الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-10-13

من هم المؤيدون ومن هم المعارضون؟ - بقلم د. دليلة أحمد


ربما يعلم غالبية قراء هذه المقالة أن كاتبة هذه السطور هي طبيبة، كانت مؤيدة للسلمية منذ البداية لكنها السلمية النسبية لا السلمية المطلقة، ولذلك عَبَرت خلال مقالات سابقة إلى آراء أكثر قوة ومنها أن هذا النظام لن يسقط إلا بالقوة، ومفهوم القوة هنا عسكري بحت، وعبّرت عن ذلك بمقولة طبية عربية قديمة: (آخر الدواء الكي)، ولذلك أيضا رددت على برهان غليون كلامه المتناقض في حواره ببرنامج بلاحدود  بين أنه لايشجع انشقاقات الجيش لأن الجيش مؤسسة عظيمة وبين أن
الجيش ككل مؤسسات الدولة الأخرى منظومة أمنية مخابراتية تتبع كل فرقة منها رئيس فرع مخابرات من الفروع المنتشرة في طول سوريا وعرضها، وبما أن مهمتي هي تحطيم الأصنام اقتداء بالأنبياء والمصلحين، سواء كانت أصناما دينية أم أصناما علمانية، فإن تحطيم تمثال أستاذ الاجتماع أغضب أتباعه، خصوصا مع إظهاره على حقيقته أنه لايفقه في السياسة، وأن التنظير الفكري شيء والتطبيق العملي شيء آخر، وأن الهوة بين الفكر والتطبيق ظهرت واضحة عند الدكتور برهان الذي كان ذا نفس ثوري في بداية الانتفاضة السورية، لدرجة أنه أطلق عليها المعجزة السورية، ثم تبخر هذا النفس الثوري رويدا رويدا حتى اختفى، ليس عنده فقط بل عند آخرين ممن ينطبق عليهم وصف القرآن الكريم لعبدة العجل:(فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) بمعنى أن تكرار مناظر القتل والاعتقال والتعذيب تنتقل في النفس البشرية العادية مع الوقت من الحالة واضحة التأثر إلى الحالة عديمة الإحساس كما ظهر د.برهان غليون عندما تبّدت بلادته الحسية في برنامج بلاحدود فلم يشر بكلمة واحدة إلى الجيش السوري الحر بل ساوى بين المنشقين الأحرار وعبيد الأسد، وليست المشكلة في عبيد الأسد، ولكن المشكلة في عبيد برهان، فمن كان يعبد منكم ثورية برهان فليعلم أن هذه الثورية قد ماتت ولكن الثورة حية لاتموت؛ أما النفس البشرية الوثابة فلن يختلف موقفها من الثورة ولن تبدل آراءها ولو حاربها الجميع، ولذلك فإني أجمع أطراف هذه المقدمة لأؤكد على ماسبق لي ذكره في مقالات سابقة من إن انشقاقات الجيش التي كنا نعوّل عليها سوف تصبح في خبر كان إذا لم نسارع بطلب الدعم لهؤلاء الأحرار.


حسنا، وماالذي سوف يصبح أيضا في خبر كان؟ إنه المظاهرات المعارضة للنظام، ورب سائل يسأل: كيف والأحرار مازالوا يخرجون حاملين أرواحهم على أكفهم؟ وأقول: نعم.. لكن أرجو أن تعلموا أن عدد المتظاهرين قلّ، وكذلك عدد نقاط التظاهر، والسبب ليس فقط الاعتقال والقتل والتعذيب حتى الموت الذي عمّمه النظام وخصّ به الناشطين الثوار، إنما أيضا قتل رؤوس المعارضة كمشعل تمو رحمه الله، وسجن بعض المعارضين وبعض المعارضات لمدة أسبوع لاأكثر ولكن مع تكثيف التعذيب خلال هذا الأسبوع وكأنه عذاب جهنم، وتهديد بعضهن بالاغتصاب وإحداهن بلغت سن القواعد، فخرجوا جميعا ليغلقوا عليهم أبواب بيوتهم دون أن يعود لهم لسان ينطق أو صوت يسمع، واحتراما لهم ولتضحياتهم لن أذكر أسماءهم، ولاأقصد من هذا المثل وضع القارئ في حالة من الإحباط لكني طبيبة -كما قدمت- أعرف أن بعض القراء لديه هذه المعلومات أساسا فهو لايحتاج علاجا، وأن بعضهم الآخر متردد في موضوع التدخل الأجنبي وبحاجة إلى شيء من حبوب الإقناع فأحيله إلى مقالاتي السابقة، خاصة مقالتي: تعالوا نتكلم بصراحة أيها الثوار.. خذوا بيد وأعطوا بيد،

وإلى مقالة الأستاذ أكرم البني بعنوان: السوريون وهاجس التدخل الأجنبي

 كما أعلم أن بعضا آخر لن يستيقظ من نومه وأحلامه إلا بالصدمة، وهم أولئك الذين يظنون أن النظام سوف تسقطه المظاهرات خصوصا في الدول الغربية إذ تلفت أنظار العالم - علما بأني لست ضدها بل على العكس نشرت إعلانا أمس عن مظاهرة بباريس بعنوان لا لصمت مجموعة العشرين- فأرجو أن يعلم هؤلاء الأعزاء أن المظاهرات لم تعد تكفي، وأن مجموعة العشرين نفسها مشغولة بإنقاذ نفسها من إفلاس اليونان وأسبانيا والبرتغال وأما فرنسا فهي لوحدها غارقة في ديون تزيد عن 400 مليار يورو، ما يعني أن مجلسنا الوطني الموقر إذا لم يعرف كيف يلعب على نقاط ضعف الغرب باستحلاب ريقه لاستثمارات موعودة في سوريا بعد سقوط الأسد، فلن تحركه لاالمظاهرات ولاحقوق الإنسان ولا.. ولا.. مايحرك الغرب هو المصالح فقط لاغير....

ماهي الصدمة التي أرجو أن توقظ الحالمين؟ هذه المسيرة المؤيدة التي خرجت اليوم في دمشق وربما مثلها في حلب، حيث بدأ بعض الأصدقاء يكتبون وينددون بكذب النظام وقدرته على تهديد الناس بلقمة عيشهم إن لم يخرجوا... و.. و... يا أصدقائي وفروا على أنفسكم التعب..... النظام لن يرد على تنديدكم... النظام مجرم وابن حرام خلع برقع الحياء منذ زمن طويل، هذا النظام الذي كتبت عنه سابقا أن منه تعلم علي صالح إرسال الدبابات لمحاصرة المدن، وهاهو يقصف بعض المناطق بالطائرات حتى بات أحرار اليمن يستنجدون بالناتو، وهو المضحك المبكي، فهذا الناتو لن يرد على اليمن لأن علي صالح سلمهم العولقي، كما كتبت أن القذافي تعلم من الأسد فنحن لم نشهد تعذيبا علنيا للمعتقلين في سجون ليبيا إلا بعد أن غزت صور تعذيب المعتقلين السوريين العالم، هو نفس النظام الذي تعلمت منه اسرائيل، والدليل أننا على مر 63 عاما من إعلان دولة اسرائيل لم نر أبدا جنودا إسرائيليين يضربون عائلة فلسطينية في عقر دارها إلا من أيام خلت، فقلة الحياء عدوى من الأسد وليس العكس، ومع ذلك فالمشهد أظهر أحد الجنود الاسرائيليين المشاركين بضرب العائلة قد أخذ طفلة وحملها فجاءت أمها أو أختها تطلب أن يعطيها إياها فسلمها لها، بينما كلنا يعلم موقف رجال الأسد عندما أطلقوا النار على قدمي طفل لأن أمه لم تدل على مكان أبيه في جسر الشغور، واعتقلوا رضيعا عمره 40 يوما لنفس السبب في حماة، فهل حقا تعتقدون أنكم قادرون على إسقاط الأسد بالسلمية المطلقة؟

أؤكد مرة أخرى أني ضد تسليح المتظاهرين، وقد أوضحت -في مقالات سابقة- ماهي السلمية النسبية التي أدعو إليها، لذا يجب أن نفتخر بجيشنا السوري الحر معلنين أن كل عملياته لاتضر السلمية لأنه جيش مسلح ويجب أن يستخدم سلاحه دفاعا عن الشعب، متى استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكن ينبغي أن نعلم أن هذا السبيل أصبح محفوفا بالمخاطر، على سبيل المثال كتيبة خالد بن الوليد وهي أولى كتائب الجيش الحر التي اضطرت للانسحاب من الرستن بعد قصفها برا وجوا.

استيقظوا من سباتكم أيها الحالمون، قبل أن تروا مسيرات كثيرة مؤيدة حتى تقتنعوا بأن التدخل الأجنبي ليس عارا، وسؤالي الذي أطرحه عليكم: لو كان التدخل الأجنبي عارا فلماذا ملأتم الدنيا ضجيجا فرحا باعتراف المجلس الليبي الانتقالي بالمجلس الوطني السوري؟ وهل كان للمجلس الليبي أن يعترف بقطة قبل أن يحرر ليبيا؟ وما الذي حرر ليبيا سوى طلب التدخل الأجنبي؟ رجاء كفوا عن التناقض واتركوه للديالكتيك وليس للتكتيك!
الخوف كل الخوف أنكم سوف تحتاجون سبعة شهور أخرى حتى تقتنعوا، وعندها من يضمن ألا تكون المسيرات المؤيدة أكثر بكثير من المعارضة؟!

كي أرفع فولتاج الصدمة قليلا أختم بجواب السؤال الذي ورد في العنوان، من هم المؤيدون ومن هم المعارضون؟ المقصود ليس مؤيدي النظام  ولامعارضيه، ولكن المقصود معارضي التدخل الأجنبي الذين هم أنفسهم انضموا لصفوف مؤيدي النظام عندما يعطونه الفرصة للحياة وللاستمرار بالقمع، علموا ذلك أم لم يعلموا، ورحم الله الشاعر الذي قال:
إن كنت تدري فتلك مصيبة     وإن لم تكن تدري فالمصيبة أعظم 
د.دليلة أحمد

هناك تعليق واحد:

  1. المقالة جيدة ورائعة إلا أن لي بعض الملاحظات:
    1- بالرغم من اختلافنا مع غليون بالفكر إلا أني أفضل الآن ألا نكثر من انتقاده لسبب بسيط أنه ليس باق في منصبه إلى الأبد فهو منصب مؤقت .
    2- أنا فهمت من كلامه عن الضباط المنشقين أنه يريد أن يكون الجيش كله ينحاز إلى صف الثورة لأنه بالأساس هو جيش للوطن وليس للأسد، وهذا طلب جيد كلنا نطالب به ونتمناه.
    3- هو لا يمانع بالتدخل الخارجي ولكنه يشترط أن يتم بالتنسيق مع الجلس الوطني وأن يكون بموافقته وهذا حق أيضا.
    لذلك رجائي ممن يكتب أن يتم التركيز الآن على إظهار التضامن مع المجلس الوطني والوقوف وراءه ودعمه والإبتعاد عن التشويش عليه لأنه ليس في مصلحة ثورتنا ولا يخدم إلا النظام السوري الذي يبذل كل جهده لإستغلال أي انتقاد كما استغل تصريحات هيثم مناع أسوأ استغلال.
    وبالنسبة لسلمية الثورة فإنه لا يناقضها أن يكون مع كل متظاهر سلاحه الخاص الفردي المخفي ليدافع عن نفسه فقط وفقط ضد الإعتقال فهذا حق مشروع ألا يسلم نفسه رخيصا للشبيحة والمخابرات التي تهم باعتقاله بل مطلوب منه أن يرفض هذا الإعتقال ويقاومه بما يملك من سلاح فردي ولا يستخدمه إلا في الدفاع عن نفسه وأهله فقط وفقط

    ردحذف