الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-12-06

الربيع العربي والتضحية بالقيم – بقلم: د.أحمد محمد كنعان


انطلق الربيع العربي .. ينشر عبيره في أرجاء الوطن العربي، ومع انطلاقته راحت أوراق سياسية كثيرة تتساقط هنا وهناك مثل أوراق الخريف، ومع سقوط تلك الأوراق تساقطت الشعارات البراقة التي صدع بها رؤوسنا تجار السياسة على مدى خمسين سنة عجاف أو تزيد!

انطلق الربيع العربي .. ومع انطلاقته راح تجار الشعارات يتباكون على عصرهم الذي آذن بالأفول وجعل الوطن العربي يتخلف عن العالم قروناً طويلة بفضل سياستهم الخرقاء ومتاجرتهم بشعارات الوحدة حيناً، والحرية حيناً آخر، والمقاومة والممانعة وتحرير الأراضي العربية السليبة أكثر الأحيان !


فهؤلاء التجار الذين ظلوا خمسين سنة أو تزيد يرفعون شعار (الوحدة) لم يتركوا بلدين عربيين إلا خلقوا بينهما عداوة مستحكمة، كما فعل "الأسد" بين سوريا والعراق، ثم بين سوريا ولبنان، وكما فعل "صدام" بين العراق والكويت وبقية جاراته الخليجيات، وكما فعل "بومدين" بين الجزائر والمغرب، وكما فعل "القذافي" بينه وبين سائر العربان .....!

وأدهى من هذا وأمرّ أن نرى تجار الشعارات الذين صدَّعوا رؤوسنا على مدى نصف قرن أو يزيد وهم يرفعون شعار (الحرية) لم يجدوا حرجاً بالوقوف إلى جانب أعتى الدكتاتوريات العربية عندما هبت نسائم الربيع العربي ووجدوا أن مصالحهم باتت في خطر، فقد وجدناهم يتراكضون كالنعاج يلوذون بجبابرة الظلم والعبودية وينافحون عنهم ويبررون ظلمهم بكل صفاقة بعد أن سقطت الأقنعة واحترقت أوراق التوت التي كانوا يدارون بها سوآتهم القبيحة !

ولكن .. حتى نكون منصفين لا بد أن نبين بعض فضائل تجار الشعارات هؤلاء الذين يبدو أن همهم الأول كان تحقيق (الاشتراكية) لكي ينصفوا الفقراء من ظلم الأغنياء ويحققوا العدالة الاجتماعية والمساواة التامة بين الجميع، ولقد نجحوا في تحقيق هذا الشعار بكفاءة عالية يحسدون عليها، إذ شاركوا الشعب في قوت يومه، وقاسموه كسرة الخبز، وخلصوا الشعب بالفعل من الأغنياء حتى صار الشعب كله تحت خط الفقر، وبهذا النصر المؤزر حققوا حلم العروبة الكبير في العدالة الاجتماعية، وتفوقوا بهذا الإنجاز الثوري العظيم على صناع الاشتراكية أنفسهم .. فتأمل !
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق