الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-20

كوميديا رئاسية ج5 ..(حافظ على دماء الناس ) - بقلم: د. عبد الغني حمدو


لفت نظري ياصديقي المدير عبارتين تتحدث عن الطاغية ,الأولى لأرسطو يقول فيها (لايوجد رجل حر قادر على تحمل مثل هذا الضرب من الحكم , إذا كان في استطاعته أن يهرب منه). 


والقول الثاني لافلاطون (إذا ذاق المرئ قطعة من لحم الانسان , تحول إلى ذئب , ومن يقتل الناس ظلماً وعدواناً , ويذق بلسان وفم دنسين دماء أهله ويشردهم ويقتلهم , فمن المحتم أن ينتهي به الأمر إلى أن يصبح طاغية ويتحول إلى ذئب )


المدير: أعتقد أن وصف الطاغية بالذئب لاختلافه عن الحيوانات المفترسة ,والتي يقتصر افتراسها على حاجة معدتها , في حين أن الذئب يفترس أكان جائعاً أم لم يكن جائعاً .

هذا ماقصدته  بالضبط , ولكن هل تعتقد أن الطاغي بما هو مشاع عندنا يتمثل فقط في الحاكم , أم يتعدى ذلك لأصناف كثيرة من البشر ؟

المدير : وهل يوجد عندنا حاكم طاغي مستبد ؟ لعلي أجدهم كالحملان حديثوا الولادة , ويحتاجون دائماً لمن يرضعهم , ألم تسمع عن مبارك عندما اشتدت شكاوي الناس من الفقر , وقف الحمل الوديع ووضع يديه فوق بعض كأنه يقف للصلاة , مبدياً عجزه وقال (دنا أوكلهم من فين ) .

ضحكت من تعليقه الساخر هذا , وشاركني أيضاً بمكره الساخر اللطيف , ثم تابعت كلامي معلقاً وموجهاً في نفس الوقت من أجل الهدف المنشود .

طبعاً ياصديقي , ومن أين سيجد القدرة على اطعام الناس وهو يعيش على دمائهم ولحومهم ؟ لذلك سنسعى جاهدين توضيح أهمية الحفاظ على دم الناس وتنمية لحومهم , ولكن ليس لتسمينهم  ومن ثم أكلهم , فلا تشطط بذهنك بعيداً حتى تسمع كلامي لآخره.
المدير حاضر ياصديقي الرئيس .

لن أتناول هنا موضوع شرب دماء الناس أو أكل لحومهم من زاوية الشرب والأكل في صفاته الظاهرية والمرئية ولكن سوف أتناول جانباً ذو أبعاد إنسانية بحتة وعميقة , قد لايعيها الكثيرون من الناس .وأبدأ ذلك بالقصة التالية :

في مدينة الفلوجة العراقية , وجد شخص يصفونه بأنه على البركة , هذا الشخص كان مولعاً بالعطف على الحيوانات الشاردة , وعندما كان يعود من عمله البسيط بعد العصر , يذهب إلى الشوارع ومكبات النفايات , ويجمع الغذاء المطبوخ والمرمي , ليكون طعاماً للكلاب الشاردة , وكان عندما يمشي في الشارع تحيطه تلك الكلاب وتمشي معه وحوله وأمامه وخلفه , وكأنك ترى الزعيم عندنا والحرس وما حوله , ولكن شتان بين من يطعم الجائع والمحتاج وبين من يأكل الانسان والحيوان .

وكان لهذا الرجل شقيق غني جداً ,ومن المقربين من الزعيم , وكان هذا الأخ الشقيق ينظر لأخيه بعلو وفوقية ولا يريد أن يجده في بيته مطلقاً ...لقرفه منه ومن مستواه  المتدني حسب زعمه .

تفاجأ ممن يحسب نفسه عالياً بقدوم هذا الرجل إلى بيته أثناء دعوة كبيرة على الغذاء لمجموعة معروفة من علية القوم كما يدعون , ونظر إليه بغرابة توحي نظرته تلك لأخيه ... مالذي أتى بك في هذا الوقت ؟

فقال له وللحاضرين اسمعوا : أنا لم آتي لأشارككم طعامكم ولكن انظروا لي جيداً :
فقبض قبضة بيده اليمنى من الرز المطبوخ والمعد للأكل , ثم ضغط عليها بأصابعه بقوة ليخرج من بينها سائل أحمر لونه كلون الدم , فقال لأخيه هذا دم الناس الذي شربته من أكل أموالهم , وأنتم أيها الناس تأكلون من لحومهم وتشربون من دمائهم... وقفل راجعاً لكلابه .

المدير لقد سمعت بهذا الرجل الطيب , وأنه عندما توفي رحمه الله خرجت الفلوجة كلها بجنازته, وحتى اتهمت الفلوجة في ذلك الوقت وكان قبل الغزو الأمريكي بقليل , بأنها خرجت في مظاهرة عارمة ضد الحاكم .

يمكننا استخلاص نقطتين رئيسيتين من حديثنا هذا , والذي سنسعى لتحقيقه وهو الجزيء الأهم من قرارنا الجريئ :

1-                       عندما نعمل بإيمان وصدق على وقف امتصاص دماء الناس بعضها لبعض وأكل لحومها , ونبدأمن أنفسنا كأعلى مسئول في الدولة , سينعكس ذلك على البقية , وتقل الحاجة الماسة لدى الشعب وبالتالي التخلص من الفقر والحاجة , ويعقبه التطور والرقي والتعليم فهذا يقودنا للمرحلة أو النقطة الثانية وهي :
2-                       سيقل عدد الطغاة , والذين سيبقون لن يكون لهم أثراً يذكر على الوطن وعلى المجتمع وعندها لن يسمح المجتمع بطاغ أو مستبد يحكمهم , ومعذرة أرسطو فلقد انتهى زمن الهروب من الطغاة وجاء وقت مجابهتهم والتخلص منهم.
يتبع......
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق