كثيرون من جهلة المشايخ يعتبرون المعارضة لأي نظام سياسي
نوعاً من البغي والخارجية ويعتبرون ذلك خطأ دينياً، ولا شك أن هذا من أفظع الجهل
لأنه، إن صح كلامهم، فإن موسى وإبراهيم عليهما السلام، يكونان مخطئين إذ دخلا في
صراع مع فرعون ونمرود، وإذاً فليست كل معارضة بغياً أو خارجية. لقد عرّف فقهاء
الحنفية البغاة والخوارج بأنهم الخارجون على الإمام الحق بغير الحق، وإذاً
فالخروج بالحق على الإمام غير الحق لا يعتبر خارجية، والخروج على الإمام غير الحق
لا يعتبر خارجية،
فكيف إذا كان الخروج بالحق على الإمام غير الحق؟ فهل يسمي هذا
أحد خارجية وبغياً إلا إذا كان من أجهل الجاهلين، والرسول صلى الله عليه وسلم حدد
متى تجب الطاعة ومتى يجب القتال فقال: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد
حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله" رواه البخاري. ولما سأله
الصحابة عن قتال نوع من الأئمة بقولهم: أفلا ننابذهم؟ قال: "لا، ما أقاموا
فيكم الصلاة..." فإذا أصبحت السمة الظاهرة لأنواع من الحكم في العالم
الإسلامي ترك الصلاة وعدم إقامة كتاب الله، فهل تعتبر المعارضة هنا خارجية،
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح عن الخُلوف الذين يقولون ما لا
يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون: "من جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم
بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"
أخرجه مسلم. أليس عجباً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر عدم جهاد هؤلاء
علامة على عدم الإيمان، وبعض جهلة المتصدرين للعلم يعتبرون ذلك بغياً وخارجية؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق