شاعرنا الفِندُ – وبفتح الفاء أيضاً – من الشعراء
الجاهليين الذين عاشوا قبل الإسلام . ولعل وفاته كانت عام اثنين وتسعين قبل الهجرة
، وقد زادت سِنُّه على المئة. .. وجعل الزركليُّ – رحمه الله تعالى – وفاته عام سبعين
قبل الهجرة .
والفِند : الجبل العظيمُ أو قطعة طولية من الجبل ..
واسمه : شهلُ بن شيبان بنِ مالكٍ الحنفيُّ من بكر بن وائل ، من أهل اليمامة . ولعل
لقبه هذا – الفِند – جاء لجسامته ، فقد
كان طويلاً ضخماً يملأ العين مهابةً .
كان الفِندُ من فرسان ربيعةَ المشهورين المعدودين ،
وسيداً في قومه ، وقائداً لهم ... وقد شهد شاعرنا يومَ التحالق " يوم تَحلاق
اللّمم " في حرب البسوس على رأس مدد من قومه نُصرةً لبني بكر على بني تغلب .
شعره سهل عذب ، قليل الغريب . وأكثره في الحماسة – وصف
معاركه - يتخلله شيء من الحكمة ، وكثير من
الاعتداد بالنفس .
لم يكن الفِندُ الزِّمانيُّ يرغب في الاشتراك في حرب
البسوس كي لا يقاتل قوماً كانت بينه وبينهم قرابة . إلا أنه اضطر إلى خوضها كما
تدل هذه القصيدة ، فقال مفتخراً بنفسه ، ناثراً حكمته :
صفحنا عن بني ذُهلٍ وقلنـا القـومُ إخـوانُ
عسى الأيامُ أن يرجِعْـ
نَ أقـواماً كما كانـوا
فـلـمّـا صـرّحَ الشـرُّ..
وأمسى وهْوَ عُريانُ
ولم يبْقَ سوى العُـدوا
نِ دِنّـاهم كمـا دانـوا
مشينـا مِشـيَـةَ الليْـثِ
غدا والليثُ غَضبانُ
بضربٍ فيه توهـيـنٌ
وتخضيعٌ ، وإقرانُ ( 1)
وطعـنٍ كـفـَم الـزّقِّ .. غـذا، والـزقُّ ملآن (2)
وبعضُ الحِلْمِ عند الجهـ
ل لـلـذِلَّــةِ إذعـانُ
وفي الشرّ نجـاةٌ حيـ
نَ لا ينجيـكَ إحسانُ
1-
فكان ضربه المتوالي لعدوَّه قوياً أضعفه وأذلّه . والإقران هنا : توالي
الطعن .
2-
كان طعانه قوياً نافذاً ، جعل في أجساد أعاديه فتحات تسيل منها الدماء
بغزارة كما يسيل الخمر من أفواه الزقاق . والزق : إناء من جلدٍ للخمر . .. غذا :
سال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق