الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-09-17

فتوى علماء بلاد الشام حول القتال تحت راية النظام


تم إرسال مجموعة من الأسئلة من داخل سورية إلى ثلة مباركة من علماء الأمة الإسلامية في بلاد الشام، وقد قام السادة العلماء جزاهم الله خيرا بالإجابة عن الاستفسارات وتجلية الحق في هذه المحنة المنحة، وفيما يلي نص السؤال والجواب، ثم سرد لأسماء العلماء الأفاضل مرتبة حسب التسلسل الأبجدي.

أولاً: هل يجوز القتال تحت راية النظام الحالي المستبد؟


الجواب: لا يجوز القتال تحت راية هذا النظام ولا غيره في قتل المظلومين والمستضعفين من المؤمنين الذين يطالبون بحقوقهم، بل إن نصرة المظلومين واجبة شرعاً، و قد شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلف الفضول قبل بعثته الشريفة نصرة للمظلوم من النظام المكي الجائر في ذلك الوقت، وقال بعد بعثته صلى الله عليه وسلم بأنه لو دُعي إلى مثله للَبّى. والنظام السوري القائم نظام جائر اعتدى على كل الحرمات، من دماء وأعراض وأموال.

وهذا النظام جمع الكفر من أطرافه وجمع من الآثام ما تنوء عن حمله الجبال، فقد رأينا وسمعنا في فروع أمنه من الكفر والشتم وإهانة المقدسات ما لا يتخيله العقل، وعلمنا أنه عند استباحته للمدن والقرى كان لا يكتفي بالتلفظ بالكفر، بل كان يضرب المساجد ويخرب محتوياتها ويكتب على جدارنها أقذر الكلام، بل وصل الانحطاط الآدمي عند أتباعه أن يغتصبوا النساء ويقتلوا الأطفال ويسرقوا الأموال، كل ذلك مع دعم كامل من رأس النظام لهؤلاء المجرمين، فضلاً عن كل ما تحتوي أفكارهم ومبادئهم التي يجبرون الناس عليها من مصادمة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

لذلك لا يجوز القتال تحت راية النظام الحالي، فهي راية جاهلية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قُتل تحت راية عِمِّيّة، يدعو عصبية أو ينصر عصبية، فقِتلته جاهلية) [أخرجه مسلم]. أي أن من قاتل في سبيل العصبية وليس في سبيل الله ومات فميتته جاهلية وهو في النار.

فتدبر أخي الجندي في قوله تعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفاً} واختر لنفسك طريق النجاة، وإنها والله لجنة أبداً أو نار أبداً، وإنها لحياة قصيرة ثم يلاقي كل منا حسابه.

وفكر أيها الجندي المؤمن: ماذا ستقول إذا وقفت بين يدي الله وسألك لماذا قتلت عبدي فلاناً؟ لماذا سفكت دمه؟ لماذا يتّمتَ ولده ورمّلت زوجته وفجعت والديه؟ هل عندك جواب على هذه الأسئلة حين تسمعها وأنت واقف بين يدَي الله في يوم الحساب الكبير، يوم القيامة؟

ثانياً: هل يجوز إطاعة الأوامر العسكرية الصادرة للجنود بإطلاق النار على الأهالي واقتحام القرى والمدن بحجة وجود عصابات مسلحة تعارض النظام؟ وما هو الواجب على عناصر الجيش أن يفعلوه إن تلقوا الأمر بإطلاق النار؟

الجواب: هذا السؤال فرع عن السؤال الأول. بما أن النظام الحاكم في سوريا فاقد للشرعية ابتداء ولا يجوز القتال تحت رايته، فإذا جاء الأمر بإطلاق النار ومهاجمة الآمنين في المدن والقرى -بأي ذريعة كانت- فإن الإثم يتضاعف، لذلك فإن الواجب هو عصيان تلك الأوامر وعدم تنفيذها، وقد قال رسول الله “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”. وأي معصية تقارَن بمعصية سفك الدم الحرام؟

قال صلى الله عليه وسلم: “ما يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دم امرئ مسلم”. أي أن المسلم يمكن أن يذنب ويغفر له الله إلا إذا قتل مسلماً بريئاً، فهذه لا توبة لها. لذلك قال الله تعالى في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}.

هل تريد -أخي الجندي المؤمن- أن يلعنك الله؟ هل تريد أن يغضب عليك الله؟ هل تريد أن يعذبك الله عذاباً أليماً؟ هل تريد أن يخلدك في النار إلى أبد الآبدين؟ أنت لا تريد كل ذلك، ولا سيما إذا كان دفاعاً عن قيادة باطلة ونظام ظالم، فإياك إياك أن تتورط في قتل مسلم بريء مهما تكن الظروف.

وقد أجمع الفقهاء على عدم جواز القتل ولو كان تحت تهديد السلاح، ولو أدى لمقتل المُهدَّد بالقتل، لأن روحه ليست بأغلى من روح المأمور بقتله، والله تعالى لم يعذر الذين أقاموا مع الكفار في دار الشرك وتركوا الهجرة إلى دار الإيمان فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]، والجيش لا يكون مستضعفاً أبداً، فأنتم أهل السلاح والقوة، والنظام المستكبر يخاف منكم ولكنه يستغلكم في قتل وقمع أهلكم في المدن والأرياف.

فإن أُجبر الجندي على إطلاق النار فليطلقه في الهواء، وحتى لو فعل ذلك فإنه يأثم لأنه يساهم في تكثير أهل الباطل وفي إدخال الخوف على قلوب المؤمنين الأبرياء، ولكنه أقل الشرين وأهون الضررين.

ونحن ندعو الجندي بدلا من ذلك أن يوجه سلاحه إلى صدر من أمره بقتل الآمنين، وقتله وعناصر الأمن المرافقين له ممن يذيقون المسلمين الأبرياء ألوان القهر والعذاب، فإن قُتل وهو على هذا الحال كان شهيداً بإذن الله، ولا يغسَّل ولا يكفن، ونرجو له أن يكون ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: “ما من مكلوم يُكلم (أي جريح يجرح أو مصاب يُصاب) في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكَلْمه يَدمى (أي جرحه ينزف دماً)، اللون لون دم والريح ريح مسك”.

وقد قال صلى الله عليه وسلم مرة: “مَن لكعب ؟ فإنه قد آذى الله ورسوله” فخرج سيدنا محمد بن مسلمة رضي الله عنه فحزّ رأسه وأراح المسلمين من شره. ونحن نقول: من لنا برأس الطغيان وحاشيته من الضباط الذين يأمرون بقتل المؤمنين، فإنهم قد آذوا الله ورسوله والمؤمنين؟

ثالثاً: هل يجوز للأهالي عند التصدي للاقتحامات أن يدافعوا عن أنفسهم ولو أدى لمقتل عناصر الأمن والشبيحة والجيش؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ” وكل العقلاء في الدنيا يقولون بجواز بل وجوب الدفاع عن النفس والمال والعرض، ولو أدى ذلك لمقتل المعتدي أو المدافع.

أما بالنسبة للمسلحين فإننا نفرق هنا بين نوعين من المقاتلين:
النوع الأول هم الشبّيحة وعناصر الأمن، وهؤلاء متطوعون للعمل ولخدمة ظلم هذا النظام، فهؤلاء يجوز قتلهم والتصدي لهم دفاعاً عن العرض والنفس والمال خاصةً أنهم مختارون. ونحن وإن كنا ندعو لسلمية الثورة رحمة بالشعب وبعناصر الأمن فهذا لا يعني الاستسلام للذبح، لأن الشرع ينهى عن الضعف ولأن الدفاع عن النفس واجب شرعاً وعقلاً. والدفاع عن النفس لا يخالف مبدأ سلمية الثورة لأن المدافع عن نفسه لم يستعمل القوة والسلاح لتغيير النظام ولكنه استعمل القوة والسلاح للدفاع عن نفسه وعرضه وماله، وهذا كله مطلوب شرعاً وعقلاً كما قلنا.

النوع الثاني: وهم عناصر الجيش، وهؤلاء فيهم المُكره والمُختار، والمحب للنظام والكاره له، والتجنيد الإلزامي فيه مظنّة الإكراه، لذا فإننا نطلب من الناس الرفق بالجيش والإحسان إليهم ما لم يَرَ الأهالي منهم إجراماً وقتلاً، فلو رأوا منهم ذلك فيصير حكمهم هو حكم النوع الأول، مع الحذر الشديد من عناصر الفرقة الرابعة أو الحرس الجمهوري لأنهم ليسوا من الجيش أصلاً بل هم فئة مجرمة تدافع عن النظام وتقتل الأبرياء بلا حساب.

ونحن ندعو جميع المواطنين -بما فيهم عناصر الجيش والأمن- إلى التروّي في استعمال السلاح والرفق بأنفسهم وبأهل هذا البلد الطيب، فإنْ قُتل عسكريٌّ وهو كاره للنظام وظلمه، غير مُبتلىً بفعل قتل أو ظلم، رجونا أن يكون ممن يشملهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال لعائشة: “يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم وآخرهم”، قالت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم (أي الذين يبيعون لهم ويخدمونهم ومن ليسوا من الجيش المقاتل نفسه)؟ قال: “يُخسَف بأولهم وآخرهم ثم يُبعثون على نياتهم” [متفق عليه].
الجمعة 18/10/1432
الموافق ل 16/09/2011
قائمة بالسادة العلماء الموقعين على البيان حسب البلدان

سوريا
1.  الشيخ الدكتور أحمد سعيد حوى (دكتوراة في الفقه، جامعة الزرقاء سابقاً)
2.  الشيخ أحمد عبد العال
3.  الشيخ بشر لطفي
4.  الشيخ حاتم طبشي
5.  الشيخ حسين عبد الهادي
6.  الشيخ رسلان المصري
7.  الشيخ الدكتور عامر أبو سلامة
8.  الشيخ الدكتور عبد المجيد البيانوني.
9.  الشيخ الدكتور علي القرة داغي. (دكتوراه في الشريعة والقانون في مجال العقود والمعاملات المالية)
10.                   الشيخ مجد مكي. (ماجستير في اصول الدين، جامعة أم القرى، مشرف على موقع رابطة علماء سورية)
11.                   الشيخ الدكتور محمد فاروق البطل. (الأمين العام لرابطة العلماء السوريين)
12.                   الشيخ محمد بشير حداد.
13.                   الشيخ محمد إبراهيم حريري
14.                   الشيخ محمد شردوب.
15.                   الشيخ الدكتور محمد علي الصابوني (رئيس رابطة العلماء السوريين).
16.                   الشيخ الدكتور محمد خالد كندو.
17.                   الشيخ محمد ياسر المسدي.( دكتوراه في الفقه الإسلامي)
18.                   الشيخ محمد جميل مصطفى.
19.                   الشيخ الدكتور معاذ حوى (دكتوراة في الفقه وأصوله)
20.                   الشيخ الدكتور منير الغضبان (داعية إسلامي ودكتوراة في الأدب العربي).

لبنان
1.  الشيخ أحمد اللدن (دكتوراه في التفسير ومفتي البقاع الغربي).
2.  الشيخ بلال بارودي (تخصص في القراءات والتفسير وداعية، شيخ قراء مدينة طرابلس).
3.  الشيخ حسن قاطرجي (تخصص في الحديث والفقه والدعوة، شارك في عدّة برامج تلفزيونية وإلكترونية في الفتاوى)
4.  الشيخ زكريا المصري (دكتوراه في العقيدة أستاذ في جامعة الجنان وكلية الإمام الأوزاعي).
5.  الشيخ زيد بكار (تخصص في الدعوة).
6.  الشيخ سالم الرافعي (دكتوراه في الحديث وداعية).
7.  الشيخ عبد الرحمن الرفاعي.
8.  الشيخ محمد بكار زكريا (دكتوراه في التفسير).
9.  الشيخ يحيى الداعوق (ليسانس شريعة وداعية).
10. الشيخ يحيى كريدية (ماجستير في الفقه وداعية).
11. الشيخ يوسف القادري (ماجستير في الفقه وداعية).

الأردن، (وقد وقع علماء الأردن على السؤالين الأول والثاني):
1.  الشيخ شرف القضاة (دكتوراة في الحديث وعلومه، الجامعة الأردنية).
2.  الشيخ عبد المجيد دية (دكتوراة في الشريعة، جامعة الزرقاء).
3.  الشيخ الدكتور محمد أبو فارس (دكتوراة في السياسة الشرعية، الجامعة الأردنية).
4.  الشيخ محمد الصاحب (دكتوراة في الحديث، الجامعة الأردنية).
5.  الشيخ الدكتور همَّام سعيد (دكتوراة في الحديث وعلومه، الجامعة الأردنية).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق