فور أن كتبت هذا العنوان انبرى لي
ولدي الأوسط معترضاً، قائلاً : أبي، كيف تكتب اليوم مقالة حول محاسن الدكتاتورية وقد
نشرت قبل أيام مقالة بعنوان كبائر السياسة السبع اعتبرت فيها الدكتاتورية من أكبر تلك
الكبائر ؟!!
وتدخلت ابنتي وقد سمعت حوارنا يعلو،
قائلة : أبي، كيف تقول محاسن الدكتاتورية ونحن نرى ما فعلته الدكتاتورية في طول الوطن
العربي وعرضه من تدمير وقتل وتعذيب وتشريد؟!!
قلت: مهلكم، يا أبنائي، فأنا لا أنوي
الكتابة حول دكتاتورية هؤلاء الحكام المجرمين الذين خربوا الوطن ومزقوا الأمة، وإنما
أكتب اليوم عن جارتنا المدعوة " محاسن" ذات اللسان السليط، واليد الطويلة
التي لم يسلم منتسلطها وبطشها أحد من أولادها أو جيرانها، ما جعلها تستحق بجدارة وصف
" الدكتاتورية" فقد فصَلت أولادها عن المدرسة بغير سبب اللهم إلا فرض سيطرتها
ومخالفة زوجها الذي أراد للأولاد الانتقال من المدارس العالمية التي تدرس الطلاب وفق
المنهج الأوروبي وبلغة أجنبية إلى مدرسة وطنية تدرس اللغة العربية وقد أصرت على موقفها
بالرغم من تهديد زوجها بالطلاق، ومحاسن الدكتاتورية
هذه لم يسلم من أذاها وتسلطها حتى أبوها المقعد الذي أصرت على إيداعه في بيت العجزة
لأنه أيد الزوج في موضوع دراسة الأولاد، أما الجيران فقد كانت لمحاسن ضدهم مواقف مشهودة،
جعلت الجميع يطلقون عليها اسم "الدكتاتورية" بالإجماع!!
ولم يدعني ولدي أكمل حديثي حول محاسن
الدكتاتورية، بل قاطعني قائلاً: لكن، أبي ... أعلم أن جارتنا هذه كانت مثالاً فريداً
في الأخلاق والسماحة وطيب العِشرة، وكانت على درجة عالية من الدين حتى إن أهل الحي
كانوا يسمونها " الشيخة أم حسن" فما الذي جعلها تنقلب إلى النقيض؟!!!
هززت رأسي موافقاً وقلت: صحيح يا بني،
فقد كانت جارتنا بالفعل مضرب المثل في الأخلاق وحُسن العشرة، والصلاح!
سألني ولدي باستغراب: فما الذي حصل
إذن؟
قلت: رفع بعض المغرضين تقريراً يتهمها
بأنها ضد الحكومة، فاقتادوها الى السجن حيث تعرضت إلى أبشع أشكال التعذيب والإهانة،
وتعرضت للتحرش الجنسي، فلما خرجت من السجن بعد شهرين كاملين من المعاناة أصبحت شخصاً
آخر، فقد امتلأت نفسها نقمة على الكل بما في ذلك أسرتها، وأصبحت تغضب لأتفه الأسباب،
وتضرب وتكسر كل ما يصل إلى يدها، لأتفه الأسباب، وكأنها بهذه الشراسة تنتقم ممن ظلموها،
ولم يسلم من شراستها أحد حتى هي نفسها فقد ظلت تختلق الخلافات مع زوجها إلى أن طلقها
وطردها من البيت!! ما زاد نقمتها على المجتمع، وجعل الجميع يتخلون عنها ويتحاشون التعامل
معها، ما انتهى بها إلى مصحة عقلية قضت على ما تبقى فيها من أعصاب وعقل!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق