الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2016-02-09

لماذا يعيش الشيعة في خوف؟! - بقلم: محمد عادل فارس

في عدد واحد من النشرة الالكترونية: قضايا عراقية، التي تصدر عن "مركز الأمة للدراسات المستقبلية"، وهو العدد رقم 187 تاريخ 16/11/2014م نقرأ مقالين يتحدثان عن موضوعين يتصل أحدهما بالآخر.
أولهما للكاتب حازم الأمين (كاتب علماني من أسرة لبنانية شيعية عريقة)، تحت عنوان: "الضحية متجولة في إقليمنا بين موقعيها السنّي والشيعي".
والثاني تحت عنوان: "الشيعة يعيشون في خوف مع تصاعد موجة الكراهية ضدهم في العالم". وهو منقول عن صحيفة القدس العربي اللندنية في 15 من تشرين الثاني 2014م.
يلمس المقالان قضية جرائم تقع على بعض الشيعة بالفعل، وجرائم تشكل هاجساً لعامة الشيعة، لاحتمال وقوعها ووجود تهديدات بشأنها.

ولعل من البداهة أن نستنكر أي جريمة تقع على أي فرد أو طائفة أو مذهب أو جماعة... لكن الأمر لا يجوز أن يقف على حدود الاستنكار، إنما يستوجب الانتقال إلى سؤال: لماذا؟.
وفي الإجابة على هذا السؤال لا جدوى من نبش الماضي منذ عهد الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، مروراً بالدولة الإسلامية الأموية ثم العباسية ثم العثمانية ودولة إسماعيل الصفوي... فلكل حادث ملابساته التي يصعب الاتفاق عليها وصَوْغ نظرية تاريخية تَنْظِمها. إنما نعلم أنه منذ مئة سنة في الأقل، عاش الشيعة بجوار دول مسلمة سُنّيّة، بل في داخل تلك الدول، من غير أن ينغّص حياتهم شيء. وكان علماؤنا، حين نسألهم عن الشيعة، يجيبون إجابات مختصرة، لكنها مُطَمْئِنة. وفي أقل تقدير، لا تحمل إجاباتهم أي لهجة تحريضية. كانوا يقولون: هناك اختلافات اجتهادية في بعض المسائل. لكنهم مسلمون. وبناء على ذلك كنا نتعامل معهم: جِواراً في القرى والمدن، وزمالة في المدارس والجامعات، وبيعاً وشراءً في الأسواق، بل تزاوجاً ومصاهرة...
ولما قام الخميني "بثورته" سنة 1979م احتفى بها كثير من المسلمين (السُنّة)، واستبشروا بها نصراً للإسلام، وغضّوا الطرف عن التحالف الذي بدا بينها وبين نظام حافظ أسد الذي يمارس أشدّ أنواع التمييز الطائفيّ، ويسجن المسلمين ويقتلهم، ويدمّر عليهم مُدنهم وقراهم.
ولا يمنع هذا أن عدداً من علماء المسلمين أدرك الخطر مبكراً، وحذّر من الضلالات التي يحملها أصحاب المشروع الصفوي، ومن العواقب الوخيمة التي ستنشأ عن تمكّنهم وتسلطهم.
وحين نشبت الحرب العراقية الإيرانية، وامتدت ثماني سنوات، وقف كثير من مسلمي العالم مؤيدين لإيران ضد حكم صدام حسين البعثي العلماني، وتغاضَوا كذلك عن تحالف إيران مع حزب البعث العلماني في سورية.
فما الذي تغيّر؟!.
لقد لمس عامة الناس، فضلاً عن النخبة من العلماء والسياسيين والمفكرين، أن إيران تتبنّى مشروعاً (فارسياً - شيعياً) تريد بموجبه أن تبسط النفوذ الفارسي وتعيد أمجاد دولة فارس التي فتحها المسلمون أيام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن تنشر المذهب الشيعي (الإمامي الاثناعشري) في صفوف الشعوب المسلمة المجاورة وغير المجاورة.
بل كشف بعض المفكرين ما سمي بالخطة الخمسينية التي وضعها "حكماء صفيون" من أجل بسط النفوذ الشيعي على ثقافة الشعوب المسلمة وعلى سياستها واقتصادها.
وإذا كان هناك من يشكك بوجود الخطة، من أصلها، فإن وقائع الأرض تدل على تنفيذ لهذه الخطة.
وكمعظم الأخطار، يبدأ الأمر بسيطاً لا يكاد يحسّ به إلا قلة من الناس، ثم ينمو، ثم يتفاقم. وكمعظم الأخطار كذلك، يكون له مضاعفات تصعب السيطرة عليها.
كان أهل اليمن يتعاملون مع الزيديين من منطلق الأخوّة الكاملة، ولا تكاد تسمع منهم كلمة شافعي وزيدي، ولم نكن نسمع بمشكلات بين شيعة السعودية والبحرين وغيرهما، وبين البحر السنّي الذي يعيشون فيه، وكانت القرى الشيعية في سورية تتعايش بوئام مع الوسط الإسلامي العام، ويتعايش معها... مع أن الشيعة في سورية أقلية ضئيلة.
وحين نشبت حرب الجنوب اللبناني مع إسرائيل في تموز سنة 2006م تفاعل المسلمون في سورية ومصر وغيرهما... مع "انتصارات حزب الله الشيعي". وإن شكّك كثير من المحللين السياسيين، من مختلف الأديان والطوائف، بحسن نصر الله وبحزبه وانتصاراته، وعدّوا تلك الحرب قد سُوّقت لمصالح إيران.
ثم كانت ثورات الربيع العربي والثورة الكاشفة الفاضحة في سورية، حيث برز للعيان ذلك التعصّب الشيعي الذي جمّع شيعة إيران إلى شيعة العراق وشيعة لبنان، بل شيعة باكستان وطاجاكستان وغيرها، ليقف هؤلاء، ليس بقلوبهم فحسب، بل بمستشاريهم ومقاتليهم وأموالهم، مع القاتل بشار أسد.
وبحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب في دمشق، وجدنا شيعة من مختلف الجنسيات "يجاهدون" في شمال سورية، ويُقتَل بعضهم، ويقع بعضهم أسارى بيد الثوار. وإن بعض القرى الشيعية في سورية كنُبُّل والزهراء والفوعة... أصبحت ثكنات لتجنيد شراذم الشبيحة الذين يناضلون دفاعاً عن بشار وعصابته.
ووجد المسلمون المجاورون لتلك القرى أنهم كانوا على غاية السذاجة وهو يَحْسَبون جيرانهم الشيعة إخواناً لهم وأحباباً. (قد بدت البغضاء من أفواههم. وما تُخفي صدوروهم أكبر).
وشعر الشيعة في اليمن والبحرين والسعودية... أنْ قد آن الأوان لإثارة القلاقل في بلادهم حتى تتشتت جهود المسلمين الذين يؤازرون إخوانهم أبناء الشعب السوري الذي يتعرض لبطش أسد وجرائمه وحربه الكيماوية وبراميله المتفجرة.
وحزب الله عدّ معركته في سورية معركة وجود، مما استفزّ عامة الشعب السوري، لا سيما وأن السوريين احتضنوا أبناء حزب الله وأنصاره بعد حرب تموز، فلماذا يريد نصر الله أن ينتقم من الشعب السوري.
وصدرت كلمات ووثائق وخُطَب وفيديوهات لعدد من رموز الشيعة تُعرب عن أحقاد وخطط ومؤامرات... يريدون بها أن يستحوذوا على بلاد المسلمين وثرواتهم النفطية وممراتهم الدولية...
وهذه النماذج التي ذكرتها آنفاً عما ارتكبه كثير من الشيعة، إنما هي غيض من فيض، فهل يُسْتغرَب بعدها أن تنبعث مشاعر النقمة في صدور كثير من المسلمين، وأن يعبّر كل منهم عن مشاعره بطريقته، سواء كانت طريقة مشروعة أو غير مشروعة؟!.
لقد أوغل كبراء الشيعة في الجريمة، وهتكوا الأستار التي كانوا يختبئون وراءها، وعرّضوا بذلك عامة أبناء مذهبهم لانتقام، ظهر بعضه إلى العلن، وما يزال بعضه كامناً في النفوس، وهو ما جعل كثيراً منهم يعيشون في خوف.
وإذا عرفنا لماذا يعيشون في هذا الخوف، فعلينا أن نطرح سؤالاً: ما المخرج؟.
المخرج واضح جليّ، وهو أن يقوم العقلاء منهم والمعتدلون والحكماء فيرشِّدوا قومهم، ويأخذوا على أيدي سفهائهم وجُهّالهم ومتطرفيهم، ويعلموا أن مركبهم إنما يخوض في بحر لُجّيّ كبير من المسلمين، وأن التعايش وليس التحارب، هو النجاة، بل هو السعادة للفرقاء جميعاً.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق