الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-03-30

الخوارج تاريخ وعقيدة الحلقة (24) الخوارج وعدم الاعتراف بالآخر – بقلم: محمد فاروق الإمام

لقد أجمع الخوارج على قتل مخالفيهم وإقصائهم وعدم الاعتراف بهم. وديننا الحنيف لا يحل دم مؤمن إلا بثلاث خلال: الرجم للزاني المحصن، أو قتل النفس عمدا فيقتل القاتل جزاء وفاقا، وإذا ارتد المسلم بعد إيمان وأصر على ارتداده فيقتل.
أما مسألة تكفيرهم صاحب الكبيرة، فقد رد عليهم القاضي عبد الجبار المعتزلي في شرح الأصول الخمسة فقال: "إن صاحب الكبيرة لا يسمى كافرا، لأن الشرع جعل اسم الكفر على من يستحق العقاب العظيم، ويختص بأحكام مخصوصة نحو المنع من المناكحة والموارثة والدفن في مقابر المسلمين، ومعلوم أن صاحب الكبيرة ممن لا يستحق العقاب العظيم، ولا تجري عليه هذه الأحكام فلم يجز أن يسمى كافرا".
وصير الخوارج الكبائر والصغائر شيئا واحدا والله عز وجل قد فرق بين الصغائر والكبائر بقوله: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما).

أما قولهم: إن كل من عصى الله فهو كافر محتجين بقول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). ويقول في تفسير هذه الآية الشيخ عبد العزيز بن يحيى الكناني قوله تعالى: (بما أنزل الله) صيغة عموم، فقوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله) معناه من أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، وهذا حق لأن الكافر هو الذي أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله تعالى، أما الفاسق فإنه لم يأت بضد حكم الله إلا في القليل، أما في الاعتقاد والإقرار فهو موافق، وهذا أيضا ضعيف لأنه لو كانت هذه الآية وعيدا مخصوصا بمن خالف حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله تعالى لم يتناول هذا الوعيد اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في الرجم. وأجمع المفسرون على أن هذا الوعيد يتناول اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله تعالى في واقعة الرجم، فيدل على سقوط هذا الجواب.
وقال عكرمة: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله) إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله وأقر بلسانه كونه حكم الله، إلا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل الله، ولكونه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية.
أما الإمام الطبري فيقول في تفسير هذه الآية: وقد اختلف أهل التأويل في هذا الموضع فقال بعضهم أنه عنى به اليهود الذين حرفوا كتاب الله وبدلوا أحكامه.
وعن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، وقوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) ، وفي قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون).. في الكافرين كلها. وعن الضحاك: نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب وقيل ليست في أهل الإسلام منها شيء، إنما هي في الكفار، إلا أن يفعل أهل الإسلام ذلك استخفافا أو استحلالا أو جحدا.
والآية الكريمة: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم). تدل دلالة واضحة على أن المسلم لا يكفر بالمعاصي أو الكبائر، اللهم إلا الشرك بالله حسب ما جاء في الآية: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
ويقول الإمام النووي رحمه الله: واعلم أن مذهب أهل الحق أن لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب. ولو كانت الكبيرة تكفر لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، وما اكتفى بإقامة الحد عليهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق