النجاح هذه الكلمة الفاتنة، التي يتطلع
لها كل الناس، ويعشقها كل البشر، وترنوا لها نفوس العامة، وتتطلع لها همم الخاصة، وتطمح
للوصول لها القادة، هي مفتاح السعادة، ومجلبة المضي، في دروب الرجاء، ومفاصل الحياة
في العطاء.
النجاح مجلبة للخير، وعنوان مجد المرء،
وشارة فرحته، وعلامة بهجته، به يصول ويجول، ومن خلاله يسعى وينطلق، وفي أفيائه يغني
أجمل أغنيات الفرح بالنصر، وتحقيق الآمال، وتحقق الأمنيات، ورؤية ثمار العمل، وقد تجلت
بهيكلها الذي خطط له، وتعب من أجل الوصول إليه.
النجاح، فسحة الحياة، في مناهج الجهاد
والنضال، والعمل والدأب، والإرادة والقوة، والجد الاجتهاد، والمضي بلا انقطاع، والسير
بلا تلفت، فلا عوائق تقعده، ولا إعاقة تمنعه، ولا حقد يحبسه في سجن الطريق، ولا حرباً
نفسية تحجمه، حتى يكون على هامش الحدث، ولا حاسد يدفعه عن مشوار الحياة.
النجاح سلم، أوله معروف، ونهايته يعجز
الإنسان عن الوصول إلى كماله. ( وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً ).
من هنا، لزم المضي في طريقها، لتحصيل
أكبر قدر من درجات سلمها،
والعبرة بكثرة الفضائل، ولا عصمة لأحد، بعد نبينا – عليه
وعلى آله وأصحابه وأزواجه أفضل الصلاة، وأتم السلام – وتبقى العدالة، والماء إذا بلغ
القلتين، لم يحمل الخبث، وهذا من دوافع الفعل في السير، على دروب النجاح.
المسلم أكثر الناس بحثاً عن النجاح،
لأن دوافع الأمر عنده، تتعدى طموحات المرء العادية، في مسائل المأكل والمشرب والزواج
والوظيفة، والشهادة الدراسية، والتجارة أو الكسب المادي، وغير ذلك من الصور، رغم أنها
داخلة في برنامج نجاحه ومقوماته.
ذلك أن منهج النجاح في حياة المسلم،
وصف برامجي متكامل الجوانب، تمثله رسالة المسلم في الحياة، ألا وهي عبودية الله في
الأرض بمفهومها الصحيح، وتتلخص في إيجابية التصور والسلوك، حتى تنتظم شؤون الحياة كلها، فتصير مفاصل الحياة كلها لله
تعالى. ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون )
النجاح، هذه الكلمة الآسرة، مختصرة
في أحرفها، كبيرة في مبانيها، عظيمة في معانيها، واسعة في مجالاتها، دقيقة في أسرارها،
مهمة في نتائجها ومخرجاتها وإفرازاتها.
بدايتها شعور وإحساس بها، ثم حب لها،
مع عزم لا يلين لنيل درجاتها، وبعدها بدء عملي ببرامجها، ثم يأتي النجاح، يسعى إليك
سعياً، من خلال مفهوم التوكل على الله، والاستعانة به، وترك التواكل وأدواته، التي
تقود نحو الفشل واليأس والاحباط والدمار الشامل.
وصدق من قال: (النجاح شعور، والناجح
يبدأ رحلته بحب النجاح، والتفكير بالنجاح ..فكر، وأحب، وابدأ رحلتك نحو هدفك..
تذكر: " يبدأ النجاح من الحالة
النفسية للفرد ، فعليك أن تؤمن بأنك ستنجح - بإذن الله-.
من أجل أن يكتب لك فعلا النجاح
." الناجحون لا ينجحون وهم جالسون لاهون ينتظرون النجاح، ولا يعتقدون أنه فرصة
حظ، وإنما يصنعونه بالعمل والجد، والتفكير والحب، واستغلال الفرص، والاعتماد على ما
ينجزونه بأيديهم.)
النجاح هذه الكلمة الخالدة خلود الباحثين
عن التغيير، وخلود الداعين إلى الإصلاح، والمفتشين عن سبل الحياة المثلى، التي يجب
أن تنعم بها أمتنا، وتعيش في كنفها أجيالنا.
من هنا كان المجددون، وسطرت صحائف
المصلحين بصحائف النور، وكانت لهفة مدارس التغيير تتسابق، في مدارج السالكين، ليكون
هذا الأمر، في قمم مطالب أصحاب الهمم العالية، والنفوس الكبار.
النجاح رغم كل جمال هذه الكلمة، وتطلع
النفس لها، وحب كل عاقل لكل حرف فيها، ليست كلمة تلاك، ولا فلسفة تردد، ولا حلم مراهق،
ظل حبيس وهمه، ودفين أحلام اليقظة.
النجاح جهد وجهاد، وعمل متواصل ومعاناة، لا مكان في مقاعده للكسالى والخاملين واليائسين
والمحبطين، ورضي الله عن الفاروق، لما ضرب بالدرة ذاك الذي جلس في المسجد، يستجلب الرزق
بلغة التواكل : السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ) . بل على المرء أن يعقلها ويتوكل كما
علمنا نبينا – عليه الصلاة والسلام – بل خلل ولا شطط، ولا دخن ولا دغل، صافية بيضاء
نقية، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَ هالك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق