ولد الشيخ عبد الحميد بن محمد خليل
الطباع في دمشق في حي القنوات الممتد عن الشاغور عام
1889م، من أسرة عريقة متأصلة الجذور في دمشق الفيحاء، حيث أشتهر منها من العلماء
والمجاهدين والإداريين وشيوخ التجار، حيث عرفت لهم الريادة في العمل الخيري،
فوالده تاجر معروف ساهم في جمع تبرعات مهمة لمؤازرة إخوانه في حرب فلسطين وكان ممن
ساهم في الجهاد في ميسلون لدحر الاحتلال الفرنسي عن دمشق، وجدّه من الأعيان وكان
أمين المال (الصرة أميني) في المحمل الشامي إلى الحج (وهي مهمة موكلة من السلطان
العثماني لاسترضاء القبائل على طريق الحج لتأمين الحجاج من سلبهم من هذه القبائل).
أما عنه فقد تلقى العلوم الشرعية
الأولى في الكتاتيب حيث تلقى العلم الشرعي على يد علماء أفاضل وعلى رأسهم الشيخ
علي الدقر رحمه الله وشيخه شيخ الإسلام بدر الدين الحسني شيخ الشام.
بدأ حياته العملية بوقت مبكر
بالعمل بتجارة الأقمشة (المال فاتورة) في دمشق سوق الحريقة المعروف، ولشخصيته
القوية وأمانته رشح نائب لرئيس غرفة تجارة دمشق في سن مبكرة لنبوغه وحب التجار له.
ساهم في تأسيس كثير من الجمعيات الخيرية ذات
النفع العام التي أخذت مناحي مختلفة سياسية وعلمية وحتى الطبية، منها:
الجمعية الغراء التي أسسها وكان
أمين سر لها حتى وفاته ولها حتى الآن مهمة الإشراف على فتح مدارس شرعية والإنفاق
عليها لتدريس المسلمين من كافة أنحاء الأرض، العلم الشرعي الوسطي النافع وتخريج
الدعاة المجهزين بالعلم الصحيح. وقد تخرج منها آلاف الدعاة والعلماء ومن كل
الجنسيات.
وساهم في تأسيس أول كلية في دمشق
(الكلية الوطنية)، و في تأسيس جمعية المواساة المعروفة إلى الآن في دمشق وكان
أمينها العام، وفي تأسيس رابطة العلماء المسلمين، وكان من المدافعين عن الأوقاف
الإسلامية أبان الاستعمار الفرنسي.
وكان من مؤسسي شركة المغازل والمناسج في سورية
الأكبر في المنطقه عام 1937م وكان نائب رئيس مجلس أدارتها.
والمساهمة في تأسيس شركة التبريد
وعضو مجلس إدارتها.
وكان عضو في الشركة المحاصة
المشهورة التي تربط التجار الشاميين.
ومن أهم أعماله إتمام مد خط سكة
الحجاز الحديد بين دمشق والمدينة المنورة لأنه كان رئيس لجنة
الخط الحجاز الحديدي بعد انقطاع طويل لهذا الخط الهام والحساس، لما له من تأثير
بربط الدول العربية بتركيا على طول هذا الخط وقبل فترة قصيرة من نهاية حياته
القصيرة، ولكن الزاخرة بالعمل الإسلامي الوطني.
رشح نائب عن دمشق وعن الكتلة
الإسلامية في البرلمان السوري عام 1943م وساهم في تلك الفترة على ترسيخ هوية سورية
الإسلامية وحرصه على المرأة السورية من الامتهان والتغريب والمحافظة على التراث
الإسلامي لسورية وترسيخ العلم للنهوض بسورية بشكل صحي صحيح بعد الاستعمار البغيض
الذي حاول زرع الفتن بين أبناء الوطن.
وكان من المساهمين الأساسيين في
الاستقلال عن فرنسا وله المساهمة الفعالة في تقديم الرئيس شكري القوتلي كمرشح عن
حزبه للرئاسة .
عرف عن الشيخ بعد نظره وحكمته
وحلمه فقد حاول، وبشكل فعال، التأليف بين مختلف طوائف وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية
عن طريق جمع قلوب الفقراء منهم كما حدث بتعليم بعض أبناء الطائفة العلوية في
معاهده العلمية بالجمعية الغراء والإشراف عليهم وعلى راحتهم بشكل شخصي.
ومن صداقاته الراسخة مع وجوه
الطوائف الأخرى مثل فارس الخوري صديقه القديم الذي أيد مشروعه الإسلامي الذي تقدم
به للبرلمان السوري وآخرين من وجهاء سوريا كما وشجع الجيل الجديد المتنور من
الشباب المتحمس وضمهم إلى كتلته البرلمانية كمصطفى السباعي وغيرهم ذلك لبعد نظره
في تأثير الشباب على حركة النهضة في المجتمع الجديد الناشئ.
توفي الشيخ عام 1950م عن عمر يناهز
52 سنه بعد رحلة مضنية مع المرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق