الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-01-13

فلسطينيون ولكن .. حينما يكون الموت رحمة في سورية! – بقلم: شام صافي

تستجيب الأجسام والنفوس البشرية تلقائياً وبشكل لا إرادي مع قساوة الظروف بالتأقلم والمرونة حتى إذا كانت شديدة وفجائية كانت الصدمة هي ردة الفعل المناسبة لإيقاف الحدث الصادم .. أما إن كانت الظروف بتدني مستمر في منسوب ينخفض تدريجياً فتتعامل معه الأجسام والنفوس وفق مبدأ التأقلم .. وفي هذا يستطيع الإنسان مجاراة الظروف القاسية التي لا يتوقع الإنسان مشاهدها عن بعد أنه يستطيع تحملها ..


الواقع الذي نعيشه في الداخل السوري يثبت يوماً بعد يوم القدرة الهائلة التي يتمتع بها شعبنا على الصبر والدليل على ذلك تحملنا لنظام قاس عنيف كل هذا العنف كل هذه المدة .. الصبر صفة ملازمة للتأقلم يسيران معاً ويتعاضدان ليمر الإنسان من المحن بسلام ... حتى إذا بلغ الظرف نقطة حرجة حدية عبر عنها الإنسان بالمرض ,, فيبدأ الاختلال .. ثم إن وصل إلى حالة متدنية جداً بحيث لا يعود التأقلم كافياً فيها وحين تستمر المعاناة يكون هنا الموت هو وحده الرحمة التي لا يمكن للإنسان استخدامها كيف شاء لأن الموت والحياة بيد الله وحده وهو اليوم وسيلة دفاعية.

لو لم يكن الموت هو من الوسائل التي يدافع فيها الإنسان عن نفسه لاستمرت المعاناة التي لا تطاق .. ومن الجيد أن الموت هو الفاصل الذي يجعل للصبر حداً ومجالاً مسموحاً لما لا يحتمل ..

السوري ليس كائناً خارقاً يمكنه مقاومة الحديد، ولا كائناً فضائياً يستطيع أن يعيش بلا مقومات الحياة .. هل يدري أحد من القارئين ما هي المعاناة التي يعانيها أحد المحاصرين من جراء فقدان العالم لإنسانيته؟!!!

هل يدري أحد القراء أن كل واحد من الشهداء ومن المعتقلين أو المدنيين المحاصرين قد مر بظروف لا يمكنه تصورها وإن كتب قصته فإنه يستطيع بذلك تأليف مجلد إن أراد التعبير حقيقة عن معاناته!

البرد قارس فكم مر بهذا الطفل (أقصد الهيكل العظمي الصغير) مرض قبل أن ينهكه ويفتك به الجوع؟!
كبير السن من هؤلاء كم افتقد الدواء وكم عانى قبل أن يصل مرحلة الموت؟!
والمرأة من هؤلاء كم كافحت لأجل أطفالها وآثرتهم على نفسها وشهدت من المواجع حتى قضت نحبها؟!

العظام النافرة برزت بعد تآكل ما في اللحم من طاقة للحياة .. ثم بعد ذلك ماذا؟
ماذا ينتظر أحدهم من العالم يا من تشهدون هذا ..
ما فقدنا يوماً الأمل في إمكانية فعل شيء .. يكفي أن هناك كثيرين الآن هم على هذا الطريق ولربما بعمل بسيط أنقذنا أحدهم من مصير مشابه ..

كانت هذه المناظر سابقاً لا ترى إلا في المعتقلات التابعة للنظام ولكن الآن صدق من أطلق على سورية اسم "المعتقل الكبير"، وربما عندما نرى هذه الصور أصبحنا ندرك أن أصحابها وصلوا حافة التحمل وانتهى الأمر فكان الموت رحمة لهم وراحة ولكن ألا يخيل للرائي أنهم مروا بمراحل التأقلم الصعبة والتي يمر بها الآن وحالياً آخرون وأن هناك المزيد يعانون في مسار مواز لما مر به إخوتنا الشهداء؟!

بالمناسبة: أدرك الظلمة بأن الموت رحمة فمن يريدون تعذيبه حرموه الموت في تعذيب أقرب إليه حتى يقاربوا الوصول إلى النقطة الحرجة في جميع أنواع العذابات .. حتى يذوق المعذب الموت مرات ومرات دون أن يموت ..

إلى متى يبقى الصمت عن كافة أنواع المجازر التي يرتكبها النظام في حق المدنيين والعزل وغيرهم .. فمن الكيماوي إلى القتل بالتجويع إلى البراميل .. ولو ملك النظام قطع الأنفاس لما توانى عن حصار الهواء عن الناس ...

نقوم بما نستطيع فعله وكل ما أوتيناه من قوة مزمنة لأهلنا .. وقد قررنا الحياة بينهم لنعاني شيئاً قليلاً وبضعاً مما يعانونه وأنت أيضاً أيها القارئ هل بحثت عن موقعك من الحق وأين دفاعك عنه وعملك لأجله وأين الثورة منك وماذا فعلت وهل ما فعلته للناس يعادل ما يبذله ويصبر عليه أهلنا أصحاب الثورة والمبدأ وعقيدة الصبر والنصر؟
أتمنى لو يسأل كل منا هذا السؤال لنفسه.
كلمة أخيرة: فلسطينيون ولكن ... رفاتكم سوري يا غاليين.
شام صافي

13-1-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق