الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-12-03

ديمقراطية النخبة المثقفة! - بقلم: د.أحمد محمد كنعان


انطلق الربيع العربي ينشر عبيره الفواح في أرجاء الوطن العربي الكبير، من المحيط إلى الخليج، وتحررت بلدان عربية عديدة من قبضة الاستبداد الذي جثم على صدرها عقوداً طويلة ذاقت خلالها الصاب والعلقم !

وقد شهد هذا الربيع لأول مرة في تاريخ العرب الحديث ظواهر جماهيرية جديدة لم نألفها في عهود الاستبداد، منها تنظيم انتخابات ديمقراطية حقيقية لأول مرة في تاريخنا الحديث، انتخابات شهد المراقبون بنزاهتها وشفافيتها، على العكس من الانتخابات والاستفتاءات التي كانت تجرى في الماضي في ظل الاستبداد، وكان التزوير يجري فيها جهاراً نهاراً بكل صفاقة .. على عينك يا تاجر !


ومن تلك الظواهر كذلك المشاركة الجماهيرية الواسعة التي لم يسبق لها مثيل، فلأول مرة في تاريخ الانتخابات العربية أصبحنا نرى طوابير المقترعين وهم يتزاحمون على مراكز الاقتراع حتى إن بعضهم لم يتمكن من الإدلاء بصوته لشدة الازدحام !

إلا أن الظاهرة الأكبر والأكثر إدهاشاً كانت اكتساح الإسلاميين لانتخابات الربيع العربي وحصدهم للنصيب الأكبر من الأصوات، ومن ثم مقاعد البرلمان، وقد حقق الإسلاميون هذا الكسب الكاسح على الرغم مما تعرضوا له طوال عهود الاستبداد من إقصاء وتهميش، واعتقال وتعذيب، وتصفيات جسدية، وطرد من الوظائف، ومنع من المشاركة في الحياة السياسية !

وهكذا كسب الإسلاميون الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه، واستعادوا مكانتهم اللائقة في الساحة السياسية، مما يبشر بعهد جديد لهذه الأمة بعد أن عاد لها وجهها الإسلامي الوضيء، وقد طرح هذا الاكتساح الإسلامي للساحة السياسية سؤال كبيراً فحواه : كيف استطاع الإسلاميون تحقيق هذه النتائج العظيمة بالرغم من السنوات العجاف التي عاشوها في سجون الاستبداد وأقبية التعذيب والمنافي البعيدة ؟

والجواب باختصار شديد أن الأمة العربية أمة مسلمة لن تتخلى عن هويتها الإسلامية مهما حاولت الأنظمة الدكتاتورية أن تقصيها عنها، ولقد قالت الأمة كلمتها أخيراً واختارت العودة إلى الجذور، وهذا ما أثار حفيظة الساخطين من دعاة الديمقراطية المزيفين الذين ظلوا طوال نصف قرن من الزمان يطبلون ويزمرون للديمقراطية ويقدمون أنفسهم للجماهير على أنهم دعاة الديمقراطية والحرية والمساواة، وإذا بهم يسقطون عند أول امتحان، ويدورون حول انفسهم 180 درجة ليقول قائلهم إن رأي الأغلبية ما هو إلا رأي الغوغاء والجهلة، وأن الديمقراطية الحقة هي التي تقودها "النخبة المثقفة" أي هم دون غيرهم .. عجبي !
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق