يا سيدي .. يا مولاي .. لا تؤاخذني إن بدرت مني كلماتٌ
لا تليق بجلالك .. وعظيم شأنك !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك تعلم السر
وأخفى !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك تعلم ما أريد
كتابته قبل كتابته!!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك تعلم ما يختلج
في صدري .. وما يعتلج في نفسي قبل أن أظهره للملأ من خلقك !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك أرحم بخلقك ..
من خلقك بخلقك .. لأنك أنت خلقتهم .. وصنعتهم .. وأنتجتهم .. ونشرتهم على هذه
البسيطة .. وأنت أولى بهم !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك تبصر .. وتسمع
.. وتشاهد .. وترى ما يجري على أرضك.. أرض الشام التي باركتها .. من قتل وسفك
لدماء عبيدك الطيبين .. الطاهرين !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أن كل ما يحدث على
أرضك الشام .. من أحداث هي بعلمك .. وإرادتك .. وقضائك .. وقدرك .. وحسب ناموسك ..
وما كتبته في اللوح المحفوظ منذ الأزل .. لن يتغير .. ولن يتبدل إلا بمشيئتك .. وحينما
يغير عبيدك أحوالهم !!!
وما رسالتي هذه .. وشكواي هذه .. ومناجتي لك هذه
!!!
إلا :
خضوعاً .. وانقياداً .. وانصياعاً .. لأمرك ..الذي
طلبته منا:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ غافر
60
يا سيدي .. يا مولاي .. ضاقت بنا الدنيا على سعتها
.. وطال الليل وأرخى سدوله .. واشتد ظلامه واحلولك سواده .. وتعالى أنين الجرحى إلى
أجواز الفضاء .. وضجت الدنيا بصرخات الثكالى .. واهتزت الجبال .. وجنبات الوديان
ببكاء الأطفال .. ونواح الأرامل والأيتام .. ورددت صداه أمواج البحار .. ولامس
نحيبهم عنان السماء .. وسرى أنينهم مع عوالم الأفلاك .. بين الشموس .. والمجرات !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. اشتد الكرب علينا .. وتفطرت
أكبادنا .. وتصدعت نفوسنا .. وبلغت القلوب الحناجر .. وادلهمت الخطوب علينا من كل
جانب .. وازدادت أرزاؤنا .. ومصائبنا .. وتكالبت علينا الأمم كلها .. لتأكلنا ..
وتفترسنا .. وتسحقنا .. وتمحقنا .. وتبيدنا من الوجود !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إنهم ينقمون منا .. لأننا عبيدك
المسلمون .. الموحدون .. المؤمنون !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إنا نشكو إليك أمرنا ..
وضعف قوتنا .. وقلة حيلتنا .. وهواننا على الناس .. يارب العالمين أنت ربنا .. ورب
المستضعفين .. إلى من تكلنا ؟؟؟
إلى بعيد يتجهمنا .. أم إلى عدو ملكته أمرنا ؟؟؟
إن لم يكن بك غضب علينا .. فلا نبالي .. غير أن
عافيتك أوسع لنا !!!
نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات .. وصلح عليه
أمر الدنيا والآخرة .. من أن تنزل بنا غضبك .. أو تحل بنا سخطك !!!
لك العتبى حتى ترضى .. ولا حول ولا قوة إلا بك !!!
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أن كل ما يصيبنا
من أرزاء .. ونوائب .. ونكبات .. ومحن .. ومصائب هو بسبب ذنوبنا .. وأخطائنا ..
ومعاصينا .. وتقصيرنا في عبادتك .. وتكاسلنا عن طاعتك .. وهجراننا لكتابك !!!
ولكن يا سيدي .. هذا الإبتلاء .. والإمتحان .. يبدو
أنه .. أكبر من طاقتنا !!!
إنه يا سيدي .. يزلزل أركاننا .. ويدمي فؤادنا ..
ويرهق كواهلنا !!!
إني أعلم يا مولاي .. أن وعدك الحق .. وقولك الصدق
:
كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠
وَرُسُلِى ۚ
إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ المجادلة
29
ولكن يا سيدي .. يا مولاي .. خلقتنا من ضعف .. ومن
عَجَل !!!
فأخشى يا سيدي .. وأشفق .. أن تنهارَ قوانا .. وتخورَ عزيمتنا .. بعد كل هذه الجرائم
.. التي شابت لهولها الولدان !!!
فمتى يا سيدي تنصرنا ؟؟؟
ومتى يا مولاي تفرج عنا .. ما أهمنا وأغمنا ؟؟؟
ومتى تشفي صدورنا برؤية أعدائك .. مسربلين بالسلاسل
والأغلال ؟؟؟
يا سيدي .. يا مولاي .. إني أعلم أنك تغار على
عبيدك الأطفال الصغار .. الذين يموتون بغير ذنب اقترفوه .. وتغار على إمائك
المؤمنات .. الطاهرات .. اللاتي يُغتصبن بغير جريرة ارتكبنها !!!
وما حِلمُك
على المجرمين .. إلا رغبة منك ليثورَ .. ويغضبَ عبيدُك المؤمنون .. فينتقموا منهم
إنتقاماً مزلزلاً .. كي يبوؤا بفضلك وأجر منك .. كما قلت :
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ
ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ
وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ ۚ
وَلِيُبْلِىَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَآءً حَسَنًا الأنفال 17
يا سيدي .. يا مولاي .. تعبنا .. تعبنا .. أُرهقنا
.. تزلزلت أقدامنا !!!
وأعداؤنا
يزدادون شراسة .. وقتلاً .. وتدميراً .. وفتكاً .. ونحراً بنا !!!
ويضحكون
شماتة بنا .. وسخرية منا .. واستهزاءً بنا !!!
فمتى .. متى .. نصر الله ؟؟؟
أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ البقرة
214
الإثنين 27 صفر 1435
30 كانون الأول 2013
د/ موفق مصطفى السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق