الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-10-25

حَذارِ من التغريد خارج السرب !!! بقلم: د.فارس عبد الكريم


من يتأمل التسلسل الزمني لمشهد ثورة الشعب السوري العظيم يجد أنها بدأت بمطالب إصلاحية بسيطة ، تدعو إلى توسيع هامش الحرية ، ورفع القبضة الأمنية وتحسين المستوى المعيشي للناس ......وكل ذلك في إطار سلمي من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية ، ولكن تجاهل النظام وردوده العنيفة صعد من سقف المطالب ، وبدأ المتظاهرون يطالبون بإلغاء قانون الطوارئ والسماح بتشكيل الأحزاب ، وإطلاق حرية الصحافة وتعديل الدستوروحل مجلس الشعب ........وغيرها من المطالب الشرعية ، ولكن إجرام النظام وتعامله الأمني معها جعل سقف المطالب يتسارع باتجاه تحرير المخزون الهائل المكبوت في النفوس بالنار والحديد منذ عقود ، من توق للحرية والعدالة والمساواة والعيش بعزة وكرامة......


وبدأت الصيحات تتعالى من إصلاح للنظام إلى إسقاط للنظام كرد فعل طبيعي أمام تَعَالي هذا النظام وتجبره ولجوئه إلى الحلول الأمنية الإجرامية، ورفضه لأي إصلاح حقيقي، ومع سيل الدماء المتدفق وانتهاك الحرمات واستباحة المدن والقرى والأرياف من قوى الشبيحة والأمن والجيش المجرم الموالي للنظام حدثت القطيعة نهائياً، وأعلن الشعب الثائر أن هذا النظام فقد شرعيته وأنه لاحوار مع القتلة ، وأن الشعب يريد محاكمة الرئيس وإسقاط النظام ......وكان رد النظام مزيداً من القتل والتدمير مستخدماً كل مالديه من آلة عسكرية رهيبة دفع الشعب ثمنها من عرقه وقوت عياله كي يدافع عن الشعب والوطن ، فإذا بهؤلاء القتلة المجرمون يزجون بدبابات الجيش ومدافعه وطائراته وغيرها من الأسلحة لقمع هذا الشعب المجاهد في حملة بربرية همجية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً .......ولكن مايفعله الظالمون ويخططون له شيء وقدر الله في أرض الشام شيء آخر... وكما يقول الشاعر هاشم الرفاعي:

إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى  
                      أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ
                     سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً     
                   أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ

لقد شب المارد السوري عن الطوق ، وأصبح غير قابلٍ للقمع أو العزل أوالتطويع والتدجين .. ولم يصل إلى هذا المستوى الرفيع إلا بعد كم هائل من التضحيات ، وسيلٍ من الدماء لم ينقطع إلى الآن....

إن الشعب السوري يطالب بإسقاط النظام وإعدام الرئيس وكل من شاركه إجرامه وفجوره، ويطالب بدولة ديمقراطية مدنية للجميع بلا تمييز على أساس عرقي أوطائفي أو مذهبي، ويدعو إلى تداول سلمي للسلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.....وهو بعد كل هذه الآلام والتضحيات لم يعد يقبل بأقل من النصر الكامل على هذا النظام المتوحش المتجبر الذي أمعن فيه قتلاً وتعذيباً وتدميراً ، ولسان حاله يقول: لا يفل الحديد إلا الحديد...وإن كنتم أيها المجرمون الأنذال ريحاً فقد لا قيتم إعصارا...

صحيح أن الثورة سلمية ، وستستمر سلمية وقد حققت بسلميتها الكثير من المكاسب ...ولكن تسلسل الأحداث وإجرام النظام وفقه الواقع نقلها من حالٍ إلى حالٍ ، وكما يقولون: لكل مقام مقال ، ولكل داء دواء ....وهذا الداء الذي فتك بالأمة وفعل بها الأفاعيل لم يعد له من علاج إلا البتر !!.....وبالقوة...

وقد بدأت إرهاصات هذا المسار بالانشقاقات المتسارعة في الجيش وتشكيل الجيش السوري الحر الذي انحاز إلى الشعب وأعلن أن مهمته الأولى هي الدفاع عن هذا الشعب المسالم أمام عصابات النظام الأسدي الفاجرة....وبدأ الشعب يستصرخ المجتمع الدولي ويطالب الأمم المتحدة بالتدخل الدولي لحماية المتظاهرين السلميين بكل الوسائل الشرعية التي يكفلها القانون الدولي ...ونادى بدعم الجيش المنشق وإنشاء منطقة عازلة وفرض حظرٍ جوي...وغيرها من الوسائل التي تسانده في معركته ضد هذا النظام المجرم.

وهنا نرفع أصواتنا وبشكل واضح وصريح لنقول:
يخطئ كائناً من كان من يغرد خارج السرب ، أو يسير خارج الدرب ، أو يسبح عكس التيار ، يخطئ خطأً بيناً واضحاً لا لبس فيه ...

لأنه أولاً: يخالف الإجماع الشعبي وقوى الشارع المتحركة لإسقاط النظام ومحاكمة الرئيس وأعوانه على ما اقترفت أياديهم القذرة من آثام تنوء بها الجبال ......فلا حوار ولا مفاوضات.

ولأنه ثانياً: يخالف سنن الله في خلقه ، وما اتفق عليه عقلاء البشر من أن الحق لا بد له من قوة تسانده ، فما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة....وهذا النظام المجرم قد أمعن في شعبنا قتلاُ وتدميراً وهو مصمم على البقاء في الحكم ولو دمر سورية بأكملها على أهلها.
لو كان في أركان هذا النظام ذرة من ناموس أو ضمير لأمكن لمعادلة الثورة السورية السلمية أن تصل إلى أهدافها ، وأن يحدث تنازل من الفئة الحاكمة لمصلحة العباد والبلاد.....ولكن أنّى هذا ؟؟!! وهؤلاء المجرمون لايقيمون لرب السماء ولالأهل الأرض أي اعتبار أو وزن أوقيمة...!

إن الثورة السلمية سيشتد عضدها ويقوى عودها عنما تصبح القوة رداءها ، والمَنَعَةُ إزارها فكلاهما مكمل لبعضه ، وبهما تصل الثورة السورية إلى النصر المبين بإذن الله.
ولأنه ثالثاً: يضع نفسه في موضع الاتهامات والشبهات ، إن الذين يعارضون استخدام القوة بكافة أشكالها المشروعة يتخذون موقفاً يساند النظام من حيث يشعرون أولا يشعرون ، ويمدون في عمره سواء أكان ذلك عن وعيٍ منهم أوجهل بعواقب الإمور... إن هذا النظام الفاجر يريد أن يستمر بالسلطة محتفظاً بالجيش والأمن والسياسة الداخلية والخارجية .....وماعدا ذلك فهو فتات يمكن أن يتنازل عنه .

إنكم أيها المعارضون بأ فعالكم هذه تمدون حبل الإنقاذ لهذا النظام البائد ، وأنتم بنظر الشعب ترتكبون خطيئةً قاتلةً .....وقد ينظرالشعب إليكم على أنكم خونة ، ولن يغفر لكم تلك المواقف أبداً مهما كانت نواياكم صالحة.

إني أدعو كل معارض سوري صادق أن يتقي الله فيما يقول ويفعل ، وأن يحترم إرادة هذا الشعب الذي قدم الغالي والنفيس من مال وولد قربانا لله على مذبح الحرية .... وليضع في ذهنه أن ذاكرة الشعوب لا تنسى ..... فلا يضيع كفاحه ونضاله ضد هذا النظام الفاجر بنهاية لاتليق به وبمسيرته ، والعبرة بخواتيم الأعمال.........وليضع نصب عينيه قوله سبحانه وتعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [الحج 39-40]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق