كتبت ..وكتب غيري عشرات المقالات .. في تحليل ..
وتنظير .. وشرح الأسباب التي أدت إلى تأخير النصر على الطاغوت الأسدي !!!
وفي جميع هذه المقالات .. والكتابات السياسية ..
التحليلية .. كان التركيز على الجوانب السلبية في الثورة !!!
وعلى أنها
يتيمة .. وحيدة في هذا العالم الزاخر .. والبحر المتلاطم الأمواج .. الهائج ..
الثائر !!!
وياما ندبنا حظنا العاثر .. وبكينا بدموع حرى ..
لاهبة .. وصرخنا بأعلى أصواتنا .. حتى تردد صداه في جنبات وديان الأرض كلها !!!
نستنهض
العالم النائم .. والشعوب اللاهية .. العابثة !!!
ومن شدة قهرنا .. ولوعة حسرتنا على مصابنا ..
وأحزاننا التي فاقت كل ما يتخيله الإنسان في عمر الإنسان على هذه الأرض !!!
أخذنا نفتك
ببعضنا بعضاً .. وننهش في لحوم إخواننا وأصحابنا .. ونخَوِن رجالاتنا ونساءنا العاملين
في ثورتنا .. ونتهمهم بالخيانة .. والعمالة لهذه الجهة أو تلك !!!
وتم تسليط
الأضواء على ضعف الثوار .. وتشتتهم .. وتمزقهم .. وعلى الأخطاء التي يقعون فيها ..
وعلى تناقض المعارضة السياسية .. وتعارض أفكارها وتصادمها مع بعضها البعض .. وعلى
تهلهل مواقفها .. وسطحية تفكيرها .. وهزالة خطواتها .. وكثرة ترددها وحيرتها في
أمرها .. وضعف إنتاجها !!!
وكثير .. وكثير من الإنتقادات اللاذعة .. والتهجمات
الكاسحة التي وُجِهت إلى كل من يعمل في حقل الثورة .. سواء في النشاط الإعلامي ..
أو الحراك الشعبي .. أو في الميدان العسكري .. أو في العمل الإغاثي .. أو في
المجال السياسي ضمن المجلس الوطني أو الإئتلاف الوطني !!!
حدث هذا .. وأكثر من هذا .. خلال ما يزيد على الألف
يوم .. والثورة تتقدم .. وتتمدد .. والعدو يتراجع .. ويتقهقر .. وينتقم من
المدنيين الآمنين بشراسة .. ووحشية .. وهمجية لا نظير لها في تاريخ البشرية منذ
خُلِق آدم وحتى الآن !!!
ولم يسأل أحد من البشر .. هذا السؤال المعاكس :
طيب !!!
لماذا لم ينتصر النظام الأسدي على الثورة ؟؟؟
ولماذا لم يقض على الثوار .. وعلى العصابات المسلحة
المندسة حسب زعمه ؟؟؟
ولماذا لم يتمكن من إخماد لهيب الثورة ؟؟؟
ولماذا لم يتمكن من إطفاء جذوة الثورة ؟؟؟
ولماذا لم يستطع تصفية .. واستئصال عناصر الثورة ..
ورجالاتها .. ونسائها .. وهو الذي ادعى إعلامه .. وأبواقه .. وزبانيته .. حتى بما
فيهم الكاهن الأكبر البوطي وحسون :
أن الثوار
ما هم إلا حثالة البشر .. وشرزمة قليلون !!!
وأنهم عما
قليل .. ليضمحلون .. ويزولون .. ويختفون !!!
ومضى ثلاث وثلاثون شهراً ونيفاً .. ولم يضمحلوا ..
ولم يزولوا .. ولم يختفوا .. بل زادوا وتكاثروا !!!
لماذا ؟؟؟؟؟؟؟
والنظام الأسدي يملك كل مقومات .. وعناصر الإنتصار
المادية .. والإدارية .. والتنظيمية .. والعسكرية .. والإعلامية !!!
يملك جيشاً جراراً .. قوامه أكثر من نصف مليون
مخلوق .. ما بين الجيش .. والشرطة .. والمخابرات .. والشبيحة !!!
ويمتلك أسلحة رهيبة .. فائقة القوة ما بين دبابات
.. ودروع .. وصواريخ .. وطائرات .. ورشاشات .. وكميات هائلة وضخمة من جميع أنواع
الأسلحة ..ذات الكفاءة العالية في التدمير والقتل والتخريب .. وغيرها .. وغيرها
مما يصعب على مثلي إحصاءها .. وتعدادها !!!
وتعاونه .. وتسانده .. وتآزره .. وتدعمه جيوش جبارة
.. وقوى عالمية واقليمية ومحلية فتاكة .. ودول عظمى .. وكبرى .. وصغرى .. بعضها
يعلن ذلك جهاراً .. نهاراً .. وأخرى سراً .. وخفية !!!
فإذا كان النظام الأسدي بما يمتلك من قوة جبارة ..
وبما يمارس من جرأة متناهية .. في القتل والذبح .. والسلخ .. لا يضاهيه أي نظام مر على وجه الكرة الأرضية
قديما أو حديثاً !!!
ومع هذا لم يستطع أن يسحق هذه الثورة .. أو على
الأقل يُضعِفُ من لهيبها .. أو يحصرها في منطقة ضيقة !!!
وجاءت جيوش الدنيا كلها تسانده .. وتعاضده ..
وتحارب معه بما تمتلك من إمكانيات وخبرات هائلة من التفنن في القتل والذبح ..
وقادرة على أن تُبيدَ شعوباً كاملة من على وجه البسيطة !!!
ومع هذا وذاك لم يتحقق الحلم الكبير بالقضاء على
الثورة !!!!
لماذا ؟؟؟ ثم لماذا ؟؟؟
أولاً : لأن
هذه الثورة بدأت بإرادة ربانية .. وتُدار برعاية
إلهية .. تمد رجالها بالقوة .. وتثبت أقدامهم .. فتحول دون سقوطها أو اضمحلالها ..
أو زوالها ..!!!
وهنا قد يتفزلك .. ويتفلسف مرضى القلوب .. ويقولون
مستنكرين .. ومعترضين .. وبتحدٍ :
إذا كان
هذا إلهكم الذي يرعى هذه الثورة .. فلماذا لم ينصرها ويخفف على الناس معاناتهم ؟؟؟
نقول :
إن الناموس الإلهي في هذا الكون قضى :
أن يتحقق
النصر من خلال عمل العبيد .. وليس من خلال رب العبيد !!!
لماذا ؟؟؟
ليمتحنهم .. ويبتليهم .. فيثيب المؤمنين ..
الصادقين .. المجاهدين .. ويعاقب المتخاذلين .. والكفرة المجرمين .. وهذا هو الغرض
الأساسي من الحياة !!!
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًۭا
تبارك
2
وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ
أُمَّةًۭ
وَٰحِدَةًۭ
وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءَاتَىٰكُمْ المائدة 48
وَلَوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ
مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَا۟
بَعْضَكُم بِبَعْضٍۢ
ۗ
وَٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟
فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ محمد 4
ثانياً :
لأن الشعب السوري أصيل .. عنيد .. يمكن أن ينام
فترة من الزمن .. ولكن إذا استيقظ .. يثور !!!
وإذا ثار
يحطم القيود .. ويكسر الأغلال .. ويدمر أركان الطغيان والإستعباد .. ولا يرجع إلى
العبودية مرة ثانية .. ولو تقطعت رقابه تقطيعاً !!!
فهو إما ينتصر أو يموت عزيزاً كريماً .. شهيداً ..
شاهداً على ظلم الطغاة وبغيهم !!!
علماً بأننا لا نبرء هذا الشعب العظيم .. من أنه
يحتوي على أفراد سيئين .. وأفراد استغلوا الثورة ليكونوا أمراء الحرب .. ويثروا
على حساب الضعفاء والمساكين .. ويسرقوا وينهبوا المساعدات .. ويبعونها لحسابهم ..
حارمين المحتاجين .. وبعضهم يخون البعض الآخر .. ويفشي أسراره !!!
ومع هذا .. لم ينتصر الأسد !!!
الجمعة 24 صفر 1435
27 كانون الأول 2013
د/ موفق مصطفى السباعي
أين المسير:
ردحذفتقولون بعزل الدين عن السياسة وها أنتم نخبة من المثقّفين مع المعارضة بكل أشكالها لاسقاط النظام الأسدي حتّى النهاية مهما كان الثمن. مع علمكم وعلم الجميع على الأقل قد تحوّلت المعارضة المسلّحة في داخل الوطن الى معارضة اسلاميّة بامتياز (وسواء ساعد النظام في ذلك أم لا). ولم تتمكّن هذه المعارضة ولا الثورة بمثقّفيها من استمالة المسيحيين على الأقل (ولا أقول عن كثير من التعبّدات والمذاهب غير الاسلاميّة)
من الذي لا يريد الاصلاح والتغيير؟؟
الكل يريده ولكن دون اقحام الدين عنوة في محاولة الاصلاح والتغيير... الخروج من الجوامع وقلنا لا بأس؛ وثمّ رفعت الشعارات الدينيّة والتكبير والتهليل؛ وكل الفصائل المقاتلة تحمل أسماء اسلاميّة ورموز سنّيّة متشدّدة.. ولا أي فصيل يرفع
شعار وطني واحد!!! للأسف شعب لا يحرّكه إلاّ الدين ولا يعنيه الاصلاح والوطن بشيء..
كيف يمكنني أنا اللاديني أو على الأقل غير المسلم أن أثق بهكذا ثورة وهكذا معارضة؛ مع هذا الحضور الاسلامي الصارخ ..
يا رجل قرّفتونا ورعبتونا من مجرّد ذكر كلمات مشابهة ل "ثورة، تغيير، اصلاح"
هل تعلمون أنّ الكثير من اللوبيّات غير الاسلاميّة في المهجر و شخصيّات لها وزنها
وحتّى غير سوريين عملوا المستحيل لمنع أي تدخّل عسكري خارجي والحد من دعم
المعارضة وتسليحها؟؟ ما السبب؟ نعم وبصراحة خوفاً على الشعوب غير الاسلاميّة من
هذا المد الاسلامي وما نشهده في دول التغيير العربي..
ناهيك عن الموقف الروسي الواضح المتذرّع بوقوفه ضد الجماعات المتشدّدة والارهاب.
أتمنّى على المثقفين الواقفين الى جانب المعارضة أن يكون دورهم وتأثيرهم أوضح
وأقوى من رجال الدين وشيوخ الفتاوي والفتنة. وتكون لهم الكلمة العليا. وأن
يكون لهم الدور الأهم في التوجيه وتغيير عقليّة الثوّار وتوجّهاتهم.. وإلاّ فرحمة الله على الوطن...
ج.ح.