الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2016-02-08

الأمة العربية ضحية التاريخ والجغرافيا – بقلم: د. أحمد محمد كنعان

المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي ( ١٨٨٩- ١٩٧٥) في موسوعته القيمة" دراسة مختصرة للتاريخ" يؤكد على دور البيئة أو الجغرافيا وكذلك دور التاريخ في نشوء الحضارة، فإذا توافر لمجتمع ما بيئة جغرافية مواتية، وتاريخ حي يشكل للمجتمع دافعاً حيوياً ملهماً للتطور والتغيير، عندئذ يكون المجتمع قد حاز الشروط اللازمة للانطلاق ببناء حضارته ، وهذا ما توافر للأمة العربية قبل أربعة عشر قرن من الزمان، إذ مكّن الله عز وجل لها جغرافيا فريدة تحتل مركز العالم ،تتوافر لها المياه الدافئة والثروات العظيمة، وهيأ لها تراثاً فريداً قام على أعظم رسالة سماوية ملهِمة، وهذا ما مكن الأمة أن تشيد أعظم حضارة عرفها التاريخ، وأن تقود البشرية لقرون طويلة !

وقد أدرك أعداء الأمة هذه الحقائق وعرفوا مواطن قوة الأمة فخططوا لضربها وإزاحتها عن القيادة وجعلها تابعة بعد ان كانت هي القائدة، وربما بدأت هذه المؤامرة فعلياً في مطلع القرن العشرين بما عرف باسم "وثيقة كامبل" التي أعدت على نار هادئة في المطبخ البريطاني بين عامي( ١٩٠٥ - ١٩٠٧ ) بتوجيه من رئيس الوزراء البريطاني حينذاك "هنري كامبل بنرمان" الذي حملت الوثيقة اسمه، وشارك فيها خبراء استراتيجيون من ٧ دول أوروبية استعمارية على رأسها بريطانيا، وأبرز ما جاء في الوثيقة فيما يتعلق بالوطن العربي : " إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار، لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب، وهو الممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم ، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات"
والإشكالية في هذا البحر كما جاء في الوثيقة:  أنه "يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان" ولهذا اتفق المؤتمرون على ضرورة  "إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة " لكي تظل تحت السيطرة !!!
وهكذا وضع المؤتمرون- أو المتآمرون - أيديهم على مواطن قوة الأمة، وفي مقدمتها: الجغرافيا والتاريخ والدين، فاجتهدوا بضربها في المقتل ... فكيف كان ذلك ؟
من الناحية الجغرافية، بعد أن كانت الأمة العربية تشكل دولة واحدة تحت سقف " الخلافة" مزقوها إلى دول وإمارات متنازعة، أما تراث الأمة وتاريخها فقد عملوا على شيطنته بزعمهم أنه يقوم على دين إرهابي يتناقض مع حقوق الإنسان، ويخالف روح الحضارة !!
فهل آن للأمة أن تدرك مواطن قوتها التي سلبها الآخرون، فتعيد وحدتها تحت علم واحد، وتقدم دينها للعالم في صورته النقية التي جاء بها أول مرة ؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق