سمعت
"عايدة" جارتها تحدث أمها بصراحة ودونما خجل عن "سلمان"
الضابط الوسيم الذي ظهر في الحارة مثل بدر مكتمل شهيّ تلمع النجوم على كتفيه
فتزيده اشتهاء ورغبة، ما جعل عايدة تتعلق به مثل ذرة من الحديد تتعلق بمغناطيس
جبار!!
وكيف لا تتعلق به عايدة وتعشقه
وقد سمعت عدداً من صبايا الضيعة حين رأينه يدبك في عرس ابن المختار يتسابقن برفع
أيديهن إلى السماء ويتضرّعن :
- يا
رب ، اجعله من قسمتي ونصيبي !!
كيف لا تعشق عايدة شاباً أحدث هذا
الزلزال الجميل في نساء الضيعة وصباياها !؟
كيف لا تعشق هذا الشاب الممتلئ
حيوية الذي فاق في صورته صورة فارس الأحلام الذي حلمت به طويلاً!!
وكيف لا تملأ عايدة الدنيا غناء
وترقص وتدور حول نفسها مثل المجاذيب عندما علمت بمجيئه لخطبتها؟!!
وكيف لا تقاطع أخاها الدكتور
"مصطفى" الذي كاد يفشل زواجها من هذا الفارس حين اعترض بشدة، قائلاً
لوالده :
- أبي
... كيف تقبل زواج أختي لرجل من طائفة تكفّر طائفتنا وتحقد علينا ؟!أبي ... سلمان
علوي .. نصيري.. كافر.. كيف تصاهرون رجلاً كافراً ؟!!
قاطعته الأم بغضب :
- يا
حكيم زمانك ..دعك من تكفير الناس على الطالع والنازل.. دعك من هذه الخزعبلات التي
يملؤون بها عقلك في الجامع!! كلنا مسلمون لا فرق بين علوي وسني وكردي (ورفعت
سبابتها في وجهه محذرة وأضافت) كيف تجرؤ.. يا ولد .. على اتهام الرجل بالكفر وهو
يصلي معكم في الجامع؟!! ألا تخاف الله ؟!!
ردّ مصطفى ببرود متعمد :
- أمي
.. يا حبيبتي .. لأني أخاف الله قلت ما قلت، وأنت يا أمي .. يا روحي .. أنت على
راسي من فوق .. لكن ما تقولينه عن الرجل غير صحيح .. غير صحيح على الإطلاق.. سلمان
.. هذا ليس مسلماً حتى وإن صلى وصام .. هذا ثعلب ماكر يتظاهر بالإسلام لأمر في
نفسه، والإسلام بريء منه، ومن طائفته الكافرة
!!
قاطعته الأم بغضب :
- وكيف
عرفت أنه كافر ؟! هل شققتَ عن قلبه ؟!!
- لا..
لم أشق عن قلبه.. لكن المكتوب باين من عنوانه، والجميع يعلمون أن العلوي .. نصيري
.. كافر ! هذه المسألة محسومة عند كل جماعتنا ومشايخنا، وإذا كانت شيختك
"صالحة" هي التي قالت لك إن العلوي مسلم مثلنا، فهي شيخة جاهلة لا تعرف
من الإسلام شيئاً ؟!!
قالت الأم ساخطة :
- تأدب
يا ولد .. أنت الجاهل .. أما شيختنا "صالحة" قدّس الله سرها فهي عالمة
جليلة تعرف الله جيداً وتحفظ كتابه، وقد شهد كل أهل الضيعة أنها ولية من أولياء
الله، وقد رأوا على يديها كرامات لا تعد ولا تحصى، فكيف تقول إنها جاهلة؟! أنت
الجاهل ... وشيخك "عبد الكريم" أجهل منك، فهو الذي يلعب بالدين
ويحشو رؤوسكم بتكفير الناس !!
قلب مصطفى شفته وقال غير عابئ :
- بل
شيختك وأمثالها من علماء السلاطين هم الذين يلعبون بالدين، ويحرفون القرآن إرضاء
لولي الأمر الذي ينتمي إلى طائفة سلمان الكافرة .. أمي .. يا حبيبتي .. شيختك
وأمثالها من مشايخ السلطان هم الذين يجعلون منكم حطباً لجهنم بدعوتكم إلى طاعة ولي
الأمر الذي يعلمون أنه كافر ... ابن كافر !! ومع احترامي لك يا غالية .. من الآن
وصاعداً لن أسمح لك بحضور دروس هذه الشيخة الجاهلة
!!
فاستشاطت الأم انتصاراً لشيختها
فرمت مصطفى بسلة الغسيل التي كانت ترتبها، وعندما رأى الأب أن النقاش وصل إلى هذا
الحد توقف عن التلاوة وطوى المصحف وقام إلى مصطفى وصرخ فيه مغضباً :
- تأدب
... يا ابن المدارس ... كيف تخاطب أمك بهذه الطريقة ؟! ( ثم هزّه من كتفه وتابع
يقول) يا مصطفى تكفير الناس مو شغلتنا... هي شغلة الله.. فتوقف عن هذا الجهل واتق
الله !!؟
قالت الأم
:
- أجل
.. أجل ... علّمه .. علم هذا الجاهل كيف يتأدب مع أمه ومع شيختي المحترمة، وينقطع
عن دروس شيخه الإرهابي !!!
وضع الأب المصحف في جرابه ورفعه
على الرف وتابع يخاطب ولده :
- هل
نسيت يا دكتور.. يا فهمان .. فضائل الرجل علينا وعلى الضيعة ؟!
قال مصطفى متبرماً :
- وأية
فضائل هذه ؟!!!
أجاب الأب متذرعاً بالصبر :
- هل
نسيت كيف توسّط سلمان لابن عمك "عدنان" ووجد له وظيفة محترمة في
وزارة التموين ؟! وهل نسيت كيف طلب سلمان من رئيس البلدية إصلاح طرقات الضيعة فأمر
الورشات على الفور بمدّ الطرقات بالزفت لتغطية ما فيها من حفر ومستنقعات ومصائب ..
وغير ذلك من الخدمات الكثيرة التي عملها سلمان من أجل الضيعة.. هل نسيت ذلك كله ؟!!
عاد مصطفى يناكف :
- لا
.. ما نسيت.. لكن ما تقوله ... يا أبي ... يزيدني إصراراً على رفض هذا الرجل، فهو
رجل أمن وله منصب كبير في النظام، وإذا ما اختلفنا معه في المستقبل فلن نستطيع
مواجهته ولن نأخذ منه حقاً ولا باطلاً !!!؟
أحس الأب أن لا جدوى من الجدل،
فتأفف وقال بنبرة قاطعة :
- يا
جماعة.. نحن الآن في موضوع زواج ولسنا في مناظرة دينية ، فاتركوا الدين جانباً
وتعالوا نفكر بالترتيبات ؟
فضرب مصطفى على جبهته كأنما تذكر
أمراً وقال :
- يا
جماعة .. أنتم ناسين أن "عبدالله" ابن عمي هو خطيب عايدة، وكل العائلة
تعرف هذا، فكيف توافقون على خطبتها من سلمان .. الغريب .. الذي لا نعرف قرعة أبيه
من أين!!؟
أجاب الأب
:
- يا
ولدي.. تلك قصة قديمة مضى عليها أكثر من ثلاثين سنة عندما جاءني أخي " أبو
عبد الله" وطلب يد عايدة لابنه، وكانت عايدة وعبد الله طفلين صغيرين، وها قد
مضت تلك السنوات ولم يعد أخي ولا ابنه يتكلمان بالموضوع، وأختك كبرت فهل ننتظر حتى
تصبح عانس؟! لا.. لا.. لن أفوّت عليها الفرصة كرما لعمك وابنه المجدوب الذي لا
يفكر بزواج أختك، بل يفكر بالزواج من الحور العين اللواتي لا يتوقف شيخه عن الحديث
عنهن.. يا مصطفى .. ابن عمك صار مجدوب متل شيخه الذي عنده أربع نسوان، ومع ذلك
يهجرهنّ وينام وحيداً في "زاوية" الجامع التي تختنق بدخان البخور والكتب
الصفراء، بانتظار كرامة تزفّه إلى الحور العين!!
قال مصطفى
:
- صحيح
.. ابن عمي يلازم المشايخ ويتأثر بكلامهم ويفكر بالجهاد والشهادة في سبيل الله،
لكن هذا لا يدل على جدبته، بل يدل على طيبته وعمق إيمانه بالله، وعلى كل حال فهو
مؤمن يخاف الله، وليس مثل العلوي .. الكافر .. سلمان!!
صرخ الأب في غضب بالغ :
- يا
ولد .. توقف عن تكفير الرجل، فقد أصبح صهرك .. يا مصطفى .. سلمان أصبح منا وفينا
.. وما يصيبه يصيبنا، وقد قلت لك ميت مرة .. تكفير الناس مو شغلتنا .. هي شغلة
الله !!
قال مصطفى
:
- لكن
.. يا تاج راسي .. بغضّ النظر عن هذه المسألة علينا أن نحسب حساب عمي وابن عمي وأن
نخبرهما عن خطبة عايدة من سلمان حتى لا يلومنا الناس ويتكلموا علينا بالعاطل !!؟
قال الأب
:
- هذا
الموضوع دعه لي ، أنا أتفاهم مع أخي وابنه وأحل المشكلة !! والآن دعونا نبدأ
التفكير بالترتيب للزواج ؟!!
لم تلتفت عايدة إلى هذا الجدل
مخافة أن ينغص عليها سعادتها بسلمان، وبدأت تجهيز نفسها للزواج، وطلبت من سلمان
تأخير العرس ثلاثة أشهر ريثما تجتاز امتحان الماجستير وتتخرج من الجامعة، فوافق
سلمان وبدأ معها البحث عن شقة، لكن حصل ما لم يكن بالحسبان، فالحلم الكبير الذي
عاشت عليه سرعان ما انقلب إلى كابوس مرعب، إذ اعتقل أخوها مصطفى في إطار
الاعتقالات التي شملت عدداً من شبان الضيعة في أعقاب حوادث اغتيالات غامضة بدأت
تقع وسط دمشق، راح ضحيتها عدد من مسؤولي النظام وأركانه!!
ووصل إلى ابن عمها "عبد
الله" خبر اعتقال مصطفى، ثم خبر اعتقال شيخه "سعيد" ومقتله
تحت التعذيب في أحد فروع الأمن، فأقسم عبد الله على الانتقام، وبحث عن هدف من رجال
الأمن ينتقم منه فوجد أن أقرب هدف وأسهل هدف هو غريمه سلمان، لاسيما وأنه ضابط أمن
كبير في فرع أمن يعتبر من أكثر فروع الأمن رعباً وتنكيلاً بالمعتقلين!!
عزم عبد الله على التخلص من
سلمان، فانتهز دعوة عمه لوجهاء العائلة لحفلة عشاء من أجل تعريفهم بسلمان وإعلان
الخطبة، فأعدّ مسدساً، وترصّد له في أحد منعطفات الحارة، وعندما رآه أطلق عليه
رصاصة، ولم يحسب حساب المرافقين اللذين كانا يسيران وراءه يحرسانه، فقد تدخلا
سريعاً وأطلقا النار على عبد الله فأردياه يتخبط في دمه، وطلبا سيارة إسعاف نقلت
سلمان إلى المستشفى، ونقلت عبد الله إلى المشرحة!!
وفي اليوم التالي اتصل سلمان
بعايدة من المستشفى ليخبرها بما جرى ويطمئنها أنه بخير وأن الرصاصة أصابت كتفه
لكنه لم يجد جواباً، فأمر أحد حراسه بالذهاب إلى بيت عايدة ليعرف سبب عدم ردها،
فذهب الحارس وعاد يخبره أن "العميد أصلان" رئيس فرع المخابرات الجوية
أمر باعتقال كل عائلة عايدة بما فيهم عايدة نفسها، وكذلك بيت عمها .. نتيجة ما جرى
بالأمس !!
اتصل سلمان بالعميد وطلب مقابلته،
وعلى الفور غادر المستشفى، فلما رآه العميد قام من خلف مكتبه وأقبل يحتضه ببشاشة،
ثم عاتبه على عدم زيارته منذ التخرج من الكلية، فتعلل سلمان بأحداث الاغتيالات
الأخيرة التي شغلت الجميع ورجاه بالإسراع في أخذ أقوال عايدة وأسرتها، وإطلاق
سراحهم فرفع العميد يده في إشارة ذات مغزى وقال
:
- مهلك..
مهلك يا عزيزي .. أنا أعرف أنها خطيبتك ، لكن ...علينا أن ننظر لما حصل ضدك بعيداً
عن العواطف فالوضع خطير جداً، وأنت رجل أمن وتقدّر الظروف التي نمر بها !!؟
- هذا
مؤكد .. سيدي .. لكن .. أرجوك هات من الآخر كما يقول إخواننا المصريون !
- طيب
.. طيب.. تكرم .. تفضل أولاً اشرب قهوتك، ثم نتكلم
!
- شكراً
سيدي .. طمني أولاً لأشرب القهوة على رواق
- تكرم
.. تكرم .. فأنت أخ عزيز .. لكنك أيضاً زميل، وتعرف التعليمات تماماً، فكيف تطلب
مني إطلاق هؤلاء بعد الذي حصل؟!! وبعد الذي أصابك منهم ؟!!
وسكت العميد برهة وأخرج علبة
السكاير وقدمها لسلمان فأخذ منها واحدة راح يقلبها بين أصابعه ويحدّق بالعميد
منتظراً جوابه وقال له :
- سيدي
.. أرجوك .. قل لي .. طمني .. أرجوك !!؟
تنهد العميد في عمق وحدّق في عيني
سلمان وقال :
- يا
عزيزي .. هذه مؤامرة دنيئة من عمك أبي مصطفى، وابنه الإرهابي، والمجرم الذي أراد
قتلك .. يا عزيزي .. لقد فعلوا ما فعلوا للتخلص منك باعتبارك محسوباً على النظام،
وهذه المؤامرة منهم لا تخرج عن إطار الاغتيالات المنظمة التي يمارسونها ضدنا وضد
طائفتنا .. فكيف فاتك هذا !!
- مؤامرة
؟!! هذا مستحيل !! مستحيل ... عمي أبو مصطفى لا يمكن أن يفكر هكذا!! فقد وقف ضد
أخيه وضد العائلة كلها من أجل زواجي من ابنته عايدة، فهل يعقل أن يتآمر لقتلي ؟!!
لا .. أبداً هذا مستحيل .. مستحيل أن يفكر عمي بهذه الطريقة ! ثم .. ليس هناك دليل
على ما تتفضل به ... سيدي !!؟
- دليل؟!!
قال العميد وضحك ضحكة ساخرة ترددت
أصداؤها في الغرفة الواسعة، وتابع يقول :
- هل
حقاً تطلب دليلاً؟!! ومتى .. يا عزيزي .. كنا نبحث عن أدلة ؟ كبّر مخك .. أيها
العاشق الولهان !!؟ لقد أعلن هؤلاء الأوباش الحرب علينا بكل وقاحة .. وتريد أدلة
!!! يا عزيزي .. فكر برفاقنا الذين قتلوا على أيدي هؤلاء الكلاب الذين يكرهوننا
ويكرهون طائفتنا ويتمنون موتنا !
- لا..
لا .. سيدي .. اسمحي أن أخالفك في هذه، فإطلاق التهمة هكذا على الجميع خطأ فادح ..
صحيح أن من هؤلاء متطرفون يكرهوننا ، لكن أيضاً بينهم عقلاء لا يوافقون على ما يجري،
ثم لا تنسى .. سيدي .. أني أصبحت صهرهم ولا يمكن أن يغدروا بي كما تقول !!؟
لم يعبأ العميد بما يسمع ومدّ يده
فأخرج غليونه وبدأ يجهزه للتدخين، فطلب منه سلمان مقابلة خطيبته عايدة فنظر العميد
في شاشة الكومبيوتر التي أمامه ثم نادى حارسه وأمره بإحضار المعتقلة رقم ١٣٨٩،
فغاب الحارس برهة وعاد مع حارسة أمن تمسك بمعتقلة تكاد تهوي من الإعياء فصرخ فيها
العميد قائلاً :
- تعالي
سلمي على خطيبك !
فتوقفت المعتقلة ناشبة قدميها في
الأرض مستنكرة ما سمت من العميد، ونظر سلمان إلى العميد مندهشاً وقال :
- سيدي
.. هذه ليست عايدة !!!؟
فسأل العميد الحارسة عن رقم
المعتقلة ، أجابت :
- رقمها
سيدي ١٣٩٨
- يا
حيوانة ، أنا طلبت الرقم ١٣٨٩ ألا تفهمون ؟!! هيا .. انصرفي وأحضري ما طلبت !!
- أمرك
سيدي .. أمرك .. أنا آسفة
قالت الحارسة وانصرفت فقام العميد
يجهز نفسه لمغادرة المكتب، وهو يقول :
- سلمان..
يا عزيزي .. سأتركك عشر دقائق مع خطيبتك لتفضي لها بما تريد، أما إطلاق سراحها
وسراح عائلتها فهذا الأمر لم يعد في يدي، وأنت طبعاً تعرف التعليمات جيداً...
فالمعذرة !!
- شكراً
.. شكراً سيدي على كل حال، لا نستغني عن أفضالك
!
- لا
تقل هذا .. يا عزيزي .. أنت غالٍ علينا !
غادر العميد، وحضرت عايدة تتهادى
مرهقة بين حارستين، فلما رآها سلمان هبّ إليها فأخذها في أحضانه، وجاء بها حتى
أجلسها على الكنبة الواسعة وأسند رأسها إلى صدره، ثم سألها
:
- كيف
حالك ؟!
قالت بصوت واهن :
- بل
أنت كيف حالك؟! كدت أموت عندما علمت أن المجرم أطلق عليك الرصاص، كيف حالك الآن ؟!!
- أنا
بخير ، أخرجوا الرصاصة من كتفي وأنا الآن كما ترين ممتاز
- الحمد
لله على سلامتك، أما أنا...
خنقتها العبرات فدفنت وجهها في
صدر سلمان وراحت تنتحب، فسألها مرتاباً :
- خير
!؟ أخبريني ما الذي حصل ؟!!
أجابت وهي تشهق بالبكاء :
- لقد
اعتدوا على شرفي ، وأنا أنزف منذ البارحة، وطلبت نقلي إلى المستشفى فلم يردوا عليّ !!
- كلاب
!!؟ كلاب !!!
صرخ سلمان وقد نسي المكان لوقع
المفاجأة ، فجاء العميد على سماع الصراخ
- خير؟
خير ؟!!
فلما رأته عايدة صرخت في حرقة :
- نعم
.. نعم .. هذا هو !!
ووقعت على الأرض تتأوه، فانتتر
سلمان واقفاً وشهر مسدسه، فهبط العميد وتوارى خلف مكتبه مخافة إطلاق النار عليه،
وقال محذراً :
- سلمان
.. يا عزيزي .. لا تصدق هذه المجنونة !! ( ورفع رأسه وتابع يقول ) هذه
المجنونة لا تعي ما تقول ! ( ونظر إليها نظرة تهديد وصرخ فيها ) اخرسي يا.. ساقطة !!
- ساقطة
!! ( قال سلمان غاضباً، ورمى العميد بنظرة عاتبة وتابع) تقول ساقطة وأنت تعلم أنها
ستكون زوجتي ؟!!
- أجل
.. أجل ساقطة .. كلهم سقطاء .. وأنا أستغرب كيف تقبل مصاهرتهم وأنت تعرف كرههم لنا!!
- لا..
لا .. سيدي.. ليسوا سواء !!؟
- بل
هم أحط من الكلاب .. كبّر عقلك !!؟
انتبه سلمان إلى خمود تأوهات
عايدة الملقاة على الأرض وسكونها تماماً ورأى الدم الذي تبقع على ثوبها وقد بدأ
يسيل منها إلى الأرض فهيأ الرصاصة في المسدس ووضع الفوهة في فمه يهمّ بالانتحار،
فصرخ فيه العميد :
- سلمان
.. أرجوك .. لا تتهوّر !!؟
لكن الرصاصة كانت أسرع، وانهار
سلمان إلى جانب عايدة بلا حراك !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق