الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-09-07

الخوارج تاريخ وعقيدة الحلقة (34) الشاعر الفارس قطري بن الفجاءة – بقلم: محمد فاروق الإمام


هو الفارس الشاعر والخطيب المعدود الذي قاد الخوارج في حربهم ضد جنود الدولة الأموية مدة ثلاثة عشر عاما، ولقب بأمير المؤمنين، واقترن اسمه باسم أم حكيم الخارجية رغم اختلاف الروايات في ذلك.
هاجم قطري القعدة، واتهمهم بالتقصير والذنب كما فعل مع سميرة بن الجعد سمير الحجاج عندما عرف مكانه فكتب إليه أبيات منها:
       لشتان ما بين ابن جعد وبيننـــا إذا نحن رحنا في الحديد المظاهر
       نجاهد فرسان المهلب كلنــــا صبور على وقع السيوف البواتر
       وراح يجر الخز عند أميــــره  أمير بتقوى ربه غير آمـــر
       أبا الجعد: أين العلم والحلم والنهى  وميراث آباء كرام العناصـر ؟
       ألم تر أن الموت لا شك نــازل ولا بد من بعث الألى في المقابر

       حفاة عراة والثواب لربهـــم   فمن بين ذي ربح وآخر خاسر
       فإن الذي قد نلت يفنى، وإنمـا   حياتك في الدنيا كوقعة طائــر
       فراجع أبا جعد ولاتك مفضيـا  على ظلمة أعشت جميع النواظـر
       وتب توبة تهدى إليك شهـادة  فإنك ذو ذنب ولست بكافــر
       وسر نحونا تلق الجهاد غنيمــة تفدك ابتياعا رابحا غير خاســر
       هي الغاية القصوى الرغيب ثوابها إذا نال في الدنيا الغنى كل تاجـر

كذلك بعث قطري بشعر إلى أبي خالد القناعي يؤنبه على قعوده ويحثه على الجهاد فيقول:
أبا خالد يا أنفر فلست بخالـد وما جعل الرحمن عذرا لقاعد
أتزعم أن الخارجي على الهدى وأنت مقيم بين لص وجاحـد

وكانت دعوة قطري تلقى الاستجابة أحيانا كما فعل سميرة، أو يعتذر صاحبها كما فعل أبو خالد.
لقد كان لقطري غزلا رقيقا غير ما تعودنا عليه، فغزله كان فخرا كعادة الفرسان الذين يودون مشاهدة محبوباتهم لهم وهم يخوضون غمرات الحروب، لينالوا إعجابهن وودهن. فهاهو يتمنى رؤية أم حكيم، لا ليشبع شوقه أو ليروي ظمأه لرؤيتها، ولكن لتراه وهو في غمرات الحرب يجندل الشجعان ويطعن الفرسان فيقول:
       لعمرك إني في الحيــــاة زاد وفي العيش ما ل ألق أم حكيم
       ولو شهدتني يوم دولاب أبصرت طعان فتى في الحرب غير ذميم
       فلو شهدتنا يوم ذاك وخيلنــا تبيح من الكفار كل حريــم

كذلك كانت لقطري أشعار في الحماسة، تنبع من حماسته للعقيدة والموت في سبيلها، ومن رباطة جأشه وشجاعته واندفاعه ليغشى غمرات الموت دون هياب للسيوف والرماح وهي تعتوره، فنراه يقول:
       إلى كم تعاريني السيوف ولا أرى معارتها تدعو إلى حماسيــا
       أقارع عن دار الخلـود ولا أرى  بقاء على حال لمن ليس باقيا

ويقول في قصيدة أخرى:
       لا يركنن أحد إلى الإحجــام يوم الوغى متخوفا لحمــام
       فلقد أراني للرماح دريئـــة  من عن يميني تارة وشمـــالي
       حتى خضبت بما تحدر من دمـي أكناف سرجي أو عنان لجامي
       ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب جذع البصيرة قارح الإقـدام
       متعرضا للموت أضرب معلمــا بهم الحروب مشهر الأعـلام
       أدعو الكماة إلى الـنزال ولا أرى نحر الكريم على القنا بحــرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق