الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-01-02

مخيم نجاتي ... الحياة بلا روح - مركز أمية: 29-12-2014 تقرير: وسيم شامدين- مراجعة: فادي شامية

كل الذين يسكون خياماً اليوم كان لهم سكن بالأمس. كل الذين استوطنوا الحدود والأماكن النائية؛ كانوا في قراهم وبلداتهم هانئون. حياة المخيمات مهما قدمت لسكانها وزوارها من العطايا والمساعدات تبقى حياة بلا روح, فقلوب ساكنيها معلّقة بالأرض التي خرجوا منها تاركين منازلهم؛ تعبث بها آلة الحرب التي لا تميز بين البشر والحجر والشجر.
مخيم نجاتي Najaateواحد من بين المخيمات الستة في ريف اللاذقية Lattakia في منطقة الليمضية Alyamdeya -جبل التركمان Altrkmaan على الشريط الحدودي السوري التركي. غالبية سكانه هجّروا من قرى ريف اللاذقية والبعض من قرى ريف جسر الشغورJasr Alshgour التابعة لمحافظة أدلبEdlb . تركوا منازلهم وأرزاقهم وكل ذكرياتهم ورائهم وجاءوا مجبرين ليعيشوا في مخيم نصب تحت الأشجار في أعالي الجبال؛ حيث قساوة الشتاء لا ترحم من جهة، وحالة الفقر والبؤس التي يعيشونها من جهة أخرى، والخاسر الأكبر هو ذلك الإنسان الذي هرب من الموت السريع ليواجه موتاً بطيئاً وحياة بؤس وشقاء تزداد سوءاً يوماً بعد يوماً.

في مخيم نجاتي والبالغ عدد خيمه 70 خيمة, وعلى قلة أعدادهم مقارنة بباقي المخيمات الخمسة الأخرى، وهي: مخيم آدم Adm ومخيم الزيتونة Alzeetunaومخيم النحلة Alnhla ومخيم الليمضية ومخيم التركمان, يعتبر مخيم نجاتي الأكثر تهميشاً بينها وأن كان الوضع في باقي المخيمات ليس بأفضل حال عموماً.
عبد الله Abdlaah أحد سكان هذا المخيم يصف أحوالهم ومعاناتهم قائلاً: "الحياة في هذا المخيم في فصل الشتاء تشبه الموت الذي ينتظرك لتسقط مستسلماً بسبب البرد والفقر والمرض والقهر، فأغلبنا لا يوجد لديه دخل يعيش منه، فقد تركنا أملاكنا وأرزاقنا وهربنا من القصف العشوائي لقوات الأسد فجلنا مزارعون, وهناك قلة قليلة تعمل في صناعة الفحم وتقطيع الحطب وأن كان هذا الأمر ممنوع العمل به بسبب ازدياد قطع الأشجار ".
حين يخيم الليل بظلاله لا كهرباء تنير عتمة المخيم القاسية. يتدبرون أمرهم بضوء الكاز؛ الذي يزيد من مأساة أصحاب الأمراض الصدرية وكبار السن, أما في النهار فيقضون جله في البحث عن أخشاب يابسة من أجل الطبخ والتدفئة, لأن أسطوانة الغاز لم يشاهدوها منذ خروجهم من بيوتهم. وتزداد المأساة مع العائلات التي لا يوجد من يعيلها أو يقوم على تأمين حاجاتهم اليومية من الحطب والماء, ويبقى الهم الأكبر هو الحصول على مولد كهرباء يعينهم على قضاء بعض حوائجهم...
مريم Mryamهي الأخت الأكبر لشقيقتين وأخ معاق, تعيش مع أمها المسنة، وتخبرنا عن وضعهم المأساوي فتقول: "حياتنا من سيء لأسوء وكل يوم تزداد أوضاعنا صعوبة فليس الأمور كلها سلة إغاثة, فهناك من يعاني من أمراض ويحتاج إلى دواء وطعام خاص، أمي تعاني من مرض القلب وتحتاج إلى دواء ولا يوجد لدينا المال, نأمل أن تفرج الأوضاع ونعود إلى ديارنا التي أصبحت ركاماً وحطاماً لكن تبقى أرحم من حياة المخيمات".
أما واقع الأطفال في هذا المخيم فهو واقع لا يمكن إغفاله أو المرور عليه مرور الكرام؛ فحياة الطفل هناك تكاد تكون مقتصرة على حياة بين الأدغال والأشجار والطين، وكأنّهم يعودون بالتاريخ إلى زمن بعيد، فهم يمشون حوالي 2 كلم من أجل أن يصلوا إلى مدرستهم، وحين يكون الجو ماطراً لا يذهبون, فيقضون جلّ يومهم على الطرقات وأن أرادوا اللعب فليس لديهم سوى الطين وقشور الأشجار وعيدان الحطب، ورغم هذا تجد البسمة مرسومة على وجوههم البريئة حاملين في أعينهم أحلامهم الصغيرة لغد أكثر أمناً وأفضل حالاً .

مخيم نجاتي هو أقرب مخيم من الشريط الحدودي مع تركيا والمفارقة أنّ كل حملات الإغاثة التي تدخل من تركيا عبر المنظمات تمر من أمام المخيم، لكن أهله أقل من يرى الإغاثة، فتراهم يعدون السيارات الداخلة وينتظرون فرج الله أن تكتفي المخيمات الأخرى كي ينالوا حظهم ونصيبهم منها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق