالآتي:
  1-                       أنه خطب من قوم يعرفهم ولم يتفاجأ بالمستور. 
  2-                       اختيار الزوجة من نفس الطبقة الاجتماعية.
  3-                       اختيار الزوجة المتعلِّمة التعليم الضروري الذي تستطيع فيه القراءة والكتابة.
  4-                       لم يجعل الجمال الهدف الاوحد في الزواج.
  5-                       العلاقة الرسمية بأهلها واختصار الزيارات.
  6-                       التصرف مع الزوجة بالعفوية من اول يوم حتى لا تتفاجأ فيما بعد.
  7-                       لم يُلزمها أو يُلزم أهلها بجهاز.
  8-                       كما يقول الشيخ (تركت ما لقيصر لقيصر) فلا يتدخل في شئون المنزل من     ترتيب وطبخ وثياب ...
  9-                       أن تبنى علاقتهما على الصدق والشفافية المطلقة في الامور كلها.
وما زال الشيخ يثني على المرأة العربية وسعادة البيت العربي المسلم الذي دعائمه الايمان وحب الله سبحانه وتعالى، ويحترم النساء ويدافع عنهن حتى لُقِّب ب (ناصر المرأة) ويحذّر الرِّجال من التعدي عليهن ومازال يردد بأن الدرجة للرجل على المرأة درجة واحده وليست سُلّماً.
حتى قال عنه الاستاذ أحمد آل مريع (الذي اعد رسالة ماجيستير حول الطنطاوي): (كان الشيخ علي استاذاً وأنموذجاً للمثقف الموسوعيّ العائليّ).
وكان الشيخ يردد قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ)[11].
ويقول انا من الصنف الأوّل في بدايته كان كأي رجل يتمنى أن يرزقه اللهُ تعالى رجلاً يحمل اسمه وحضر له اسم هيثم وسمى اول كتاب له (الهيثميات) ولكن شاء الله سبحانه وتعالى ان يكون ان يكون انثى فسماها عنان من (على وعائده) كما ذكرت ابنته السيدة الفاضلة (امان الطنطاوي)[12]، وفي المرة الثانية قرر ان يكون اسم الولد: (عزام) فرزقه الله عز وجل (بنان)؛ ثم اصبحت القافية (ان) فوهبه الله سبحانه وتعالى خمس بنات من اروع ما يكون من الذرية وهن على الترتيب (عنان، بنان، بيان، امان، يمان)، وبعدها قرر تسمية الولد (ابان) لكنه كان (ابا - البنات) وكان فخورا بذلك، وبوعد النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:
عن عقبه بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله يقول: (من كان له ثلاث بنات فصبرَ عليهنّ واطعمهنّ وسقاهنّ وكساهنّ من جدته، كُنَّ لهُ حجاباً من النّار يوم القيامة)[13].
كما تولى الشيخ اختيه وعمته مع بناته الخمسة وذكر ذلك في قوله:
(كنت وحيدا خفيفا وكان لي جناحان من احلامي واماني فأثقل ظهري بناتي الاربع وامهن وعماتهن وعمة ابيهن واصطدم جناحاي بالأرض فتحطم الجناحان فكيف يطير بغير جناحين من يحمل هم ثماني نساء؟)[14].
ربى الشيخ بناته على الأدب والفضيلة وكان لهنّ اباً ومعلماً وخير معيل فما نظر عند زواجهن إلى مال ولا جاه بل زوجهن من أسر تتوافق دينياً وفكرياً ومعيشياً مع أسرتهن فكانت زيجات موفّقه افرزت بيوتاً عامرةً بإذن الله، أحب الشيخ علي بناته حباً جماً ولا سيما (بنان) التي تعلق بها تعلقاً عجيباً وبكاها أمام الملايين حيث كان حينها يقدّم (برنامج نور وهداية) على شاشة التلفزيون السعودي حيث اسُتشهدت (ونحسبها من الشهداء ولا نزكي على الله أحداً)يوم الخميس 11 /5 /1401 هجرية 17/3/1981م في مدينة (أخن) في ألمانيا وبعد أكثر من 17 عشر عام من التشرُّد والغربة مع زوجها (الدكتور عصام العطار) قتلت بخمس رصاصات غادره من مجرمي حافظ الأسد (عليه من الله ما يستحق) واغتالوها وكان زوجها هدف الاغتيال ومكر بها هؤلاء الكفرة بحيلةٍ لا تخطر على بال ابليس فهددوا جارتها بالمسدس كي تُهاتفها وتُخبرها بقدومها لعندها وما أن فتحت الباب حتى لقيت حتفها (رحمها الله تعالى) ورثاها زوُجها الدّكتور عصام العطّار في ديوان اسمه (رحيل) ومنه:
بنان يا جبهة الإسلام داميةً                  مازال جرحك في قلبي نزيف دم
بنان يا صورة الإخلاص رائعةً             ويا منال الفدى والنبل والكرم
عشنا شريدين عن اهلٍ وعن وطنٍ         ملاحماُ من صراع النّور والقيم
الدكتور عصام زوجها الذي عانى السجن والظلم على يد قوات الأسد الغاشمين الذين جابهوا دعوته لحدّ القتل ونفوه عن وطنه وأُصيب بالشلل بالغربة وكان وراء هذا الرجل العظيم المرأة العظيمة (بنان علي الطنطاوي) التي اثرت المنفى وأن تكون بجانب زوجها على أن تتنعم في بيت أبيها في المملكة السعودية فوقفت خلفه وقفة الجبال الراسيات تدافع عنه وتنصر دعوتهُ وتحثهُ على الصّبر والثّبات إلى جانب تربية اولادها (هادية وأيمن) على الأخلاق الفاضلة وحب الدّين وآخر ما رثاها به الشيخ الجليل عصام العطار على مواقع التواصل الاجتماعي:
تمر بنا الأيام أم ايمن                     بأحداثها الكبرى سراعاً جوارياً
فلا تلامُ الايامُ جرحك دامياً              ولا تلأم الايامُ جرحيَ دامياً
يظلّ ليوم الحشر ينزف داعياً            فيبعث نواماً ويجلو مواضياً

ظلت بنان الجرح في قلب عصام العطار الذي لن يلتئم أبداً {وهو داعية اسلامي سوري والمراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين سابقا (ولد عام 1927م) وهو القائد الملهم والشاعر الموهوب ونابغة الخطباء نفي عن بلده لأنه لم يرضى بالذل والهوان}.
ربت السيدة عائده الخطيب بناتها على مخافة الله والحجاب والحلال والحرام فكن كلهن ممن حصلن على الاجازات الجامعية.
 فالدكتورة يمان علي الطنطاوي استاذه في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في جده وهي ام لأربعة اولاد توفيت في حادث مروري في طريق عودتها من مكّة المكرّمة إلى جده يوم (الجمعة 19/10 / 2008 م)[15]، وكانت رحمها الله لبت دعوة ابنة اختها في مكّة وقبل خروجها إلى جده خرجت للحرم واعتمرت فكانت هذه اخر عمره لها، صعق زوجها بالخبر قائلا هل اصبحت جده بلا يمان؟ {زوجها السيد نادر حتاحت الاستاذ المعروف مؤسس دار المنارة للنشر (الذي عنيت بنشر مؤلفات الشيخ الطنطاوي وهو الذي كان يقول: لولا كتب الشيخ لأطفأت منارتي ولزمت بيتي) توفي هذا العام 6/4/2017}.
اما السيدة عنان الطنطاوي فهي ابنته الكبرى التي عرفت بتقاها وورعها وهي ام الاستاذ مجاهد ديرانية الداعية المعروف { ولد عام 1957 م ، حاز بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1982 من جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية عمل في الترجمة والتحقيق والنشر وقد حقق الكثير من كتب _بيان_ الاستاذة الجامعية المتقاعدة ( حاصلة على اجازة اللغة العربية وماجيستير تربية من جامعة دمشق ) سافرت إلى ماليزيا للدراسة وعمرها ستين عاما وحازت على الماجيستير في التفسير بعد ثلاث سنوات عملت في التربية والتعليم قرابة نصف قرن قدمت برنامج (بينات) على قناة اقرا الفضائية وهي ترى في ثورة 2011 في سوريا انها (ليست فتنة ولا فوضى بل هي معجزة ) زوجها السيد مؤيد العظم ، ابنتها السيدة الفاضلة والداعية المعروفة عابدة العظم.
أمّا أمان (الداعية المعروفة التي درست الشريعة والتي كانت تتمنى ان دراسة علم النفس او هندسة الديكور) زوجها الاستاذ زياد الطباع وابنها الشهيد طارق الطباع (هو طارق بن زياد الذي طالما سأل اباه عن المفتاح الذي سوف افتح به الاندلس من جديد) هو سأل وهو اجاب فاستشهد في ميدان العز على ارض الشام اثناء (الثورة السورية 2011) بعد ان حاز على الدرجة الاولى على جامعته في مجال هندسة الكهرباء وهكذا بالعلم والجهاد تفتح البلاد[16].

المطلب الرابع
أبرز أعماله ووظائفه
ويتضمن ثلاث مسائل:
1-           علي الطنطاوي في التعليم.
2-           علي الطنطاوي في القضاء.
3-           علي الطنطاوي في الصحافة.

