كلما تعرضت تجربة
إسلامية للفشل بسبب من داخلها أو من خارجها ارتفعت أصوات المعادين مبشرين بسقوط المشروع
الإسلامي، بل ويبشر بعضهم بسقوط الإسلام نفسه، جاهلين - عن وعي أو عن سوء طوية - أن
الاسلام دين رباني تكفل الله عز وجل بحفظه!! أما العمل الإسلامي فهو اجتهاد بشري قد
يعتريه ما يعتري أي عمل بشري آخر من صواب وخطأ، ويرد الإسلاميون على النقد الموجه لهم
بأنهم يرحبون بالنقد سواء جاء من داخل الصف الإسلامي أم من خارجه، اقتداء منهم بالقرآن
الكريم الذي خصص مساحة غير قليلة لنقد العمل البشري، ولم يتورع القرآن الكريم عن النقد
حتى لبعض التصرفات التي صدرت عن خيرة الخلق وهم الأنبياء عليهم السلام
ويؤكد الإسلاميون
أن عملهم يخضع بعد كل محنة إلى المراجعة والنقد بهدف تلافي الأخطاء وتصحيح المسار،
بدليل أن العمل الإسلامي - حسب زعمهم - يتقدم وينتشر ويقوى بعد كل محنة يتعرض لها،
ويذكرون على سبيل المثال ما حصل لهم من محن وأزمات طاحنة في عهدي الرئيس المصري جمال
عبد الناصر والسوري حافظ الأسد، خلال ستينيات وثمانينيات القرن الماضي!!
وبالرغم من العقبات
الكبيرة والأزمات والتحديات التي تواجه العمل الإسلامي هذه الأيام في سياق ثورات
"الربيع العربي" يؤكد الإسلاميون أن العمل الإسلامي مستمر في تطوره نظرياً
وميدانياً، ويستشهدون على هذا بحال البلدان التي قادها إسلاميون وحققوا فيها نجاحات
باهرة، منها تركيا وتونس والمغرب ، ومن قبلهم ماليزيا !!
ويرى بعض المراقبين
المتابعين لأنشطة الحركات الإسلامية أن الأيام القليلة القادمة تبشر بمستقبل أفضل للعمل
الإسلامي، إذ يرى هؤلاء المراقبون أن الإسلاميين أصبحوا اليوم أكثر إدراكاً للغة العصر
التي بات من أبجديتها الحداثة والعلمانية والديمقراطية، وأصبحوا أكثر رغبة وقابلية
للاستفادة من تجارب الآخرين في ذلك، وأنهم بدؤوا بالفعل يحرزون تغيراً نوعياً في استيعاب
هذه المفاهيم على غير ما فعل بالأمس بعض المستغربين من مفكري الأمة، من أمثال : الشيخ
علي عبد الرازق، وطه حسين، ومصطفى كمال اتاتورك، وبورقيبة ...ومن لفّ لفهم ممن نادوا
بالأخذ بهذه المفاهيم كما هي في صيغتها الأوروبية، بل نادى عميدهم "طه حسين"
قائلاً : خذوا الحضارة الغربية بعجرها وبجرها، أو اتركوها !!؟
ويواصل هؤلاء المراقبون
مؤكدين أن العمل الإسلامي نجح نجاحاً ملفتاً في حشد الأمة ومناصرة قضاياها والدفاع
عنها، فيما أخفق غيرهم ، ولم تقتصر نجاحات الإسلاميين في ميدان السياسة وحدها، بل نجحوا
كذلك في ميدان الاقتصاد فقد بدأ "الاقتصاد الاسلامي" يحتل مكانته في كبريات
الجامعات والبنوك العالمية !!ولم يتوقف عطاء الإسلاميين عند هذه الحدود بل بدأ العمل
الاسلامي يساهم ويؤسس للقيم في القانون الدولي من خلال رؤية واقعية تراعي الفطرة وتحقق
العدالة كما لم يعرفها القانون الدولي من قبل !!
والحقيقة أن العمل
الإسلامي لم يكتف بالنظريات والمثاليات، بل ساهم مساهمات مشهودة بتقديم أمثلة كبيرة
للتنظيم والالتزام الوطني، وأمثلة عظيمة على نظافة اليد ، والإيمان بحرية رأي الجماهير
والالتزام بالديمقراطية وعدم الحرص على المناصب والمكاسب كما حصل مثلاً في تونس التي
تخلى فيها الإسلاميون عن طواعية بالرغم من حصولهم على الأغلبية في الانتخابات !!
ولكي ندرك عظم
المسؤولية التي اختار المشروع الإسلامي أن يتحملها ينبغي أن ندرك أن هذا المشروع ليس
مشروع حكم، وإنما هو مشروع للتغيير، ينشد تغييراً ثورياً شاملاً كالذي فعله النبي صلى
الله عليه وسلم، وهو في الواقع ليس مشروع الإسلاميين وحدهم وإنما هو مشروع الأمة كلها،
فهو مشروع يستهدف استعادة مكانة الأمة العربية الإسلامية على خارطة العصر، وهي بلا
جدال مهمة عظيمة تستحق أن نتعاون جميعاً لنجاحها !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق