بسم الله الرحمن الرحيم
الفشل السياسي الدائم المزمن الذي لازم هيئات المفاوضات ولازم
الائتلاف الوطني السوري له أسباب كثيرة وميزات كثيرة أهمها أن الطرح السياسي
الثوري الوطني غير موجود أساساً...يعني هم ليسوا على شيء أبداً, ولم يطرحوا أي طرح
ذاتي متكامل حتى لو كان غريباً أو ضعيفاً.
والغريب أن هؤلاء جميعاً لا ينقصهم الدهاء والذكاء إذ نجحوا في إقناع
الرعاة الإقليميين والدوليين بأنفسهم حتى برزوا...
منهم من أقنع الراعي مباشرة ومنهم من أرضى كبير كتلة تحت الرعاية فدخل
في كتلته فأرضى كبير الكتلة الراعي فرضي عنهم أجمعين ورضوا عنه....
وبرزوا جميعاً وظهروا وقد كانوا من قبل في غياهب النسيان.
وحتى لا نغمطهم حقهم لابد أن نعترف لهم أنهم قد أسسوا شيئاً خلال
سنواتهم الماضية....أسسوا لنظرية "الانتظار":
-
انتظار الأصدقاء "أصدقاء الشعب السوري" ليملوا عليهم ما
يفعلون وما يقولون.
-
انتظار العدو وإعطائه الوقت التفاوضي المديد الكافي لينهي الأعمال
العسكرية التي يريدها في المناطق التي يختارها.
-
انتظار الرواتب والبدلات النقدية التي أضحت ضرورة معاشية شخصية لكل
واحد منهم.
وللأمانة أيضاً لابد من القول إنهم في الانتظار ناجحون محترفون,
وهادئون حكماء ...وإذا انتقدهم أحد على
انتظارهم وطبيعته المدمرة, ردُّوه ووصفوه "بالهوبرة" والرعونة وعدم فهم
و إدراك الواقع.
ومن صفات المنتظرين الأخيار أنهم أكابر وثقيلون رزنون لا ينزلون
لمستوى المنتقدين ولو كانوا ناصحين ولا
يصغون لأحد خارج قنوات الأصدقاء الأولياء, فالمنتظرون لا يحركهم ولا يستخفنَّهم
المتعجلون الذين لا يدركون التصرف الصحيح تجاه الواقع الإقليمي والدولي... ذلك
الإدراك العميق الذي وصل إلى الإذعان و التوصية القريبة الآتية بما اتفق عليه
الجميع:
" بقاء بشار الأسد وانتهاء الصراع ضده"...
أعلنها خالد المحاميد بهذه الصراحة الكاملة وهو عضو نشط في الائتلاف
فسارعوا لفصله وأظن أن الرعاة هم من أوعزوا بذلك, لأن الأوان لم يحن بعد ولابد من
التمسك بالسياسة الدعائية الحالية وهي الاعلان أنهم مع الثوابت التي أُعلنت في
الرياض ومحورها مغادرة بشار للحكم من بداية المرحلة الانتقالية.
لابد من ترتيبات وإعدادات وإجراءات تصل إلى حد انعقاد مؤتمر جديد
وإدخال لاعبين جدد.
مؤتمر في الرياض يضم كل المنصات: منصة الرياض القديمة ومنصة القاهرة
ومنصة موسكو ولا يجمع المنصتين الآخيرتين إلا أمر واحد وهو:
"الإبقاء على بشار الأسد"
ولكن منصة الرياض الأولى ما زالت أسيرة لما اجتمعت وأجمعت عليه في
2015 وهو "مغادرة بشار الأسد" ...
ومنصة الرياض الأولى لها حظوة ورعاية خاصة من السعودية فكيف ستتراجع
وتستجيب للمنصتين المجمعتين على بقاء بشار ونظامه؟.
لابد من صيغة أخرى وطرح آخر يظن أصحابه أنه جديد وأن الأوضاع
الميدانية والعسكرية تناسب طرحه إلى حد كبير, وهو في الحقيقة طرح ليس بجديد وننتظر
أن يطرحوه في هذا التوقيت بقوة وفتنة.
"انتخابات برلمانية
ورئاسية مبكرة يشارك فيها بشار الأسد ومن معه" ولينافسه من يريد ولينافس على
مقاعد مجلس "الشعب" من يريد...ولتأت الدنيا بأسرها لتشرف على نزاهة
الانتخابات والإجراءات.
وستكون هناك ضمانات من كل
الدول الكبرى والصغرى ومن كل الهيئات
الأممية والدولية ومن الهيئات الخاصة المستقلة وسيقولون :
"إن الالتزام بنتيجة الانتخابات من طرف النظام أكيد وإن
الإجراءات ستكون شفافة ونزيهة".
وسيكون هناك عبارات سيروجون لها بقوة وعبر كل الوسائل وليس بالإعلام
وحده: "تريدون زوال بشار الأسد , دونكم صندوق الاقتراع....تريدون زوال نظامه,
دونكم انتخابات مجلس الشعب".
روسيا تسعى لذلك وإيران تطرب لذلك وأميركا وأوربا لن تعترض عليه...فهي
الديمقراطية عندهم في النهاية.
بعض الناس قد يظن وبعضهم قد يدلس متعمداً ليقول إن هناك فرصة للخلاص
بهذه الطريقة وأن بشار ومن معه من المستحيل أن ينجحوا في انتخابات مشهودة تحت
رقابة وضمانة دوليتين.
والأمر الأكيد المدروس الذي نشرناه أكثر من مرة أن أي انتخابات مقبلة
فيها بشار الأسد ونظامه ستكون نتيجتها بقاء بشار الأسد وبقاء أغلب المصفقين له في
مجلس الشعب , وبدون أي تزوير أو خروقات:
إنه شبح الرعب ورمزيته أيها السادة....رعب زاد وفاق ما تتصوره
العقول...
خوف من الانتقام , خوف من فقدان مصدر العيش, خوف من الإبعاد و خوف لمن
هم في الخارج أن يحرموا من العودة , خوف من الحرمان من وثائق السفر والولادة
والزواج.....خوف من كل نوع ولون.
وأخطر ما في هذا الطرح القادم هو اكتساب بشار الأسد لشرعية دولية لن
يستطيع احدٌ أن يشكك فيها ....إنها "شرعنة الأسد ونظامه"
وكثيرون من المشاهير معارضين وغير معارضين قد يدخلون منافسين لبشار
الأسد وسيهتفون في الناس ألّا يخافوا وألا يُحجموا, ولكن أغلب الناس سيبكرون
للخروج وانتخاب بشار ومن معه فالرعب القديم قد زادت فيه إيران وروسيا فصولاً
وفصولا.
وسيرفع الناس أصابعهم التي غمسوها بالحبر عالياً في الشارع أمام
الجميع ليثبتوا أنهم قد انتخبوا وسجلوا للقائد الخالد صوتاً.
وهناك فئة الذين كانوا عايشين سيشاركون بكثافة و سينتخبون من رسموا
على أسفل حذائه شمساً وسماء صافية زرقاء.
وهناك كل المنغمسين في الجريمة المنظمة وغير المنظمة.
وهناك الطائفيون والفاسدون
والشركاء....سينتخبون ويحرضون على بقاء الأسد بكل الطرق.
لقد وصل المعارضون المنبثقون من منصة الرياض القديمة إلى وضع حرج فإما
أن يقبلوا في مؤتمر الرياض القادم بما سيملى عليهم وقد ألفوا ذلك وتأقلموا معه أو
يعودوا إلى الفقر والنسيان.
يجب أن يقبلوا بديمقراطية فيها المرشح الأوفر حظاً للنجاح بشار الأسد ومن معه...ديمقراطية ستُنجح ديكتاتوراً لم يذكر التاريخ له قريناً في عدد القتلى برقبته.
يجب أن يقبلوا بديمقراطية فيها المرشح الأوفر حظاً للنجاح بشار الأسد ومن معه...ديمقراطية ستُنجح ديكتاتوراً لم يذكر التاريخ له قريناً في عدد القتلى برقبته.
ومن قال هتلر فقد أخطاً لأن هتلر قتل من هم من شعوب أخرى ولم يبق و
يفز بانتخابات "ديمقراطية" بعد القتل.
وفي سورية يُعدُّون لانتخاب من قتل من شعبه أكثر من مليون ليكون
رئيساً منتخباً فوق مليون جمجمة.
هذا ما يعدُّون له وليس هو بقول كاهن يرجم بالغيب ولا بقول شاعر
يتفنن إنما هو خطر عظيم قادم فاتقوه.
د. أسامة الملوحي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق