الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-01-27

اليأس خيانة و الثورة تضحية - بقلم: قمح



إلى المغتربين (وطني ليس حقيبة سفر و أنا لست مسافرا)
بدأت الثورة السورية و صمت العالم بداية على مجازر الأسد لربّما ظنّاً منهم بقدرته على إخمادها و لن أشير في هذا السياق إلّا إلى جامعة الدول العربية التي كان أول موقف رسمي لها بعد مئة و أربعين يوماً من بدايتها.

لاحقاً وجدت دول العالم نفسها مضطرةً للإدلاء و لو بتصريحات من نوع ذرّ الرماد في العيون و على إثرها تكوّنت ثلاثة فرقاء:


الفريق الأول: وقف بشكل علني مع الأسد (روسيا , الصين , إيران).

الفريق الثاني: وقف بشكل علني مع الشعب السوري (دول الخليج و بعض من الدول العربية و الأوروبية عموماً و الولايات المتحدة الأميريكية).

الفريق الثالث : جميع الدول التي ارتأت الحياد انطلاقاً من قاعدة (لاحقاً سنكون مع المنتصر) و هذا الفريق لست بصدد التكلم عنه حالياً.

فماذا قدّم كلّ فريق لمن يدعمه؟
أهم ما قدمه الفريق الأول (روسيا , الصين , إيران) لعصابة الأسد:
1.  استمرارية تدفق السلاح الخفيف و الثقيل لعصابة الأسد.
2.  إطالة أمد اللعبة السياسية قدر المستطاع ريثما يتمكن الأسد من إخماد الثورة حسب ظنّهم.
3.  استخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي من قبل روسيا و الصين لثلاث مرات.
4.  دعم لوجستي روسي (إرسال حاملات النفط للموانئ السورية, طبع العملات الورقية السورية)
5.  إرسال إيران و تابعها حزب الله اللبناني المعدات الحربية و المقاتلين لمساندة قوات الأسد.
6.  قامت إيران بتقديم قروض ليس أخرها قرض بقيمة مليار دولار منذ حوالي الأسبوع.
7.  الاستمرار في محاولة تشويه الثورة السورية عن طريق وسمها بالتطرف الإسلامي.

أهم ما قدمه الفريق الثاني (أميركا, أوروبا, دول عربية , دول الخليج العربي) للثورة السورية:
1.  الإدانات الدولية عَقب كلّ مجزرة.
2.  بعض العقوبات الافتصادية التي ليس لها أيّ تأثير على عصابة الأسد.
3.  عقوبات بأسماء ضباط و مسؤولين تابعيين لعصابة الأسد ليس لها تأثير فعلي.
4.  وقف تصدير بعض المنتجات الاستهلاكية إلى سوريا و قد كان أبرز أشكال هذا التطبيق متمثلاً في وقف تصدير الكافيار و الأحذية الفاخرة من أوروبا!
5.  طرد السفراء السوريين التابعيين للعصابة الأسدية (بعض الدول)
6.  تكرار التصريحات الفرنسية حول السقوط الوشيك للأسد و كان لأوباما التصريح الأبرز الي كرّره عدّة مرات (الأسد أيامه معدودة) دون القيام بأمر لتكون أيامه معدودة حقاً.
7.  قام الرئيس الأميريكي أوباما برسم خطّ أحمر لعصابة الأسد يتمثل في عدم استخدام السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري و كان هذا الأمر تحديداً بمثابة رخصة دولية مفتوحة تُخوِّل الأسد استخدام جميع أنواع السلاح ضد الشعب السوري باستثناء الكيميائي!
8.  الدعم الأوروبي و الأميركي حسب تصريحاتهم اقتصر على المساعدات غير المميتة كالدواء و أجهزة الاتصالات.
9.  دول من الخليج العربي قدّمت دعماً مادياً بالخفاء لتحقيق دعم جزئي لتسلح الجيش الحر و هو لم يكن بالحجم الذي يدا عليه الأمر في الإعلام.
10.                   قدّمت بعض دول الخليج (قطر, المملكة العربية السعودية, الإمارات العربية المتحدة) الدعم المادي للنازحيين السوريين و لكنّ الأمر الذي خفّف من تأثير المبالغ المُعلن عنها أنّها كانت عن طريق الحكومة الأردنية التي لها باع طويل في مجال الاستثمار بالنازحيين إلى أراضيها.
11.                   اعترفت العديد من دول العالم بالائتلاف الوطني لقوى  الثورة و المعارضة كممثل شرعي و وحيد للشعب السوري و الذي كانت دول العالم قد ربطت وعوداً مسبقة بإنشاء الائتلاف.
12.                   قامت بعض الدول مثل قطر بتسليم السفارة السورية إلى الائتلاف.
13.                   قامت الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا فيها.
14.                   قامت الجامعة العربية بالوصول لاتفاق لإرسال فريق مراقبين عرب إلى سوريا في مهمة فشلت لاحقاً حيث كانت مجرد أداة في يد عصابة الأسد لكسب الوقت.
15.                   عُقدَتْ مؤتمرات أصدقاء سوريا واحد و اثنين و من ثم مؤتمر جنيف,تم إطلاق الوعود في الأول و تم كسب الوقت من قِبل روسيا لصالح الأسد في جنيف.
16.                   أصدر مجلس الأمن القرار (2042) بست نقاط.
17.                   كررت دول العالم مهمة الجامعة العربية بإرسال وفد مراقبين أجانب بالقرار الأممي (2043) لمدة ثلاثة أشهر تم تمديدها لشهر إضافي بالقرار الأممي رقم (2059) وذلك للإشراف على قرار الست نقاط و المهمة باءت بالفشل و لم تكن من جديد سوى أداة لعصابة الأسد من أجل كسب الوقت و لاحقاً أعلن المبعوث الدولي كوفي أنان انتهاء مهمته بالفشل.
18.                   تم تعيين مبعوث مشترك عن الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية بديلاً لـ كوفي أنان فكان الأخضر الإبراهيمي الذي لم يُقدِّم شيئاً و كان مجرّد أداة لكسب الوقت بيد عصابة الأسد مرةً أخرى.
بمقارنة لما قدّمه الفريقان وكلٌّ للطرف الذي يدعمه نجد أن الفريق الأول قدّم دعماً فعلياً استطاعت عصابة الأسد من خلاله الصمود في وجه الثورة طيلة هذه الفترة, بينما اجتهد الفريق الثاني بعمومه على أظهار نفسه بأنّه الداعم الأكبر للثورة السورية.
ما سبق ذكره كان سمة العشرين شهراً الأولى في الثورة السورية, و في الشهرين الماضيين بدأ الفريق الثاني الذي يدعم الثورة السورية ينحوا منحى مختلفا في تصريحاته التي بدأت ترتكز على موافقة التخوف الروسي من التطرف الإسلامي و من أنّ سوريا ستصبح ملاذاً للجهاديين الأجانب في العالم و ستتحول إلى طالبان أخرى.

أي أنه و بالرغم من ضعف دور الفريق الثاني  وعلى عكس الخلافات الظاهرية مع الفريق الأول إلا أنّه بدأ بتقليص دوره باتجاه التوافق مع الفريق الأول لخفض طموحات الشعب السوري و هذا ما بدا جلياً في الأحداث و التصريحات المتداولة مؤخراً و منها:
1.  نيّة الأمم المتحدة تحويل نصف مليار دولار لعصابة الأسد كمساعدات للنازحيين السوريين الذين تسببت عصابة الأسد بتدمير بيوتهم و نزوحهم و من ثمّ ملاحقتهم!
2.  تصريح ملك الأردن في مؤتمر دافوس الاقتصادي بأنه مخطئ من يظن بأنّ الأسد على وشك السقوط و هو قادر على الاستمرار و قد تتحول سوريا إلى ملاذ للمجاهدين الأجانب لتصبح منطلقاً للتطرف الإسلامي و لتنيظم القاعدة.
3.  تصريحات رؤوساء الدول الكبرى المتفقة المتضمنة للمخاوف الروسية من التطرف الإسلامي.
4.  لم نعد نسمع بالأدانات الدولية للمجازر التي ترتكبها عصابة الأسد يومياً.
5.  قامت أميركا من أجل تعريف العالم بجبهة النصر بقولبته بقالب تنظيم القاعدة الذي يعرفه العالم كلّه و من ثمّ و ضعته على لائحة الإرهاب الخاصة بها.
6.  أكثر تصريحات رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة تنصبّ على أنّ العالم لم يفي بالوعود التي قطعها و اشترطها بإنشائه.
7.  تضييق قنوات الدعم التي هي بالأساس ضئيلة جداً, و الكلام عن قنوات الدعم لا يعني بالضرورة بأنّهم من يقوم بهذا الدعم و إنّما بالتأثير على من يقوم به لإيقافه.

لا يسعني مما سبق إلّا الوصول للنتيجة التي تفيد بأنّ العالم يبدو و كأنّه يحارب الشعب السوري لخفض سقف طموحاته و ذلك عن طريق تسريب اليأس إلى قلبه من جدوى تضحياته العظيمة التي ضحى بها فعلياً و ذلك من خلال التضييق الممنهج, و على العكس مما يظنّه البعض فأنا أرى في محاولة اتفاق العالم على التضييق علينا أمراً حسناً, فنحن نعرف جيداً أنّ العالم لن يفعل شيئاً لمصلحة الشعب السوري و بالرغم من تلك المعرفة كانت ثمّة أمنيات في داخل عقل و قلب معظمنا (لا يتم البوح بها عادة) بأنّ إنسانيتهم لا بدّ أن تنتصر للإنسان فتدعم ثورته, و كانت هذه الأمنيات السرّية تقف عائقاً في طريق أن نقوم نحن بدعم الثورة بيقين أنّه ما من أحد سيدعمها سوانا.

هل تعلمون ما هو الأمر الذي يجعلني متفائلاً بعد كلّ ذلك؟
استمرارية الثورة رغم كلّ ما تم ذكره أعلاه تكفي لأن تكون سبباً كفيلاً ليكون تفاؤلي مبرراً..

نعم هم يحاربوننا الأن عن طريق تسريب اليأس إلى قلوبنا و نجاحهم رهنٌ بنا, رهنٌ بالسوريين و أقصد المغتربين فاليأس الأن هو خيانة لثورة الحرية و الكرامة, و دعمنا للثورة السورية بيقين أنّها مستمرة بسواعدنا فقط يختلف جذرياً عن دعمنا المُتردد الخجل لها من فائضٍ نملكه.
الأحرار داخل سوريا قدّموا من التضحيات ما لا يمكن لعقل أن يتخيله, و اليوم و اليوم فقط هو وقت التضحية بالنسبة للمغتربين السوريين في كل مكان من العالم.
التضحية المنطلقة من شعار لطالما رددناه وراء أحررارنا في الداخل و بيقين (يالله ما لنا غيرك يا الله)..
التضحية أمرٌ مختلف عن مجرد دعم شهري قليلٌ من كثير نملكه, و إن كنّا نشتري حريّة تراب وطن فجدير بنا دفع ما علينا من حقوق بتضحيات سَتَسِم حياتنا و حياة أولادنا و أحفادنا من بعدنا.

الثورة مستمرة و التضحية بأغلى ما نملك في الغربة هو ثورة..

                                                                     قمح  
                                                              26/1/2013م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق