منذ الساعات الأولى لنجاح حركة البعث
في دمشق، أعلنت القاهرة تأييدها لهذه الحركة التي أنهت حكم الانفصال في سورية.. ولكن
حكام مصر كان يقلقهم من غير شك أن يروا حزب البعث.. وهو الحزب الذي حاربته القاهرة
بجميع الوسائل في السابق.. يمسك بزمام الأمور ويتربع على سدة الحكم في دمشق، بعد شهر
فقط من استلامه الحكم في بغداد، وتشكيل جبهة بعثية موحدة في كل من سورية والعراق. كذلك
فوجئ الضباط الناصريون بنجاح حركة 8 آذار. لأنهم لم يتصوروا أن حلفاء البارحة - بعد
نصيحتهم بعدم تنفيذ مخططهم - تجرأوا واستمروا في تحركهم بهذه السرعة، لهذا فإنهم لم
يعلنوا تأييدهم للحركة العسكرية إلا بعد مدة من نجاحها.
القيادة القومية لحزب البعث تجهل تحرك
الانقلابيين
حتى ساعة قيام الانقلاب ونجاحه لم
تكن القيادة القومية ولا كل الاتجاهات الحزبية الأخرى على علم بتحرك 8 آذار. وهذا ما
يؤكده الدكتور منيف الرزاز الأمين العام الثاني للحزب في كتابه (التجربة المرة) حيث
يقول: (هذه الحركة محض عسكرية، حضّرت لها ونفذتها مجموعات من الضباط المتحالفين، وعند
نجاحها دعي الحزب إلى تبوؤ الحكم وتشكيل حكومة برئاسته. ولم يكن لهؤلاء الضباط برنامج
محدد المعالم. وإنما وضعوا لهم هدفاً آنياً وحسب، وهو إسقاط النظام الانفصالي في سورية،
على ان يبحثوا فيما بعد عن أسس للتفاهم مع الثورتين العراقية والمصرية).
لقد بقيت العلاقات زمناً طويلاً بين
حزب البعث والجيش غامضة ومتناقضة إلى أبعد الحدود. يقول الرزاز: (لم يقم حزب البعث
هو نفسه بتحقيق الثورة، ولكنه رسمياً هو الذي يحكم سورية).
على أية حال فقد تشكلت حكومة البيطار
الأولى في العهد الجديد.. من كل القوى القومية الوحدوية التي قادت المعارضة ضد النظام
الانفصالي. فمن البعثيين شارك كل من: (منصور الأطرش وجمال الأتاسي وعبد الكريم زهور
ووليد طالب وشبلي العيسمي وسامي دروبي وإبراهيم ماخوس). وعن حركة القوميين العرب:
(هاني الهندي وجهاد ضاحي). ومن الوحدويين الاشتراكيين: (سامي صوفان ثم سامي الجندي).
ومن الجبهة العربية المتحدة: (نهاد القاسم وعبد الوهاب حومد). وتألف المجلس الوطني
لقيادة الثورة من عسكريين ومدنيين برئاسة اللواء لؤي الأتاسي، وضم كل من:
العسكريون: (لؤي الأتاسي وزياد الحريري
- غير بعثيين - فهد الشاعر وأمين الحافظ وصلاح جديد ومحمد عمران وأحمد أبو صالح وموسى
الزعبي - بعثيون).
المدنيون وكلهم بعثيون: (ميشيل عفلق
وصلاح الدين البيطار وشبلي العيسمي ومنصور الأطرش وحمودي الشوفي).
وعلى الصعيد العسكري، سمي الأتاسي
قائداً أعلى للجيش، واللواء زياد الحريري رئيساً للأركان العامة، واللواء راشد القطيني
نائباً لرئيس الأركان. كما اشترك عسكريان في وزارة البيطار هما: اللواء أمين الحافظ
- أصبح فيما بعد رئيساً للجنة العسكرية - (بعثي) وزيراً للداخلية، واللواء محمد الصوفي
(ناصري) وزيراً للدفاع.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق