عرف من جاره أحمد أن سعيداً دعا الأصدقاء جميعاً إلى الإفطار عنده . أخبره أحمد
بذلك لأن خالداً من الأصدقاء بل من قدمائهم الخُلّص !. ولن يظن أحمد أن خالداً لم يكن
من المدعويين في رمضان هذا ، إلا أن الدعوة لم تصل خالداً .
لم يكن حزنُ خالد كبيراً لأن سعيداً
لم يدْعُه ، فقد عرف ابتداءً أنه لن يكون من المدعويين في رمضان هذا ، لقد كان تلك
السنة ضيق ذات اليد ، فلم يدعُ الآخرين كما كان يفعلون . وتمنى لو رزقه الله تعالى
أثناء السنة ليعوّض ما فاته ، ولكنّ العين بصيرة واليد قصيرة . إنما كان حزنه أنه لم
يعرف أصدقاءه حق المعرفة ، فصارت اللقاءات بينهم واحدة بواحدة ، وكانوا يتبارَون ،
بل قـُلْ : كانت النساء يتبارين أيتهنّ تقدم في دورها أطايب الطعام وأشهاها ، وأكثرَها
تنوّعاً وكمية وأغلاها ثمناً .
لقد صارت دعوات الإفطار – كما تقول
زوجة خالد - حلبات المنافسة في عَرْض الثياب وأفانين المأكولات . فبعد الإفطار تُقدم
المشروبات المتعددة من عرق السوس إلى شراب الورد والبرتقال ، إلى نقيع الكركديه وشراب
العسل ، ويذهب الرجال بعد ذلك إلى صلاة التراويح ، في الجامع القريب ، يؤدون ثماني
ركعات سريعات بعد صلاة العشاء ، لقد كان الإمام نشيطاً ! يسرع في صلاته فيدمج الركوع
بالقيام ، ويسجد فلا تلامسُ جبهته الأرض حتى يرتفع عنها ، ويعود بحركة رياضية إلى الأرض
ليلمسها بأنفه وقليلٍ من جبهته ، فيرتدَّ جالساً . وتنتهي الصلاة في ماراثون سباق يرضاه
الكثيرون من المصلين . فالمراد عندهم أن يَعُدّوا ثماني ركعات يحسبون أنهم أدَّوا فيها
الصلاة كما علّمـَناها رسول الله صلى الله عليه وسلم !.
وتبدأ السهرة ببعض الحلويات الشرقية
: كنافة مبرومة ، وبين نارين ، وبقلاوة ، وقليل من الفواكه لا تتعدى سبعة الأنواع ،
فالإسراف مذموم !!
وعرف بعد ذلك أن سميراً لم يكن من
المدعوّين رمضانَ هذا ، فقد كانت زوجته مريضة لا تستطيع – حين يأتي دورُهما– أن تخدم
هذا الجمع الوفير ، فاتفق وزوجته أن يحملا معهما في كل دعوة يحضرانها كيلين من الحلويات
الغالية ، وكأنهما يقولان : اعذرونا ياجماعة ؛ فوضعُ الزوجة الصحيُّ لا يسمح لها أن
نفعل ما تفعلون وإن كنا ميسورَين . ..
هكذا كانا يفعلان رمضان الفائت ، ثم
تبين الآن أن هذا العذر لم يكن مقبولاً ، فلم
يكن سمير وزوجته من المدعوّين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق