الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2016-11-21

الحرب العالمية على سورية أرضا وشعبا – بقلم: د. عبد القادر فتاحي

بسم الله الرحمن الرحيم
مع دخول ثورة شعبنا السوري العظيم عامها السادس، وسط أنواء عاصفة تنوء بحملها الجبال الراسخات، فما بالنا بشعب مسكين مصابر تكالبت عليه قوى الشر في الأرض من شرق وغرب، وحتى من داخل نسيجه الوطني، فمزقت أوصاله ودمرت بنيانه وشردت أبنائه ويتمت أطفاله ورملت نسائه، وأشاعت الخراب والدمار في الإنسان والحيوان وحتى الحجر والشجر..... ومع ذلك لم يستسلم هذا الشعب العظيم أو يستكين، فثورة شعبنا مستمرة وأمله بموعود الله كبير.... رغم أن هذا الظلم والبطش قد أدى إلى استشهاد نصف مليون سوري وتشريد 10 مليون إنسان داخلا وخارجا عدا الجرحى والمفقودين والمعوقين والأسرى، مع الدمار الكبير الذي أصاب مدننا العامرة التي أصبح بعضها أطلالا ينعق فيها البوم والغربان....

أصبح شعبنا وثورتنا في مواجهة مباشرة مع القوى العظمى التي تدعم نظام الأسد، ولم تعد مع النظام الذي انهار منذ زمن طويل.... ويمكننا أن نتلمس من الأحداث الميدانية العسكرية لسنة 2016 الملامح الكبيرة للمؤمرة التي يحبك نسيجها التحالف الصليبي اليهودي الشيعي لأرض الشام والتي يمكن تلخيصها بالنقاط الرئيسية التالية:
التغيير الديموغرافي القسري لمناطق السنة لمصلحة القوى الشيعية والأقليات المختلفة في الداخل السوري، بتنفيذ نصيري شيعي روسي وبمباركة غربية أمريكية عالمية، والهدف  تحطيم قوة السنة في هذا البلد الحيوي والمهم لأهل الإسلام على تخوم إسرائيل(فلسطين) و يبدو هذا واضحا في الأحداث التالية:
حصار وتجويع مناطق السنة تمهيدا لإخراج أهلها منها ودفعهم إلى الاستسلام كما حدث في 26/8 والحدث الأبرز فيه هو تهجير و ترحيل أهل داريا من مدينتهم بعد حصار بدأ ب8 نوفمبر 2012 و صمود أسطوري استمر أربع سنوات. و قد بلغ عدد سكانها في بداية الثورة أكثر من 80 ألف لينخفض الى 8000 عند ترحيل أهلها نتيجة القصف العنيف بأكثر من 6500 برميل و تدمير نحو 80% من المدينة .كما قتل أكثر من 10000 من عناصر النظام معظمهم من الفرقة الرابعة على أسوارها.
31/8 بعد نجاح النظام في تهجير أهالي داريا و إفراغها من سكانها انتقل سريعا لتطبيق نفس السيناريو في معضمية الشام...
ونفس السيناريو ينطبق على حي الوعر حيث شن النظام عددا كبيرا من الغارات على الحي لإول مرة منذ سنتين بينها غارات بقنابل النابالم،  ويسعى النظام الى الإستفادة من ترحيل أهل داريا لفرض اتفاق شبيه على حي الوعر حيث سلم النظام وفد حي الوعر بنود الإتفاق المطلوب تنفيذه و يتكون من 11 بندا و أهمها خروج 1100مقاتل مع عائلاتهم من حي الوعر أي 1100 عائلة من أصل 15000 عائلة تقطن الحي........
حصار حلب: وهي المعركة الكبرى التي يسعى النظام وحلفاؤه فيها إلى السيطرة على حلب المحررة وتدميرها وإجبارها على الاستسلام وإخراج المقاتلين وأهلها منها، وقد انتهت معارك الكاستيلو (من 1/4 الى 27/7/2016) بحصار حلب لتبدأ بعدها  معركة فك الحصار عن حلب "ابراهيم اليوسف "  (من 31/7 الى  6/8/2016)
وقد تمكن المجاهدون خلال سبعة أيام من فك الحصار الذي لم يدم طويلا حيث استطاع النظام في 5/9 السيطرة  على الكليات و حي الراموسة ليعود الطريق للإنقطاع من جديد. ويخرج بعدها الروس والأمريكان لينادوا بهدنة لإدخال المساعدات ويطالبوا بإخراج المقاومة المسلحة من مدينة حلب وجعلها منطقة منزوعة السلاح...!!... إن هذا النظام المجرم المدعوم إيرانيا وروسيا وعالميا لايتورع عن أي شيء لتحقيق أهدافه الدنئية القذرة وما فعله منذ أيام قليلة بضرب قافلة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والذاهبة إلى حلب خير دليل على ذلك، وسط ردود باهتة لاتردع ولا توقف هذا النظام المجرم....
تثبيت النظام وتقوية مكانة بشار الأسد من خلال منع أي إدانة له أو لنظامه، مع تلميعه كحليف ضد الإرهاب وتوسيع دائرة نفوذه عبر هزيمة المعارضة واسترجاع بعض الأراضي التي كانت تسيطر عليها وتقليص دائرة نفوذها على طريقة إسلوب القضم المتدرج وسياسة دبيب النمل، مع استعمال كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة مهما كان الثمن غاليا بشريا وماديا لهم لتحقيق هذا المطلب والمؤشرات كثيرة:
معارك الساحل: شن النظام معارك عنيفة على جبال الساحل السوري من بداية ت2/2015 استخدم فيه سياسة الأرض المحروقة مدعوما بقوة نارية هائلة من الروس جوا وبحرا وأرضا، وبعد ثلاثة أشهر من الدمار لكل شيء من مظاهر الحياة المدنية وتهجير السكان استطاع السيطرة على 80% من جبال الأكراد والتركمان، وأبعد المعارضة المسلحة عن مناطق الطائفة النصيرية في الساحل، ورعم المحاولات المتكررة لاسترجاع جبال الساحل(معركة اليرموك) والنجاحات الأولية فإن مناطق الساحل لازالت تحت سيطرة النظام.....
ريف دمشق: استطاع النظام التقدم و السيطرة على أجزاء واسعة من الغوطة مستغلا الإقتتال الحاصل بين فصائلها، وعلى الرغم من أن الثوار فتحوا أكثر من معركة لإعادة التوازن(معارك ذات الرقاع شهر 8 – معركة ولا تحزنوا...) وحصلوا فيها بعض المكاسب إلا أنها لم تغير من موازين القوى التي تميل لصالح النظام.....
أما في ريف حلب الشمالي(1-2/2016)
فقد استطاعت قوات النظام فك الحصار عن نبل و الزهراء و حصار الريف الشمالي لحلب بعد هجوم عنيف وتواطؤ من الأكراد....
                                                                                               
إبقاء المعارك في أراضي السنة والتدمير الممنهج لها ومحاولة إنهاء كل مظاهر الحياة المدنية منها:
الغارات والقصف المتكرر لكل المناطق سواء على خطوط الجبهة أو المناطق البعيدة عنها في إدلب وحلب وريفها وفي ريف دمشق وحمص وحماة والساحل.... وهذا التدمير مفتوح بلا حدود وبكافة أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا..... ولا رقيب ولا حسيب رغم المجازر الدموية التي لا تعد ولا تحصى ويذهب ضحيتها النساء والأطفال والشيوخ والمدنيون وسط صمت دولي عجيب.......!!
تدميرالمؤسسات المدنية: مستشفيات – مستوصفات – مدارس – مخابز – طرق وجسور – مزارع ومصانع وغيرها..... والقائمة تطول والتدمير مستمر......
المحافظة على مؤسسات النظام السوري: الجيش والمخابرات(الدولة العميقة) حتى أصبحت خطا أحمرا لا يجوز الاقتراب منه.... لقد حولوا الجيش المجرم وسائر أجهزة القمع  في النظام إلى مؤسسات شرعية مهمة للحفاظ على وحدة سوريا وحماية الأقليات كما يدعون!!.. ومحاربة الإرهاب الذين هم سدنته والراعون له بما يخدم مصالحهم ويحمي إسرائيل ويضمن سيطرتها على المنطقة... وتأديبا لهذا الشعب الكريم المصابر حتى لايفكر شعب بعده بحرية أو كرامة......
الحرب العنيفة على الجيش السوري الحر والحركات الإسلامية المعتدلة مع التحالف مع الحركات الإرهابية الكردية ومهادنة داعش أوعدم التعرض لها إلا عند انتهاء الدور المنوط بها.... أمريكا لاتقدم دعما حقيقيا لفصائل الجيش السوري الحر وهو دعم ضعيف ومشروط، بينما دعمها للحركات الإرهابية الكردية مفتوح وبلا حدود من خبراء وأسلحة وطيران.... بل إن جنود النخبة من أمريكا يشاركون حركة مسلم صالح قتالهم ويضعون شعاراتهم....!!
تهيئة الأجواء عسكريا وميدانيا لهزيمة المعارضة المسلحة تمهيدا لفرض الحل الذي يريدون من خلال شحة الدعم وضعف التموين ونقص السلاح النوعي وخاصة مضاد الطائرات بالتوازي مع الدعم الذي لا حدود له بكل أنواع السلاح المتطورللنظام بل والدخول المباشر لحلفائه في المعركة من روس وإيرانيين وشيعة..... شتان ما بين دعم هؤلاء للنظام وما بين دعم من يسمون أنفسهم أصدقاء سورية... ولك أن تقارن....
ومن ضمن وسائل الحرب القذرة هذه الاغتيالات والمفخخات والانتحاريون والتفلت الأمني ووراء ذلك النظام وداعش وبعض التناحرات الداخلية.... ومع هذا التدخل بدأت معركة أمنية شرسة تجلت في حملة الاغتيالات التي بدأت باغتيال اليتيم في درعا ثم زهران علوش في ريف دمشق ثم الإعلامي ناجي الجرف في غازي عنتاب... و أبو التائب قائد الأحرار في حمص والقائمة تطول والحبل على الجرار.....  مع ضغط عسكري هائل واغتيال للقيادات تمارسه روسيا وأمريكا علنا وبلا مواربة بحجة مكافحة الإرهاب ومن ضمنها اغتيال أبو فراس السوري من جبهة النصرة وآخرها اغتيال أبو عمر سراقب....
كل هذه مؤشرات سلبية تهدف إلى تغيير الخارطة الميدانية وتغيير موازين القوة وإيصال الثورة والثوار إلى مرحلة اليأس والقنوط والتسليم بالضغوط الغربية والشرقية واليهودية والإيرانية المتآمرة على الثورة السورية لتقبل بحلولها المجرمة المدمرة للبلد أرضا وشعبا ومن ثم وأد الثورة السورية واستنساخ نظام جديد للبلد من رحم النظام القديم!!!...
ورغم هذا المشهد المظلم القاتم المصبوغ بالخراب والدمار والمشبع برائحة الموت، وأنات الثكالى واليتامى وآهات المعذبين..... فإن الأمل بتأييد الله ونصره كبير وعميق.... هذه ثورة أرادها الله وشاءها من فوق سبع سماوات... لم تكن من صنع بشر ولا من تخطيط أحد... إنها أرض الشام المباركة التي تكفل الله بحفظها وحمايتها ولو تمالأ أهل الكفر كلهم عليها، إنها بإذن الله محفوظة منصورة مؤيدة من الله.... وما على المؤمنين المجاهدين إلا الصبر والأخذ بالأسباب والتوكل على رب الأرض والسماء ولو طالت الآلام والمعاناة، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.....

 (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) – الأنفال -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق