قد يظن بعض الدارسين أن العلاقة بين الشعراء
والنقاد على طرفي نقيض ، لأن الأواخر يوجهون سهامهم إلى الأوائل فيضيق صدر هؤلاء
ويتهمون النقاد بأنهم يتحاملون ، ويرد الأواخر مبينين أن ( ابن جني أعلم بشعري مني
) لأن الأوائل يلقون ما يقولون في سلة التاريخ ، والنقاد يبدون آراءهم فيما يقولون
سلبا كان أم إيجابا .
والحقيقة هي أن بعض الشعراء كان لهم ذوق نقدي
رهيف ، ورأي في الأدب شكله ومضمونه ، وفي دوره في الحياة لا يقل أحيانا عن دور
النقاد ، وإن كانت طريقة عرضهم تختلف باختلاف الفن الناقل والمنهج المتبع في العرض
، فالشاعر يوحي ، والناقد يدلي ببراهينه ، والشاعر يمر مرور العجِل أوسحابةِ الصيف
، والناقد يحمل في جعبته براهين البحث
العلمي الموْضِحة .