الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-01-03

حقيقة الثورة السورية – د. عبد الغني حمدو

الحقيقة العليا لا تظهر نفسها في الأفراد، أنا وأنت. ولكن تظهر نفسها في كل الناس مجتمعة، في الأمم ككل. مثل رمية نرد واحدة أو قطعة نقود واحدة، لا تستطيع أن تتنبأ بظهور الصورة. لكن ملايين الرميات، تستطيع التنبؤ بهذه الحقيقة.

فعندما ترمي قطعة نقود معدنية في الهواء عشر مرات مثلاً فإنك قد تجد أن نسية ظهور الكتابة إلى نسبة ظهور الصورة( 65-35) %ولكن عند تكرار الرميات فكلما زادت عدد الرميات قد تصبح النسبة  ( 50-50 )%


فلوبقيت حالة البوعزيزي فردية  كان تأثيرها فقط على تونس وتغيير الحاكم فيها , عندها يمكننا القول أن مدى أفق التغيير القادم في البلاد العربية نسبته لن تتعدى (1)% , ولكن امتداد الحركة لكل من ليبيا ومصر واليمن وسوريا , وعند  المقارنة بعدد السكان للبلدان العربية , تكون النسبة هنا قد اقتربت من الخمسين في المائة
فتظهر أمامنا حقيقة  لم نعهدها في المنطقة  في أن قوى التغيير القادم لايمثله شخص واحد أو أفراد , وإنما يمثله اجتماع الناس على هذا التغيير  , فالحراك الثوري لم يتحدد بمكان واحد أو يخص حراك حزب واحد  يسعى لقلب نظام الحكم ليحل مكانه , وإنما كان حراك ثوري شعبي جماهيري شبابي أراد أن يخلع العباءة القديمة عباءة الآباء ليلبس عباءة جديدة يعتقد أنها تناسبه في الشكل والمظهر والوقاية
فالحرب العالمية  الأولى والذي ذهب ضحيتها أكثر من عشرين مليون إنسان أنتجت ديكتاتوريات  تمثلت بالثورةالبلشفية , والنازية , والفاشية , لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الصراع الأممي تجلى واضحاً في انتاج الصراع القومي وكان من نتائجه الأولية  انهيار الخلافة العثمانية وانحسارها في الدولة القومية التركية , وتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو على الأرض  , الخاصة بالمنطقة العربية لزرع الكيان الصهيوني فيها , فكان الصراع على أشده بين الدول الاستعمارية , وقاد ذلك الصراع إلى حرب عالمية ثانية كان ضحيتها أكثر من خمسين مليون إنسان , فتحول العالم لقضبين رئيسيين حلف تقوده أمريكا والتي دخلت بقوة في الحرب العالمية الثانية وحلف تقوده روسيا متمثلاً باللإتحاد السوفييتي , فحلت التبعية بعدها محل الاستعمار المباشر
في التسعينيات من القرن الماضي انتهى القطب الشيوعي وسيطر على العالم قطب واحد تمثل في أمريكا وكان من كوارثه على منطقتنا العربية , هو تدمير العراق وإفساح المجال لقوى جديدة كانت مهزومة في حرب استمرت ثماني سنوات , متزعمة بذلك التطرف المذهبي والمتمثل بولاية الفقيه بقيادة ملالي طهران , يقابله الصراع الديني والموازي له بالهدف هو دور اسرائيل كدولة دينية , تكون مبرراً لقيام دويلات في المنطقة على هذا الأساس , تمثلت في الحرب الأهلية اللبنانية والصراع الطائفي المتمثل في العراق
إن إخفاق الإخوان المسلمين في مصر في الحفاظ على المكتسبات الثورية للحراك الشعبي المصري , وإخفاق الانقلاب في العودة للنظام العسكري والحكم العسكري والتهيئة لنظام حكم عسكري ديكتاتوري أنتج حراكاً ثورياً في مصر من نوع خاص , هذا الحراك سيقابل الحراك الذي حصل في ليبيا وفي سوريا , وتباشير تحركه في العراق
فالتغيير حاصل لامحالة , وكيان جديد قادم في المنطقة سيقودها لصراع كبير مع  العالم , ولن يصل هذا الكيان إلا بخسائر كبيرة جداً كما نراه في سوريا الآن وهو على أشده وفي العراق وفي مصر , هذه الخسائر إن قارناها بحركة التاريخ وتطوره وانتقال البشرية من حال إلى حال في منعطفات تاريخية حادة فلن تكون خسائرنا البشرية قليلة لأن التغيير يحتاج لظهور الحقيقة والتي لاتظهر على شخصي وشخصك فقط وإنما , تظهر في الأمة والتي تملك تاريخاً متأصلاً ذات أسس قوية وحضارة وثقافة , وهي متمثلة في أمتنا العربية والإسلامية , فالثورة السورية هي  العقدة التي تدور حولها الدراما ...دراما التحول في المنطقة  ولصالح شعوبها والقضاء على المشروع اليهودي الصفوي واللذان يعملان بكل إمكانيتهما للقضاء على الثورة السورية وعلى الثورة الشبابية والبركان المتصاعد  بداخل هذا الجيل ولن يقف هذا الثوران حتى يحقق الكيان الذي يرضى عنه الله ويرضى عنه أحبابه .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق