روجت المخابرات السورية دعاية بسيطرة إخوان سورية على
مؤسسات المعارضة السورية منذ تشكيل المجلس الوطني، بتاريخ 2 تشرين الأول عام
2011م، وتابعت ترويجها لهذه الدعاية عبر جيشها الالكتروني على وسائل التواصل
الاجتماعي فيس بوك وتوتير، مع تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بتاريخ 11 تشرين الثاني عام 2012م، وتهدف هذه الدعاية
الخبيثة للمخابرات السورية إلى تحقيق أهداف عدة أهمها ما يلي:
1-زعزعة ثقة
العالم والقوى الكبرى بمؤسسات المعارضة السورية وتعزيز تردد تلك القوى في دعم الثورة
السورية المعارضة انطلاقاً من التخوف والحساسية من سيطرة الاخوان عليها.
2-تحميل الاخوان
أوزار الفساد في مؤسسات المعارضة السورية، وأوزار فشلها على المستوى السياسي
والوطني، وبالتالي هي بمثابة ضربة أمنية وعملية اسقاط مزدوجة لكل من مؤسسات
المعارضة وللإخوان معاً.
3-إيجاد بيئة
ملائمة لتشكيل هيئات معارضة جديدة ومنصات مصنوعة من قبل النظام وروسيا ودول أخرى،
وعمل توسعات لمؤسسات المعارضة وإدخال عناصر جديدة عليها بأفكار وأجندة مغايرة، من
أجل تشتيت مواقفها وإضعاف صفوفها.
4-تشويش الحاضنة
الشعبية للثورة، وإحداث شرخ بين قوى الثورة على الأرض في الداخل وقوى المعارضة في
الخارج، من خلال محاولة ربط الاخوان بقوى الإرهاب والتطرف من جهة، والترويج لفساد
المعارضة في الخارج وسيطرة الاخوان عليهم من جهة أخرى.
راقت هذه الدعاية للمجتمع الدولي
وللذين خذلوا الشعب السوري في مأساته مع الدكتاتور بشار الأسد المجرم، فجعلوها
ذريعة للتقاعس عن دعم الثورة السورية، وعن إسقاط النظام ومحاسبته على جرائمه،
خوفاً من البديل الإسلامي الإخواني المحتمل، ولا أعتقد أن الحقيقة كانت غائبة عنهم،
فهم يعرفون الحجم الحقيقي للإخوان في مؤسسات المعارضة، ولكنهم اتخذوها ذريعة لغاية
في أنفسهم ولخدمة مصالحهم وأجنداتهم في المنطقة.
وراقت المسألة أيضا لبعض الحاقدين
على التوجه الاسلامي من العلمانيين أو الانتهازيين اللذين لم يحصلوا على مقعد في
مؤسسات المعارضة أو على قدر كاف من أموال الدعم والسرقات، كما لا تخلوا الجوقة من
أغبياء في السياسة والتحليل فكانوا أبواقاً لدعايات الأعداء وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعاً، فعكفوا جميعهم على ترديد المقولة وترويج الدعاية في كل مناسبة ومن
خلال المنابر الإعلامية التي يتاح لهم الكلام من فوق منصاتها، بقصد أو بغير قصد
" الاخوان يسيطرون على المجلس الوطني وعلى الائتلاف وعلى الهيئة العليا
للمفاوضات ولا بد من إيجاد هيئات جديدة ومنصات جديدة وتوسعات جديدة وإشراك معارضات
جديدة" سواء من المتسلقين على الثورة أو من صنع النظام أو من صنع روسيا ودول
أخرى.
ولو أخذنا الائتلاف الوطني لقوى
الثورة والمعارضة مثالاً لتفنيد هذه الدعاية السخيفة وإبراز الحقيقة كما هي لوجدنا
ما يلي:
أ-
يشكل
ممثلي الاخوان في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من خلال كتلة المجلس
الوطني أقل من 5% من أعضائه الـ 113، فكيف تمكنوا هؤلاء بهذه النسبة البسيطة جداً من
السيطرة على 95% من الأعضاء الآخرين؟!
ب- يتكون الائتلاف من عرب وأكراد وتركمان،
ومن مسلمين ومسيحيين، ومن سنة وعلويين ودروز واسماعيلية، فكيف استطاع الاخوان
السيطرة على هذه التركيبة العجيبة من الاثنيات والأديان والمذاهب؟!.
ت- يتكون الائتلاف من علمانيين ولبراليين
وإسلاميين وشخصيات عسكرية وثورية ونسائية ومستقلة، ومن ممثلين عن هيئات ومنظمات مدنية،
فكيف استطاع الأخوان السيطرة على كل هذه الخلطة الفيزيائية من التوجهات الفكرية المتباينة
من أقصى اليمين الى أقصى اليسار؟!.
ث- اكثر من 70% من أعضاء الائتلاف يمثلون أجندة
دولية ويأتمرون بتوجيهات الدول التي تدعمهم، كالسعودية ومصر وأمريكا وفرنسا
وبريطانيا وروسيا، وحتى النظام له من يمثله سراً في هذا الائتلاف، فكيف استطاع إخوان
سورية احتواء أجندة كل هذه الدول والسيطرة عليها، بالرغم من أن تلك الدول بينها دول
عظمى ودول إقليمية محورية، ولا يوجد دولة منها تتفق مع توجهات الاخوان، بل معظمها
يضعهم على قائمة المنظمات الإرهابية ويمارس ضدهم شتى أنواع التضييق وتجفيف الموارد
بغية اضعافهم؟!.
ج- لا يوجد للإخوان وزير واحد في الحكومة
السورية المؤقتة، وهي تتكون من وزراء يمثلون الأجندة الداعمة لها دولياً وإقليمياً،
كما لا يوجد للإخوان موظف واحد متفرغ في مؤسسات المعارضة السورية جميعها، ولا في
الحكومة المؤقتة، فكيف لهم أن يسيطروا عليها ؟!
5-وفي الختام اقول بموضوعية، اذا استطاع
الاخوان السيطرة على مؤسسات المعارضة في ظل الحقائق المذكورة فهو من حقهم ويجب أن ترفع
لهم القبعات على تحقيق تلك المعجزات، ولكن الأولى هو قول الحق وإظهار الحقيقة، فإن
مقولة: "الاخوان يسيطرون على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وعلى الحكومة
المؤقتة"، فهذه دعاية مخابراتية للنظام السوري وحلفائه، ومقولة سخيفة للسخفاء
من أصاحب الأجندة السياسية الهابطة، وصدى وترديد من قبل الببغاوات الأغبياء الجهلة،
وإن الاخوان حقيقة إن استطاعوا أن يسيطروا على ممثليهم في الائتلاف فقط في ظل الظروف
الحالية للائتلاف، فهم بحق تنظيم ما يزال تنظيماً حياً وقوياً متماسكاً.
15/ 8 / 2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق