الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-01-23

إياك واللعن – بقلم: الدكتور عثمان قدري مكانسي


قال الابن لأبيه: يا أبتِ قرأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ برجل شرب خمراً، فقال: ((اضربوه تعزيراً له ورَدْعاً))، فقال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: ((لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) فلماذا أبى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  ذلك؟
قال الأب: الدعاء بقولهم: أخزاك الله، لعنة، ولا يُلعنُ إلا الظالمون، لقوله تعالى: " أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " .
قال الابن: لقد ظلم نفسه بشرب الخمر يا والدي.
قال الأب: يا بني إن الظالمين: الذين يصدون عن سبيل الله، وهذا مسلم ارتكب خطأً فعزّره رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس المؤمن بطعّان ولا لعّان .. أليس كذلك يا بني؟
قال الابن: بلى يا والدي.

قال الأب: وقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم  أن العبد إذا لعن شيئاً، صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق دونها الأبواب، ثم تنزل إلى الأرض فتغلق دونها أبواب الأرض، ثم تمشي اللعنة يميناً وشمالاً فإذا لم تجد طريقاً إلى ملعون رجعتْ إلى قائلها، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم  ينبهنا إلى أن اللعّانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة.
قال الابن: أعوذ بالله أن أكون لعّاناً.
قال الأب: أما وقد كرهت أن تَلعنَ فاسمع ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم  مَن لعنت ناقتها.
قال الابن: شوقتني يا والدي ومعلمي إلى قصتها.
قال الأب: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم  في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقةٍ عليها بعض متاع القوم، إذ وصلوا إلى مكان ضيّق بين جبلين تزاحم فيه الركبُ، فأرادت المرأة أن تسرع ناقتها، فلم تستطع، فضجرت منها فلعنتها، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم  مقالتها، فقال: ((خذوا ما على الناقة من متاع ودعوها فإنها ملعونة، لا تصاحبنا ناقة معلونة)).
وقال راوي الحديث – يا بني -: فكأني أرى الناقة تمشي في الناس لا يتعرض لها أحد.
قال الابن: أفلا تجوز اللعنة أبداً؟
قال الأب: بلى، ولكن في حدود الشرع، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : الواصلة والمستوصلة وآكل الربا والمصورين ومن لعن والديه، ومن ذبح لغير الله، ومن أحدث منكراً، ومن آذى المسلمين.
قال الابن: فما الواصلة والمستوصلة؟
قال الأب: التي تصل شعرها بشعر غيرها تدعى مستوصلة، ومَنْ تقوم بهذا العمل فهي واصلة.
قال الابن: أهناك من لُعنوا أيضاً؟
قال الأب: نعم: اليهود الذين اتخذوا مقابر أنبيائهم مساجد، والمتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.
ورفع الأب وفتاه أيديهما إلى السماء يسألان الله الهداية، والفقه في الدين لهما ولكل المسلمين.
رياض الصالحين
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابته


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق