أختي عائشة أقسمت
لا عطراً ولا عيوناً
لكحل الحجر
وقصت ظفائر شعرها الأشقر
وزينت به ربيعاً
لأغصان الشجر
وأمي في حمص
تبكي وتناجي في وقت السحر
وتمسح رأس أخي الأصغر
وتمني النفس بالصبر والعبر
وتصرخ للعروبة
هذا ذنب لا يغتفر
وأبي الجريح
يأن طوال الليل يسهر
وقصص الخوف يتذكر
وفي الشوارع الطويلة
في حمص ليل آخر
يقف فيه آلاف العسكر
ويسألون هل بقي لحمص أسود تزأر
ويتوعدون بجعلها حصيدة لنار تسعر وأختي
عائشة ترد عليهم
بزغرودة من الحناجر تتفجر
وتعلن ولادة شهيد
بأسماء الصحابة يفخر
وأوان النصر المنتظر
وترد علينا قوافل العسكر
بقذائف تنهال مثل عصف المطر
والعرب خانعة يتسألون
هل في حمص للعروبة من بشر
هل بقي أحفاد لسعد وخالد وعمر
ولكن أختي عائشة
أيقنت بأن حمص
من عالم الغدر أكبر
ووحش الظلام لفجر حمص قد أدبر
وأمي المسكينة
تحتضن أخي الأصغر
وتقول من المقابر
يسطع وجه القمر
ويأتي العرب إلينا زمر
وتعود حمص لليالي السهر
تبكي أختي عائشة
وتقول أمي ما الخبر
أختي عائشة
أيقنت بأن حمص
في قلب الخطر
وأن الفرس سيحطون بها السفر
وأن طوابير العسكر
ما زالت تبحث عن طفل
رسم للحرية أعظم الصور
أختي عائشة
هي من علمتنا
بأن من يهب الحياة
يغير القدر
ومن يطمح لكرامة العلا
ويطلب المنا ينسى الحذر
ومن يصنع المجد
لا يقبل عيش الحفر
رحلت عائشة
وبقيت ظفائرها تحت الحصار
ولهيب النار وذراع الضجر
وبعد عام من الحصار
مضيت أبحث عن أختي
بين الدمار
وبين حجارة أمسح عنها الغبار
وأسأل الأموات
هل عائشة بالجوار
وهل أفشت ببعض الأسرار
لا مجيب يرد من تحت الحجار
وعرفت بأن عائشة
تسطع ما بين النجوم والأقمار
وتكلم حاضرة
الخواطر والأفكار
وأنها غافلت
القيود وذل الانكسار
وأعلنت أرض حمص
لغد إنتصار
رحلت عائشة وغرفتها
تبكي سكون الوقار
وتاريخ مولد الأزهار
وأمي أقفلت بابها
وعلقت على الجدران
أكاليل الريحان والغار
وأعلنت بأن الحزن
لنا عار
وأبي الجريح صرخ عائشة
لا صوت لعائشة يملئ الدار
وفي لحظة سمعنا منادي
من خلف الأسوار ينادي
عائشة... عائشة... زوج المختار
والثأر لها
واجب على كل الأحرار..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق