الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-12-22

لدي حلمٌ جميل.....!!! - بقلم: د. عبد القادر فتاحي


في عام 1963 قام الأفارقة الأمريكان بثورة لم يسبق لها مثيل في قوتها اشترك فيها 250 ألف شخص- منهم نحو 60 ألفا من البيض- متجهة صوب نصب لينكولن التذكاري في واشنطن، فكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية، وهنالك ألقى مارتن لوثر كينج-قائد الحركة الأمريكية السوداء المضادة للعنصرية- أروع خطبه: "إنى أحلم" 
" I have a dream " التي قال فيها:


"لدي حلم بأنه ذات يوم سيعيش أطفالي الأربعة في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم". وتابع حلمه معددا مظاهره في الأمة الأمريكية، بأن يجلس أبناء العبيد وأبناء السادة السابقين على مائدة الأخوّة الواحدة، وأن ولاية المسيسبي التي تعد صحراء ملتهبة بفعل حرارة الظلم ولهيب الاضطهاد ستتحول إلى واحة للحرية والعدالة............ ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى قام شخص عنصري حاقد باغتيال كينج.....ولكن دماءه لم تذهب هدراً، ونال السود حريتهم بعد عقود من العبودية...... وهاهو الآن أوباما أول رئيس أسود يحكم أمريكا، وكان ذلك حلماً أغرب من الخيال...!!

وفوق أرض بلادنا الطاهرة الخلاّبة....... أرض الشام..... أرض السحر والجمال..... أرض الأحلام الجميلة الفتانة....... الأرض التي علمت البشرية أبجديات الحضارة..... ومنها انطلقت أعظم حضارات الأرض من الفينيقيين والسومريين والأشوريين...................... وفوق ترابها الطاهر بدأ أنبياء الله العظام دعوتهم إلى عبادة الله الواحد الأحد فوجدوا فيها الأتباع والأنصار، فاحتضنت بذلك الديانات السماوية الثلاث في انسجام ووئام عزّ نظيره في غيرها من البلدان............ وكان الاستيلاء عليها حلما كل أباطرة العالم القديم، لقد كانت درة التاج لكل من وصل إلى حكمها............ ولكن سماحة أهلها وطيب معشرهم استوعب كل غزوات العالم القديم.... وذاب الجميع في بوتقة بلد جميل أبى إلاّ أن يضم الجميع إلى حضنه الدافئ معززين مكرمين أحراراً في حياتهم وعقائدهم وأفكارهم.........

وجاء الإسلام ليعزز من قيمة هذه الأرض في كتاب ربنا وسنة نبينا، في آيات وأحاديث خالدة في ذاكرة العرب والمسلمين، بل وكرس فوق سماحة أهلها وطيبهم عدل الإسلام وتسامحه مع البشر جميعاً من كل لون وملة......

ومرت على هذه الأرض عهود زاهرة مابين مد وجزر..... وعلو وانخفاض..... ولكنها كانت دائما هي هي لم تتغير أو تتبدل في انفتاحها واستقبال أهلها لكل شريد أو طريد أو هارب بفكره أو دينه أو عقيدته....... لقد نشأت فيها ممالك عظيمة كمملكة ماريا وأغاريت ومملكة إبلاّ.....كما تعاقبت عليها إمبراطوريات كبيرة كالآشوريين والكلدانيين والبابليين والأكاديين والكنعانيين والفينيقيين والفرس ثم الاسكندر المقدوني، ثم جاء الرومان ومن بعدهم الأمويين والعباسيين والأيوبيين والمماليك وأخيراً العثمانيين، ثم جاء الاستعمار الفرنسي البغيض الذي بذر نبت الطائفية والعصبية والتشرذم والتفتت ولأول مرة في بلدنا الحبيب، وأنشأ مشروع الدويلات الطائفية الذي فشل فشلاً ذريعاً  نتيجة رفض المخلصين من أبناء هذا البلد لهذا المخطط الطائفي الخبيث..... وما إن نالت 

سورية استقلالها من الاستعمار الفرنسى حتى تنادى المخلصون الوطنيون من أبناء سورية إلى دولة مدنية  ديمقراطية يسودها القانون ويحكمها العدل والمساواة بين أبنائها جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأديانهم...... وكانت فرحة الشعب عارمة بجيشهم الوطني، وأذكر أن أبي- رحمه الله- كان يقول أن الناس كانوا يبكون من الفرح وهم يشاهدون العروض العسكرية الأولى للجيش الوطني بعد الاستقلال، لقد كان مصدر عز وفخر لهم وكأنهم لا يصدقون أن لهم جيشاً وطنياُ يحمي البلاد والعباد من شر الغزاة.........

وتدور الأيام وتبدأ الانقلابات المشبوهة للجيش السوري واحدأً بعد الآخر على الحكم المدني ، وتنتقل البلاد من حال إلى حالٍ أسوأ...... وانتهت الأمور بانقلاب البعث الذي خطط له المجرم حافظ الأسد ومن معه من الضباط العلويين الذين اتخذوا من حزب البعث ستاراً للسيطرة على البلد، وإنهاء حلم الدولة المدنية الديمقراطية، وتحويل سورية إلى بلد يحكم بالنار والحديد.......

ومع وصول حافظ الأسد إلى الحكم -الذي خطط له طويلاً- تكرست دكتاتورية تأليه الفرد وتأليه الحزب، وسيطرة الأقلية العلوية على مقدرات البلاد كلها...... وتحول الجيش السوري إلى جيش عربيد سكير، يحارب عقائد الأمة، ويرفض شعائر الأمة من صلاة وصيام وغيرها في ثكناته...... وجعل همه الأول حماية النظام المجرم الأفاك من عائلة الأسد ومن لفّ لفّها... واشتغل بالتجارة وعالم المال والاقتصاد، وترك حماية الأرض والبشر..

وعندما قامت الثورة السورية المباركة بتأييد الله وفضله، لجأ النظام المجرم إلى البطش والتنكيل والفتك والتدمير.... وانتهك المحرمات وقتل النساء والأطفال، متوهماً أنه بأمنه المجرم وجيشه السفاح وعتاده وعدته سيدفن أحلام الشعب السوري في الحرية والكرامة من جديد، ويطفئ نور العزة وضياء الإباء..... ولكن هيهات هيهات.... إن مثله كمثل من يحجب نور الشمس بالغربال.....!!!

الشعب السوري الآن مثقلٌ بالجراح والآلام... يتطلع إلى فجر جديد.... مليء بالأحلام الوردية الجميلة...... إني وأنا من هذا الشعب الكريم المصابر أحلم بأحلام كثيرة عجيبة غريبة....!!!

•     أحلم ذات يوم أن أرى بلدي حراً من كل الطغاة وعلى رأسهم عائلة الأسد... وأن يكون له من عزة أهله وأئمته الصالحين ما يرفعه إلى الذرا ويرتقي به إلى النجوم.....

•     إني أحلم بأرض تتسع لكل أهلها ويسودها العدل والمساواة والإخاء والمحبة.... وينتهي فيها وإلى الأبد طغيان فئةٍ مهما كان وزنها على خيرات البلد، فتستأثر بالمال والسلطة، ولا تعطي الآخرين سوى الفتات...

•     أحلم في يوم من الأيام أن أرى الأمن والشرطة في خدمة الشعب، يسهرون الليالي لكي ينام المواطن قرير العين هانيها، وأحلم بجيش وطني يقدم جنوده أرواحهم ودماءهم لاستعادة الأرض السليبة، والدفاع عن شرف الأمة وعزتها.....

•     أحلم  بدولة القانون والنظام حيث المتهم برئ حتى تثبت إدانته.... أحلم بالقضاء العادل حيث لكل مواطن حقوقه المصانة في دمه وماله وعرضه وعقله ودينه.... البلاد في أيد أمينة والمواطن لايخشى ظلماً ولا بخساً ولا هضماً......

•     أحلم ذات يوم ببلد يقدم الأكفاء من أبنائه، ويفتق طاقاتهم ومهاراتهم، ويفتح لهم الآفاق لينتجوا ويبدعوا ويبتكروا ويخترعوا، ولا يكبلهم بقيود العبودية التي لا تنتهي......

•     أحلم ببلد يتمتع فيه الإنسان بكافة حقوقه التي أقرتها شرائع الأرض والسماء....

•     أحلم ذات يوم ببلد يكون فيه المسؤول رئيسا كان أم وزيراً أم مديراً أم موظفاً خادماً للشعب بالفعل لا بالقول، وأن يكون شعار الجميع " أمير القوم خادمهم ".

•     أحلم ببلد يرسخ بالسلوك العملي وبالأفعال لا بالأقوال وحدة العرب والمسلمين، ويأخذ بالأمة كلها إلى المكان اللائق بها بين الأمم.....
أحلم.......... وأحلم............. وأحلم.............   ولكن مهلاً!!!....... هل هي أضغاث أحلام؟؟؟
لا والله!!.... لا وألف لا!!!

أحلام اليوم هي حقائق الغد بإذن الله..... وها هو شعبنا العظيم يشق طريقه إلى الحرية وسط الأشلاء والدمار والموت والخراب، لا يخاف الموت، ويتحدى الأهوال، شعاره الموت ولا المذلة......... فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا.... إنه يتطلع إلى هذا المستقبل المشرق الزاهر ويعرف أن الطريق إليه مملوء بالأشواك والعقبات والأهوال، وأن الحرية لها ضريبتها من الأموال والدماء والعرق والدموع....... وها هي إرهاصات النصر القادم قد لا حت في الآفاق بإذن الله (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) الإسراء

أما المجرمون فنقول لهم : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) هود
وإلى لقاء قريب قادم بإذن الله لكل أحرار سورية وأشرافها من كل عرق وملة، على أرض الأحلام.... أرض سورية التاريخ والبطولة.... الأرض التي ستحول الأحلام من دمى جامدة لا حراك فيها إلى عرائس تدب فيها الروح.....لتكون نبراساً لكل أمم الأرض بأن هنالك فوق أرض الشام شعب يولد من جديد حراً أبياً عزيزاً كريماً..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق