يتصف الإباضيون بتمسُّكُهم الشديد
بالدين، وبأداء فروضه، وتجنب منهياته إلى حد يثير الإعجاب ويدعو للاعتبار، وبُغضهم
المفرط لأصحاب الظلم والفساد، وبفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يُحققوا لأنفسهم
عزًّا دينيا ومجدًا سياسيا، خلَّدَ ذكرهما التاريخ.
والواقع أن الاعتدال هو السمة الواضحة
لعقائد الإباضية، إذ إنهم يحرِّمون دماء المسلمين وسَبيَ ذَراريهم وغنيمةَ
أموالهم، كما أنهم اعتبروا دُور مخالِفيهم دارَ توحيد إلاَّ معسكر السلطان فإنه
دار بَغي، وأجازوا مناكحتهم وموارثتهم وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند
الحرب، وحرَّموا قتلهم وسبيَهم في السرِّ غيلةً إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة.
وقالوا في مرتكبي الكبائر إنهم موحِّدون، وإن كفروا، كفر النعمة لا كفر الملة.