الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-11-27

أخي وحبيبي في الله محمد سليم جولاق...... بقلم: د. عبد القادر فتاحي

بسم الله الرحمن الرحيم
صحبته ونحن صغار أيام الابتدائي، ثم تفرقت بنا سبل الحياة، ولكن علاقات الود والمحبة استمرت قائمة وثيقة تتنامى مع الأيام............... وتعززت هذه العلاقة أيام الثورة الأولى في الثمانينات برابطة العمل والجهاد المشترك، حيث تصاحبنا في عام 1980فترات الملاحقة لشهر أو يزيد........ وما رأيت فيه إلا صفات المجاهد الحق الذي ملأ إيمانه بربه ودعوته شغاف قلبه وسيطر على جوارحه فبذل من أجلها المهج والأرواح......
أبو سليم ابن اللاذقية سليل بيت طاهر أصيل ماعرف عنه إلا الدين والخلق الحميد، رضع العزة والكرامة منذ نعومة أظفاره، وشب تحت رعاية أهله وأعمامه في ظلال دعوة الإخوان المسلمين التي غرست في نفسه المعاني والقيم الاسلامية العليا فانعكست عليه سلوكا وعملا وأخلاقا، وعلى رأس ذلك الجهاد في سبيل الله وإعلاء راية الحق على أرض الشام ضد هذه الطائفة النصيرية المجرمة التي عاثت فيها فسادا وأهلكت الحرث والنسل..... بدأ أبو سليم جهاده مبكرا واشترك في عمليات كثيرة ضد نظام البغي والعدوان وضحى بكل شيء ماله وعمله ورزقه........... وفي عملية غادرة داهمته المخابرات، واستطاع الخروج منهم وأوقع فيهم ما أوقع ولكنهم قتلوا أخته وزوجته وابنه الوحيد آنذاك سليم الصغير....... وكانوا قبل ذلك قد اعتقلوا أباه سليم جولاق وأدخلوه غياهب السجون ولم يخرج منها فرملوا أمه ويتموا إخوانه الصغار..........  

وعندما ضاقت عليه السبل خرج من سوريا مهاجرا في سبيل الله، وبقي على العهد لم يغير ولم يبدل.... كان مجاهدا عندما تستدعيه ساحات الوغى لنزال هذا النظام لايكل ولايمل في أي ميدان وفي أي ساحة متنقلا حسب ماتستدعي الحاجة بين العراق وتركيا والأردن وسورية......
وعندما تغيرت الأحوال والظروف شق طريقه مجاهدا باحثا عن رزقه ورزق عياله حيث تزوج من جديد ورزقه الله أربعا من الأولاد وبنتا فسمى الأول على اسم ابنه الفقيد.. سليم... وشاء الله أن يأخذ زوجته الثانية إلى جواره بعد مرض عضال ألم بها فكان بإذن الله من الصابرين..... ولكن هاجس الجهاد والرغبة في مواجهة النظام لم تغادره أبدا، فحلمه بأرض سوريا والجهاد فيها حي قائم ينتظر الفرصة الملائمة التي تفتح له الأبواب.....
وتزوج الثالثة ولكن الأحوال لم تستقر معه في الأردن وأجبر على السفر والخروج مكرها إلى اليمن، وقد بذل هنالك جهده للعمل والتكيف والتأقلم مع الأوضاع الجديدة وأصابته أمراض عديدة وإرهاق شديد وضعف كبير لم يعرف سببه....... وهذه الأوضاع الصعبة جعلته يسافر إلى أوربا في عام 2010 بحثا عن فرصة حياة أفضل.... ولكن الله لم يكتبها له فتشرد في اليونان وجزرها هو وأهله وعانى الأمرين، وحاول المستحيل للخروج إلى أوربا دون أي فائدة وسدت أمامه الأبواب......................وشاء الله أن تقوم الثورة السورية المباركة... فحزم أمره وترك أوربا وراء ظهره وانحدر إلى تركيا ومنها شق طريقه إلى جبال الساحل السوري، وشارك أهلها السراء والضراء في تحرير الجبل وتخليصه من نير نظام ظالم طائفي جسم على الشعب السوري زهاء نصف قرن من الزمان.......
ومن العجيب أن كل متاعبه وأمراضه الصحية قد تلاشت منذ أن وطأ أرض الشام المباركة مجاهدا في سبيل الله فكان الجهاد بلسما لأمراضه.....
كان أبو سليم شعلة من نشاط لايكل ولايمل خاض معظم المعارك المهمة في الساحل السوري منذ بدايات التحرير الأولى....... إلى المعارك الكبرى في معركة عائشة أم المؤمنين وغيرها.... وانتهاء إلى معارك الغاب والجسر ومعركة جبل النوبة الأخيرة................. وساهم في عدة تشكيلات عسكرية ( لواء الشهيد رياض عابدين، كتيبة الرحمن...... وآخرها كتيبة أنصار الهدى )، وفي كل هذه المعارك كان البطل المقدام أول الصفوف رغم كبر سنه 60 عاما........ يتحرك كالأسد الهصور بعزم وقلب قد من حديد.... يضرب المثل الأعلى لشبابه بالتضحية والفداء فالموت في سبيل الله أسمى أمانيه والجهاد سبيله إلى رضا ربه وجناته وهو سبيل العز والتمكين والنصر في هذه الأرض..........
وشاءت إرادة الله أن يختاره شهيدا إلى جواره، وما نحسبه بإذن الله إلا شهيدا والله عند حسن ظن عبده به...... وما كانت الشهادة عند أبي سليم إلا يقينا تغلغل في أعماقه وملك عليه شغاف قلبه فلا يرضى لها بديلا.......
لقد فزت ورب الكعبة !!!!.... فهنيئا لك أيها المجاهد المرابط بهذا الفوز العظيم........
إن القلب ليخشع وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا سليم لمحزونون ولا نقول إلا مايرضى الرب..... وإنا لله وإنا إليه راجعون....... ولاحول ولاقوة إلا بالله.....
سلام عليك أيها الأخ الحبيب في الخالدين مع الأنبياء والصديقين والشهداء.... تركت أثرا وذكرى عطرة لن تمحى بإذن الله وإنا إن شاء الله على درب الجهاد المقدس سائرون :
فإما إلى النصر فوق الأنام           وإما إلى الله في الخالدين
        

                                                  د. عبدالقادر فتاحي ( أبو أنس ) 26/11/2015 

هناك تعليق واحد:

  1. أبو الدحداح02‏/12‏/2015، 11:40:00 ص

    رحم الله الفقيد. والله لم أعرف اواسمع عنه الا خيرا وإنه لجدير برحمةالله ورضوانه وان الشهادة لاصطفاء لا ينالها إلا الخيرة من عباده.نسأل الله له الفردوس الأعلى من الجنة وأن يكون شفيعا لأهله ومحبيه وأن يحشرنا مع الشهداء وسيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 

    ردحذف