يلاحظ بوضوح أن سياسة سورية البعثية
أخذت تتطور بصورة سريعة، على الصعيد الداخلي والعربي في ثلاثة اتجاهات:
1-النهج الاشتراكي.
2-الوحدة السورية العراقية.
3-القضية الفلسطينية.
بعد حصول القطيعة بين البعث السوري
وبين الناصريين، اتجه نظام البعث في سورية، في نهج اقتصادي-اجتماعي، أطلق عليه اسم
(الاشتراكية). وأول المؤشرات لهذا الاتجاه هو نشر الإصلاح الزراعي في حزيران
1963م، والذي بموجبه حددت الملكية بين (15 و40) هكتاراً من الأراضي المروية وبين
(80 و 100) من الأراضي غير المروية.
لقد تصدرت نشرات وصحف البعث مقالات حول
إظهار الفرق بين الخطوات الجذرية (لإصلاحهم الزراعي) وبين الخطوات التي طبقت في
سورية في عهد الوحدة. في آب من نفس العام كتبت جريدة الحزب أن الاشتراكية، بعد
انسحاب عبد الناصر من الوحدة الثلاثية، يجب أن تصبح الهدف الأكثر إلحاحاً بالنسبة
إلى الوحدة العربية. و(الطريق الاشتراكي) هذا، إنما هو أحسن السبل لإقامة الحواجز
في وجه (الديكتاتورية الفردية).
أما بالنسبة للنقطة الثانية فقد أعلن
المسؤولون البعثيون في مناسبات عديدة منذ نجاح حركتهم العسكرية في 8 آذار، عن
تضامن وتقارب (الثورتين) البعثيتين في دمشق وفي بغداد. وذلك بهدف الوقوف ومجابهة
الضغوطات المستمرة للقوى الناصرية على الصعيد الداخلي أو العربي.
بعد انسحاب مصر من ميثاق 17 نيسان،
كتبت جريدة الحزب في هذا السياق قائلة: (على المسؤولين في سورية أن يسعوا إلى
توثيق العلاقات الاقتصادية بين سورية والعراق.. وإزالة كل العقبات التي تقف حجر
عثرة أمام قيام وحدة اقتصادية بين البلدين).
وبالفعل فقد تم في أيلول 1963م، توقيع
اتفاقيات ثنائية اقتصادية وثقافية. وبعد مضي شهر، في تشرين الأول، أعلن عن توحيد
القوات العسكرية بين سورية والعراق. وأنشئ لهذا الغرض (مجلس الدفاع الأعلى) مركزه
دمشق، وسمي اللواء صالح مهدي عماش وزير الدفاع في الحكومة العراقية، في منصب
القائد الأعلى للجيش الموحد.
أما بالنسبة لسياسة البعث السوري تجاه
القضية الفلسطينية فقد التزم مع البعث العراقي في شهر أيلول، بأن يعدَّ العدة
لتحرير فلسطين العربية من الصهيونية وأن يساعد الفلسطينيين لتكوين (جيش التحرير
الوطني) - ومن هنا بدأت مأساة الفلسطينيين على يد البعث بعد وضع يده كوصياً على
القضية الفلسطينية - على نسق (جيش التحرير الوطني الجزائري).
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق