الحقيقة الأولى: أنه كذاب. وهنا قد
يحتج البعض أن كل السياسيين يكذبون، وهذا صحيح، إلا أن هذا الرجل يكذب بلا حدود
حتى أن بعض المحللين اقترحوا أن يركبوا له عداد لاحصاء عدد وسرعة كذباته في الساعة.
وقد تم مؤخراً إحصاء 5 كذبات ألقاها كوعود خلال الحملة الانتخابية وتراجع عنها أو
عن أجزاء منها قبل أن يجف حبر إعلان فوزه. (إحالة كلينتون للتحقيق، جدار المكسيك، ترحيل
المخالفين للاقامة، إلغاء تأمين أوباما الصحي، عدم تسوية القضية المرفوعة ضد
جامعته في المحكمة) ويبدو أن الحبل على الجرار.
الحقيقة الثانية: أنه وقح لدرجة
تجعله غير صالح للمنصب. وهنا قد يعترض البعض على أن مايصدر عنه هو (صراحة) وليس
(وقاحة)، إلا أن إطلاقه العلني ألقاباً على منافسيه أو معارضيه السياسيين (مثل
روبيو الضئيل وهيلاري المحتالة ورومني الكلب وكروز الكذاب) هي وقاحة غير مسبوقة في
تاريخ أي انتخابات ديمقراطية في العالم. هذا بالاضافة لسخريته من أصحاب العاهات
الصحية واحتقاره للسود والأجانب والنساء.
الحقيقة الثالثة: أنه عنصري. حيث أن
خطابه خلال الحملة الانتخابية وبعدها مازال يغذي النزعة العنصرية للبيض ضد كل
الملونين والأجانب وأيضاً ضد البيض الذين لايقفون في صفه، كما بدأنا نرى موجة من
صعود النازية ومعاداة السامية وكراهية المسلمين وبدأنا كذلك نسمع بمدن ترفض علناً
طرحه للترحيل القصري للمهاجرين المخالفين.
الحقيقة الرابعة: تاريخه العائلي الغير
مشرف. جرت العادة أن يكون رئيس الولايات المتحدة رجل عائلة متزن ومحترم، على
الأقل أمام الشعب. في حين أن هذا الرجل، وبالاضافة لعشرات العشيقات المحسوبات عليه
رسمياً، فقد تزوج ثلاث مرات، وزواجه الثاني أتى بعد علاقة علنية مع إحدى تلك
العشيقات وانجابه منها قبل الزواج. كل ذلك دون خجل أو إعتبار للمجتمع من حوله، وقد
سمعه كل العالم وهو يقول في أحد الأشرطة أن صاحب المال يحق له أن يفعل مايشاء.
الحقيقة الخامسة: تعاطفه مع طغاة العالم. كلنا سمعنا مغازلته لديكتاتور روسيا ودعوته لديكتاتور
كوريا الشمالية للاجتماع معه وتأييده لبعض الحكام العرب، وهنا نحن نتكلم عن حكام ارتكبوا
مجازراً بحق شعوبهم أو شعوب غيرهم ولايستحقون سوى المثول أمام محكمة جرائم الحرب
الدولية.
الحقيقة السادسة: العصبية وعدم التروي. وقد
شاهدناه خلال الحملة الانتخابية كيف كان ينفعل على معارضيه أو منتقديه ويسارع إلى
إهانتهم عبر تويتر أو التصريحات الصحفية، وهذا يجعل منه خطراً على الأمن القومي
والعالم حيث من المفترض أن يؤتمن على الأسلحة النووية.
إذاً السؤال هنا ماذا نتوقع من شخص كاذب وقح
عنصري عصبي غير أخلاقي يخطب صداقة مجرمين دوليين؟ وقد رأينا في الأيام الأخيرة
الماضية تعيينه أو ترشيحه لبعض الأشخاص المعروف عنهم عنصريتهم الفجة لمناصب رسمية
هامة، مما دفع الكثيرين حتى من الجمهوريين من حزبه للاعتراض عليهم. وهذا إن كان يدل
على شئ فهو يدل على أنه يسير بالبلد باتجاه الفوضى والانقسام، وما المظاهرات
المعارضة له والتي بدأت منذ اليوم الأول لاعلان فوزه إلا أكبر دليل على ذلك. وماسوف
يساعد على نمو تلك المعارضة أنه فاز عبر الأصوات الانتخابية في حين أن منافسته
(كلينتون) فازت بالأغلبية المطلقة للأصوات حيث حصلت على مليوني صوت أكثر منه، مما
فتح الباب من جديد للمطالبين بتغيير نظام الانتخابات المعمول به من الأغلبية الانتخابية
إلى الأغلبية المطلقة، كما وفتح الباب أمام المطالبة باعادة إحصاء الأصوات في بعض
الولايات التي كانت مضمونة للديمقراطيين وفاز بها (ترامب) بفارق ضئيل.
الأمر الآخر الغير مسبوق في هذا الرجل، هو
إحضاره لكل أسرته معه إلى الحكم، وإن كان بدون مناصب رسمية لمعارضة القانون لذلك.
فها هي ابنته تحضر اجتماعه مع رئيس وزراء اليابان وتشترك في محادثته الهاتفية مع
رئيس الأرجنتين وتدفعه للاتصال بالرئيس التركي، وها هو زوج ابنته يسدي له المشورة
من يرشح ومن يستبعد من المناصب الحساسة،.كل ذلك قد يؤدي في المستقبل القريب إلى
خلق جو من عدم الثقة بين إدارته من جهة وبين معارضيه وحتى مؤيديه من جهة ثانية،
مما قد يفتح الباب أمام اتهامه مستقبلاً باستغلال المنصب لتحقيق مصالح مادية له
ولأسرته وبالتالي يفتح الباب أمام الحزبين معاً لفتح تحقيق معه كما حصل مع الرئيس
(ريتشارد نيكسون) في مطلع سبعينيات القرن الماضي.
علينا أن لاننسى هنا أن (ترامب) ليس
سياسياً، بل رجل أعمال ورث عن أبيه امبرطورية من العقارات والشركات في أمريكا
والعالم، حتى أن طبيعته تجعله أقرب لأفكار الحزب الديمقراطي التحريرية منه لأفكار
الحزب الجمهوري المحافظة. وهو رشح نفسه كجمهوري لأسباب سياسية بحتة أهمها
الاستفادة من خيبة أمل شرائح كبيرة من الشعب من إدارة الرئيس (باراك أوباما) التي
لم تحقق حسب رأيهم ماكانوا يتوقعون منها وخاصة على الصعيد الاقتصادي، ناسين أن
سياسة الرئيس (بوش الابن) قد أذت الاقتصاد لدرجة ليس بامكان أحد إصلاحها بشكل كامل
خلال ثمان سنوات وإن كانت الدراسات كلها تشير إلى أن الاقتصاد اليوم أفضل بكثير
مما كان عليه يوم استلم (أوباما). وأنا شخصياً أتوقع أن الحزبين المذكورين سوف
يعملان معاً ولأول مرة لطرد هذا الرجل من البيت الابيض على طريق (نيكسون) حيث أن
فضائحه القديمة أو أخطائه المستقبلية لاشك سوف تورطه وتجره إلى وضع يقذف به خارج
البيت الأبيض، هذا إذا لم يجر البلد معه إلى صراع لاأحد يعلم خاتمته.
في النهاية، فاني لاأتوقع من رئاسته أي خير،
لابل أتوقع أن تكون الأسوأ. وقد كنت أتمنى أن أردد هنا المثل الشعبي القائل (الحجر
يللي مابيعجبك، بيفجك)، ولكن المشكلة أني لاأرى في هذا الرجل نافذة ضوء يمكن معها
التفاؤل، وكل ماأراه فيه أنه (سيفج) البلد إن استمر بحكمها، ولاأرى يصلح فيه سوى
المثل القائل (إذا كان طباخكون جعيص، شبعتو مرق).
***
(يسمح بالنشر
دون إذن مسبق)
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
الجمعة 25 تشرين الثاني، نوفيمبر 2016
هيوستن / تكساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق