الفوضى الحراقة تدخل مرحلتها الأخطر – د. احمد محمد كنعان

الفوضى الخلاقة التي هندسها دهاقنة السياسة الامريكية بوحي من شياطينهم الصهاينة، تلك  الفوضى التي بدأ تنفيذها فعلا في اواخر عام ٢٠١٠ ، هذه الفوضى تبلغ اليوم نقطة حاسمة بدخول جيش التحالف العربي الى اليمن بقيادة سعودية وعدد كبير جدا من افراد الجيش السعودي إن هذا الدخول بالرغم من المبررات التي قد تقال فيه يشكل الفرصة السانحة التي انتظرتها ايران لكي تبدأ خطتها الخبيثة التي دندنت حولها طويلا منذ زمن غير قصير ألا وهو احتلال دول الخليج العربي التي طالما اعلنت إيران انها ليست سوى محافظات ايرانية،

 وأخشى ما نخشاه ان تغتنم إيران انشغال الجيش السعودي في اليمن لتنقض على الضفة الغربية من الخليج بادئة بالبحرين التي تعتبرها إيران النقطة الأضعف عسكريا لتحتلها في غضون ساعة من نهار او ليل وبهذايصبح عبور الجيش الايراني الى المنطقة الشرقية من السعودية ممهدا ويصبح الخليج العربي في عين العاصفة ،وبهذا يكون الأمريكان ومن ورائهم الصهاينة قد حققوا الهدف الأهم من وراء الفوضى التي ارادوها (خلاقة) من وجهة نظرهم لما سوف تحقق لهم من مكاسب في المنطقة، ونراها من وجهة نظرنا (حراقة) لأنها ادخلت الوطن العربي في صراع مدمر ظللنا خلال ١٤ قرنا نتجنب التورط فيه، وظلت إيران تنتظره بفارغ الصبر وفارغ العقل تتحين الفرصة لتحقق حلمها التاريخي بالثأر من العرب والمسلمين تحت ذرائع واهية ،وقد أوصلت الفوضى إياها ومعها الاتفاق النووي الذي تم مؤخرا بين إيران والدول ( ٥+ ١) لأن تصبح ايران قوة عظمى ، وأدخلتنا تلك الفوضى نحن وإيران مستنقع صراع معقد لن نخرج منه الا بعد قرون ستكون حافلة بالدماء والدمار !

الاحتواء المزدوج:

لكن للفوضى إياها صورة أخرى نادرا ما وقف عليها محللو السياسة ، تلك الصورة تقول إن الصهاينة لن يقبلوا بوجود قوة عظمى ( إيران ) تنافسهم في المنطقة ،لهذا نعتقد ان الامريكان وبإيعاز من الصهاينة يرمون من وراء فوضاهم الحراقة الى احتواء مزدوج يستهدف توريط الإيرانيين من جهة ودول الخليج العربي من جهة اخرى في صراع طويل يستنزف الطرفين في آن واحد وعندئذ تخلو المنطقة للصهاينة لتكون دولتهم هي الاعظم في المنطقة، ويستولي الامريكان على نفط وثروات الخليج العربي، هذه الثروات التي علق العرب عليها آمالا كبيرة لتطوير بلدانهم واللحاق بقطار الحضارة ، تلك الثروات التي عمل الامريكان والصهاينة معهم طوال قرن من الزمان تقريبا لتبديدهذه الثروات وحرمان العرب منها من خلال توريطهم للعرب في صراعات عبثية لم تزد الامة العربية الا تخلفا وتمزيقا

وإننا مع دعواتنا للجيش العربي بقيادة السعودية ان يحقق اهدافه الخيرة من دخول اليمن وكسر شوكة الحوثيين الموالين لإيران التي اسفرت عن وجهها الطائفي القبيح ، فإننا ندعو الى ضرورة رؤية الصورة كاملة وان لا تشغلنا التفاصيل الصغيرة التي مازالت تورطنا في صراعات عبثية ، وتجعلنا مجرد لعبة في أيدي الآخرين ،

إن هذه الحقائق التي تقف وراء الفوضى إياها باتت تتطلب رؤية عميقة النظر واستراتيجية بعيدة المدى توفر لنا الأخذ بزمام المبادرة وتصحيح المسار ، ونسأل المولى عز وجل ان يلهم الإدارة السعودية بقيادة خادم الحرمين سلمان الى كل خير ، ونسأله تعالى لأمتنا أمر رشد يرفع شأنهاويحقق المكانة الرفيعة التي ارادها لها ربها سبحانه إذ قال : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ... الآية) والشهادة المطلوبة من هذه الأمة ليست مجرد الفرجة من بعيد وإنما الشهادة المطلوبة ان تكون هذه الأمة صاحبة القرار ،والشاهدة على الأحداث لتقول للمحسن أحسنت فتأخذ بيده وتقول للمسيء أسأت فتأخذ على يده وتحمي العالم منه ومن شرور