في الأول من آذار 1961م وصلت طائرة
(سويس إير) القادمة من زيورخ في الوقت المحدد في مطار (ازيزة) في (بيونس آيرس)
عاصمة الأرجنتين. وكان أول النازلين من الطائرة كوهين.. وبعد الإجراءات الجمركية
والهجرة غادر المطار وأخذ سيارة أجرة.. وأوضح كوهين رجل الأعمال للسائق أنه غريب
في المدينة.. وطلب منه أن يشير عليه بفندق ينزل فيه. ومضى السائق به إلى عنوان
معروف في شارع (أفنيدانويفي دي جوليو) في قلب المدينة.
وعندما وصل رجل الأعمال (كوهين) إلى
الفندق كتب اسمه في السجل: (كامل أمين ثابت) تاجر تصدير واستيراد.. وكان جواز سفره
يدل على أنه سوري.
كانت مدينة بيونس آيرس حافلة بالأندية
التي يؤمها السوريون واللبنانيون.. حيث يجتمعون في كل مساء للتحادث ولعب النرد.
واختار ثابت النادي الذي ارتآه
ملائماً.. وسرعان ما تبادل ثابت أطراف الحديث مع طائفة من الناس.. الذين طلبوا منه
التعريف بنفسه. فبدأ ثابت في سرد قصة حياته الوهمية. قال: إن والده أمين وأمه
سعيدة غادرا بلدهما سورية قبل سنوات ليجربا حظهما في العاصمة اللبنانية المزدهرة،
بيروت، وهناك ولد كامل وأخته (عينا) التي توفيت وهي طفلة صغيرة ولم تجر الرياح بما
اشتهت العائلة.. فانتقلت إلى مصر.. واستقر أمرها في الإسكندرية أخيراً.. وهناك قضى
كامل أكثر أيام طفولته.. وكان والده يلح على أن تحتفظ العائلة بالجنسية السورية..
وهو الذي غرس في كامل حباً عميقاً لبلده.. وقال كامل لمستمعيه أنه أقسم حين كان
والده في النزع الأخير بأن يزور سورية في يوم من الأيام.
أصبح إيلي شخصية شعبية في دائرة
المهاجرين السوريين.. كما عرف أن (نادي الإسلام) وهو مطعم ومركز اجتماعي هو خير
الأمكنة التي يلتقي فيها بأولي النفوذ من أبناء الدول العربية. وذات يوم اتصل
الحديث بينه وبين رجل أصلع.. متوسط السن.. قال لإيلي أن اسمه (عبد اللطيف الخشن)
وإنه محرر أكبر جريدة عربية في الأرجنتين.. وقدم الخشن إيلي إلى الشخصيات العربية
البارزة في بيونس آيرس.. كما عرّفه إلى الدبلوماسيين ورجال المجتمع الأغنياء.
وفي أحد الأيام وخلال حفل قابل العميد
(أمين الحافظ) الملحق العسكري في سفارة الجمهورية العربية المتحدة.. وسرعان ما
أولى أمين الحافظ ثقته هذا الشاب المتحمّس.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق