الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-10-22

سرّ الأسرار وراء إصرار إيران على دعم بشار - بقلم/ عمار البرادعي.

سمعنا الكثير حول استعداد حكام إيران لقتال إسرائيل وتحفزّهم لتحرير فلسطين .. إلى آخر العنتريات الكلامية التي زايدت على مواقف الحركات القومية العربية وفصائل المقاومة الفلسطينية لكننا لم نر أي ترجمة لهذا الإستعداد على الأرض، غير التدخّل في شؤون دول الجوار وبثُ التفرقة الطائفية والمذهبية في هذا البلد العربي أو ذاك.

إلى جانب تغنّيهم بالنهج الممانع الذي يطبّل له نظام بشار تمسّكا بنظرية اللاحرب واللاسلم التي اختطّها والده كاستراتيجية له، ورأى فيها 'حكمة' تعزز مواقع نظامه، حسب شهادة نائبه السيد عبد الحليم خدام في كتاب مذكراته الأخير 'التحالف السوري الإيراني والمنطقة'.


بشار نفسه أعاد تذكيرنا بهذا الإستعداد مطلع الشهر الجاري في لقائه مع وزير الخارجية التركي، عندما هدّد ـ حسب بعض المصادرـ بإشعال الشرق الأوسط في ست ساعات إذا ما ضُربت دمشق، وأن إيران ستتولى ضرب البوارج الأمريكية الراسية في مياه الخليج، وذهب فيما نُسِب إليه الى أبعد مما يستبعد أي عاقل قوله.

تُرى، هل سأل بشار نفسه وسط حمّى استمرار عزف المسؤولين الإيرانيين على وتر الممانعة والتحالف مع نظامه والعمل على دعمه، ووسط تعلّقه بهم وتعليق الآمال عليهم: أي الخيارين التاليين يُعتَبر 'استراتيجيا' أو أكثر جدّية من الآخر بالنسبة لهم: ضرب الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين والتصدي للإستكبار العالمي .. إلى آخر الشعارات التي طالما تاجروا بها منذ ثلاثة عقود، أم بقاء نظام بشار ما دام واقفا على قدميه ومستمرا في خدمة توجهاتهم، حتى لو أباد المزيد من شعبه، اللهمّ إلا إذا انعكست ممارساته عليهم بالمصائب وأصابت الإيرانيين عدوى التظاهرات الشعبية المنادية بإسقاط نظامهم أيضا؟

إذا كان لدى بشار الجواب على ذلك، فهو ليس على استعداد للبوح به نظرا لما يعكسه من تناقض صارخ بين ما يدّعيه من صفات القومية والتقدمية، وما يقيمه من تحالفات غير طبيعية مع نظام طهران الموغل في التعصب، ومع قوى ومنظمات وميليشيات ظلامية و 'دكاكين' متشددة كجماعتي المالكي ومقتدى الصدر، ألد أعداء الفكر القومي التقدمي وأبرز دعاة استئصاله.

لكن المطلعين على بواطن علاقة الرؤوس الحاكمة في طهران بالنظام السوري وسرّ ارتباطهم معه منذ أيام خميني وحافظ الأسد، لديهم الجواب المفصّل والشافي على ذلك، وهو أن وجود نظام بشار واستمراره، والتسهيلات الفريدة من نوعها التي يقدّمها لهم، هو الخيار الأساس والأكثر رعاية بالنسبة إليهم وليس مواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين . وهذا الخيار لا تنحصر ثماره في الجانب السياسي وحده ولا الإقتصادي، أو حتى المصلحي بإطاره المعتاد بين الدول، بل يمتدّ الى الجانب الأخطر، وهو العمل اليومي على تحويل هذا البلد العربي بحكامه وجيشه وأجهزة أمنه وما أمكن من شعبه إلى تابعين لنهجهم المذهبي.

هذا المخطط يؤشر إذا ما قُدّر له النجاح في حالة استمرار نظام بشار الدموي ـ لا سمح الله ـ إلى أن هيمنة إيران لن تقتصر عندها على بلدنا سوريا فحسب، بل على كامل المنطقة العربية، إنطلاقا من قلبها النابض. فإذا استطاعت بثقلها دعم الحفاظ على نظامه الذي يُعتَبر خط الدفاع الأول عنها ونقطة الإنطلاق، تسهل عليها مهمة القفز الى الباقي. ومع ذلك، لم نسمع حتى الآن مع الأسف أي اعتراض عربي ولا إسلامي بمستوى التصدّي لهذا المخطط رغم خطورته.

دعونا نتصوّر كيف ستصبح عليه الحال داخل سورية والوطن العربي إذا ما استمرّ هذا الوضع على حاله وتطوّر الى ما هو أخطر مع استمرار نظام بشار الذي خرج علينا أخيرا ببدعة تسيير تظاهرة موالية رافقتها طائرات مروحية ألقت على المتظاهرين بالونات ملوّنة بدل أن ترشّهم بالنار، مثلما تفعل كالمعتاد مع المعارضين من أبناء الشعب، أو بدل أن يُهددهم أزلامها مثلما فعلوا معنا لكي يحولوا دون تظاهرنا أمام السفارة الإيرانية بباريس، ولم يُفلحوا بالطبع.

هنا تبدو النقطة الأكثر أهمية بالنسبة لحكام إيران، والأكثر خطورة بالنسبة لأمتنا.
ومن هذه الزاوية تحديدا، لم ينحصر دعمهم لبشار على الجانب السياسي وأطروحات الممانعة والصمود، بل أخذ يطال الجانب المذهبي مغلّفا بادعاءات عديدة، لم يتورّع أمامها سدنة طهران عن إصدار أغرب فتوى يتيمة في العالم الإسلامي فرضت اعتبار التصدّي للثوار السوريين ـ باعتبارهم تخريبيين! ـ واجبا دينيا . وقد عزّز هذه الفتوى مُسارعة المرشد الأعلى خامنئي إلى إصدار قرار بدعم نظام حليفه بشاربخمسة مليارات و800 ألف دولار، وحوالي300 ألف برميل من النفط يوميا، حسب قول وكالة رويترز للأنباء نقلا عن صحيفة 'لس أكوز' التي استقت معلوماتها من مرجع مقرب من المرشد نفسه، وتردد أنه مركز دراسات.

على النقيض من هذا الموقف، تقف كافة فصائل المعارضة الإيرانية، كما يَعتبر الإصلاحيون أن الثورات العربية في سورية والوطن العربي تلتقي على أرضية واحدة مع حركات الإحتجاج الشعبية الإيرانية التي يتوجب احترامها وتلبية مطالبها.

في ظل هذا الوضع المتشابك والخطير، ثمة أسئلة عديدة تطرح نفسها في هذه المرحلة التي نواجه فيها أعتى الأنظمة المتحالفة إجراما وادعاء، من أبرزها: كيف يمكن أن تُكتب نهاية هذا الوضع أمام تصميم الشعب على النصر، في مواجهة إصرار النظام على الذبح الجماعي؟ هل التظاهرات السلمية كفيلة بإسقاط النظام، أم اتساع رقعة الإنشقاق بين صفوف الجيش، أم بتوسيع دائرة الإحتكام الى السلاح التي بدأت ضيقة في بعض المناطق، أم بطلب الدعم الدولي دون أي تدخّل أجنبي.

.. وأخيرا، هل يبقى طلب الدعم هذا ضمن حدود العبارة المعلنة، أم يتّسع وصولا الى طلب التدخل العسكري كما يحلو للبعض الترويج وحتى التأكيد، دون أن ننسى بالطبع ضرورة مسارعة ثورة شعبنا إلى إعلان برنامج سياسي يجمع قواها على الأرضية البديلة، ويعبّر عما تريد تحقيقه بعد إسقاط النظام.

"معارض سوري مقيم في باريس"   2011-10-20
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C20qpt478.htm&arc=data%5C2011%5C10%5C10-20%5C20qpt478.htm




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق