بدأت القصة قبل حوالي السنة، وتحديداً مع
بداية العام الرابع للثورة السورية، حين سألني أحد أصدقائي هنا في (هيوستن) عن سر
الكم الكبير من القصائد والمقالات التي كتبتها وأكتبها في توثيق أحداث الثورات
العربية عموماً والسورية خصوصاً، حتى أنه تخيلني بأني أنام والورقة والقلم في يدي.
ثم عاد وسألني: ألا تعتقد بأن الوقت الذي تستهلكه هذه الكتابات يمكن أن يصبح أكثر
فائدة لللاجئين السوريين على الأرض فيما لو أمضيته في حقل الاغاثة مثلاً؟
عدت يومها إلى البيت وأنا أفكر بهذا السؤال
وأحاول أن أجد الرد المناسب عليه، لا لاقناع صديقي الذي طرحه، ولكن لاقناع نفسي
أولاً. لايوجد لدي شك ولالحظة واحدة أن العمل في حقل الاغاثة من أغذية وألبسة
سينعكس على العائلات التي تعيش تحت الخيام بفائدة أكبر بكثير من قرائتهم لقصائدي
ومقالاتي والتي لاتتعدى فائدتها الجانب المعنوي والتوثيقي. طبعاً حين طرح صديقي
هذا السؤال لم يكن يقصد التقليل مما قمت وما أزال أقوم به ضمن نشاطات الجالية
السورية في أمريكا عموماً وهيوستن خصوصاً في تنظيم والمشاركة في حملات التبرع والاغاثة
الانسانية لأهلنا في مخيمات اللجوء على مدار السنة. ولكن ماقصده هو أن إضافة الوقت
المستهلك في هذا الكم الذي يراه من الكتابة إلى بقية ماسبق من نشاطات سيزيد
الفائدة.
بعد التفكير في هذا الموضوع، كان علي أن أقر
بأن (الكتابة) هي شئ (أصابني) وأنا في المدرسة الابتدائية، ولازمني منذ ذلك الحين
بحيث أصبح جزءاً من حياتي اليومية وماعاد (الشفاء) منه ممكناً. هذا من جهة، ومن
جهة ثانية فان الدعم المعنوي للثورة في كافة مراحلها هو أمر هام، خاصة الآن بعد أن
طالت وتشعبت وبدأ اليأس يصيب الكثير من أبنائها ومؤيديها، فتأتي أمثال هذه الأعمال
لرفع المعنويات وشحذ الهمم والدعوة للتفكير في صورة المستقبل خالياً من نظام الطائفية
والاجرام والظلم، وأيضاً من الاحتلال الايراني الذي هو اليوم في أجلى صوره. بعد
النظر إلى الموضوع من هذين المنظورين، كان قد بقي علي إيجاد (الوسيلة) تجعل
لكتاباتي فائدة ملموسة على الأرض تضاف إلى فائدتها المعنوية. من هنا وجدتني أطرح
على نفسي السؤال التالي: ماذا لو جمعت أعمالي حول ثورات الربيع العربي في كتاب
وطرحته في الأسواق عن طريق دار نشر محترفة وخصصت حصتي من المبيعات لدعم أعمال
الاغاثة؟ حين وصلت إلى هذه النقطة، كانت فكرة نشر كتابي الجديد قد ولدت بالفعل،
وهي الفكرة التي ستجعل من ذلك الوقت المستهلك في الكتابة قابلاً للتحول إلى
دولارات تذهب إلى مخيمات اللجوء.
بعد هذا كان لابد من التفكير بما من شأنه ضمان
مبيعات الكتاب في السوق المحلية والدولية، فقررت أن أختار حصراً القصائد التي لها
ترجمات بالانكليزية ووضعها مع تلك الترجمات في نفس الكتاب، مما يجعله قابلاً للبيع
لمتكلمي اللغتين العربية والانكليزية معاً. رأيت أن هذا سيوضح للأمريكيين خاصة
الأسباب التي أدت إلى انفجار ثورات الربيع العربي، لاماتحاول وسائل الاعلام
الكاذبة تزويره وتبرئة الأنظمة الديكتاتورية من المسؤلية عنها، كما وستوثق المجازر
الوحشية التي ارتكبتها تلك الأنظمة، وخاصة السوري، بحق شعوبهم في سبيل الاحتفاظ
بالحكم.
قمت باهداء نسخ من الكتاب لجامعات ومعاهد
ومكاتب عامة رئيسية على طول أمريكا وعرضها، بغية التعريف به وتشجيع الطلاب على
اقتنائه. ولنفس الغاية أيضاً، قمت بترتيب مناسبة لبيع وتوقيع الكتاب في واحدة من
أكبر وأشهر مكتبات هيوستن (بارنز آند نوبل) وفي منطقة تكثر فيها الجالية العربية،
على شارع (ويست هايمر)، حيث ستعتبر هذه المناسبة بتاريخ 29 آذار، مارس 2015 هي
الاطلاقة الرسمية له.
***
(يسمح بالنشر دون إذن مسبق)
طريف
يوسـف آغا
كاتب
وشـاعر عربي سوري مغترب
عضو
رابطة كتاب الثورة السورية
هيوسـتن
/ تكسـاس
الاثنين
3 جماد الآخر 1436 / 23 آذار، مارس 2015
http://sites.google.com/site/tarifspoetry
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق