الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-12-13

أما من لمسة حنان لسوريا الجريحة – بقلم: د. فارس عبد الكريم


يقول الصحابي والفارس الشجاع عمرو بن معد كرب الزبيدي:                                                  
كَمْ مِن أَخٍ لِيَ صالِحٍ=بَوَّأْتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدا
ماإِنْ جَزِعْتُ ولا هَلِعْـ=تُ ولايَرُدُّ بُكايَ زَنْدا
أَلْبَسْتُهُ أَثْوابَهُ=وخُلِقْتُ، يومَ خُلِقْتُ، جَلْدا
أُغْنِي غَناء الذَّاهِبيـ=نَ، أُعَدُّ لِلأَعْداءِ عَدّا
ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ= وبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدا

استذكرت هذه الأبيات وأنا أتأمل المشهد السوري المؤلم المفجع..... مشهد القتل والدمار في كل مكان.....

على ثرى أرضنا الطاهرة تجسدت المآسي كلها...فهاهنا أخت حبيبة قد فُجِعت بزوجها أو أبيها أو أخيها أو ابنها بل وربما بهم جميعا...... وهذا أخ قد صرعت يد الإجرام أخاه أو أباه وتركته وحيداً... وهؤلاء أطفال وجدوا أنفسهم بلا أب أو أم بعد أن مزقت عصابة الإجرام شمل عائلتهم.... وهؤلاء أبناء هم زهرة الحياة الدنيا ارتفعت أرواحهم الطاهرة إلى ربهم يشكون ظلم الطغاة، وقد خلّفوا وراءهم أماً ثكلى وأباً جريحاّ..............


ماذا أعدّد وماذا أذكر من الويلات والمصائب التي يصبها هذا النظام المجرم على شعبنا الثائر....لا يرعى حرمة ولا إلاّ ولا ذمة لامرأة ضعيفة، أو طفل رضيع، أو عجوز طاعن في السن.... إن القلم ليعجز عن الكتابة، وإن اللسان ليتوقف عن الكلام من هول ما يرى من مصاص الدماء دراكولا سورية، الذي فاق دراكولا الخيال الذي كان يمص الدماء في الليل، وهذا لا يهدأ في ليلٍ أو نهار.....

الأحباب يتساقطون على درب ثورة الحرية والكرامة، من أخ أو أب أو أم أو زوج أو ولد أو صديق أو جار....... ومع ذلك فركب الثورة ماض نحو الذُّرا، نحو المجد القريب القادم، يتعالى عن الآلام والأهوال والعقبات، لا يبالي بمن خذله أو وضع الأوحال في طريقه..... وكلما حاول الأوغاد إخماد ثورة شعبنا العظيم ازدادت ضراماً وبريقاً وتوهجاً واشتعالاً، لأنها ثورة مباركة، أوقدها رب العباد....في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة.......... إنها ليست معركة الشعب السوري وحده!!!.... إنها معركة الأمة الإسلامية والعربية كلها أمام جحافل الباطنية والفجور والعهر- الذين جاءوا من كل حدب وصوب – فوق أرض الشام.....

ومع كل هذه الأهمية لثورتنا العظيمة يُتْرَك الشعب السوري في هذه المعمعة وحيداً فريداً....!!
في القلوب آهات وغصات وحسرات...... تترقرق الدموع في العيون الحزينة..... وتثورفي النفوس الكريمة الأبية  براكين من الآلام والعتاب!!!.... أما ترون مايجري في أرض الشام؟؟ أما تسمعون الفجرة الكفرة وهم يسبون ويشتمون ربنا؟؟ أما ترون الأقزام يُؤَلَهون من دون الله؟؟ أما ترون حرمات الأمة وقيمها تداس والدماء الزكية تسيل والأعراض تنتهك؟؟ ماذا تنتظرون؟؟؟.....

فأنّى التفت فحق سليب        وأنّى أصخت فرجع النحيب
أهيب بقومي إلى المكرمات    وما من ملب وما من مجيب

وأول ما يتوجه العتاب إلى الأهل والأقارب، ومن ثم إلى العرب والمسلمين في كل مكان وكما يقول الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مرارةً      على النفس من وقع الحسام المهنّد

 أما آن للساكتين الصامتين من مديني حلب ودمشق وغيرهما أن ينطقوا، وأن يتخذوا موقفاً مشرفاً يحمده لهم أهل الأرض ورب السماء......... أم ضاعت منهم النخوة والمروءة والشهامة.....

أين أصحاب الضمائر الحية؟؟
أين أصحاب القلوب الرحيمة؟؟
أين أخوّة الدم والعقيدة؟؟

أين واجب الأمة العربية والإسلامية من الشعب السوري الذي يحمل لواء تحريرها من القرامطة الجدد، ممن استباحوا حرمات دينها وعقائدها، وولجوا في دماء وأعراض المسلمين؟؟؟...........

إن عليهم واجباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً يتفاوت حسب مواقعهم أفراداً ومؤسساتٍ ودولاً، كل على قدر استطاعته.......

•     قد يكون دعاءً صادقاً من القلب يرتفع في أجواء السماء، في ليلة حالكة السواد فيلقى القبول والرضى والاستجابة من رب الأرض والسماء....

•     وقد يكون لمسة حنان وعطف على يتيم فقد أبويه، أو أم ثكلت بأبنائها، أو زوجة فجعت برب أسرتها......

•     ومن الممكن أن يكون أموالاً ومساعدات تتدفق من المحسنين من أبناء أمتنا من كل مكان... وما أكثرهم!!

•     وقد يكون حملات إعلامية مركزة لا تنقطع لنصرة شعبنا المظلوم.

•     وقد يكون حشداً لكل المؤسسات العربية والإسلامية والإنسانية لتتخذ الموقف الصحيح الملائم المناصر لشعبنا وقضيتنا.

•     وقد يكون تدخلات على مستوى الأمم المتحدة ودول العالم العربي والإسلامي لتلبية مطالب الشعب السوري في تأمين الحظر الجوي، وإنشاء منطقة عازلة، ودعم الجيش السوري الحر، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري وتأييده بكل الوسائل الممكنة.......

إن مظاهر النصرة لشعبنا المظلوم لا تنتهي..... كل على قدر استطاعته ولكل مجتهد نصيب من الأجر والثواب من رب العباد، وهي مسؤولية عظيمة يضعها الشعب السوري في أعناق الجميع، ويبرأ إلى الله من كل متخاذل جبان......

وفي النهاية نتوجه بقلوب خاشعة إلى ربنا وسندنا وحامينا وناصرنا.....إلى الخالق العظيم الذي تكفل بالشام وأهله، وندعو بدعاء رسولنا العظيم قدوتنا وهادينا-صلى الله عليه وسلم-  ذلك الدعاء العظيم الذي توجه به إلى ربه بعد الأذى والاستهزاء والتكذيب الذي أصابه بعد عودته من الطائف) : اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك).


هناك تعليق واحد:

  1. ثورات اليوم ثورات على الظلم ثورات للحق

    خفت نور الحق طويلا لكنه لم ينطفئ وهاهو الان يضيئ من جديد


    لمساتنا كلن في موقعه اعاننا الله على استيفاء اعمالنا بحسن النيه

    ردحذف