المطلب الرابع
أبرز أعماله ووظائفه

اولاً – علي الطنطاوي في التعليم
كان الطنطاوي يقول عن نفسه انه من أقدم المعلمين في الدنيا لأن هذه المهنة السامية ملأت حياته كلها، كان في الثانوية الطالب المندفع في عنفوان الشباب فمن وقتها بدأ في التعليم في المدارس الأهلية في دمشق (الأمينية والكمالية والجوهرية) وحين أصبح في الحاديه والعشرين من العمر درس في الكلية العلمية الوطنية دروساً في الأدب العربي عن بشار بن بُرد وطُبعت محاضراته تلك عام 1930م.
وبعد إغلاق السلطات لجريدة (الايام) التي كان يعمل مديراً للتحرير فيها صار معلماً في مدارس الحكومية الابتدائية (1931_1935).
وكم جلبت له تلك الفترة من مشاكل بسبب جرأته في الحق ومقاومته للفرنسيين وأعوانهم في الحكومة الذين حاكوا له المؤامرات حتى نقل من مدينة إلى اخرى في أرجاء سوريا غرباً وشرقاً جنوباً وشمالاً، فصعد الجبال وخاض الثلوج ونام بين العقارب ماضياً بهمته العالية وعزيمته الفولاذية لا يثنيه عن هدفه شيء.
أراد معلمنا النجيب أن يجعل من تلاميذه علماء عاملين كتابا وخطباء فأعطى التعليم من روحه وفكره كما في كل مجال عمل فيه ولاسيما عندما انتقل إلى التدريس في العراق وذلك سنة 1937 مدرساً في الثانوية المركزية في بغداد ثم ثانويتها الغربية ودار العلوم الشرعّية في الأعظمّية (التي صارت كلية الشريعة فيما بعد).
ولكن جراته بالحق وبخلافه مع أهل الباطل جرى له في العراق ما جرى له في الشام فتم نقله إلى كركوك شمالاَ ثم إلى البصرة جنوباً.
كان لقاء الطنطاوي بطلاب الثانوية في العراق على خلاف ما درَّس من تلاميذ الشام (صغار السن) فجر قريحته ونثر ذخائر علمه وروحه الوثابة في تلقين الشباب إلى جانب العلم والأدب مقارعة الظالمين والصدع بالحق فتعلق به طلابه تعلق الابناء بالأب وهو كان لهم كذلك، فكانت أيام فراقه طلابه كفراق الوالدين بالنسبة له ولهم على حد سواء.
ظلّ الطنطاوي يدرِّس في العراق حتى سنة 1939 م لم ينقطع عنها الا سنه واحده امضاها في بيروت مدرسا في الكلية الشرعية فيها سنة 1937 م، وفي عام 1939 عاد إلى دمشق كمعاون في مكتب عنبر (مدرسته) التي صار يُدعى (مدرسة التجهيز) وهي الثانوية الرسمية حينئذ في دمشق.
وجاء المولد النبوي الشريف وجهّز الاستاذ في مدرسته (ميشيل عفلق) (مؤسس حزب البعث المشؤوم فيما بعد) جهز كلمة بالمناسبة تتكلم عن النبي باعتباره شخصية تاريخية بعيدا عن دين الاسلام فصعد الطنطاوي إلى المنصة والقى بالخطيب فوق الجمهور وصدع بما كان يجب عليه من الحق ونصرة الاسلام كعلي الطنطاوي فما كان من السلطات إلا أن نقلوه إلى دير الزور 1940م وهناك القى خطبته الحماسية التي (أقامت الدنيا وما اقعدتها) على رؤوس المستعمرين ومن والاهم وانتفض النّاس في  مظاهرة عارمه ، ولم يستطع الجنود الفرنسيون اعتقاله وقتها ولكنّه لم يسمح له بالعودة إلى التدريس وانتهى به الامر إلى إجازة (قسرية ) أواخر سنة 1940 انتهى بعدها إلى الانتقال إلى سلك القضاء وكان هذا قضاء الله تعالى حيث انتقل من ضيق باب التعليم كمدرس في قرية ابتدائية إلى فضاء واسع ونجم لامع في سماء العدل والخير للبلاد والعباد بحمد الله تعالى.

ثانيا – علي الطنطاوي في القضاء
 (القضاء هو مقياس الخير في الامم وهو معيار العظمة فيها. وهو رأس مفاخر كل امه حية وراشده)[17].
ساء السلطات الحاكمة آنذاك ما كان يتحدث فيه الشيخ علي الطنطاوي في امور الامه الاسلامية امام الطلاب وبعد احداث دير الزور 1940 فقرر نقله من التعليم إلى القضاء، فعُيِّن قاضياً في النبك (بلدة في جبال القلمون) مدة أحد عشر شهراً وكان أو ما تلقّى قضية عجز القضاء عن النظر فيها فحسم الأمر بكل حزم وكانت أول قضية ينظر فيها بالنبك، ثم قاضياً في دوما (من قرى دمشق) حيث وضع وقتها قانوناً كاملاً للأحوال الشخصية.
أُوفِدَ علي الطنطاوي إلى مصر مع عضو محكمة الاستئناف الأستاذ (نهاد القاسم) الذي صار وزير للعدل أيام الوحدة، فأمضيا هناك سنةً كاملةً كُلِّف فيها الشيخ علي بدراسة مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصّية وسواها (والتي تعدّ مع قانون الأحوال الشخصية أساس القانون السوري الحالي).
صار الشيخ علي بعدها قاضياً ممتازاً في دمشق لمدّة عشر سنوات (من 1943 _ 1953م) ثم أصبح مستشار محكمة النقض في الشام، فمستشار محكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة (الوحدة بين سوريا ومصر).
كما عدل السيد علي الطنطاوي قانون الأوقاف ومنهج الثانويات الشرعية، فوضع مناهجها وحده بعد ما سافر إلى مصر واجتمع بإدارة الأزهر هناك وأنجزها واعتمدت كما وضعها.
أمضي القاضي علي الطنطاوي خمسةً وعشرين عاماً في سلك القضاء كانت من أخصب أيام حياته وأكثرها عطاء ظهر فيها نبوغه وإخلاصه وهو الذي كان يردد دائما ان الذي يأكل الدّنيا بالدّين لا يمكن ان يكون من الصالحين المصلحين ويقول: (يسألني الكثير من الاخوان: كيف وجدت القضاء؟ أنى وجدته راحة جسم وتعب بال وعلو منزلة وقلة مال واكتساب علم وازدياد اعداء وحملا كبيرا نسأل الله السلامة من سوء عاقبته)[18].
هكذا يكون أمر العامّة حملاً ثقيلاً على الشريف الذي يبتغي مرضاة الله تعالى في عمله كلّه فيجري الله الخير على يده إلى يوم الدّين.

ثالثا – علي الطنطاوي في الصحافة
بدأ الفتى علي الطنطاوي في العمل بالصحافة عام 1926 حيث نُشرت له أول مقاله عام 1926 م في صحيفة (المقتبس) لصاحبها الأستاذ أحمد كرد علي (رحمه الله) ولهذا قصة جميله فعندما قرأ علي الطنطاوي مقالته على صديقه أنور العطار ، أشار عليه أن ينشرها وظلَّ وراءه حتى عرضها على إدارة جريدة المقتبس فلم يقتنع الأستاذ أحمد أنها من بنات افكار الفتى لصغر سنه فأراد ان يختبره فاقترح عليه انشاء شيء ما للتو تحتاجه الجريدة فأنشأ إنشاءَ من يسابق  قلمه فكره فأُعجب الأستاذ أحمد كرد علي بسرعة بديهته وشدة ذكائه ووعده بنشر المقالة في اليوم الثاني فخرج من عنده وهو يكاد يطير من الفرح وفي ذلك قوله :( فخرجت من حضرته وانا اتلمس جانبي انظر هل نبت لي اجنحه اطير بها لفرط ما استخفني السرور ولو اني بويعت بإمارة المؤمنين ما فرحت اكثر من فرحي بهذا الوعد )[19] فما نام تلك الليلة وجعل يترقب الصباح حتى اخذ الجريدة وفيها المقال والثناء عليه وكان هذا أول الغيث فكتب بعدها الطنطاوي في الكثير من الصحف والمجلات مثل (الفتح، الزهراء) مع خاله السيد محب الدين الخطيب وجريدة (الألف باء) و (جريدة الأيام) التي كان مديراً للتحرير فيها التي اصدرتها الكتلة الوطنية سنة 1931م ومن الصحف المعاصرة (جريدة الشرق الأوسط، المدينة، مجلة الحج) فالصحافة هي العمل المفضل لديه حسب ما كان يذكر مراراً فلم ينقطع عنها ابداً وعمل بها على كل حالا كان، وبعد جريدة المقتبس وفي السنة التالية عمل في (جريدة فتى العرب) مع الأديب (معروف الأرناؤوط) ثم في (الألف باء) مع شيخ الصحافة السورية (يوسف العيسى).
مع الرسالة: أمّا في سنة 1933 فكان الحدث الممّيز في حياة علي الطنطاوي وهو إنشاء (مجلة الرسالة) على يد (أحمد حسن الزيات) ولدت الرسالة قشيبة الثياب قسيمة الوجه عربية الملامح تحمل زاداً صالحاً وفكراً غنياً واستقبلها النّاس باللهفة والقبول حيث كانت أعدادها تنفد على الفور فهي التي ربطت الشرق بالغرب والقديم بالحديث فكانت سفير الكلمة الطيبة في العالم الإسلامي، حمل أنور العطار يوماً العدد الاول من الرسالة وأخفاه وراء ظهره وجاء بالمفاجأة السعيدة لعلي الطنطاوي الذي حلّق في سمائها فكانت صديقة مشواره الطويل وكتب فيها عشرين عاما.
سأل عنها وتتبعها في حلّه وترحاله وفي كل البلاد التي زارها: طلبها في شارع رامي في دمشق وفي سوق الرّاي في العراق وعلى السور في بيروت وعند باب السلام في مكة وغيرها وغيرها ...
 وفي عام 1952 صدر العدد الالف من مجلته الحبيبة صديقة العمر (الرسالة) أحس الشيخ وقتها ان له ولدا قد بلغ عمر الشباب وكم كلفه هذا من الوقت والاعصاب والذهن.
فهي شاغله الأول حتى غارت منها زوجته وقالت: فيها (هي ضرة لا تضر ولا تؤذي)[20] كانت هذه المجلة الذي توقف عندها الشيخ كثيراً هي مجلب الخير والشهرة الواسعة حيث تابعها الناس من كل اصقاع الارض فكان لها القراء من الشرق والغرب وفي امريكا وفي اليابان.
نشرت جريدة (بريس) بشيراز كتاب كلمات للطنطاوي ترجمهُ الأديب الفارسي أحمد أدم ويقول الشيخ علي (لولا الرسالة ما كان هذا كله)[21] كما تُرجم بعدها الكثير من كتب الشيخ علي الطنطاوي إلى الفارسية والاوردية وتُرجم شيء منها إلى الانجليزية حتى صار شيخنا (أديب العرب) بجدارة وحُقَّ له (المجد الأدبي) بالجهد الدؤوب وسهر الليالي والسفر المضني في شرق البلاد وغربها ثم غابت شمس الرسالة واحتجبت عام 1953 م.
وبعدها نشر الشيخ مقالاته في مجلة (المسلمون) و (الأيام) و (النقد) حتى جاء المملكة العربية السعودية فنشر في مجلة الحج وآخر ما نشر من ذكرياته في جريدة (الشرق الأوسط).
وفي صحف ومجلات أُخرى لا يستطيع حصرها هو ذاته.
عاش الطنطاوي للأدب في كل وقته وروحه وعواطفه وهو القائل: (نعم يا سادتي من احدى وثلاثين سنة وانا أفكر للقراء وأحس للقراء واعيش للقراء همي ان أصف كل يوم كلاما أقدمه لهم انتزعه من روحي ومن نفسي)[22]
قدم الطنطاوي من روحه الطيبة ومن فكره المنير للقارئ مقالاته وكتبه التي يقال انه طبع منها أكثر من عشرة الاف صفحه 0 قارع فيها الاستعمار وتشهد على ذلك صحف (فتى العرب والقبس والمقتبس والايام والنصر والجزيرة وغيرها ...)   ولم يتزلف يوما للظالمين ومجد فيها العربية وروعة بيانها وما خرج فيها عن قواعد الإسلام (حتى قبل ان يكون الداعية الذي ملأ الآفاق) بل دعا على الدوام للخير والفضيلة ونبل الاخلاق وبقي ذلك حتى نهاية حياته.

المطلب الخامس
أسفاره ورحلاته
ويتضمن أربعة مسائل:
1-            سفره إلى مصر.
2-            سفره إلى العراق.
3-            من رحلاته.
4-            سفره إلى السعودية.

المطلب الخامس
أسفاره ورحلاته
اولاً – سفره إلى مصر
بعد أن نال علي الطنطاوي الشهادة الثانوية في دمشق وكان ذلك سنة (1928) ومن محطة الحجاز في دمشق انطلق القطار الذي حمله إلى مصر لإكمال الدراسة في دار العلوم العليـا ولكن مشهد وداعه لأمهِ واخوتهِ لم يفارقه لحظةً خرج وقلبه يقطر دماً، وكان طيف الوطن والاحبّة يلاحقه حيث ما ذهب، والشوق دموعا في العين لا تجف لابن العشرين، وما أطاق هذا طويلاً فما صبر الطنطاوي حتى عاد إلى دمشق في السنة نفسها ولكنه ندم على عودِته هذه وذكر ذلك فيما بعد: (صدقوني إذا قلت لكم أنى لم آسف على شيء اسفي على ترك مصر. فهي التي سدّدت خطواتي بالأدب، وهي التي علمتني، وهي بلد اسرتي)[23] فلقد رأى في مصر فرصة التي ضيعها بيديه حيث التقى هناك كبار أدباء عصره وأصدقاء خاله الأديب الكبير محب الدين الخطيب ومنهم (تيمور باشا، وأحمد أمين، وأحمد حسن الزيات، والخضر التونسي، والغمراوي وغيرهم).
ولكن قدر الله وما شاء فعل، ويعود القاضي علي الطنطاوي إلى مصر مستشاراً لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة وقد زار الازهر والتقى كبار شيوخه فأخذ منهم وأخذو منه.

ثانيا – سفره إلى العراق
هذه المرة من ساحة المرجة وبعد صلاة الفجر في جامع (يلبغا) وإلى أفق جديد قصد الأستاذ علي الطنطاوي بغداد تاركا ًعمله في وزارة المعارف في الشام رغم الناصحين والناهين من الأهل والأصحاب انطلق الى العراق برفقة صديق عمره الشاعر أنور العطار الذي كان يؤنسه بعذب أشعاره التي قال فيها الطنطاوي (أشعاره التي تشبه برقتها نسيم الماء الرخي اللين) انور الذي رافقه في الطفولة والشباب وفي الكهولة، رفيق الدرب الذي قال فيه (أخي في الصّغر وفي الكبر ورفيقي في السّفر وفي الحضر وأنيسي في المسرةِ وفي الكدر: أنور)[24].
وجد الطنطاوي في بغداد من الإكبار فوق ما كان يرجو ووجد سيرته العطرة قد سبقته، فحف به القراء والمعجبون، ومن جهة أخرى انتقل الى تدريس طلاب في الثانوية متلهفون لطلب العلم وكان ذلك سنة 1936، وجاب الطنطاوي العراق شمالاً وجنوباً وعمل في التدريس في بغداد وفي كركوك شمالاً وفي البصرة جنوباً التي قال فيها: (البصرة بندقية العرب)[25] أحب بغداد قبل ان يراها وتشوق الى بلاد الرافدين وألف فيها كتاباً سماه (بغداد ذكريات ومشاهدات)
فقال: (أما إنني إن أحببت مصر لأنّ منها أصلي
          وأحببت الشام لأنَ فيها مولدي
          وأحببت الحجاز لأنَ إليها قبلتي
        فإني أحبُّ العراق لأنّ فيها أجمل ذكريات الماضي)[26]
فعد الشيخ نفسه من أهل العراق وكان يعد كل بلد مسلم بلده وداره فقاد المظاهرات ضد الاحتلال الانجليزي في العراق، كما كان يقودها ضد الاحتلال الفرنسي في الشام، لبث الطنطاوي في العراق ثلاث سنوات قضى فيها أياماً من أجمل أيام حياته ثم عاد الى دمشق سنة (1939) تاركاً بغداد وتاركاً حبه الأول وهو الذي قال في الحب: (وهكذا الحب أبداً: مرض في الجسم وضيق في الفكر، وفرار من حومة الحياة!)[27] لم يتحدث الطنطاوي كثيراً عن الحب (بالمعنى الدارج) بسبب إباء العربي وحياء الداعية أمّا حب الوطن والأهل والأصدقاء فهو شديد الحب شديد التعلق.

ثالثاً – من رحلاته
ومن أسفار الشيخ الطنطاوي مشاركته في طائفة من المؤتمرات منها حلقة الدراسات الاجتماعية التي عقدتها جامعة الدول العربية في عهد أديب الشيشكلي، ومؤتمر الشعوب العربية لنصرة الجزائر، ومؤتمر تأسيس رابطة العالم الإسلامي، والمؤتمرات السنوية لاتحاد الطلبة المسلمين في اوربا، وأهم المؤتمرات كان المؤتمر الاسلامي الشعبي في القدس عام (1935) الذي أدى فيما بعد الى رحله دعاية لفلسطين زار فيها: (باكستان، الهند، مالايو، اندونيسيا) وقد شارك عام (1935) في الرحلة الاولى لكشف طريق الحج البري بين دمشق ومكّة في رحلة خطيرة وغريبة الأحداث ذكر تفاصيلها في كتابه (من نفحات الحرم).

رابعاَ – سفره إلى السعودية
بعد انقلاب عام 1963 في سوريا من قبل حزب البعث المشؤوم بقيادة (المجرم حافظ الأسد) واعوانه وإعلانهم حالة الطّوارئ كان علي الطنطاوي القاضي الشرعي في دمشق نزل الشيخ علي إلى ساحة المحكمة ونادى إليّ أيّها النّاس ( وكانت هذه طريقته في جمع النّاس ) والقى خطبته النّارية بحق الظالمين وترك دار القضاء وترك احب بقاع الأرض اليه ،وتوجه الى المملكة العربية السعودية ،واستقر في الرياض حيث درَّس في الكليات والمعاهد هناك (كليتي الشريعة واللغة العربية)، التي صارت فيما بعد ( جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية) وفي نهاية العام عاد إلى دمشق، واجرى عملاً جراحياً في الكلية وعزم أن لا يعود إلى المملكة.
ولكن عرضاً بالانتقال الى مكّة (أحب البلاد الى قلب المسلم) للتدريس فيها حمله على العودة إلى مكّة فأقام في أجياد مجاوراً للحرم واحداً وعشرون عاماً من عام (1964) م حتى (1985) م (والجدير بالذكر هنا أنّهُ مُنع من دخول سوريا عام 1979م).
ثم انتقل الى العزيزيّة (طريق مكّة من جهة منى) حيث سكن هناك سبع سنوات ثم انتهى به المطاف في جُدّة فسكنها حتى وفاته (رحمه الله تعالى).
-       لقد كان قدومه الى المملكة مرحله جديده وفريده في حياته فبعد التدريس كُلِّف بتنفيذ برامج للتوعية الإسلامية فترك كلية التربية في مكّة وطاف على الجامعات والمعاهد والمدارس في جميع أنحاء المملكة لألقاء الدّروس والمحاضرات.
وتفرّغ بعد ذلك للفتوى يجيب عن أسئلةِ النّاس في الحرم (في مجلس له هناك أو في بيته) ومرت على ذلك خمس وثلاثون سنة حافلة بالعطاء والبذل الفكري للشيخ في الدّعوة، ولاسّيما بعد عملهِ في الإذاعة السعودية ببرنامجيه (نور وهداية) و (مسائل ومشكلات) اللّذين استقطبا على مرّ السنين ملايين المُستمعين والمُشاهدين على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم، وليس هذا بالأمر الغريب فعلي الطنطاوي من أقدم مذيعي العالم العربي. بدأ من إذاعة الشرق الأدنى من يافا في أوائل الثلاثينيات، ومن إذاعة بغداد عام 1937 ومن إذاعة دمشق عام 1942، لأكثر من عقدين متصلين، وكان مسك الختام في إذاعة المملكة العربية السعودية وتلفازها لنحو ربع قرن متّصل من الزّمان فبرنامج (على مائدة الإفطار) انطبع في ذاكرة كل سعودي وجمع العائلة على مائدة الإفطار.
كما نشر ذكرياته لمدة خمس سنوات في الصحف حلقة كل يوم خميس حتى قاربت 250 حلقة وبعدها ودع القُراء فقال: (لقد عزمت على أن أطوي أوراقي وأمسح قلمي وآوي الى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين)[28].


الطنطاوي خطيب الخطباء:
ليس كل من اعتلى المنبر خطيباً وليست الخطابة فقط التمكن من مهارات الإلقاء أو البراعة في تركيب الكلام وإن كان هذا جزء من النجاح الخطابي ولكن ليس كله فللخطابة أسسها التي لا تقوم إلا بها تتعلق بشخصية الخطيب ومهاراته العلمية والجانب المجتمعي والسياسي لديه وبالنسبة لشيخنا الطنطاوي فسأختصر هذا الجانب في شخصيته بكلام الشيخ عائض القرني الذي كتب أحسن وصفاّ:
إذ قال:" علي الطنطاوي، حضرت دائرة المعارف، وموسوعة الأدب، وجامعة الفنون، فصرت معه في عالم من المنقول والمعقول، والقديم والحديث، والعلم والأدب، والنثر والشعر، تقرؤه، فإذا الآية والحديث، والقصة والمثل، والبيت والحكاية، والنكتة والخاطرة، يضحكك ويبكيك، يطربك ويشجيك، يفرحك ويحزنك، فأنت معه بين بسمة ودمعة، ووصل وهجر، وسلم وحرب، يحدثك عن الأنبياء والعلماء، والحكماء والشعراء، والملوك والسوقة، والأغنياء والفقراء، والرجال والنساء، والملائكة والشياطين، يقص عليك أخبار مالك والشافعي، وابن تيمية وابن حزم، وابن سينا وابن رشد، والفارابي وابن خلدون، والمتنبي وأبي تمام، وفولتير وسارتر، وديكارت وكانت، وشكسبير تولستوي، وإقبال وطاغور، يرتحل بك من برج إيفل إلى تاج محل، ومن هضبة التبت إلى مقاصير الحمراء، ومن ضفاف دجلة إلى روافد الراين، يتحفك بتاريخ العرب ودهاء العجم، وصبر الأتراك، وصمود الأكراد، وسخرية الفرنسيين، وبرود الإنجليز، يجمع لك في مجلس واحد عدل نور الدين، وشجاعة صلاح الدين، وهمة نابليون، وأبهة الناصر في الزهراء، وحنكة معاوية في دمشق، وملك هارون ببغداد، يهدأ فإذا هو رخاء حيث أصاب ويزبد ويرعد، فإذا هو قاصف من الريح، وعاتٍ من الموج، تعيش معه وعظ الحسن البصري، وزهد الثوري، وبديهة إياس، وموسوعية الشعبي، وسخرية برناردشو، وجاذبية غوته، وتصوير هيجو، ينقلك بقوة براعته، وأسر إبداعه من عالمك الصغير إلى عالمه الكبير، ومن أفقك الضيق إلى أفقه الواسع، ومهما حاولت أن تتماسك أمام أسره وسحره فهيهات، سوف تستسلم لسلطان بيانه، وتعلن الطاعة لنور برهانه؛ لأن حديثه يكاد يضيء من بريق نوره -ولو لم تمسسه نار- ذاكرته، وسوف تعترف بتميزه وعمقه وموسوعيته وأصالته"[29]
أوصى الشيخ الطنطاوي الخطباء بأنّه على الواعظ أن يبدأ بنفسه وأن يكون في فعله أوعظ منه في قوله فقد كان الشيخ (رحمه الله) شديد المراقبة لنفسه وكان هذا ضامناً لترقيته في رتب الكمال.
نال الشيخ الطنطاوي جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام لعام 1990 م وكان ذلك عن جدارة ولجهوده الجبارة في مجال الدعوة الإسلامية حيث انتفع بعلمه عدد لا يحصى من البشر (إنّ لم يكن إلا "أنا" الذي ولدت ومتُّ مئة مرّة حتى صرت الآن "أنا")[30]

المطلب السادس
مؤلفاته
ويتضمن مؤلفات الشيخ

المطلب السادس
مؤلفاته:
ترك الشيخ الطنطاوي حوالي أربعين كتاباً، من أهمها:
كتاب ذكريات وهو ثمانية مجلدات نشرته دار المنارة – جدة بتاريخ 1982 وهذه هي الطبعة الأولى للكتاب كما نشرته دار ابن حزم – بيروت سنة 2016 م – الطبعة الثامنة ويعد هذا الكتاب من أمتع وأطرف ما كُتب.
ومن أهم مؤلفاته مرتبة هجائياً:
1)       أبو بكر الصديق (1935).
2)       أخبار عمر (1959).
3)       أعلام التاريخ (1-7) (1960).
4)       بغداد: مشاهدات وذكريات (1960).
5)       تعريف عام بدين الإسلام (1970).
6)       الجامع الأموي في دمشق (1960).
7)       حكايات من التاريخ (1-7) (1970).
8)       دمشق: صور من جماله وعِبَر من نضالها (1959).
9)       رجال من التاريخ (1958).
10)       صور وخواطر (1958).
11)       صيد الخاطر لابن الجوزي (تحقيق وتعليق) (1960).
12)       فتاوى علي الطنطاوي (1958).
13)       فصول إسلامية (1960).
14)       فِكَر ومباحث (1960).
15)       في إندونيسيا (1960).
16)       في سبيل الإصلاح (1959).
17)       قصص من التاريخ (1957).
18)       قصص من الحياة (1959).
19)       مع الناس (1960).
20)       مقالات في كلمات (1959).
21)       من حديث النفس (1960).
22)       من نفحات الحرم (1960).
23)       هُتاف المجد (1960).
وقد نشر حفيده مجاهد ديرانية، بعد وفاته عدداً من الكتب التي جمع مادتها من مقالات وأحاديث لم يسبق نشرها، وهي:
  1-                       فتاوي علي الطنطاوي (الجزء الثاني) (2001).
  2-                       فصول اجتماعية (2002).
  3-                       نور وهداية (2006).
  4-                       فصول في الثقافة والأدب (2007).
  5-                       فصول في الدعوة والإصلاح (2008).
  6-                       البواكير (2009)[31].

وحقق الأستاذ مجاهد مأمون ديرانية الكثير من كتب جده الشيخ علي وأعتنى بها والكثير من هذه الكتب يمكن تحميلها (PDF) على موقع ملتقى أهل الحديث[32] وموقع المكتبة الوقفية على شبكة الإنترنت[33].

المطلب السابع
وفاته
ويتضمن وفاته (رحمه الله تعالى)

المطلب السابع
وفاته (رحمه الله تعالى):

أغلق الشيخ باب بيته واعتزل النّاس إلا قليلاً من المقربين يأتونه في معظم الليالي زائرين، فصار ذلك له مجلساً يطل من خلاله على الدنيا، وصار منتدى أدبياً وعلمياً تُبحث فيه مسائل العلم والفقه واللُغة والأدب والتاريخ.
وبات الشيخ -في آخر أيامه -ينسى بعضاً من شؤون يومه، فربما صلى الفريضة مرتين يخشى أن يكون نسيها، وربما نسي ما كان في اليوم الذي مضى، ولكن الله أكرمه فحفظ عليه توقد ذهنه ووعاء ذاكرته حتى آخر يوم في حياته. لقد صار أخيراً يتورع عن الفتوى مخافة الزلل والنسيان، ولكن الواقع أنه كان قادراً على استرجاع المسائل والأحكام بأحسن مما يستطعيه كثير من الرجال والشبان، وكان -حتى في الشهر الذي توفي فيه -تفتتح بين يديه القصيدة لم يرها من عشر سنين أو عشرين فيتم أبياتها ويبين غامضها، ويُذكَر العَلَم فيترجِم له، وربما اختُلف في ضبط مفردة من مفردات اللغة أو في معناها فيقول هي كذلك، فنفتح القاموس المحيط -وهو إلى جواره، بقي كذلك حتى آخر يوم -فإذا هي كما قال.
ومضت به على هذه الحال سنوات حتى كَلَّ قلبه الكبير، فما عاد قادراً على المضي بعد، فلما كانت آخر السنوات أدخل المستشفى مرات، وهو يشكو كل مرة ضعفاً في قلبه، وكانت الأزمات متباعدة في أول الأمر ثم تقاربت، حتى إذا جاءت السنة الأخيرة تكاثرت حتى بات كثير التنقل بين البيت والمستشفى. ثم أتم الله قضاءه فمضى إلى حيث يمضي كل حي، وفاضت روحه -عليها رحمة الله -بعد عِشاء يوم الجمعة، الثالث من ربيع الأول 1420هـ، الموافق للثامن عشر من حزيران، عام 1999م في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجُدة، ودفن في مقبرة العدل بمكّة المكرمة في اليوم التالي بعد ما صُلِّي عليه في الحرم المكّي الشريف، عاش شيخنا ومات شامخاً كالسّنديانة الشّاميّة وكم ردّد: (إنّ دعوة من قارئ حاضر القلب، أجدى عندي من ألف كلمة تأبين)[34] رحمك الله وغفر لك وجمعنا بك على حوض الحبيب محمد ﷺ.

واخيراً: عاش الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله 90 عاماً ميلادياً وقرابة 93 عاماً وشَهِد تغيُّر الدّول والحكام حوالي القرن من الزّمن المعاصر، جاب البلاد شرقاً وغرباً، فكان كالصّيّب النّافع، الذي تحيا به الأرض حيث نزل مدافعاً عن الإسلام وعن العربيّة، وما تزلف لظالم ولا انحاز لحزبٍ أو جماعة، وما وّرث الدرهم والدّينار وإنما ورث العلم والأدب والأخلاق الطيبة، والقلوب المحبّة ودُعاء الملايين له بالخير والرّحمة، ترك بصمةً على جبين التّاريخ لن تُنحها الأيام مهما طالت.

الحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات اللهم تقبل هذا البحث عملا خالصا لوجهك الكريم، وأنفع به.
والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

       فهرس المصادر والمراجع:

أ‌-   الكتب (حسب الترتيب الأبجدي):

1-           كتاب (بغداد – ذكريات ومشاهدات) للشيخ علي الطنطاوي طـ1 عام (1960) مطابع دار الفكر – دمشق.
2-           كتاب (ذكريات) للشيخ علي الطنطاوي (ج2 – ج4):
·      دار المنارة، جدة (1952) عدد المجلدات (8).
·      دار ابن حزم، بيروت تحقيق: أ. مجاهد ديرانية.
       3- كتاب (من حديث النفس) للشيخ علي الطنطاوي:
·      دار المنارة، جدة ط1 (1960).
·      دار ابن حزم، بيروت تحقيق: أ. مجاهد ديرانية.

ب‌-            المواقع الإلكترونية (حسب الترتيب الأبجدي):

1-   موقع الألوكة الإلكتروني www.alukah.net.
2-   موقع أهل الحديث www.ahlalhdeeth.com.
3-   موقع رابطة خطباء الشام shamkhotaba.org.
4-   موقع رابطة العلماء السوريين islamsyria.com.
5-   موقع المكتبة الشاملة shamela.ws.
6-   موقع المكتبة الوقفية waqfeya.net.
7-   الفيديوهات موقع مّكاوي www.makkawi.com.

ت‌-            صفحة ذكريات عائلة الشيخ علي الطنطاوي على الفيسبوك fr-fr.facebook.com/Ali.Tantawi.Memories.
[1] البسيط: منظار فلكي بسيط.
[2] خبز الجراية: خبز يُوزع على طلاب العلم مجاناً.
[3] فيديو من موقع مكاوي www.makkawi.com.
[4] كتاب (من حديث النّفس) ص41: الشيخ علي الطنطاوي.
[5] من مقالة (من دموع القلب) التي نشرت سنة 1938م.
[6] كتاب (من حديث النّفس) ص94: الشيخ علي الطنطاوي.
[7] كتاب (من حديث النفس) ص13 الشيخ علي الطنطاوي.
[8] كتاب (الذكريات ج1) ص 118 الشيخ علي الطنطاوي.
[9] كتاب (من حديث النفس) ص 190 الشيخ علي الطنطاوي.
[10] مقالة زوجتي للشيخ علي الطنطاوي.
[11] سورة الشورى، الآية 49.
[12] حوار مع الصحفية الأردنية لبنى الشرف.
[13] اخرجه ابن ماجه في كتاب الآداب (باب بر الوالدين والإحسان للبنات) برقم 3659.
[14] كتاب (من حديث النفس) ص 271 الشيخ علي الطنطاوي.
[15] من شبكة فلسطين للحوار (نضال).
[16] من موقع رابطة العلماء السوريين islamsyria.com.
[17] من كتاب (قصص من التاريخ) الشيخ علي الطنطاوي.
[18] مجلة الرسالة العدد 462 (من مذكرات قاضي شرعي) نشرت عام 1944.
[19] كتاب (من حديث النفس) ص 205 الشيخ علي الطنطاوي.
[20] كتاب (من حديث النفس) ص 270 الشيخ علي الطنطاوي.
[21] كتاب (من حديث النفس) ص 272 الشيخ علي الطنطاوي.
[22] كتاب (من حديث النفس) ص 296 الشيخ علي الطنطاوي.
[23] كتاب (من حديث النفس) ص 157 الشيخ علي الطنطاوي.
[24] من مقالة (مقدمة ديوان) نشرت سنة 1948م.
[25] من كتاب (من حديث النفس) ص 157 الشيخ علي الطنطاوي.
[26] من كتاب (بغداد ذكريات ومشاهدات) ص 23 الشيخ علي الطنطاوي.
[27] من مقالة (الشفاء) نشرت عام 1936 (كتابه من حديث النفس) ص 140.
[28] في برنامج تلفزيوني.
[29] موقع (رابطة خطباء الشام) الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته – عائض القرني shamkhotaba.org/print/172.
[30] مقالة (أنا) نشرت عام 1937.
[31] موقع المكتبة الشاملة shamela.ws
[32] موقع ملتقى أهل الحديث www.ahlalhdeeth.com.
[33] موقع المكتبة الوقفية www.waqfeya.net.
[34] كتاب (من حديث النفس) ص 283 الشيخ علي الطنطاوي.

الشيخ على الطنطاوي مع إخوته
الشيخ على الطنطاوي في شيخوخته 
الشيخ على الطنطاوي في إحدى الإذاعات


حلقة بحث حياة الشيخ علي الطنطاوي – بقلم: خولة العثمان
مقدمة لمادة أصول البحث في الفصل الأول من السنة الأولى
معهد مكة المكرمة - تركيا أنطاكيا
إشراف الشيخ: محمد الشامي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق