ذهب موسى بن نصير إلى المغرب سنة
(86هـ/705م) والياً عليها من قبل عبد العزيز بن مروان والي مصر فوصل القيروان وخطب
الناس في جامعها قائلا - كما جاء في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة - : إنما
كان قبلي على إفريقية أحد رجلين: مسالم يحب العافية أو رجل ضعيف العقيدة قليل
المعرفة. وأيم والله لا أريم هذه القلاع والجبال الممتنعة حتى يضع الله أرفعها
ويذل أمنعها ويفتحها على المسلمين.
وكانت بداية أعمال موسى فتحه لحصن
(سجوما) الذي كان يؤدي إلى (سبتة) وكان فتح سجوما أمراً على جانب كبير من الأهمية.
فقد كانت هذه البلدة قاعدة لجزء
كبير من قبيلة أوربة - قبيلة كسيلة المسؤولة عن مقتل عقبة بن نافع - فقد انفتح
أمام موسى الطريق إلى سبتة وطنجة فاستولى عليهما، فأحس (يليان) بخطر المسلمين فأخذ
يصانع موسى بن نصير ويشجعه على غزو الأندلس وفتحها، وأسند ابن نصير إمارة طنجة إلى
أحد قواده وهو طارق بن زياد يساعده طريف بن زرعة.
وبدأ موسى بن نصير بنشاط بحري، عبر
حملات على جزائر البحر المتوسط، مما دفعه بالتالي إلى توسيع دار الصناعة في تونس
وتعميق القناة التي تصلها بالبحر، ليصبح ميناء تونس صالحاً لاستقبال كافة أنواع
السفن الكبيرة، وعمل على بناء المراكب، وتكّون للمسلمين أسطول في إفريقية قام
بالعديد من الغزوات البحرية الموفقة. فقد وصلت الحملة الأولى إلى صقلية بقيادة
عطاء بن رافع الهذيلي قائد أسطول مصر، وكان معه تابعيان هما أبو عبد الرحمن الحبلي
وحنش بن عبد الله الصنعاني، وفي نفس الوقت قامت حملة أخرى على (سردينية) وكان
الهدف من الغزوتين استطلاع أمر تلك الجزر، وقد كانت في سنة (92هـ/710م).
وبعد مدة قام موسى بن نصير بغزو
الأندلس وتم له فتحها واعتمده الوليد بن عبد الملك(3) والياً على إفريقية
والأندلس.
وبعد أن تم لموسى بن نصير هذه
الفتوح استدعي إلى دمشق فلم يصلها إلا بعد وفاة الوليد وتولي سليمان الخلافة سنة
(96هـ/714م).
ويعتبر موسى بن نصير ممهد أمور
إفريقية والمغرب الأقصى، وهو فاتح الأندلس، ومن دهاة ولاة بني أمية وأكابرهم
وعظمائهم.
كما أن موسى بن نصير يمثل آخر عهد
الأمراء الفاتحين في إفريقية والمغرب الذين وطّدوا أركان الدولة الإسلامية في تلك
البلاد ورسّخوا بنيانها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق