قبل الحديث عن كوهين والطامة الكبرى
التي لحقت بسورية لابد من استعراض النتائج المباشرة للمؤتمر القومي السادس، فقد
كان من أهم نتائجه سيطرة (الجناح المتطرف) مما أدى إلى انعكاسات خطيرة وعميقة داخل
الحزب، فقد ظهرت نتائجها تباعاً.
أولاً: لقد وجد ميشيل عفلق نفسه - وهو
المؤسس والمفكر والأمين العام للحزب - وأصدقاؤه في وضع حرج، فقد أخذ الهجوم يطاله
شخصياً من قبل الجناح المتطرف مما أزال البقية الباقية من سلطة القيادة القومية.
ثانياً: لقد كان رئيس الحكومة صلاح
الدين البيطار ضحية الهجمة العدائية من جانب ضباط (اللجنة العسكرية) والعناصر
المتطرفة في الحزب. فقد سقط في الانتخابات التي جرت لاختيار أعضاء (القيادة
القومية). كما اخفق أيضاً شبلي العيسمي وخالد يشرطي وعلي جابر وعبد المجيد الرافعي
ومالك الأمين. وفي المقابل تثبتت مواقع أعضاء اللجنة العسكرية والقيادة القطرية.
وكان من نتائج هذه الانتكاسة التي عصفت
بالتيار القومي داخل الحزب أنه بعد مضي أسبوعين على انعقاد المؤتمر القومي السادس،
أي في 11 تشرين الثاني 1963م، رقي صلاح جديد إلى رتبة (لواء) وسمي رئيساً للأركان العامة
للجيش، بقرار صادر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة. كما كلف اللواء أمين الحافظ في
12 من الشهر نفسه، بتشكيل حكومة جديدة احتل فيها أنصار القيادة القطرية في سورية
قسماً كبيراً من المقاعد.
ثالثاً: عقد تحالف بين الاتجاهين
المتطرفين في كل من القيادة القطرية للحزب في سورية والعراق، ونتج عن هذا التحالف
ما عرف بالجناح (اليساري) في حزب البعث. ولقد استقبل هذا التحالف بكثير من التشجيع
الضمني أو الظاهري، من قبل عدد كبير من الضباط الشباب وأصحاب الغايات والتطلعات
والطموحات الشخصية.
في الوقت الذي كان الصراع على أشدّه بين
أطراف مراكز القوى داخل حزب البعث الذي استطاع التمكن من الحكم بعد أن أجهز على كل
منافسيه وأعدائه.. سواءً على الصعيد المدني أم على الصعيد العسكري.. نقول في هذا
الوقت بالذات استطاع (كوهين) الجاسوس الإسرائيلي أن يتسلل إلى عضوية حزب البعث
الحاكم.. كما استطاع أن يقيم علاقات حميمية مع بعض أعضاء المجلس الوطني لقيادة
الثورة مثل: (الرائد سليم حاطوم). كما تعرف إلى (اللواء أمين الحافظ) يوم كان
ملحقاً عسكرياً في الأرجنتين قبل قيام انقلاب 8 آذار 1963م.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق