وإن لسيــــــــــــرة المختار وقعــــــــــا يهــــــــزُّ المسلميــــــــــن
بعنفــــــــــــــوان
فكم رقت قلوب قاسيات وكم خضعت جبابرة الطعان([1])
ولن يكون حديثي عن الرسول صلى الله عليه وسلم
كحديث المدائح النبوية، وإنما هو حديث عن إنسان "مولده ونشأته ووفاته"،
وعن داعية في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة، ثم عن شخصيته صلى الله عليه وسلم
القدوة للصحابة ومواصلتهم لخطاه في نشر الإسلام وحضارته، وعن مواقف المسلمين منه
حبا واقتداء ، ومواقف الأعداء منه، وتأسي رجال الصحوة الإسلامية الدعاة به في
صفاتهم وأهدافهم، ثم عن معاناتهم .
أولا : الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان " مولده ونشأته ووفاته
"
تحدث
الشعراء الإسلاميون عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم إنسانا ولد من أسرة ذات
نسب حميد إذ كان كما قال محمد جميل العقاد من خير الآباء والأمهات نسبا وفضلا :
صاغك الله في عفاف ونبــــــل من خيار الآباء والأجـــــــداد
أمهات طهرن من دنس العهـ ر وطيش الهوى على الآماد
طبت غرسا وطبت فرعا ودوحا طبت يامكة الربا والوهاد([2])
وقد
حدثت في ولادته معجزات دلت على أن لهذا المولود شأنا عظيما، فقد أنار الله الكون
وتصدعت شرفات قصر كسرى وأخمدت نار المجوس، يقول د. أكرم قنبس :
ولد الهدى والكون هلَّـل باللقاء وتفتحـــــــت للنور أقطــــــــــار
السمـــــاء
وتصدعت شرفات كسرى غدوة والنار قد خمدت وكانت في اصطلاء([3])
وكان
هذا إيذانا بالمجد الذي سيحوزه ، يقول الأميري في ذكرى المولد النبوي
الشريف :
ياصباح الذكريات الغرِّ ياأسنى صباح
ذكريات المولد المعطاء والخير القراح
ذكريات السعد والمجد وإرساء الفلاح
برسول الله بالقـــــــرآن بالديــــــن الصراح([4])
وذكر
المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر لفضائله العظيمة ولكرم خلقه ، يقول رافع سليم
الحديثي:
هو اليتيم بلا ند ولا شبه وأفضل الدرِّ ماقد خصَّ باليتم([5])
وأخلاقه
مما أكرمه المولى تعالى بها ، وقد كانت مجال حديث الشعراء، يقول محمد جميل
العقاد :
ونشَّاه على صدق فشبَّ -
على التوحيد رضعا وانفطاما
قلـــــــى الدنيا وجانبها قَصِيّا وقال عزيـــــــــــزها يبقى
رغــــــــاما([6])
وقد عرف
أبناء مجتمعه خلاله الرفيعة فلما اختلف القوم في شأن الحجر الأسود ارتضوه ليحكم
بينهم قائلين رضينا بالصادق الأمين ، يقول أحمد بن عبد الله السالم([7])
:
كل المحامد في سيماك قد جمعت ياسيدي ونأت عن شخصك التهم
وحينما اختلفـــــوا في أمر كعبتهم وأجمعــــــــــــــــوا أن من يأتي هو
الحكــــــــــــم
فكنت أنت وكان العدل منهجكم وكلهم في أيادي حمله استهموا([8])
وكانت
شيمه الفضلى سببا في حب الآخرين له إذ كان يغفر الزلات، ويتجاوز عن السيئات، ويصبر
على لأواء الحياة، وكان حليما، كريما شجاعا مهيبا، لايتكلم إلا بحق، فضلا عن
هدايته للناس، ونصرته لدينه، وشفاعته التي تنقذ الناس يوم الحساب ، يقول محمد
جميل العقاد في ذلك :
تغنى لساني بالمديــــــــح لأحمــــد فكل ربيـــــــــع فيه تــــــــأتي البشائر
أليف الهـدى ماح لكل جهالة أمين لرايـــــــــــــات العدالة ناشر
شفيع لنا يوم الحساب ومنقذ وبالحق والأخلاق في الله ناصر
صبـــــور له بأس يفـــــاز لدينه لهيبتــــــه تعنو الليــــــوث
الكواســـــــــر
كريم خصالٍ فاق فيها أوائلا لذا شرفت فيــــــه لديــــــن أواخــــر
حليم لقد نشر الحنيفـــة سمحة بقول رزين فيه تسمو السرائر([9])
كما
تحدث الشيخ محمد الحامد([10])
عن أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم فذكر بره ووفاءه ونصحه للأمة لينقذها من
لأواء الحياة دنيا وآخرة ، يقول :
حبيــب الرحمن ياصفــــــــوة الخلـ ــق ويامُنـيــــــــــــتي وراحـــــــة
روحــــــــــي
لاأبي ، لاأخي ، ولا صدر أمي لا ، ولا ذو الإخاء خِدن الروح
بلَغـــــــوا شأوك العلــــــــيَّ
ببــــــــــرٍّ أو وفـــــــــاء أو
في الحنــــــان الصحيح
وإذا
كان القدامى قد سطروا مطولات في المدائح النبوية، فإن الشعراء الإسلاميين نظموا
ملاحم كثيرة تتحدث عن سيرته صلى الله عليه وسلم، فالشاعر محمد جميل العقاد
نظم"ملحمة السيرة النبوية " في ثمانية وثلاثين ومئتي بيت على البحر
البسيط وعلى روي واحد استهلها بالثناء على
المولى تعالى والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل إلى الحديث عن حبه
له، ثم ذكر نسبه الشريف من ذرية آدم وعرج إلى ذكر جده إسماعيل الذبيح، ثم والده
عبد الله الذبيح ثم زواج والده من آمنة، فكان المطهر من المطهرين، يقول :
مطهرون فلم يلحق بهم دنس شمُّ الأنوف عُلاً أسمى الأنام يدا
يابن الذبيحين طابت غرة فديت وطاب ماقدَّم الجد العزيز فدا
نجى وأنجب ( عبد الله ) أفضل من أوفى بما عاهد المولى وما عهدا([11])
ثم ذكر
ولادته في عام الفيل ورضاعه من حليمة السعدية ووفاة أمه وجده، وسفره إلى الشام مع
عمه ، يقول في سفره :
وسار مع عمه للشام متجرا فأدهش الراهب البصري وما شهدا
رأى بحيرى علامات النبوة قد بدت عليه كما في الكتب قد وجدا([12])
فما أطاق على الكتمان مصطبرا وقال هذا بشير الخير قد أفدا
ثم ذكر
زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها فقال
تزوجَت خير خلق الله إذ وجدت فيه السنا والمنى والعون والعضدا
أكرم به من قـــِــــران زانـــــــه شرف وأنجـــــز السعــــــد والإقبال ما
وعـــدا
ثم ذكر
أولاده وبناء الكعبة وتحكيمه في الحجر الأسود وتعبده في غار حراء بالتفكر بالله
سبحانه، ثم مجيء الوحي إليه ودعوته وما لاقاه في سبيلها، وفتوحاته، وانتهى إلى
وفاته صلى الله عليه وسلم فقال :
وحينمــــــا وطــــــــد الله السلام به وثبـــــــــــت الركن للإسلام والعُـمـُدا
اختار طــــــه إلى ما قد أعدَّ له من فضلـــــــــــه خالدا في فضله أبدا
فقام يخطب في ضعف وقال لهم عبد قد اختار ماعند الكريم غدا
فأجهشـــــــوا ببكاء قائلــــــــين
لــــــــه تفدى بآبائنـــــــــا لو
نستطيــــــع فدا
ياويحهـم حينما اشتد السقام به وهــــــــم يقولـــــــــون واقلبـــــــا
وواكبدا
ولو ترى يوم وافتـــــــه
منيــَّـــــتــُـــه قد كان يوما
عصــــيّـــا شـــــد ماكــــــأدا
وذكر أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذهل عندما سمع نبأ وفاته إذ لم يصدقه عند الوهلة
الأولى وهدد من قال بذلك إلى أن أخبره أبو بكر الصديق رضي الله عنه بذلك ، يقول
محمد السنوسي([13]) في
ذلك :
ياثــــــــــاني اثنـــــــين إن المسلمين
أسى قــــــــــد زلزلتهـــــــم
أحاديـــــــــث وأخبـــــــــــار
أمات حقا رسول الله؟ .. لا.. وأبو حفص يهدد من قالوا ومن ماروا
وقفــــــت في جمعهـــــم كالنجم مؤتلقا وفي محيــّـــــــاك إيمـــــــــان
وتـــــــــــــــذكار
مـــــن كان يعبــــــــد طـــــــــــــــه إنه
بشر قد مات ، والله حــــــــي وهو
قهار
فلنعبــــــد الله في صدق وفي ثقة النــــــــور بين يدينـــــــــا كيـــــــف
نحتــــــــــــار؟
فثـاب رشد وقرت موجه وسجا بحـــــــــر وفاءت أحاسيس وأفكار
توفي
الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان إذ لاخلود لامرئ على وجه الأرض بعد أن أدى
الأمانة فأحسن الأداء ، وبعد أن ودع المسلمين في حجة الوداع وأوصى بالنساء خيرا،
وأبطل عادات الجاهلية، وكان ذلك في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية
عشرة من الهجرة النبوية ، وكان عمره ثلاثا وستين سنة،وقد ذكر د. عبد القدوس أبو
صالح وصاياه واستخلافه الصديق رضي الله عنه فقال :
ووقفت في حج الوداع تودع الصحب الحضورا
أبطلت عرف الجاهليــــــــــــة تدفع الوزر
الخطيــــــــرا
ورفعت من شان النساء شقائقا ساوت عشيرا
وندبت للإسلام من فدّى ومن أعطى الكثيرا([14])
ثانيا : الرسول صلى الله عليه وسلم في مرحلة النبوة :
كانت
دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في مرحلتين ، الأولى في مكة المكرمة وتميزت بترسيخ
الإيمان وإثبات وحدانية الله والنبوة ،والثانية في المدينة المنورة وتمتاز بتأسيس
الدولة والانطلاق إلى عالمية الدعوة .
1-
المرحلـة
المكيــة :
لم تأت
النبوة فجأة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما كانت هناك إرهاصات تبشر بقرب
مجيء النبي الموعود به في التوراة والإنجيل ، وقد ذكر ذلك الشعراء الإسلاميون
ليؤكدوا هذه النبوة الحق،وليبينوا للعالم أن دعوة الله لعباده التي أرسلها إلى
أنبيائه واحدة، قال عبد الحميد خطيب([15])
في ذلك :
إن رمت تعلم من عنيتُ فإنه هو أحمدُ المكتوب في التوراة
ومحمـــــــد من نص في الإنجيل عنـ ـه بأنه سيجــــــــــيء بالخيـــــــــرات
ماحي صنوف الكفر عاقب من تقدَّ مـه من الداعين بالآيات
وكانت
الأمم تود أن يكون منها النبي المنتظر لتسود العالم به، ولكن المولى تعالى اصطفى
محمدا صلى الله عليه وسلم لهذه المهمة الجلى، وأرسل إليه الوحي في غار حِراء ليكون
هدى للناس ، يقول محمد عياش الكبيسي :
من يوم أرسلت السماء بلاغهـــــــا للراغبيــــــــــــن إلى السماء توددا
فاصطف من كل الشعوب خيارها يتسابقون فمن يكون السيدا
وإذا بوحـــــــــــي الله ينــــــــزل
هابطـــــــــــا يختــار من بين
الجموع محمدا
إذ قال اقـــــــرأ قال لست بقارئ عجبـــــــا لأميٍّ يكــــــــون المرشدا
اقــــــرأ فأنت رسول ربك للورى حاشــــــــاك يامختـــــــــار أن
تتـــــــرددا([16])
وقد
جاءت دعوته للناس قاطبة، وكانت رسالته خاتمة الرسالات، وهي تدعو إلى التوحيد الخالص لله سبحانه، يقول محمد سعد
الدبل :
نبينا مرسل للعالمين ولن تنال من هديه غوغاء من كفروا
آمنت بالله ربا لاشريك له وبالملائكــــــــــة الأبرار ماذكروا
وخاتم الأنبياء مارتلت سور والمرسلين وأديــــــــــان بها أمروا
ولا نفرق بين الرسل في قيم فكلهم لحمى التوحيد ينتصر([17])
وأنار
الله العالم بتشريعه فنجاه من ظلمات الجهل والوثنية حتى غدا الكون كله يسبح بحمده
، يقول أكرم قنبس :
هذا الرسول أتى لينجد عالما كم خاض بالويلات معترك الدما
ودعا لهـــــــدم الشـــرك والأصنام في كـــــــــون توقــــــــف برهة وتبسما
كون يوحــــــــد ربـــــــــه
متفـــــــــردا وبه الشواهد راسخات في
الحمى
سبحان من جعل الجماد مسبحا واستل من قلب الحلال محرما
فاسلك سبيل المصطفى الهادي الذي سيظل للتوحيد دوما ملهما([18])
لقي
الرسول صلى الله عليه وسلم من قومه عنتا كثيرا، ماديا ومعنويا إذ قالوا عنه إنه
ساحر أو شاعر أو حسود أراد السيادة ،ولكنه ثبت على الحق، وقد أشار إلى ذلك هاشم
الرفاعي([19]) حين
قال :
الله أعلم حيث يجعل وحيــــــــه لكنهم في غيهـــــم شركاء
قالوا حســــود قد أراد سيادة وفقيــــــر قوم همــُّـــــــه
الإثـــــــــــراء
طورا أخو سحر وطورا شاعر ياإفك مانادت به السفهاء
إن كان حقا ماأتوه فكيف لم تنطق بمثل حديثه البلغاء
إن العناية في السماء تحيطه ومن العناية في الخطوب وقاء([20])
وقد ذكر نايف رشدان ما
لاقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من اضطهاد قومه له فقال :
كم ذقت من عنت الأباعد حسرة وشربت من ظلم الأقارب علقما
وسلا الجزور رموه فوقك ساجدا فلكم صبــــــرت وكنـــــــت فيهم
أرحمــــــا
كم كنت ترجــــو للشقي سلامة وبــــــــــراءة من أن يعـــــــــاقر
مأثمـــــــــــــــا([21])
كما ذكر مبارك المحيميد ماقام به أبو الجهل
وأبو لهب من منكر العمل في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، وحماية المولى تعالى له
فقال :
فأبو جهل حين تعدى أقبل حمزة كيما يثأر
أهوى بالقوس فشج له رأسا ولإسلام أظهر
وأبو لهب تبَّ وتبت منه يـــــداه حين استكبر
يكفيه الله ويعصمه والباغــــــــي دومـــــــــا يتعثر([22])
وتعرض
المسلمون للإيذاء وقدموا صورا من ألوان الصبر على العقيدة، هذا خباب يوضع على
مجمرة الحداد فيكوى ظهره حتى يطفئ دهنُ جسده النار، وزنيرة صمدت في وجه الطاغية
أبي جهل وكان يعذبها حتى رد الله لها بصرها نكاية باللعين، وعاصم قتلوه وأرادوا
رأسه لتشرب به المرأة الجاهلية الخمر ثأرا لابنها الذي قتله عاصم فحماه الله
بالنحل([23])،
يقول ناجي صبحة مشيدا بتحمل هؤلاء :
خباب يوضع فوق مجمرة وصديده يطفي لظى الجمر
وبلال يوضع فوقه حجر وقت الهجير وشدة الحــــــــــــر
زنيرة ثبتت بلا وجل رغم العذاب وشدة الضـــــــــــــرر
ودعاء عاصم يستجاب له يحميه رب الكون بالدبر([24])
وقد جعل صبرُهم على الأذى الشاعرَ الإسلامي محمد
التهامي يقول :
واستهانوا بالذي يلقونه كل عال في رضا الله يهون
كم عذاب ضجت الدنيا له وتحداه الهداة الصامدون
وصعود الروح من تعذيبها ترفع الإنسان فوق العالمين([25])
وكانت
المعجزات تزيد المسلمين إيمانا لأنهم يرون الشجر والغمام يظلله ، والحيوانات تتكلم
معه ، والمياه تتفجر بين أصابعه فتسيل نهرا، والشجر ينصاع لدعوته، والحصى يسبح بين
يديه، والجذع يحن إليه، والعنكبوت والحمائم من جند ربه تعينه، يقول د.عبد
العزيز صافي الجيل([26])
في معجزاته صلى الله عليه وسلم :
وعلى يديك المعجزات تواترت لتبددا
كلَّ الشكوك فلا ترى مستهديا مترددا
والماء من بين الأصابع قد تفجر موردا
والضب كلمه وباللفظ الصريح تشهدا([27])
ويقول هاشم حمدي حسانين في معجزات أخر :
تبعت خطاه شجيرة وغمامة تبغي هداه كذاك سار حجيِّر
وحصى تمدَّد في يديه مسبحا والماء من كفيه إذ يتفجر([28])
ولعل
أكبر معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم والإسراء والمعراج ، فكتاب
الله سبحانه تحدى به البشرية أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، قال
تعالى ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم
من دون الله إن كنتم صادقين ، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها
الناس والحجارة أعدت للكافرين )([29])
. وقال هاشم الرفاعي مشيرا إلى ذلك :
إن كان حقا ما أتوه فكيف لم تنطق بمثل حديثه البلغاء
مابال أقصر سورة من مثلــــــــه أعيتهم فتراجع الفصحاء([30])
أما
الإسراء والمعراج فمعجزة لاتنسى فلقد اخترق بها الرسول صلى الله عليه وسلم آفاق
السماوات مع جبريل عليه السلام إلى حيث سدرة المنتهى ليرى من آيات ربه الكبرى،
يقول محمد جميل العقاد في ذلك :
كن حفيــّــــا بليلـــــــــــة المعراج إنها للقلوب خيـــــر عـــــــــــلاج
ليلة قرب المهيمــــــن فيها مصطفـــــــــــاه إلى مقام التنـــــاجي
حين أسرى به وآتاه مالم يؤت خلقا من نطفة أمشاج
وأراه من العجائب شيئا من يماري في صدقه غير ناج([31])
ويربط
الشاعر الإسلامي عبد الله عيسى السلامة([32])
بين الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى فيقول :
إيه ذكرى الإسراء والمعراج كيف أقبلتِ نحونا في الدياجي
إيه ذكرى يا ألف أهلا وسهلا ياسنا فاض من أعز سراج
كل ما حولنا مُدى وذئاب فاسألي الذئب رحمة للنعاج
مَن لشعب ممزق مستباح راج فيـــــــــــه الضلال أي رواج
في متاهاتنـــــــا بقايا شمـــــوع في ذبالاتهـــــــا بقايــــا
اختـــــــــــــــــلاج
فإذا كنـتَ ومضة في دماها كان في نــــــــــورها رجـــــــــــــاءٌ
لراج
وانتهت
المرحلة المكية بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
والمسلمين بعد أن ذاقوا الخطوب الأليمة ، قال عبد الغني أحمد ناجي
يتحدث عن هذه الهجرة :
ركب الهدى في جنح ليل سار ينساب في حلل من الأنوار
بالحق يسعى نحو يثرب قاصدا أنعم بها من ملجـــــــأ ومـــــــــزار
هذا الهدى قد هاجرت أنصاره بعد اضطهاد الكفر والكفار
تركوا المتاع وأهلهـــــم وديارهم أبئِسْ بمكـــــــــــــــة عندهم من دار
لم يستكن أحد لفتنة قومه بعض قضى من وطأة الإضرار
فسعَوْا إلى البلد الخليق بصحبة وهدايـــــــة وحمايـــــــة
وجـــــــــــوار
الركب أنزل في المدينة رحلــــــه لتكــــــــون مركـــــــــز دولة الأبـــــرار
وجد الهداة بيثرب أهـــــلا لهم وجدوا الأمان بصحبة الأنصار([33])
ولما
علمت قريش بالهجرة عزمت على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فأتاه الوحي من السماء
يعلمه ويرسم له خطة المسيرة ، قال محمد محمود الماحي يتحدث عن ذلك :
وتسير قافلة النـــــــــبي على هدى نـــــــور
النبيّ
سارت بوحي الوحي للمختار من أمر العليّ
ببطولة كالخلـــــــد كالأقدار كالنـــــــــور
الجلـــــــيّ
تسري معانيها إلى معنى الشجاعة في علي
فيبيت في دار النبي يفديه بالعمر الفـــــــتي
وينام ملء عيونه والموت حول الدار حيّ([34])
وسُقط في
أيدي المشركين لما علموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم غادر مكة المكرمة ...وآذى
أبو جهل أسماء لتفشي السر فما فعلت ... ووصل الركب الميمون غار ثور ونسجت العنكبوت
نسجها على بابه، وباضت حمامة.. ولا رادَّ لإرادة المولى .. ويتابع الشاعر
الماحي حديثه عن الهجرة فيقول :
وسرت بمعناها الوفيِّ إلى أبي بكـــــــر
الــــــــوفي
وسرت إلى أسماء وهي كبرعم الزهر الندي
فتحملت ماناله منها أبو ( الجهل ) العتيّ
كم راح يضربها فما لانت ولا باحت بشيّ
... ...
وتسير في أثر الرسول قــــــــوافل
متتابعـــــــــــة
رهط من الأعداء تحملهم خيـــول مسرعة
وطواهم الحقــــــد المرير على نـــــوايا مفزعة
ومحمد في الغــــــــار لاشيء هنــــــــــــاك
روّعه
خدعوا بخيط العنكبوت وبالحمـامة وادعة
فتفرقوا ومضى النبي إلى المدينة في سعة
ماأروع التاريخ حين نقصّه ، ما أروعه !!..
وعاد
أبو جهل يجر خيبته .. وأعلن عن جائزة لمن يأتي بمحمد صلى الله عليه وسلم حيا أو
ميتا ، وأنى له ذلك ؟ لقد أخفق سراقة في محاولته لأن الله حافظ نبيه ومتم أمره ،
ووعده الرسول صلى الله عليه وسلم بسواري كسرى معجزة منه ، يقول محمد حبيب :
وعاد أبو جهــــــــــل يجـــــــــــر ذيوله بخــُــفَّــيْ حُــنَـيْنٍ في مهمـــة
خيبة
وأعلــــــــن من يأتي برأس محمد فإن كرام النـــــــــوق تُعطـــــــــــى
بوفرة
فما كان في الفرسان أسرع من فتى يسابق ريحا فوق سرج كريمة
سراقــــــةُ يامختــــــــار أضحى وراءنا وإن رسول الله يدعـــــــو بحرقــــــــــة
فساخت بها الأقدام وانكب ساقطا وراح يعيد الكر حتى الثلاثة
فأيقـــــــن أن الله يحمي محمــــــــــدا وأنْ لاسبيلَ لنيـــــــل أيــَّــــــــة
بغية
فنادى : رسولَ الله إني لراجـــــعٌ أخذِّلُ من يبغيـــكَ فاصْفَحْ لزلّة
فقـــــــــال رسول الله قولـــــــة واثق سواران من كسرى جزاءُ سراقــــة
وتابـــــــــع وفد الله يقصــــــــــد يثربا وجمهـــــور جند الله عند الثــَّـنِيــَّة([35])
ولا تنسى
من مخيلة المسلمين قصة أم معبد في طريق
الهجرة ، ويقول عبد الحميد فارس متحدثا
عنها :
وعن أم معبد حدِّثنْ أخبارها لما أتاها في الضحى زوار
حزنت لقلة مالديها من قرى فالضرع جف والديار قفار
فإذا الرسول ملامسٌ من شاتها ضرعا ففاض لبانها المدرار([36])
ووصل
الركب الميمون المدينة المنورة، واستقبله أهلها مرحبين وهم ينشدون، ويقول عبد
اللطيف الجوهري([37]) :
قالوا المدينة أرسلت أنـــــــوارها واستبشرت مهـــــــج تؤم رياضها
هذي ديار المصطفى بارك لها حسن اختيـــــار النازلين ذمارها
فاستقبلت هدي النبي فلا ترى بين الــــــــورى إلا وناشد قربها
وغدت بفضل الحق حاضرة الدنا واستشرفت أهل التقى لألاءها
وبذلك
تكون الهجرة النبوية درسا لمن أراد أن يمكر بالمسلمين وعبرة للمعتبرين حتى في
أيامنا هذه التي سطا فيها الشر، يقول الأميري:
يــــارســــــــول الله والهجرة خُلـــــــد من
مآثر
هي درس الدهر في الإيمان والعزم المثابر
هي مكر الله بالبغي وما كالله مــــــــــــــاكر
يارسول الله نحن اليوم في شدق المخاطر
بك نستهدي ونمضي
فلْــتُـنَر منا البصائر
وليكن في عوننــــــا الله فنصحــــــو ونهاجر([38])
ويقول الشاعر عبد الناصر عبد المولى أحمد في أثر الهجرة النبوية
أيضا على العرب والعالم كله :
طافت علينا من الآفاق ذكراكِ وكيف ياهجــــــرة المختار
ننســـــــــــاكِ
كم من معان أقامت مجد أمتنا قد ألهمت سرها من فيض معناك
حولتِ قوما بلا مُلْك ولا خطر إلى ملــــــوك وفرســـــــــان
ونسّــــــاك([39])
2-
تكوين
الدولة الإسلامية في المدينة المنورة :
انطلق
الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة لتكوين الدولة ونشر الإسلام ومقاومة
من يقف في سبيله ، يقول عبد الحميد
فارس :
وتأسست في يثرب أسس العلا ولدولة الإسلام شيد مَنار
والعدل عم على البرية كلها عز الضعيف وأخضع الجبار([40])
هذه
سمة الدولة الإسلامية التي كوّنها الرسول صلى الله عليه وسلم، إنها دولة العدل
والعزة والمجد، وقد بدأها الرسول صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بين المهاجرين
والأنصار في تلاحم قلَّ نظيره في التاريخ فقال هاشم الرفاعي فيها :
حيا الإله من المدينة معشرا آووه حين أراده الأعـــــــــداء
قوم هم الأنصار أمّا ذكرُهم فــنــَدٍ وأما عهدهم فوفـــــــــاء
الآخذين من الرسول مواثقا سار الزمان وهم لها أمناء
مدوا إليهم في مدينتهم يدا لما بدا في الأقربين جفــــــاء
جمعتهم في الله خيـــــــر أخوة فالدين وُدٌّ بينهم وإخاء([41])
وتحرر
الإنسان من العبودية لغير الله سبحانه ، وتحطمت الوثنية النكراء بدعوة الإيمان
الصادق، وأحيا الله الأمم عربها وعجمها بهذه الدولة، وتحركت في انتفاضة على الجهل
والكفر لتمد العالم بعطاءاتها الزاخرة، يقول محمد عبد الله عبد الباري
مبينا صفات هذه الدولة وقائدها الرسول صلى الله عليه وسلم :
من حـــــرر الإنسان من أغلالــــــــه حتى توثــَّــــب ماردا
جبـــــــــــــــــارا
من حطم الوثنية السوداء؟ من أرخى على ظلماتها الأستارا؟
من غير أحمد جاء للدنيــــا هدى فتهللت بقدومه استبشـــــارا
جاهدْتَ فانتفض الزمان مهــــــابة وتحفزت رايـــــاته استنفـــــــــــارا
أحييْتَ من جَدَث التفرق أمـــــــــــة أبنــــــاؤها متنــــــاثرين
حيـــــــــــــارى
حركت فيها الروح حتى أصبحت علما على طول المدى ومنارا
وتوقّـــف التاريــــــــــخ يرمــُــــق
أمـــــــة تسعى إليك تـُـــقـــدِّم
الأعمــــــــارا([42])
وفي
هذه الدولة كان للفرد مكانته، وللجماعة وحدتها وتآزرها وقوتها في ظل العدل ، حتى
النساء اعتُرِف بمكانتهن ، يقول محمد جميل العقاد :
جعل الأمة كالفرد إذا حزَبَ الأمرُ وعم الخطر
إن أصاب الفرد منهم نكبة فتراهم أجمعين شمروا
ثم أوصى بالنساء رحمة صح عن صحب النبي الأثر
حكَّم الوحدة فيما بينهم جعل القوة فيهم تظهر([43])
وقد
أنقذ الرسول صلى الله عليه وسلم بتعاليمه السمحة العرب مما يتخبطون فيه من عقيدة،
وقضى على اليهود وأذلهم لما نقضوا العهود ، يقول مخلص الحديثي :
واجتث من أرض الجزيرة شركها وقنا الجهاد تخط بالعلياء
وأذل أعناق اليهود بسيفه أعظم بسيف عادل وضّاء([44])
وقضى على
المفاسد الاجتماعية والسياسية كوأد البنات ولعب الميسر، وشرب الخمر وسفك الدماء
بغير حق، يقول العقاد :
غرق البريـــــــــــة في المظــــــــالم
حقبـــــــــة وفشا ظلام
الجاهليـــــــــــة في الورى
وأدوا البنـــــــات وألَّــهوا الأصنام لم يزِنــــــــوا بعقلهم الهـــــــــــــدى
والمنكرا
شربوا الطلا سلبوا الورى سفكوا الدما سفها وكانوا يلعبون الميسرا
فأراد ربــــــــــك للأنـــــــام
سعـــــــــــــــادة وتألقـــــــت
أنوار ربك من حِــــــــــــــرا
ألـَّــــفْتَ بين قلوبهـــــم وهديتهم
فتــــــــآزروا ، وبهــــــم لبثْـــتَ مـــــــــــؤزَّرا([45])
وعاشت
الشعوب المسلمة المساواة بين الأمم بأجلى
معانيها فقال محمد ياسر أمين الفتوى :
كذاك ياأيها الهادي المظفر قد بلغت معتقدا دانت به الأمم
فلا شعوب بها إلا سواسية في كفتيها تساوى العرب والعجم([46])
ومع
هذه المكانة السامية كان صلى الله عليه وسلم يعيش عيش الزهاد، فبيته من جذوع
الشجر، ومتاعه كمتاع الفقراء رحمة بهم ومواساة لهم، يقول مخلص الحديثي في
ذلك :
وسكنت بيتــــــــــا لبنه وجذوعه ومتاعه
كمســـــــــاكن البسطاء
وقنعت بالعيش اليسير مواسيا جهد الضعيف وحاجة الفقراء([47])
3-
الجهاد
لنشر الإسلام :
انطلقت سرايا
الرسول صلى الله عليه وسلم للجهاد في سبيل الله، وكانت سريتا عبيدة وحمزة أولى
السرايا الجهادية، وقد تحدث د. غازي مختار طليمات([48])
عن هاتين السريـَّتين فقال :
امض بالركب ياعبيدة واصدع بقضاء قضاه رب السما
فالرجال الذين حولك درع من ولاء وعاصف من مضاء
هاجــــــروا من ديارهم ليفوزوا بجنــــــــــان نديــَّــة
الأفيـــــــــــــاء([49])
ثم
تابع حديثه عن سرية حمزة فقال فيها :
والجنـــــــــاح الثاني يزف شعاعــــــــا نبويـــــــــــــا مع الرياح الرخاء
فوق هــــام المهاجرين وأعظم بجهــــــــاد الأعــــــــزة
النجبـــــــــــــاء
وقف العسكران هذا يرامي بشواظ الألحاظ أنكى رمـــــــاء
ساعة عمرها سنون إذا ما عد نبض القلوب في الأحشاء
فانبرى من بني جهينة ( مجديٌّ) -
يداوي مكامن الشحناء
أطفأ الهيجة الغضوب فصا ن الشرك حتى يحين حَينُ القضاء
ولعل
معركة بدر من أهم المعارك الإسلامية ، فهي فرقان بين الحق والباطل ، ارتفع بها صوت
الإسلام ، وقضي على صناديد قريش وكبرائها، يقول هاشم الرفاعي في هذا اليوم
العظيم :
ويوم ببدر جنــَّــد الشركُ جنــــــــده وجمَّـــــــــع أنصــــــــار الضلال
وألَّـبا
ونادى أبو جهل أيا قوم شمروا لإضرام حرب تجعل الطفل أشيبا
أقيموا على بــــــدر ثلاثا فمثلنا أخاف جنود المسلميـــــــن وأرعبــــــــا
وجاء رسول الله في موكب الهدى وجيشٌ لأوثان الضلال تعصبا
هناك أمدَّ الله بالنصــــــر جنده وأخلــــــف ظــــــن المشركين
وخيــّــــــــــبا([50])
وكان في
بدر بطولات شتى، فأبو بكر قتل عشرة، وقتل بلال رأس الكفر أمية بن خلف، وكان الله
قد نصر دينه بالملائكة ، يقول عبد الغني ناجي :
ملأ اليقين قلوبهم بشجاعة والحق عودهم على الإصرار
المؤمن الصديق يقتل عشرة والكافـــــر الرعديد لاذ بعار
هذا بلال قد أطاح بسيفه رأس الجحود وبؤرة الإنكار
نصر الإله جنوده بجنوده ملَك بجـــانب مسلم مغوار([51])
وبقيت
ذكرى بدر معلم جهاد لرجال الصحوة الإسلامية تثبت أن النصر ليس بالعدد، فكم من فئة
قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، لأنها كانت تدافع عن دينه . وفي ذلك عبرة
للأجيال، يقول د. حسام النعيمي:
سلوا ماء بدر كيف مــــــزق قلـــــــــةٌ ألوفا قد انحطــّــوا إلى الحرب
كالسيـــــــل
يجبكم سيوف الله تحفظ دينه كما تبطش الآساد حفظا على الشبل
فياوارثيهـا في يديكم مفاتح الجنا ن فجـــــــودوا فالهدى ليس بالبخـــــل([52])
وقد
كانت معركة خيبر انتقاما من اليهود الغدرة يقول د. عبد القدوس أبو صالح :
ويهود خيبر إذ رمــَــوْا من غدرهم
كيــــــــــــدا وزورا
أجليتهم عن حصنهم يبكون أخطب والنضيرا([53])
لن أذكر
كل ماقيل عن المعارك والفتوحات كلها، فكلها عبر ودروس تعلم المسلمين كيف يسعون
لنشر دين الله في أرضه، ولقد كان فتح مكة الفيصل الحاسم ، وكانت معاملة الرسول صلى
الله عليه وسلم لأهلها قد فتحت قلوبهم للهدى وفي ذلك يقول العقاد :
دخل الحرام مظفرا ومؤيدا والجيش يهـــــدر مثل موج البحر
أعطى الأمان وقام يدعو شاكرا ومكبرا بين الصفا والحجر
قال النبي لهم مقالا صادقا فــلَأنتــــــم الطلقــــــــــــاء عند
الأمر
قبلوا مبادئه وزال نفورهـم وتعـــــرَّفـــــــــــوها بعد ذاك
الفكــــــــــــــــر
وغدوا هداة بعد جهل مطبق نشروا الشريعة وهي أس اليسر([54])
وكما
اتخذ الشعراء الإسلاميون من بدر محركا للهمم نحو الجهاد المعاصر كان فتح مكة كذلك،
وهذا الشاعر د. صابر عبد الدايم يتذكر بهذه المناسبة فلسطين والأقصى ومسجد
الخليل فيقول :
أنت الحبيب المصطفى والمجتبى والله ينصــــــر كل من والاهـــــــــــا
إنا نسير على السيوف إليك في عصر يحرّق من يروم هداكا
نار الخليــــــــل نخوض في أفيائها في كل يــــــــوم والنجاة لقــــاكا([55])
وتسلم
الخلفاء الراشدون بعده فنهجوا نهجه في الفتوحات والحكم، فنشروا العدل
والإيمان يقول محمود كلزي([56])
في ذلك :
سارت مواكبه إثــــر النبي على درب الجهــــــــــاد زرافات ووحدانــــــا
أين الصحابة والصديق غرَّتهم أضفى على الكون بالإسلام إيمانا
أين العدالة والفاروق رائدها لم يترك الفقر يغزو الكهف حرمانا([57])
ويبين العقاد
أسس الدولة الإسلامية التي انطلقت في مسيرتها تتابع خطوات سيدها ونبيها، فإذا هي
تولية الصالحين الأخيار على أمور الدولة، ورحمة بالضعفاء، والتزام بالأخلاق
الإسلامية، وإعداد القوة لمجابهة العدو، وعدم الركون للعدو، يقول :
ملكوا الدنيا وساسوا أهلها وخيار القوم فيهم أمَّروا
ماونوا في نشر قسط بينهم في الضعاف والنساء فكروا
هذبوا النفس أماتوا حظها وملـــــوك الأرض قهرا أســـــــروا
"وأعدوا " جَعلـــــــوها مبدأ ومن الأعداء جميعا حذروا([58])
وفتحت
العراق والشام .. وقضي على كسرى وقيصر، كما فتح المسلمون الأندلس، ويتذكر الشعراء
الإسلاميون المسجد الأقصى السليب فيقول محمد عياش الكبيسي في معرض حديثه عن
الفتوحات لو كان بين ظهرانينا كخالد وأبي عبيدة وصلاح الدين والسلطان العثماني عبد
الحميد الثاني لتحرر الأقصى :
وتتابع الزحف المبــــــــــــارك لم يشأ أن يستريح من الونى أو يقعدا
فهناك في أرض العراق معــــــــالم بقيت لتروي ما رأتــــــه وتســــــــردا
وهناك لاتنس الأمين فإنه في الشام قد رص الصفوف وحشدا
والروم بين مجنــــــــدل ومشرد ذاقــــــوا بما اقتــــرفـــــــــوه
ويـــــــلات الردى
لم يكتف الركب الكريم بهذه بل ظل يمضي حيثما الحادي حدا
سائل ربــــــــوع القدس لما نالها سهم الصليب من الذي قد ضمدا
من رد أوربــــــــا على أعقابهـــــــا تشكو المهانــــــــــة والمصـــير
الأنـــــــكدا
من كان للأقصــى وقد حاطت به فتــــــــــن تجمــَّــــــع شرهـــــا
وتلبدا
عبدَ الحميــــــــد وللرجال مواقف حييت لن ننسى البطولة والفدا
الله أكبر لـــــــن تقــــــــــرَّ عيونُـنا حتى نرى ركب الرسول تجددا([59])
ووصلت
فتوحات المسلمين إلى الصين، فقال العقاد مشيدا بهؤلاء العرب الذين حولهم
الإسلام إلى فاتحين :
شهــــــــد العرب بما في دينــــــــه من مزايــا عاليــــــــــات كُمــَّــل
حوَّل العــــــرب لمـُــــلك باذخ بعدمــــــــا كانـــــــــوا رعـــــاة
الإبل
ذا قتيب فتح الصين سقى كل طاغ صاب كأس الحنظل([60])
ويتحدث
الشاعر محمد هاشم رشيد عن انطلاقة ركب الصحابة فيقول :
هاهو الموكب قد سار إلى الأفـــــــــق البعيد
في ظلال البيض نشوانا من النصر العتيد
مر يطوي الأرض والأرض إماء وخدم
غــــــرقوا في حمأة الذل وأحضان السقم
فــــــإذا الموكب يلـــــــــــوي بعروش الظالمينا
وإذا الأحبار والرهبان عادوا خاشعينا
وقضى الدهر وحيدا في صراع ونضال
برجال حــــــاربوا الشر بلا زاد ومـــــــال([61])
وكان
سر هذه الفتوحات أن مسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم علمتهم معنى الجهاد الحق
لترسيخ الشريعة الربانية ، قال د. عبد القدوس أبو صالح :
علمتهم معنى الجهاد فما ونوا ومضوا صقورا
ومضت برايات الجهاد جحافل تترى بحورا
دوّت بسمع الأرض تكبيرا تخال له هديرا
ركزوا بجفن الشمس رمحهم يغـِــــذون المسيرا
ملؤوا بعدلهم الدنا والحكم حكم الله شورى([62])
وبذلك
بنوا حضارة مجيدة قادت الشعوب ونشرت خيرها على العالمين ، يقول د. إبراهيم
الكوفجي([63])
:
بإسلامنا العقلُ الأسير تحـــــــرَّرا وأضحى لنا الكونُ الكبيـــــــــر مسخرا
بإسلامنا
سُـــــدنا وشِدنا حضارة ومجدا ورايات
تـــــرف على الــــــــــــــذرى
فمــــــا بالــــــنا لانستنيــــــر
بنـــــوره وقد خيم الليل الغشـــــــوم
وسيطــــرا ؟([64])
ثالثا : حب الرسول صلى الله عليه وسلم
ومظاهر هذا الحب :
اتخذ
الشعراء الإسلاميون المناسبات الدينية مطية للتعبير عن حبهم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم، وشوقهم إلى الأراضي المقدسة التي كانت مسرحا لتحرك دعوته، وتطلعوا لنيل
شفاعته ، ورأوا في مديحه متنفسا ينفثون فيه كروبهم ولا سيما السياسية منها، كما
تحدثوا عن مظاهر حبهم له :
1-
حب
الرسول صلى الله عليه وسلم :
حب
الرسول صلى الله عليه وسلم مغمور في أعمق الأعماق، كيف ولا وهو منقذ الإنسان من
الظلمات إلى النور والهادي إلى سبيل الرشاد ، القدوة المثلى والزعيم المرتجى ،
ذكره في القلوب وعلى الألسن حبيب ، وعطر فواح الشذى عبيق، ولقد تحدث الشعراء
الإسلاميون عن شدة حبهم وحب الصحابة له صلى الله عليه وسلم ، هذا ناجي صبحة
يشيد بحب ابن الدثــــُـــنـَّة وحب عمر بن الخطاب له فيقول :
إني وجدت من الوفا صورا في حبه أسطورة الدهر
فابن الدثـُنَّة صاح مبتهجا ونبالهم ترمي على النحر
أفدي بروحي أحمدا ودمي كي لايشاك بشوكة الزهر
ويردد الفاروق قولتــــــــه حربــــــا على الطغيــــــــان والغـــــدر
لو لم أجد سيفا أحاربكــــــم ناجزتكـــم بالترب والذَّر([65])
أما
الشاعر د. رشيد العبيدي([66])
فيخاطب سيد البشرية في يوم مولده معبرا عن حبه له فيقول :
أنا ياحبيب تخذت يومك مولدي طول الحياة أعيشه مستأنفا
أنا في النعيم بحب طه فاشهدوا إني سكنت العمر ظلا أورفــــا
من أخلص الحب الشريف لأحمد ترك الدنا زهدا وعاف الزخرفا
هامت بحبك سيدي كل الورى والكون والملكوت فيك تصوفا
ويعبر د.
بهجت الحديثي عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه إلى زيارة قبره
الشريف في موسم الحج قائلا :
نفسي فداك أبا الزهراء ياسندي ارحم حبيبـــــــــــا بــــــــراه الحب
والوصب
أنت الحبيب وقد شف الهوى كبدي والحب في الله لايلــــــوى له سبب
يامنية النفس يابشرى إذا وصلت أرض الرسول وحطت رحلَها النجب
شوقا إليك وما بالنفس من ظمأ إلا إليـــــــك وأنت المنهـــــــــل
العــــــذب([67])
ولا يمكننا في هذا المجال أن ننسى الأميري
شاعر " نجاوى محمدية "الذي راح يقول وقد أجج الشوق مشاعره:
وقفـــْـــــــت قبالـــــــــــــة
محرابــــــــــه وبيـــــــــــني
وبين سنـــــــــــــاه حشود
ورحت أصلي صلاة الصفا ء صلاة الوفــــــــــاء لرب ودود
هنا سجد المصطفى والدموع تخط أخاديد فـــــــــــوق الخدود
سجود تلبث من روضــــــه شذا ملــــــؤه نفحــــــــات
وجــــــــــــــود
وهام الهوى بجناني بعيدا بعيدا وراء الـــــــــرؤى
والحـــــــــــدود
فطالعت والوجد يحدو خيالي صحائف من سفر مجد الجدود
فأومض في غــــــور عيني برق الـ فتـــــــــوح وخفــــــــــق القنا والبنود([68])
ويتمنى الشاعر الإسلامي أن يكون حبه للرسول صلى
الله عليه وسلم وسيلة للشفاعة، يقول عزيز أباظة([69])
:
رسول الله جئتك في ذنوبي ولست ترد مقترفا فتابا
شفاعتك الرحيمة أرتجيها فإن تمنن أمنت بها العذابا
ويقول
محمد ضياء الدين الصابوني في رجائه أن يجوز الصراط ويدخل الجنة بحبه له :
وحب رسول الله رأس سعادتي أفوز بها عند الصراط وأسلم
ولا يكمــــــــــــل الإيمان إلا بحبه وحبك يامختار للقلب بلسم
تقرب إلى مولاك في حب أحمد ففي حبه جنات عدن وأنعم([70])
2-
مظاهر
حب الرسول صلى الله عليه وسلم :
وقد
بدا حب الرسول صلى الله عليه وسلم في مظاهر متعددة منها :
أ- الشوق إلى الديار المقدسة :
مكة
المكرمة والمدينة المنورة خاصة وقد كرمهما المولى تعالى وقطنهما الرسول صلى الله
عليه وسلم، وهذا الشاعر الأميري يعبر عن تعلقه بمكة المكرمة فيقول :
في عيوني من ( بيت مكة ) نور وبقلبي ومهجتي وشعوري
ملءَ روحي وحـــَــــقِّ نافخ روحي لهفــــــــة نحــــــو بيته المعمور([71])
وكذلك
كانت عُلَـــيَّة الجعار([72])
إذ تقول في حبها لمكة المكرمة ومسجدها الحرام موطن الأمن والسلام :
موطن الأمن والحِمى والجوار درة الأرض منبع الأنوار
حــــــرم الله أرضها وحبــــــــاها من قديـــــــم بباهر الأسرار
قام فيها لله أول بيـــــــــت فاجتبـــــــــاها بذلك الإيثـــــــــــــار
أنت يامكة الحبيبة حبي أنت ماعشت عزتي وفخاري([73])
أما
شاعر طيبة محمد ضياء الدين صابوني فيرى في هذه البلدة المنورة
برسولها جنة ونعيما ، ومن أمَّ مسجدها المكرم كان له ثواب عمرة ، يقول في ذلك :
أحب بقاع الله طيبــــــــة طالما تعلقــــــــها قلبي وطاب نسيم
وكم سعدت روحي وقرت نواظري فماهي إلا جنة ونعيم
ومسجدها الميمون أول مسجد بناه وفيه المكرمات تعوم
عليه سلام الله ماحن مدنف لمن خلقه القرآن وهو عظيم([74])
ويخاطب د.
محمد إياد العكاوي([75])
معالم المسجد النبوي الشريف، منبره وروضته، وقد أحس بالسكينة في ربوعه فيقول :
ياللسكينة والفـــــــؤاد جوى للقبة الخضراء يمتد
يامسجدا دانت لهيبته كل الملوك ودانت الجند
فهنا الحبيب رسول أمتنا وهنا النبي شموسه تبدو([76])
ويذرف د.
حسن الأمراني دموعه شوقا إلى هاتيك الديار المقدسة ويروح يقول :
ياصاحبي ودموع العين تسبقني وليس عن زورة المحــــــــــبوب لي شغل
هيجت شوقي وهل للشوق أجنحة بها إلى حضرة المحبوب أنتقل
ياحادي الروح خذني نحو خيمتهم فالقلب في حضرة المحبوب معتقل([77])
ب-
الفخر
بالانتساب إليه :
فالشاعر محمد الحسيني([78])
يفتخر بالانتساب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول :
ألستم أكرم الأكوان يسرا وأني أنتمي لكم انتسابا
بلبي نار حبكم تلظّى ودمعي زاد جذوتها اضطرابا
ج- مديحه في قصائد نبوية وربطها
بالواقع المعاصر:
أكثر
الشعراء الإسلاميون من المدائح النبوية ولاسيما في يوم مولده الشريف، ويكاد لايخلو
ديوان شاعر إسلامي من مدحة نبوية أو أكثر، وقد نظم د. بهجت الحديثي نبوياته
في ديوان سماه " ديوان النبويات " ومعظم قصائده فيه كانت في مناسبات
دينية تتعلق به، وما هذه المادة العلمية عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نتاج
لهذه المدائح، التي كان شعراؤها يتحدثون عن فضائله ودعوته وشريعته وصحابته وحروبه،
ويدعون إلى تأمل سيرته العطرة، ويربطون المدحة بالواقع المعاصر ولاسيما بالقضية
الفلسطينية لوجود المسجد الأقصى في فلسطين، وارتباطه بالإسراء والمعراج، وهم
يُـنهون قصائدهم النبوية غالبا بالصلاة عليه على غرار ماكان يفعل أسلافهم .
فالشاعر العقاد في نبوية له راح يدعو إلى قراءة سيرته صلى الله عليه
وسلم لمعرفة ماجاء بها من عدل وقيم بها تأسست حضارة عامرة، يقول :
هذا النبي الحق ياأهل الدنا قد جاء بالإنصاف والعرفان
هلا قـــَـــراْ أبنــــــاؤنا تاريخــــه تاريـــــــــخ أحمد زينــــــــــة
العمران([79])
ويبين
في قصيدة أخرى أن الأعداء يحاولون أن يصدونا عن سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم لما
فيها من هداية لنا، ولذا فعلينا واجب تعليمها لأولادنا بعد أن نفَّذ رغبتَهم
الضالةَ أناسٌ من قومنا فأهملوا مادة التربية الإسلامية ولم يدخلوها في حساب
علامات الشهادة الثانوية، يقول :
إيه ياقومي أصيخوا وافهموا إن في المولد سرا فاعرفوا
لقنوا أبناءكم هذا النبا علهم عن ذا الهوى ينصرفوا
علموهم سيرة الهادي لنا إن أعدانا لهــــا قد حذفوا
منعوا تدريسها في ربعِنا طغمـــــة الغرب بذاك اقترفوا
تبعتهم طغمةٌ من قومنــــا مالؤوهم في ضلال ألِفوا([80])
وقد تختم
القصيدة النبوية بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم على عادة شعراء في
المدائح النبوية .
أما
الشاعر الأميري فيندد بالأمة التي تدعو إلى السلام مع العدو الصهيوني، الذي
ينتهك حرمات المسجد الأقصى، وهي مشغولة بخلافاتها ومفاسدها، ثم يدعو إلى الثورة
على هذا الواقع المرير فيقول:
يارســـــــول الله عـــــــذرا فالأبي الحر
طــــاح
حــــــق ذكراك انتهــــــــــاج وابتهاج وانشراح
أمـــــــة الإسلام في ويـــــــــلات غي وسِفاح
نفــــر قد أوردوهــــــا حتفها باسم الكفاح
وعدو غاشـــــــــــم الفتك يهودي وَقــــــــــاح
يادنى الإســــــــلام ماعــــــــاد مبـــــــــاح
بمبــــــاح
مااحتفاءاتــــــك بالسلم وما هــــــذا
المِــــراح
وحمى المعراج والأقصى مُكــــــادٌ مستبـــاح
جدَّ جِدُّ الموت يا لاهين في أخرى مزاح
ماالذي أملك ياربي ولو كنـــــــت صلاح
يارسول الله في هديــــــــك لي رَوح وراح([81])
وبعد
أن يتحدث د. بهجت الحديثي في نبوية له عن حبه للمصطفى صلى الله عليه وسلم
وإعجابه بخلاله الكريمة يقول داعيا إلى الثورة على الظلم والطغيان :
ياليلة الميلاد ما مـِـــــن ليلــــــــــة جاد الزمان بمثلهـــــا والأعصر
واليوم عاد بما حملنا من اسى كالنار مابين الضلــــــــــوع تسعر
أطفالهم صرعى السقام وأرضهم تهب النضار وكسرهم لايجبر
آن الأوان لأن تثوروا إخوتي وثقوا بأن النصــــــر آت يهدر
ولكل باغ عمــَّـــــنا بشروره مهما علا يوم يطــــــال ويقبر([82])
أما د. حسام النعيمي فيتخذ أسلوب التهديد
بعقاب الله سبحانه، كما يدعو إلى الإطاحة بالصهاينة الذين احتلوا فلسطين ومسجدها
الأقصى، يقول :
المسجد المحزون صدِّع ركنه فهوى يزمجــــــر صــــــــــخــــرُه ويصيـــــــــح
وتناثرت جثث الشباب زكية من حوله وجـــــــــرى الدم المسفوح
ياأمتي أيـــُـــهان دين محمــــــد ماكان أرخــــــــــصهـــــــا
لدينــــــــا الروح
الرمس شق لكم وهول جهنـــــم والنــــــــار يازمر الظلام ضريح
وتصب فوق رؤوسكم حمم الردى وتلفُّكم أفعى لظى وفحيح
إيه دعاة الحق أنتـــــــم معقد الـ أمل المضيء فبــــــالظلام أطيحوا
قودوا الجموع إلى السماء وخلفوا من شاء تعلوه الزمان سفوح([83])
د- الدفاع عنه ضد من أساء إليه :
وإنه
لزمن بئيس أن نرى انتهاكات للقرآن الكريم بتمزيقه وحرقه، وأن نسمع مثلها لحرمة
الرسول صلى الله عليه وسلم وحرمة زوجاته الطاهرات، وإنها لهجمة شرسة تستهدف محو
الإسلام الذي أخذ بالانتشار في أصقاع العالم، وذلك بتشويه صورة نبيه صلى الله عليه
وسلم بالكذب والبهتان .
لقد
أقدم سلمان رشدي الإيراني البريطاني على نشر كتاب يطعن فيه بأم المؤمنين السيدة
عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرة، الفاضلة، المبرأة في القرآن
الكريم، ثم بعد سنوات قليلات قامت الدانمارك ثم النرويج برسم صور مشينة وفاضحة
للرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته الخيِّرات ونشرت الصور في سبع عشرة صحيفة، (في
2006و2008 و2009م)، ثم عرضوا شريطا "سينمائيا" فاضحا عن الرسول صلى الله
عليه وسلم وكأنهم ينفثون أحقادهم الصليبية بوسائل إعلامهم ليصدوا عن سبيل الله،
وهم بذلك يمكرون ويمكر الله والله خير
الماكرين، فقد أثار هذا حفيظة المسلمين فقاموا بمظاهرات وحرائق ومقاطعات اقتصادية
في يوم تاريخي أعلنت عنه الأردن للذود عن حمى نبينا المكرم محمد صلى الله عليه
وسلم، ونطقت ألسن الشعراء الإسلاميين شعرا انتشر في الصحف العربية والأجنبية للذود
عن رسولنا وأمهات المؤمنين، وأصدرت رابطة الأدب الإسلامي العدد الحادي والخمسين في 1427هـ/2006م وخصصته للدفاع عن الرسول صلى
الله عليه وسلم في نصوص أدبية متعددة حوت أربع عشرة دراسة ومقالة وإحدى وثلاثين
قصيدة، لتعرِّف الناس برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وكانت مواقف الشعراء تجاه
هذه القضية الجلى تبدو بين مدافع مستنكر، أو مهدد بغضب الله سبحانه أو بنقمة
المسلمين وجهادهم ضد من ينتهك حرمات دينهم، أو مطالبٍ العلماءَ والحكام بأن يأخذوا
دورهم الذي يمليه الدين عليهم بوصفهم مسؤولين عن حمايته، أو مطالب بتحكيم العقل أو
بتحكيم المنصفين من أبنائهم .
فالشاعر
محمد حبيب يستنكر هذه الهجمة المشينة وسكوت بعض الجهات الرسمية عن هذا
التصرف النكير فيقول :
من لم يذد عن رسول الله يأت غدا يوم القيامة يكسو وجهه الندم
سلمان رشدي يسب الدين في سفه زوجات أطهر خلق الله تشتتم
لم يترك الوغد شيئـــــــا من محارمكم إلا ونــــــال فأين العرب أين هم
المسلمون على شتى مشاربهـــــــم هبوا وضحــــــــوا فحيا الله
بذلـــــــــــــهم
إلا العروبة باتت في مخادعهـــــــا سكرى فلم يستعــــــــر في قلبها
ألـــــــــم
كأنمـــــــــــا الأمر لايعنيهم أبدا ياضيعـــــــــة الدين فيمن حســـــــــــه
عــــدم
حرية الــــــــرأي يا أبناء جلدتنـــــــا ليست بشتــــــــــــــم رسول الله ويحكم
أحيوا الجهاد كما أحياه إخوتكم من أرغموا الروس أن يجلوا وينهزموا
أرواحنا تفتدي نعـــــل الرسول فما سلمــــــــــان إلا عميــــــــــــل خلفه
نظم([84])
وحينما
شتم الصهاينة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومزقوا المصحف الشريف بعمل إجرامي
دعا الشاعر نفسه إلى الجهاد لرد الأقصى والاعتداءات على حرمات المسلمين فقال :
في ملصقات يهود عار أمتنا أين الحميــــــــــة والإيمـــــان ؟
ماصنعا؟
مليار
تعدادنا ماانتابنا خجل من الرسول الذي
بالحق قد صدعا
من المصاحف والأيدي تمزقها ياغــــــــــارة الله هــــــبي
مــــــــزقي مِزَعـــــــــــــا
ماذا رددنا على صهيون واأسفا ماذا فعلنا ؟ وماذا صمتنا نفعا ؟
لو القضية كانت سلب ثروتكم لما رقــــــــدتم وثـــــــــرتم علَّـــه
رجعـــــــا
فهل يهون عليكم قدر سيدكم ويعظم المال إن حبا وإن جشعا
عاث اليهود بأقصاكم وقدسكم وذي الخليل تخوض الحرب والنقعا
فآزِروهـــــــم لعل الله ينصركــــــــم أو فارقبــــــــــوا غضب الجبار قد وقعا([85])
ويقول د.
عبد العزيز صافي الجيل في غضبة وحمية ضد من أساء وشوه، وهو يهدد بغضب المولى
تعالى ويذكر بمصير كمصير عاد وثمود :
قسما بربك لن نهون ولن نقيل من اعتدى
تبــــــــا لوغــــــــدٍ قد أســـــــاء لأحمد
مُتَعمِّــــــــدا
وجميـــع من رسم الرســـــــوم المنكرات وأيدا
فمصــيرهم كمصير عاد أو ثمود يُرى غدا
ياسيــــــــد الــــسادات شعري في هــواك ترددا
لله درك مـــــــن رســـــول فرقـــــــــــد بك
يهتدى
قل للشقي أما علمت حمى الرسول محدّدا
وسل الأناجيـــــــل التي قـــــــد بشرتك بأحمدا
هل كان من أوصافـــــــــــه إرهــــــابكــــم
لـتُـندِّدا
بل أنت تهذي شأن من شرب الكحول وعربدا([86])
كما
يندد د. أكرم قنبس في دفاعه الحار عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأحقاد
الغرب، ويشير إلى قيام المظاهرات الاستنكارية ضد هذا الفعل المهين، وإلى إحراق
السفارة الدانماركية في دمشق :
شاهت وجــــــوه الكفر فهي سخام فكأنهــــــــا ليست لها أحلام
قد أفرغـــــــت بالمسلمين سمومهــــــا فتدفقــــــــت بقلوبهـــــــــــــــم
آلام
هاشت ذئاب الكفر تجلد فجرنا وتعيب من شرفت به الأقوام
عابت رســـــــول الله ليس كمثله نـــــــــدٌّ ولن يــــــــــرقى إليه
كــــــــرام
تبَّــت يــــــد رسمت ظلال محمد ودجا عليها الدهر وهي تضام
هذي جموع المسلمين تدفقت غضبا وادبر خلفها الإحجام
نفرت بوجــــــه الكفر تجدع أنفه وتقلَّــــــــدت سيفا لذاك الشام([87])
ولى (سلـــــــــول) بقضه وقضيضه وعليـــــــه ران الإثم فهو لجـــــام
ولسوف يلقى في جهنم مهلكا وله من اللهب الكريم زمام([88])
ويرد إسماعيل
مصطفى إبراهيم قول من ادعى أن لكلٍّ حرية التعبير فيما يقول، لأن في ذلك
تطاولا على حرمات الدين، ثم يدعو إلى مقاومة من يدعي هذا فيقول :
أيها المجرمون في حق ديني قادكم للردى الأكيد جنون
إن عرض الرسول غال ثمين دونه القتل والحروب الزبون
كيف صارت حرية الرأي سبا يدَّريـــــــــه المكذب الملعون([89])
أيباح الإجـرام في حق ديني وتقـــــــولون إنــــــــه
مـــوهــــــــــــــون
لا، وربي ستعلمــــــون جميعـــا أينا عن حرامــــــــــــه سيصون
وشعاري الذي أعيش عليه هو أني (أكون أو لاأكـــون)([90])
أما الشاعر محمد ضياء الدين صابوني فدعا
العلماء والحكام ليتخذوا موقفا حاسما ضد هذه الإساءة النكرة ويتحملوا المسؤولية
الملقاة على عاتقهم إذ يقول :
وياعلماء العصر هذا نبيكم فمن يَسْكُتَنْ عن شتمه فهو مجرم
وياأيها الحكام أين دفاعكم فأنتم عماد الديـــــن والأمــــر فيكم
فأين صلاح الدين يحمي رسوله يذيقهم كأس الردى وهو علقم
وإني لأرجو أن تقاطــــــع دولة طغت وبغت والمكر عشش فيهم([91])
لكن
بعض الشعراء لجأ إلى أسلوب آخر إذ دعا الغرب إلى العودة إلى تحكيم العلم والعقل
والفطرة السليمة، قال د. عائض القرني([92])
موضحا هذا :
بالروح أفديــــــــك ياعــــزًا أنال به وســـــام نصـــــــــرة خير الخلــــــــــق
كلهـــــــــــــم
ياصورة في عقـــــول الغرب فاسدة من جهلهم دفعوا الإسلام واتهموا
ياأيها الناس لبُّوا صوت فطرتكـــــم وسارعـــــــوا صوب دين الله واغتنموا
لم يعرف الكون مثل المصطفى حكَما قد عاش في ظله الأعراب والعجم([93])
أما الشاعر
محمد ياسر أمين الفتوى فقد ذكّر الغرب باعتراف المنصفين منهم بأفضلية الرسول
صلى الله عليه وسلم إذ أظهرت نتائج مسابقتين علميتين في 1974م و1987م حول أفضل
شخصية في العالم تفوُّقَ الرسول صلى الله عليه وسلم على جميع البشرية، يقول :
لم يقرؤوا أي تاريخ يثقفهم وما وعَوْا فضل أفضال وما احترموا
ولا ألــــــموا بما قالت أكابرهم مقالة الحق في إنصـــــــــاف ماعلموا
وفي اختياراتهم كنت الذي شهدوا له بأنــــــك أنت الأول العــَــلـَـــم
كنت في المئة الأخيار رأسهم وأنت أنت الأمين الصادق الفهم
(محمد)
بازغ بالنور حسب سنى في كل قلب وطرف
شفَّ يرتسم
هــــــــو الرسول المزكى في منــــــــاقبه وفي مكارمه العظمــــــــى هــــو الهرَم
بذكره تطمئــــــــن الروح مسلمــــــــة ودونــــــــه أي ذكــــر مـــــــدَّع
يجـِــــــــــم
ماضـــَّـــره ناعــــق ضالٌّ يكيـــــــد له لنـــــــا العلا ولأنــــــــف
الناعـــــــق الرغم([94])
وهذا الشاعر السوري جاك صبري شماس أحد المنصفين النصارى يشيد بشخصية
الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المناسبة المؤلمة فيقول :
ياخاتم الرسل الموشـــــــــح
بالهــــــــــدى ورسول نبــــــــــل
شامخ البنيان
ألقى عليك الوحـــــي طهر عقيدة نبــــــــوية همــــــرت بفيض معان
قوضت كهف الجهل تغدق بالمنى ونسفت شرك عبادة الأوثان
ماذا أسطـــــر في نبــــوغ (محمد) قاد السفـــــين بحكمة
وأمــــــــــــــــــان
أنا يا (محمـــــد) من سلالة يعرب أهــــــــــــواك دين محبــــــــــــة
وتفــــــان
وأذود عنـــــــك مولهــــــــــا
ومتيمــــــا حتى ولو أجـــــــــزى
بقطع لساني
أغدقت للعرب النصارى عزة ومكانـــــــــــة ترقـــــــــى لشــــــــم
معــــــــــــان
وأنــــــــرت دربا ناضـــــــرا برسالـــــة مســــــك الرسول وخـــــاتم الأديان
ولئن تغطــــــــــرس أجنبي حاقــــــــد كفقاعة الصابــــــون في الفنجان
أنا ( مسلم ) لله أمــــري في الدنا ومُفاخـِــــــــر (بالمسلم) المعـــــــوان
وإذا قرأتم للرســـــــــول تحيــــــــــة فلْتــُـــقرئــــــــوه
تحيـــــــــــــــــــــة النصــــــــــراني
الله أكبــــــر يارسول فسر بنا نحــــــــــو الشمــــــــــوخ
وقبلـــــــــــــة الإيمان
مهما مدحتك يا (رسول) فإنكم فـــــــوق المديح وفوق كل بيان
لن تفلـــــح الدنيا بكسر عقيدة والديـــــــــن يرفل بُــرْدة
القــــــــــرآن([95])
هـ - اقتداء رجال الصحوة الدعاة
بالرسول صلى الله عليه وسلم :
رأى
الشعراء الإسلاميون الفساد الذي كانت عليه الأنظمة البشرية التي نأت عن شريعة الله
سبحانه وحادت عن نهج الرسول صلى الله عليه وسلم فراحوا يدعون إلى العودة إلى
الإسلام، الذي كان عزا لنا ومجدا وحضارة ، ولاقوا في سبيل هذه الدعوة مرير العذاب
ولا يزالون، وقد صور هؤلاء الشعراء دعوتهم وما تحملوه من أجلها .
فالشاعر
د. عثمان مكانسي بين أنه خدع مدة بالشعارات البراقة التي دعا إليها
المتغربون، ثم كشف القناع وعرف الحق، يقول :
كنت مخدوعا بأفكار حوت كل غث من ركام المفسدينْ
وشعارات بـــــــــدت براقة تبعد الإنســـــــــان عن عقل ودينْ
أوهمـــــــــوه أنــــــــــه في زيفه يحمل المشعل يهدي الضائعيـــــن
ثم كانت رحمـــــة الله التي أذهبت عنه ظــــــلام المبطليــــــــــــــــن
فرأى الحق منيرا أبلجاً واضحاً كالشمس يدعو الغافلين
هاتفا بالناس أن عودوا إلى منهج النور طريق الصالحين([96])
وكانت
دعوة الحق التي دعا إليها هي كما ذكرها صالح الجيتاوي :
الله ربــــــي، والرســـــــــول إمامي لاأنتمـــــــــــــي إلا إلى
إسلامـــــــي
أنا لست أحمل شارة إلا التي أثر السجود يقيمها في هامي([97])
ويبين د.
بهجت الحديثي أن هذه الدعوة تأتسي خطا الرسول صلى الله عليه وسلم، وشريعته
العادلة التي خطها الله لعباده لإسعادهم، يقول :
وهل تصفو الحياة بغير دين وهل
غير الرسول لنا زعيم
فلا والله ماطابــــــــــــت حياة ولا عيش يطيـــــب ويستقيـــــــــم
بغيــــــر شريعة الإسلام دينا يشيّـــِد ما يعمــــــــــــــرها،
يقيــــــــــــم
ففيهــــــا تسعد الدنيـــــا وتحيا نفوس لايـــــــكـــــدرهــــــا
زنيــــــم
وفيها العدل والإنصاف فرض وفيها الظلم مندحر زميم
وهــــــل في الدين زيف أو خداع ورب العـــــــرش أنزله عليم([98])
وهؤلاء
الدعاة اتخذوا القرآن الكريم دستورهم، وجاهدوا من أجل تطبيقه، يقول الأميري
:
إن ديــــــــن الإسلام شرعا ونهجـــــــــا أكمل الله وحيــــــــــــه دستورا
وارتضـــــــــاه ولا ســــــــــــــواه
ركينـــــــــــا وقمينا أن يحكم
التدبيــــــــــــــرا
وبشرع القرآن والهدي هد ي رسول الله يمضي جاهدا مستنيرا([99])
وبهذه
الدعوة عــِــُّز المسلمين ، يقول محمد عواد([100])
:
يادعوة الإسلام إنك مجدنا وسبيلنا بالرغم من أعداك([101])
وقد
أقسم الدعاة على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم يقول محمود مفلح :
لاتحلم أبدا لاتحلم أن يحني الرأس فتى مسلم
فرسول الله يعلمــــــــنا وكتاب الله به نُقْســــــــــم([102])
وهي بيعة لله ورسوله كما يقول الأميري لإعادة
تكوين الدولة الإسلامية :
فيارب سددني وأحكم تربعي على عرش مسؤولية فجرها بدا
وحسبي أن الله حسبي وأنني على الحق بايعت النبي محمـــــــدا
لأخدم باسم الله ديني وأمتي وأدأب باسم الله حـــــرا موحـــــدا
لكي تصبح الأكوان للحق دولة أكون بها لله صرحــــــا ممردا([103])
ويتحمل
المسلم في سبيل هذه الدعوة ماتحمله الأوائل من أجلها ، وهم يستعذبون الآلام في
سبيل الله ، يقول محمد صالح([104])
:
بايعْـتُ ربـــــــــــي ياأخــــــــــي لن
أستكيــــــــــــن
مهما استغـــــــــاثت في جراحي لن ألـــــــــين
سأموت شهما دون أن أخشى العذاب
قرآننا قد عاد دستور الحياة
وشبابنا في محنة الدنيا السود
بالله والإســـــــــلام
مــــــــــاأحلـــــــــــى العذاب([105])
1ً- صفات الدعاة :
وهؤلاء
الدعاة اقتفوا نهج الرسول صلى الله عليه وسلم خلقا وتقوى، وتصف أمينة قطب([106])
في مرثية لزوجها الداعية شخصيته فإذا هو باسم الوجه، عف اللسان، صابر على الحق،
صامد في سبيله، معتز بدينه لايرضى عنه بديلا :
قلبت في صفحات عمرك علني ألقى من الأخطاء ماينسيني
إشراقة الوجه الحبيب على المدى منذ التقينا من عديد سنين
عف اللسان وعن حديث هابط تنأى وتبعد مؤثرا لسكون
حتى ارتبطت مع الصحاب مجاهدا في بيعة تمضي وصدق يقين
مابُحتَ يوما للطغــــــــــاة بلفظة ترضي الطغـــــــــاة مطأطئا لجبيـــــــن
ويصف
لنا د. يوسف القرضاوي سمو أخلاق الدعاة رجال الصحوة، فيبين أنهم يسيرون على
طريق النبوة ويؤمنون بموطن الإسلام وأمته ، وهم عدول رحماء بينهم، أشداء على من
يعاديهم :
أنا المسلم دستوري ومنهاجي كتاب الله
وقائد دربيَ الهادي محمدنا رســــــــــــول الله
وداري موطن الإسلام مادوّى نـــــــداء الله
وأهلي أمة الإسلام هم حزبي وحزب الله
أنا بالعدل والإحسان مأمـــــــور
وأمــّـــــــــار
رحيم القلب لكني على الطاغين جبـــــار
أنا نجــــمٌ ، أنـــــا رجمٌ ، أنا نورٌ ، أنا
نار([107])
ويصور محمود
كلزي([108]) تقوى
هؤلاء الدعاة فهم راكعون ساجدون مجاهدون لايخضعون لباطل :
لله في صمت الليالي راكعــــــون وساجدونْ
فإذا دعا داعي الجهاد حسيتهم أسد العرين
يغشون ساحـــــــــات الوغــــــــــــى
ويــــــــــــــــــرددون
لن نستكيــــــــــن لغيــــــــــــر رب
العـــــــالمين([109])
وهم
لايداهنون لأن الدنيا ومتاعها لايبالون بها ، يقول أحمد محمد صديق :
أيها
القاضي الذي يسمعني لو تنصف
أنا
لاأحسن تقبيل الأيادي
فلي
دربي وزادي
إنني
وجهت للرحمن عقلي وفؤادي
وترسمت
المبادي، أنا لاألبس وجها مستعارا
مسلم
أعرف ماقيمة إسلامي ... وطهري
وخيال
، كل دنياكم خيال
كل مافيها
إنني
أغنى بما عندي
أجل
أغنى .. وإن قل النوال ([110])
ولعل
الصبر على المعاناة من أهم مايميز الدعاة ، فهم يصبرون على المعاناة لأن وراءها
هدف سام يودون تحقيقه ، يقول ناجي صبحة :
سمعت هتافا جميلا يقول " أخي في الرسالة صبر جميل"
فإني وغياك نبغي الحياة وصدق الأباة صحاب الرسول
لنرضـــــي الإله ونرضي النبي وننعــــــــــم نحــــــــن بمجــــــــد
أثيل
... ...
وكان النـــــــــداء بهذا الجمال يعيش بقلبي فيحيـــــــي الأمل
ويحفزني للجهـــــــــاد الطويل ويخلــــــــع عني رداء الكســــــــــــــل
ويشعــــــــــرني أن لي أخوة ولست وحيــــــــدا بهـــــــــــــذا
العمل([111])
وقد
يعتزل الداعية ولكن لأمد ليشحذ همته ويصفي قلبه فيمضي بقوة وعزم أشد، يقول الأميري
:
قالوا اعتزلــــتَ فقلتُ عزلة رابـــــض متحفــِّـــــــز للوثبــــــــــــــة
الشماء
إني لأرجو أن أحاول صادقا في صوغ ذاتي من تقـــى ووضاء
لأكون في الجلى إذا الداعي دعا سهما يصيب مقاتل الأعداء
وأجود بالنفس الزكيــــــة في رضا ربــــــــي وأرخص في الإله دمائي
ماعزلة الأحــــــــــــرار إلا عـــــــــــزة والصبر كل الصبر في الـــــلأواء([112])
ولذلك يقول في قصيدة أخرى مصمما على مواصلة درب
الجهاد وأن عزلته ليست منهجه في حياته :
أألزم نفسي بالحيــــــاة بمعزل عن الناس ؟ ماجــــــــــــــدوى حياتي
بمعزل؟
وفي عنقي مذ كنت لله بيعة أجاهد ، وهل وحدي أجاهد؟ هيت لي
إلهي ولكــــــنْ للجهــــاد دروبه وهــــأنـــــــــذا لبيك لبيك هيِّـــــئ
وذلــِّـــــل([113])
أما
العزلة السلبية التي تدع صاحبها يتخلى عن دوره الجهادي فمرفوضة في عرف الدعاة،
يقول حسان حتحوت([114])
في ذلك :
حسبوا أن الدين عزلة راهب واستمرؤوا الأوراد والأذكارا
عجبا أراهم يؤمنون ببعضه وأرى القلوب ببعضه كفارا
والدين كان ولا يـــــزال فرائضا ونوافــــــــلا لله واستغفـــــــــارا
والدين ميدان وصمصام وفر سان تبيد الشر والأشرارا
والدين حكم باسم ربك قائما بالعدل لاجورا ولا استهتارا([115])
ولعل
أكبر سمات الداعية الأخوة الصادقة التي تجعلهم كالمهاجرين والأنصار الذين آخى
بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الأميري :
ياأخي والــــــــــود متصــــــــــــل بيننـــــــــا في الحــِـــــل
والسفـــــــــــــــر
أنت من نفسي جُذى نفسي أنت في سمعي وفي بصري
حبـــــــنا في الله أعمـــــــــق من خلجات الـــــــــود في الفِطـــــــــر
قد تحاببنـــــــــا علــــــــى عـــــــدة وادخـــــــــرنا خيــــــــــــر
مدَّخـــــــــــــر
وتجرَّدنـــــــــــا لبــــــــــــارئنــــــــــــــــــا فسَــــــمونـــــــــا عن دُنـــــــــى
البشر([116])
وهذه
الأخوة تعين على مشقات الطريق، يقول هاشم الرفاعي :
ياأخي هاك يديا
نقطع العهد الوفيا
ولنسر دربا سويا
لمروج الحـــــــــق هيــــــــــا
أنت في الآفاق طير مسلم دوما عليّا
وأنا في الكون غصن يحتويك أبديـــــا
شرعنا الإسلام يحيا في القلوب ياأخيا([117])
ويوصي د.
بهجت الحديثي بالحفاظ على هذه الأخوة ، فهي قوة وخير وصلاح ، يقول :
هي نبض إيمان وفيض مودة هي منبع للخـــــــــــير وهي
صــــــــــلاح
الله أوصى بالتآخـــــي فاعلموا أن الأخــــــــــــوة قـــــــــــــوة
وســـــــــــــــلاح
فاخفض جناحك للأخوة وارعها فهي الصلاح وللهدى مصباح
واحذر من التفـريط في أوشاجها كي لاتــــــلام ويعتريك جناح([118])
وهذه
الأخوة لاتميز بين المسلمين فكلهم على درب الإسلام سواء، يقول محمد عواد :
يادعــــــــوة الإسلام إنك مجدنا وسبيلنــــــــــا بالرغم من
أعــــــــــــداك
عم الإخــــــــاء على يديك وطالما جمعت بين العـــــــــــرب والأتراك
والشرق والغرب التقوا في منهج والسود والبيض ارتضوا برضاك([119])
وهويشقى
ليسعد الناس وينقذهم من الطغاة فيحيي القلوب بعد موات، يقول يوسف العظم :
في كفك الروح لاتبغي بها ثمنا والتافهون بجمع المال قد شغلوا
يابائع النفس في جد وتضحية وصانع المجد واللاهون قد هزلوا
كم هدَّ كفك أصناما بلا عدد وفي غد يتهاوى صاغرا هبل([120])
2ً أهداف الداعية :
ليس
للدعاة من هدف إلا الهدف الذي رمى إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو إخراج
الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار،وذلك
بالاحتكام إلى القرآن الكريم ، يقول د. عبد الرحمن العبادي :
قد طرقنا الأرض نهدي في الظلام الحائرينْ
مَن ســــــــوانا أمَّن المستضعفين
الخائفيــــــــــــنْ
إن أردتم أن تقـــــــــودوا لنواصي
الكافـــــــــرين
فاجعلوا الإسلام دستورا بأرض المسلمين([121])
وعلى
المسلم أن ينطلق في دعوته متجردا لله مخلصا له، يقول صالح آدم بيلو([122])
:
فتعرَّف يابن أمي في العقيـــــــــــــــدة
ياأخا الإسلام في الأرض المديدة
وتجـــــرَّد لانطــــــــــلاقــــــــــات
بعيـــــــــدة
ماحياة المرء من غير عقيدة ؟[123]
ويبين د.
يوسف القرضاوي أن الهدف هو استعادة الدولة الراشدية ليعم العالم الإسلام ودستور
القرآن :
قم نعد عدل الهداة الراشدين قم نصل مجد الأباة الفاتحين
شقي النـــــاس بدنيا دون دين فلْنُعِدْهــــــــا رحمــــــــــة
للعالمين
لاتقل : كيف ؟ فإنا مسلمــــــــــــــــــون
مسلمون .. مسلمون .. مسلمون
يا أخا الإسلام في كل مكان قم نفك القيد قد آن الأوان
واصعد الربوة واهتف بالأذان وارفع المصحف دستور الزمان([124])
وهذه
الدعوة لاتنحاز إلى المعسكر الغربي (اليمين) ولا إلى المعسكر الشرقي (اليسار) ،
يقول الأميري :
فلا لليسار ولا لليمـــــــــين سويا مع الله قد صـــــــــــــالها
لقد جحد البعض درب الهدى ولن ينصر الله ميالها([125])
وكتاب
الله وشريعته الأفضل لاشريعة البشر كائنة ماكانت ، يقول هاشم الرفاعي :
ليست فرنسا حين تحذو حذوها في حكمها الخالي من الحسنات
بأجـــــلَّ من نــــــــــور الإله وهديه شتان بين النــــــــــور
والظلمـــــــــــــــــــــات([126])
3ً- سبيل الداعية لتحقيق الغاية :
اتخذ
الدعاة طريقين للوصول إلى أهدافهم المنشودة ، وهما الدعوة الإصلاحية ، والطريق
الثوري، وكان الأسلوب الثاني هو الأغلب لما لقوه من عذاب مرير قبل أن يحققوا
الهدف، ولعل الظروف التي أحاطت بالشاعر الإسلامي أملت عليه الاختيار، فالمملكة
العربية السعودية كانت لاتحارب الإسلام ولذلك كان الشاعر د.عبد الرحمن العشماوي
يدعو إلى إصلاح مافسد وعدم اتخاذ القوة سبيلا لتحقيق الهدف، يقول :
أدعـــــــو لكم بصلاح الأمر في زمن سواد ظلمته يطغى على الشهب
لايجــــــــــرمَنَّكـــــــمُ شنآن مَن
فسقوا على سلوك طريق العنـــــف والشغب
للرفـــــــــــــــق والعنف أسباب وأمكنة ففكروا في مكان الفعـــــــل والسبــــــب
رسولكم قدوة فاسترشدوا وخذوا من نهجه مسلكا يحمي من العطب
في دينــنـــــــــا روح سلم لو أقيــــم لها صرح لما بلغتهـــــــــا نظــــــــــرة
السحب([127])
أما من
لقي عذاب السجون والتشريد وانتهاك الحرمات، أو قتل له أخ عزيز على أيدي المستعمر
والطغاة فإنه اتخذ سبيل الثورة للإطاحة بالظلمة والمحتل، ولذلك يقول يوسف العظم
:
دعوة للجهاد
في الربى والوهاد
بالسيوف الحداد
تسترد البلاد([128])
ولا ولاء
لحاكم لم ينفذ شرع الله، ولا لمن حارب الدعاة وفتك بالمؤمنين واستعان عليهم
بالأعداء،يقول محمد عواد:
عهود على حربنــــــــا توثـــــــــق ومــــــــــال على ضربنـــــــــــا ينفق
ولن يتركوا الشرع يرسي جذورا وينبت في الناس أو يورق
أيصلـــــــــــح أحوالَنــــــــــا
الآبــــــــقُ ويخفق في أمرها
الخالق؟!!..
ومن رام عيشا بأرض العبيـــــــــد فذلٌّ علــــى وجهه يرهِق([129])
وكذلك يدعو فهد الجباوي إلى القوة إذ لايحقق الهدف إلا بالجهاد
بالمال والنفس، يقول :
قوموا اسمعوا يامن تخلفتم فذا قرع الطبول
هذي مشاهد في سبيل الله والمجد الأثيل
حتام هذا الشح بالأموال والروح النزيـــــل
تبغون نصرا في سلاسته كرشفة سلسبيل([130])
ويقول الأميري
في المجال نفسه :
وطريق النصر ليست ظللا من ياسميــنْ
جنة الرضوان في ظل سيوف الفاتحيـــنْ
فاحشدي الطاقات واسعي بقناة لاتلين
إن في درب خطانا اليوم مليون كمين([131])
ويستعين الداعية لتحقيق هدفه بالمولى عله يعينه على أداء واجبه الجهادي،
يقول الأميري :
فجر اللهم في عزمي من نـــــــــــــورك
نـــــــــورا
واصطنعني لغد الإنسان في الآفاق صورا
فأنا للحـــــــق كالبرهـــــــــــــــــان
لايتــــــــــرك زورا
وعلى البــــــــــــاطل كالبركـــــــــــان ويلا
وثبورا
أنا جنديـــــــك فابعثــنــــــــــــي لأقتاد
الدهورا
إن دولاب الهدى في الكون دوني لن يدورا([132])
ويدعو
الشاعر محمد عواد إلى التقلل من متاع الدنيا ونبذ الكسل والانطلاق لمجاهدة
الظالمين فيقول:
أخي طال عهــــــــــدك بالمرقد وطال اصطبارك بالحــــــــاقد
فهدم فراشك رمز الخمول وقـــــــــــــم للجهاد ولا تقعــــــد
فما لمتاع الحياة خرجت ولا غير نصر الهدى مقصدي
أعاصيرنا ياظلـــــــــوم لهيـــــب وصرختنــــــــا مفـــــــــزع
المـــــــــارد([133])
وعندما
احتل الصهاينة المسجد الأقصى صرخ الشاعر صالح الجيتاوي بالمسلمين قائلا :
قم يا أخا الإسلام جرِّد مشرفَيْـــــك واليمانــي
ماعاد يقبل أن تجالــــــــد باللسان
وبالبنـــــــــــــــــان
قم تاجر المولى ببيع (الصفِّ) من آي البيان
ياقدس صبــــــــــرا للزمـــــــــان فإن
نصــــــر الله دان
ويظل محـــــــــراب النـــــــــبي مكرمـــــــا
في كل آن([134])
وقد
يعود الشاعر الإسلامي إلى الماضي ليشحذ الهمم، يقول أحمد حسن الباقوري([135])
في ذلك :
قد أثارت دعوة الإخوان فينا روح آبـــــــــاء كرام فاتحينــــــــا
أسعدوا العالم بالإسلام حينا فاستجبنا للمعالي ثائرينا
وتسابقنا إلى حمل اللواء
آن للدنيا بنا أن تطهرا نحن أسد الله لاأســـــــد الشــــــرى
قد قطعنا العهد ألا نصبرا أو نرى القرآن دستور الورى
كل شيء ماسوى الدين هباء([136])
4ً- معاناة الدعاة :
وعم
الفساد ..واصطرع الحق والباطل، والإيمان والإلحاد في الداخل والخارج ...وكانت
المعاناة والخطب الجسيم، قتلا ونفيا وتشريدا وسجنا وإقالة من أعمال وقطعا للأرزاق
.. من الأعداء والمسؤولين، ومن أدعياء الدين، بل من سلبيات وقع فيها بعض الدعاة
أحيانا ، يقول محمد عواد في الفساد الذي استشرى :
وأمسى الأنام بتيه مخيف بلا رائد فيــــــه أو مرشد
وقام الفساد على ساعديه ربيب المراقص والملحد([137])
وندد د.العشماوي
بما يتعرض له الدعاة من ظلم ومعاناة، فقال للمسؤولين الذين يسجنون ويكمِّمون
الأفواه ويقتفون نهج العدو:
أيها المقتفـــــــــي طريق الأعادي ورمـــــــــــاً قد رأيتـــــه ليس شحما
كم سجــــــــــين تركتـــــــه يتلظّــــى بسياط الجــــــــلاد لم يـــــــأت جُــــرمــــــا
كم لسان تركتــــــه كان يدعو للتآخــــــــي ويمنح النــــــاس
عِـــــلمـــــا
إن أقسى مصائب العصر أن نلـ ـمح أهل الهدى يسامون ظلما
ودعاة الضــــلال يلقون إجلا لاً ، وهم ينفثون في الناس سما([138])
وكمُّ الأفواه سبيل الطغاة لإسكات الشعوب عن باطلهم
يقول أحمد محمد الصديق في ذلك :
وتكمم الأفواه إن نطقت فلا من يفضح الطغيان أو يستنكر
من يبتغي التخريب فهو مقدم أما أخو الإصلاح فهو مؤخر([139])
ويندد د.
العشماوي بالصحف التي راحت تدعو في المملكة العربية السعودية إلى إغلاق لجنة
الإصلاح وهي تدعو إلى الفضيلة وتحارب الفساد فيقول :
ياهيئة الإرشاد وجهــُــــك مشرق والمـَـــــكرمات روائح وغواد
يامن رسمتم للصحـــــــــافة لوحـــــــة مشؤومـــــــــــــة مصبوغة بسواد
عقمت حروفكم الهزيلة إنها كالسم يسري في لسان الضاد
يالابسيــن الليل تحت ثيابكــم ياناسجيــــــن عبـــــــــــــاءة الإلحاد
يافاتحـــــــين الباب للغازي الذي رفــــع الصليب علامة استعباد
ماكنت أحسب أن ذا عقل له بصـــــــــر يضيــــــق بهيئة الإرشاد([140])
وتغرب
الكثيرون طوعا وقهرا لكثرة الفساد أو هربا من الطغيان، وقد عبر د. عبد الجبار
الزيدي([141])
عن ألمه من الغربة القاسية التي فرقته عن الأهل والأحبة فقال :
وبعت في الله دنيا لايسود بها حق ولا قادها في الحكم أبرار
أفدي بنفسي أمَّاً لايفارقها هـــمٌّ وتنهــــــــار حزنا حين
أنهـــــــــــــار
وزوجةً منحتـني كل ماملكت من صــــــادق الود تحنـــــــان وإيثار
وإخوةً جعلـوني بعد فقد أبي أبــاً لآمـــــــالهـــــــم روض
وإزهـــــــــــــار
أستودع الله صحبا كنت أذخرهم للنائبــــــــات لنا أنس وسمــــــــار([142])
ويشتكي د.محمد
نجيب المراد مما يعانيه وأسرته في الغربة من فقر، ومن حرمان من جوازات السفر،
ومن تنقل من مكان لمكان بسبب الظروف السياسية فيقول:
كُتِبتْ قسوةُ الشتات علينـــــــــــــا فسنونٌ قحط وسبعٌ شــدادُ
وبـــــــلادٌ ، ورحلة ، وجَــــــــوازٌ وجَـــــوازٌ ، ورحلــــــة ،
وبـــــــــــلاد
وضياعٌ في رحلة القَمْعِ والقمحِ وخـوفٌ مكثَّف واضطهاد
وحــــــــوار في المطارات، والليل فأبكــــــــــي ويشهــــــــــق الأولاد
أمـــــــــــة تخنق العصافيـــــــر ليلاً وتباهي بالفكـــــــر كيف يصــــــاد
أمة تحـــــــــــــرق القواميس، قُلها كيف
ينمو قاف هنا والضاد
ووداعا ياغـــوطة الشام عهدي أنني الوعــــــــد والهوى الميعاد
هجــــرتي هجرة الضعيف المعنَّى سفـــــــــكوا حبه وقالوا: فسادُ([143])
وكان تشويه صورة الدعاة سبيلا اتخذه البغاة أحيانا
ولذلك استنكر الشاعر العربي ولد المرابط هذا فقال:
أجناد دين الهدى حراس ملته من بالنزاهة والإخلاص قد عرفوا
لم يخـــــــدعوا بدعايات مزخرفة يحـــــــــــــــوكها مــــاهر في الزور
محترف
تلك الدعايات تستهوي زخارفها قوما قلوبهـــــــــــــــم من غيهم غلف
تسعى لتشويه أهل الحق جاهدة بكل لفظ بذيء شأنه السخف
لم ينقمـــــــــوا منهم إلا انتماءهم للدين إذ نام عنه الناس وانصرفوا([144])
كما
تعرض الدعاة للإقالة عن العمل وحرمان الرزق ، قال الأميري متحدثا عن
معاناته لذلك :
نزعوا السفارة من يدي فمضيت مرفوع الجبينْ
ولزمت خِدري في إبـــــاء شيمـــــــةَ الطبـــــــــع الرزين
ولقد أضيـــــــق بعزلــــــــتي والأُســـــــد تــــــــــبرم بالعرين
ويذود عن جفـــني الكرى همَـــــــــمٌ وهـــــــمٌّ ذو رنين
هــــــمُّ الثمانية الصغـــــــــا ر وبعدُ تاسعهــــــــم جنين
وهمـوم قومي فوق همي تمــــــــلأ القلــــــــب الحزيــــــــن
همَــــــمٌّ تحرِّق مهجتي الــــ ــــــــحَيْرى وتأخذ بالوتيـــــنْ([145])
وأشد من
ذلك بلا ريب السجن فهو نار تلظّى يصبها العدو على المجاهدين، ويحكي لنا ناجي
صبحة مايلقاه المسلمون من التعذيب في سجون الصهاينة فيقول :
إن لطموا عيني أو أذني وفقدتُ الناظـــــــر والمـــَـــسْمَعْ
أو كسروا ظهري أو رجلي لن أحني الرأس ولن أركــــع
عاهدت الله فلا حنَـــثٌ لو أُعْمِل في جسدي المِـــبْضَعْ
أن أبقـــــــى جنديا يقظــــاً لرسالــــــــــة ربي ، أن أَصـــــدع([146])
وإذا
كان سجن الباستيل الحربي في روسيا من أقسى ماعرفه التاريخ، فإن السجن الحربي الذي
ذاق مرارته الدعاة في مصر يفوقه عذابا وتعذيبا، يقول هاشم الرفاعي فيه :
لم يعرف الباستيلُ يوما بعدُ ما في سجنِكَ الحربي من أهوال([147])
ثم
يقول للحاكم يومذاك :
أنزلْ بهذا الشعب كل هــــــــــــوان وأعـــــــــــد عهود الــــــرقِّ
للأذهــان
أطلقْ زبانية الجحيم عليه من (بـــــــوليسك) الحربي
والأعــــــــــــــوان
أَوَكُلُّ شهمٍ لايطيق خداعكم أضحى لديكم خائن الأوطان؟
الرفق بالحيــــوان أصبح واجبـــــــــــا أفلا ننــــــــال الرفــــــــق
بالإنســـــــان؟
نيــــــــرون لو قيست بكم أفعالُه سيكون رب الخيــــر والإحسان([148])
ولم
يتوقف التعذيب عند السجن بل تعداه إلى إعدام الدعاة، وهذا هاشم الرفاعي
يرسل إلى والده من السجن ليلة تنفيذ حكم الإعدام عليه قصيدة يصف فيها مشاعره
وأشواقه إلى أهله، وثباته على مبدئه فيقول :
أبتـــــــــاه ماذا قـــــــــد يخط بناني والحَبْـــــــــلُ والجلّاد
منتظــــــــران ؟
هذا الكتـــــــاب إليك من زنزانة مقـــــــــرورة صخرية الجـــــــدران
لم تبق إلا ليلـــــــــةٌ أحيــــــــا بها وأحس أن ظـــــــــلامهــــــا أكفــــاني
هذا دمي سيسيــــــــل يجري مطفئا ماثـــــــــار في جنبيّ من نيــــــران
أهوى الحياة كريمـــــــة لاقيد،لا إرهاب، لااستخفـــــــــــاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي يغلي دم الأحــــــــرار في شرياني
إن ابنك المصفود في أغلاله قد سيق نحو الموت غـــــــــــــيرَ مُدان
وإذا سمعتَ نشيج أمي في الدجى تبكي شبابا ضاع في الرَّيْعان
فاطلب إليها الصفــــــــح عني إنني لاأبتغي منها سوى الغفــــــران
وإلى لقــــــــــــاء تحت ظل عدالـــــــــة قدسيــــــــــة الأحكام
والميــــــــــــــزان([149])
ويعدم
سيد قطب في 1966م لما في كتابه"معالم في الطريق" من توضيح لمعنى
الحاكمية لله، وتنظم أخته أمينة قطب([150])
مرثية له تبين فيها أنه ربح البيع فقد صار الشهيد في الخالدين :
أخي أنت حي برغم السنين ورغم الغياب أمام العيونْ
رسمتَ "معالم ذاك الطريق" وبينـــْتَ أطـــــــــواءه
للعيــــــــــــــــون
مضيتَ تهز نيــــــام القلوب تراخــَــوْا لعيش ذليــــــــل مهين
وما أوهنت من قواك السياط تمزق أجساد جيش أمــــينْ
وقد ربح البيع يوم الرحيل وما عطل الركب دمع العيونْ
وقد أوحش الروحَ منك الغيابُ وفقدان قلب رضيٍّ حنون
فما زال ركب الدعاة الكريم يواجه جيش الظلام المهين
لعل اجتيـــــاز العنا والبلا ء بصبر من الله للمؤمنيـــــــــــــــــــن
ينال من الله حسن القبول ويحظى بفوز مع الخالدين
ويحذر الأميري
المسلمين من هذه الحرب الشرسة على الإسلام، من الداخل والخارج، ويبين أن حكم
المسلم لاظلم فيه بل هو حضارة وعطاء، وعلينا الإعداد للجهاد كما أمر تعالى، يقول :
أيها الصحب نحن في حو مة حرب نخوض فيها السعيــــــرا
وعِدانا تغلغلوا في خلايا الجســـ ـم منا دمامـــــــلاً وبُـــثـــــــــورا
سنصيب الشفاء بالآي لا نهمل طبا ولا علاجا جديـــرا
ونوالي جهادنا الجيل إثـــــ ـــــر الجيل لاننثني أسودا صقــــــورا
سنحيل البلاد، بالفتن الهو جاء كيدت وفجرت تفجــيرا
عالما من مدارس وريـــــــــاض تثمر الخيــــــــر والجَدا معمــــــــــورا
أيها الصحب حربنا اليوم تقريـ ـر مصير للكون يرسي المصيرا
(فأعِدُّوا ) وحالفوا لله فالخصـ ـم عــــــدوٌ له، وشــــــدوا
المــــــــــــــــريرا ([151])
وعلى
الرغم من هذه الاضطهادات والآلام فإن نبرة التفاؤل بالخلاص من العدوان والظلم على
أيدي رجال الصحوة الدعاة تغلب في نظر الشعراء الإسلاميين لأن الله ينصر من
ينصره،يقول أحمد محمد الصديق :
هيا انهضوا ولْتَنْقشعْ من بيننا حجُبٌ تفرّقُ شملَنــــــــــا وتنفِّر
ومعا نسير على الطريق تحوطنا عيــــــن الإله بهديه نستنصر
هيا انهجوا نحو الأماني
نهجه إن الصباح على يديكم يسفر([152])
لكن بعض
الشعراء الإسلاميين ذكروا أن للدعاة سلبيات أخَّرت النصر، وكان بعضها يتعلق بالعمل
الدعوي والآخر سلبيات شخصية، فالأميري يذكر أن الأمور الدعوية أسندت أحيانا
إلى غير الأتقياء أو القادرين عليها، أو إلى من لايحسن التصرف، مما مكّن الحكام من
البطش وجعَل المسلمين يشرَّدون، يقول :
وأما دعاة الحق ، والحق أبلجٌ مُبيـــــــنٌ ففي دعوى وفي سبل حيرى
ووُسِّد من لايستطيـــــــع إمامـــــة ونازعــــــــــه من كان في رأيـــــــه
غِــــــــــرّا
ولو جمع الإخلاص لله صفهم لصفّـــــــاهم وازداد طهرُهـــــــــم طهرا
فمن حصَّل التدبير لم يحرز التقى وإن خاله من خاله صالحا برّا
وخاضوا وخضنا في تورط غافل بلا عُدَّة تكفي معامِعَهــــــــم قسرا
وظل عُتـــُلُّ الظلم يوقِــــــــعُ شره بأمته والناس من عَنَــــــــــــــــــت
سكرى
تبعثر رهط الخير في مشرق الدنا ومغربها ، والساح قد أصبحت قفرا
ألا فلنواجِهْ بالحقائــــــــــق أنفُساً خرجــــــــــــنا بها لله نلتمس
الأجـــــــــــــرا
شـــــــــراها وبعناهـــــــــا وأنزلَنـــا
بها ندى منه في جنَّانَ منـــــــــزلاً
صـــدْرا([153])
وهو
في أخرى يندد بمن يعد الدعوة تأليفا أو خطابة، أو يتباطأ في عمله الدعوي، أو يقبل
على مضض بواقعه، أو كان أنانيا يسعى لخيره لالخير الدعوة، والعدو يخطط ويمكر ، يقول
في ذلك واصفا الداء لعل رجال الصحوة يتلافون التقصير :
أرى المخلصين وأقلــِلْ بهم يدورون كلٌّ على محـــــــورهْ
فهذا يكبُّ على دفتـــــــره وذاك يشقشـــــق في منبـــــــــرهْ
وذياك يطوي ليالي الحياة دراكا مقيمـــــــا على ماكَرِهْ
ومن حولهم كلُّ ثعبانِ خبث وثعلبِ مكر وذئبٍ شَرِهْ
...
وذو الرأي منهم بطيء الخطا بليد المدى عزمه خائــرُ
وذو العزم جُـــــنَّ أنانيــــــــــــة وأفسده المسلـــــكُ الجائــــــــــــــر
قد اتسع الخرق، والرتق أعيا وطــــــوَّقَنا الخطــــــــــر الثائر([154])
وأصيب
بعضهم بالإحباط بعد الإخفاق ، يقول د.محمد علي الرباوي متحدثا عن هذا :
يسألني
الأصحاب
عن سر
سكوتي عن همِّ بلادي
عن
شعري الصارخ في وجه الطاغوت
أين
رمى القلب به
... ...
صرخت
مرارا
لكن
صراخي ذبلت أوراق صداه
نازلت
الأشجار مرارا
وفي كل
نزال تشنقني الأغصان
وترميني في قعر الآه
هو
يحلم بالضوء ، وفي الضوء المتأجج
تسكن
أشجار الموت([155])
وهناك
أناس من الدعاة راحوا يداهنون ليتجنبوا الشر ويصفهم الشاعر محمد حبيب في
ألم مما يقولون:
وإن ظروف العصر تبغي كياسة وتبغي انحناء للعواصف تعْصِمُ
فأمِّن وصفِّقْ حين تسمع مُرْجِفا وداهِنْ وصانِعْ فالمغـــــــــانمُ أَدْوَمُ
وإن كان من تلقاه شخصا منافقا فإنك تكفى شـــــــــرُّه وتُكَرَّم
وإن كان حق قد يضرك فابتعد ولا تلقِ نفسا بالمهالك تقصم([156])
ثم يرد
عليهم متعجبا من تخلي طالب العلم عن واجبه من أجل دنياه، وينصح بالرجوع إلى هدي
الله سبحانه ورجاء الآخرة، مذكرا بالشباب الثابتين على الحق الخادمين لشرع الله،
يقول :
أطالبَ علم يقلب الحق باطــــــــــــــــلا فيغــــــــــــويه دينـــــــــار ويغريه
درهم
لعمري حــــــــــرام أن أسمــــــــــي هكذا طُوَيْلِبَ علمٍ بالجهـــــــــالــــــة
ينعـــــم
حياتُـــــك للـــــــــــدنيا بأي
وسيلــــــــــة وزادك للأخـــــــرى
هشيـــــم مضــــــــــرَّم
عليك بدرب السالكين وعهدهم لعمري فهذا الدرب قفر ومظلم
وبارك ربي في الشباب وعــــــــزمـــــــــه ففيهم جيــــــــــوش للشريعة تَخْـدم
أما د.
عثمان مكانسي فقد ندد بمن دعا بدعوة جاهلية أثرت في النفوس الضعيفة فقسمت
الدعاة فرقتين حسب بيئاتهم فقال :
ليس منا من ينـــــــــادي ناعقا عــــــــــزوتي حمَويـــة أو حلبيةْ
أو يباهي دون فهم صارخا وجهتي مصرية أو مَقْدِسية
هذه دعوة جهل تبتغي أن يقود الناس أسرى الجاهلية
نحن قوم خصنا الله بدين أسُّه التقــــــوى ونبذُ الطائفية
ماهجرنا شرعة البغي وثر نا كي نعيش اليوم حُمّى الفِئَوية
إن رأس البغي يرجو هِـنـَةً تشرخ الصف وتُوْدي بالبقية
فالزموا الحب وداوُوا ضعفكم بالتحامٍ واهتمام بالقضية
واطرحوا الخُلْف وكونوا لحمة تعمل الفكر بفهم وروية([157])
كما
يندد بمن شغل بجمع المال وأهمل تربية الأولاد، وبخل بالمال عن أداء واجبه فقال :
ياربِّ وابتــُــلي الدعــــــــــــاة بما
ابتـُــلِــيه الأولـــــــــــونْ
من جمع مــــــال، وانشغـــــــــــــــال بالحياة
وبالبنين
ووجدت بعضهم سلا عن غرسه المرويْ سنين
لله أشكو ماأرى في البعض من شُحٍّ ضنين
حسبوا النجاة من الطغاة بغير بذل للثميـــن
ظنوا بأن الشهــــــد يـُجنى دون وخز أو طنين([158])
وهناك
من تخلى عن الفكرة وتجاهل أهلها بل آذاهم بلسانه، يقول يوسف العظم في ذلك :
قل لي بربك ماســــرُّ الجفــــــاء وما سر التنكــُـــــــر للجرّاح
والآســــــي
ماضرني ياصديقي أن تخاصمَني وتسكب المر والآلام في كاسي
إن كنت تحفــــــظ إيمانا ومكرمةً وتتقي فتنة الشيطـــــان والناس([159])
وأخيرا
فإن الدعاة يرجون من عملهم رضوان الله وتكريمه والجنة التي وعد الرحمن عباده،يقول محمد
عواد :
وما الدنيــــــــا وإن خطرت دلالا بمُعْطيةٍ لعاشقهــــــــا منالا
ومن يهجر لذائذها جهادا يجدْ في الخلد جنات ظلالا
ومن ينفق لدعوتــــــــه متاعا يزده الله مَكْرمـــــــــة ومــــــــــالا([160])
[1] - مخطوطه صوت الحق
[2] - ديوان الشيخ محمد جميل العقاد / 254
[3] - رسول التوحيد / 28، وفي السيرة النبوية 1/ 146
أن آمنة رأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام، وفي نور
اليقين /15 أن من الخوارق التي صاحبت الميلاد ارتجاج إيوان كسرى ، كما غاضت بحيرة
ساوا من بلاد فارس وخمدت نيران فارس ولم تك خمدت منذ ألف عام .
[4] - نجاوى محمدية / 265
[5] - القصيدة الإسلامية / 211
[8] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 أحمد عبد الله السالم
، رمز التسامح / 64
[9] - ديوان محمد جميل العقاد / 299
[10] - محمد الحامد ( 1910-1969م) شاعر سوري من حماة
له ديوان شعر وقصائد متناثرة في مجلة حضارة الإسلام ع3 س10:وشعراء الدعوة
الإسلامية 10/59 معجم الأدباء الإسلاميين 3/1095 والشعر في /1096
[11] - ديوان محمد جميل العقاد / 189 والملحمة حتى
199
[12] - السيرة النبوية / 166 وفيه علامات النبوة التي
رآها بحيرى ومنها خاتم النبوة بين كتفيه على ماوصف عند النصارى .
[13] - محمد بن علي السنوسي ( 1925-1987م) شاعر من
ليبيا له ديوان نفحات الجنوب ، والأزاهير : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1200
والشعر في / 1202 .
[14] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 د. عبد القدوس أبو
صالح ، إيها أبا الزهراء /80
[15] - عبد الحميد الخطيب شاعر له ديوان سيرة ولد آدم
( تائية الخطيب) وهي قصيدة من 2300بيت، قدمت لمؤتمر السيرة والسنة النبوية في قطر : دواوين
الشعر الإسلامي / 119 والشعر في 121
[16] - القصيدة الإسلامية / 344-345
[17] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 ، محمد سعد الدبل (
من السعودية )، غضبة في الحق / 92
[18] - رسول التوحيد / 11
[19] - هاشم محمد جامع الرفاعي شاعر مصري من محافظة
الشرقية له ديوان حققه محمد حسن بريغش: معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1445
[20] - ديوان هاشم الرفاعي / 304
[21] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 ، نايف رشدان العتيق
( سعودي ) ،ياليتني صاليت فرية ظالم /103
[23] - خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع
الخزاعية عذبته بوضعه على الفحم الملتهب وبوضع جمر عليه ، وزنيرة والنهدية ابنتها
وأم عبيس إماء أسلمن فعذبن فابتاع أبو بكر الجواري ، وعاصم قتله المشركون يوم
الرجيع غدرا فبعث الله سبحانه دبرا حمت جثته وكان عاهد الله ألا يمس مشركا ولا
يمسه مشرك : الرحيق المختوم / 79 و265-266
[24] - ديوان جراحات / 77-78
[25] - ديوان ياإلهي / 29
[26] - د. عبد العزيز صافي الجيل من مدينة الحامة
بتونس له ديوان نبضات قلب شاعر ، وأوراق حب لم تذبل : الموقع الإلكتروني .
[27] - مجلة العربية الصادرة عن جمعية حماية اللغة
العربية في الشارقة بالإمارات ع4 س1 أبريل 2006م، عبد العزيز صافي الجيل ، نحن
فداك يارسول الله .وينظر لمعجزة الضب في نور اليقين / 352
[28] - مجلة الأدب الإسلامي ع66 1431هـ 2010م ، هاشم
حمدي حسانين/ 77 ومعجزة تسليم الشجر والحجر عليه في السيرة النبوية / 216-217
[30] - ديوان هاشم الرفاعي / 331
[31] - ديوان محمد جميل العقاد / 146، وينظر لمعجزة
الإسراء والمعراج في كتاب فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة /
108
[32] - عبد الله عيسى السلامة شاعر من حلب بسوريا
(ولد 1944م) له مجموعات شعرية وقصص : معجم الأدباء الإسلاميين 2/782 ومن الشعر
الإسلامي الحديث /272 والشعر في 278
[34] - مجلة الوعي الإسلامي الصادرة عن وزارة الأوقاف
والشؤون الإسلامية بالكويت ، ع121 س11 محرم 1395هـ 1975م ، محمد محمود الماحي ،
هجرة المصطفى / 68
[35] - مخطوطه صوت الحق
[37] - عبد اللطيف الجوهري ( ولد 1955م شاعر من طنطا
أسس أول ناد للأدب وله جهود أدبية كبيرة في مصر والسعودية والبحرين : معجم الأدباء
الإسلاميين 2/ 812 والشعر في 815
[38] - نجاوى محمدية / 165 ، وملحمة النصر / 40
[39] - مجلة الأدب الإسلامي ع71 شعبان-شوال 1432 تموز
–إيلول2011م عبد الناصر عبد المولى أحمد
( من مصر )،هجرة المختار/59
[40] - مجلة منار الإسلام ع1 س22 محرم 1417هـ 1996م ،
عبد الحميد فارس ، ياغار / 29
[43] - ديوان محمد جميل العقاد / 289
[44] - القصيدة الإسلامية / 385
[45] - ديوان محمد جميل العقاد / 273 ، ومثلها في
ديوان هاشم الرفاعي / 328
[46] - مجلة الأدب الإسلامي ع61 1430هـ 2009م محمد
ياسر أمين الفتوى ، خاتم الأنبياء / 29
[47] - القصيدة الإسلامية / 385
[49] - مجلة الأدب الإسلامي م1 ع4 ، د. غازي مختار
طليمات ، اللواء الأول أو سريتا عبيدة وحمزة / 82 ، وينظر للسريتين في السيرة
النبوية / 171 و174
[51] - مجلة الأدب الإسلامي م5 ع19 س1419هـ 1998م ،
عبد الغني أحمد ناجي ، يوم بدر / 52
[53] - مجلة الأدب الإسلامي ع 51 ، س 1427هـ 2006م
إيها أبا الزهراء ، د. عبد القدوس أبو صالح / 80
[55] - مجلة الأدب الإسلامي ع 51 س 1427هـ 2006م د.
صابر عبد الدايم ، أين الطريق إليك / 76
[56] - محمود كلزي شاعر من أعزاز بسوريا له ديوان
رحلة في جزر الفيروز، ومن ذاكرة الوطن : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1316
[57] - مجلة الأدب الإسلامي ع 51 ، س 1427هـ 2006م
محمود محمد كلزي ، هذا النبي محمد / 98
[59] - القصيدة الإسلامية / 345
[62] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 س 1427هـ 2006م د.
عبد القدوس أبو صالح ، إيها ابا الزهراء /80
[63] - د. إبراهيم الكوفجي من إربد بالأردن ولد 1967
له ديوان القرآن والبندقية ، وأغنيات للإسلام : معجم الأدباء الإسلاميين 1/49
[64] - معجم الأدباء الإسلاميين 1/50
[65] - ديوان جراحات / 78
[66] - د. رشيد عبد الرحمن العبيدي شاعر من بغداد
بالعراق له مؤلفات كثيرة منها معجم مصطلحات العروض والقوافي : القصيدة الإسلامية /
221 والشعر في 233، ومثلها لأحمد مظهر في دواوين الشعر الإسلامي المعاصر / 64
[68] - نجاوى محمدية / 65، وفي كتابه " في رحاب
القرآن ، أم الكتاب " / 17 جاء الشطر الأخير ( وعشت بروحي تلك العهود)،
ومثلها في نجاوى محمدية / 129و136 و239
[69] - عزيز أباظة شاعر مصري له ديوان من إشراقات
السيرة النبوية : دواوين الشعر الإسلامي / 143 والشعر في الصفحة نفسها
[70] - مجلة الأدب الإسلامي ع 51 1427هـ 2006م ، محمد
ضياء الدين الصابوني ، بحب رسول الله / 97
[71] - ديوان
إشراق / 141
[72] - علية الجعار (1935-2003م) شاعرة من مصر لها
ديوان ابنة الإسلام ومهاجرون بلا أنصار : شاعرات معاصرات / 5
[73] - مجلة الأدب الإسلامي ع5 س2 في 1415هـ 1995م ،
علية الجعار ، مكة المكرمة / 35
[74] - من الشعر الإسلامي الحديث / 44
[75] - د. محمد إياد صلاح الدين العكاوي شاعر من دمشق
ولد 1957 له ديوان صدى الأعماق : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1067
[76] - مجلة الأدب الإسلامي م9 ع36 س1424هـ 2003م ،
د. محمد العكاوي ، أشواق إلى طيبة / 63
[77]- مجلة الأدب الإسلامي ع 69 س 1432هـ 2011م د.
محمد حسن الأمراني ، في البيت العتيق / 25
[78] - محمد الحسيني (1913-1992م9 شاعر من منبج
بسوريا له شعر نبوي وفي القضية الفلسطينية : معجم الأدباء الإسلاميين 3/1113
والشعر في 1115
[80] - نفسه / 351
[81] - نجاوى محمدية / 266 ومثلها في / 321
[84] - من مخطوطه صوت الحق بعنوان " مَن مَع الرسول
؟ "
[85] - نفسه بعنوان ياغارة الله
[86] -
مجلة العربية الصادرة عن جمعية حماية اللغة العربية بالشارقة ع4 أبريل 2006م عبد
العزيز صافي الجبل ، نحن فداك / 46
[87] - يشير إلى هجوم الشعب السوري على السفارة
الدانمركية في دمشق ومحاولة إحراقها احتجاجا على الرسوم المسيئة
[88] - رسول التوحيد / 16
[89] - نشرت صحيفة بلاتد بوسطن لبرسوم ولما قاضاها
المسلمون في المحاكم ادعى المدعي العام الدانمركي أن هذا العمل لايدخل تحت طائلة
القانون الذي يحرم انتهاك حرمة الأديان .
[90] - مجلة الأدب الإسلامي ع 51 ، س 1427هـ
2006م إسماعيل مصطفى إبراهيم ، كل غال فدا الرسول يهون / 16
[91] - نفسه ، محمد ضياء الدين صابوني ، بحب رسول
الله /97
[92] - د. عائض القرني شاعر سعودي ولد بالقرن
1379هـ/1960م له ديوان لحن الخلود وهدايا وتحايا ونفحات من الجنوب(موقعه
الإلكتروني)
[93] - مجلة الأدب الإسلامي ع51 1427هـ 2006م د. عائض
القرني ، بالروح أفديك .
[95] - ألقى الشاعر قصيدته هذه في بيت الشعر
بالشارقة، وهي في موقع منتديات واتا الحضارية بتاريخ 5/12/2009م
[97] - شعراء الدعوة الإسلامية 10/ 65
[99] - أذان القرآن / 144
[100] - الشهيد محمد عواد ( 1943-1965) شاعر من محافظة
الشرقية بمصر توفي في السجن : معجم الأدباء الإسلاميين 3/1213 وشعراء الدعوة
الإسلامية 10/ 31
[102] - أناشيد الدعوة 3/18
[106] - أمينة قطب شاعرة من مصر عقدت على زوجها كمال
السنانيري وهو في السجن وتزوجته ثم سجن وأعدم، لها ديوان رسائل إلى الشهيد : شاعرات
معاصرات / 11، والشعر في نفسه / 30
[108] - محمود محمد كلزي شاعر من حلب بسوريا ولد 1936 له ديوان رحلة
في جزر الفيروز، ومن ذاكرة الوطن: معجم الأدباء الإسلاميين 3/1316
[109] - أناشيد الدعوة الإسلامية 2/17
[110] - قادمون مع الفجر / 46
[111] -جراحات / 37
[112] - مع الله / 172 ومثلها في ألوان طيف / 113 و117
[115] - شعراء الدعوة الإسلامية 2/ 27-28
[116] - ديوان إشراق / 268
[117] - ديوان هاشم الرفاعي /
[118] - تراتيل في محراب الوطن / 91
[119] - شعراء الدعوة الإسلامية 10 / 40
[120] - في رحاب الأقصى / 38
[121] - من الشعر الإسلامي الحديث / 93
[122] - صالح آدم بيلو ( ولد 1933م) في مدينة النهود
بالسودان له ديوان باسم الزيتون ومجموعة قصصية : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 597
[123] - من الشعر الإسلامي الحديث / 93
[124] - أناشيد الدعوة الإسلامية 1/ 26
[125] - أذان القرآن / 166
[126] - ديوان هاشم الرفاعي / 344
[127] - ديوان
مشاهد من يوم القيامة / 24
[128] - أناشيد الدعوة الإسلامية 1/74
[132] - ديوان أشواق وإشراق / 26 ، والزحف المقدس / 37
[134] - نفسه 10 / 86
[135] - أحمد حسن الباقوري شاعر من أسيوط
بمصر(1907-1985م) شعره في جريدة الإخوان المسلمين :معجم الأدباء الإسلاميين 1/96
[139] - قادمون مع الفجر / 53
[140] - ديوان عندما يئن العفاف / 8
[141] - د. عبد الجبار الزيدي شاعر من حلب (ولد 1949م)
له ديوان مخطوط باسم بين غصن وكثيب وقمر : رسالة من الشاعر .
[142] - من رسالة من الشاعر في 2009م
[143] - من القناة الفضائية " المستقلة" في
لندن، في 28/4/2010م ، ومثلها للأميري في نجاوى محمدية / 285
[144] - مجلة الإصلاح الثقافي في دبي بالإمارات ع 314
من 17-23/11/1994م ، العربي ولد المرابط،أين المنارة/50
[145] -ألوان طيف /117
[147] - ديوان هاشم الرفاعي / 395
[148] - ديوان هاشم الرفاعي / 396
[151] - أذان القرآن / 50-51
[152] - قادمون مع الفجر / 51
[153] - نجاوى محمدية / 287
[154] - مع الله / 111
[155] - ديوان دم كذب / 59
[156] - من مخطوطه صوت الحق
[157] - نبضات قلب / 61
[159] - في رحاب الأقصى / 231
[160] - شعراء الدعوة الإسلامية 10 / 38
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق