الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-03-19

المراقب العام لإخوان سورية: مصلحة الثورة والوطن مقدّمة على مصلحة الجماعة

استنكر فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. محمد حكمت وليد، تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة، التي دعا فيها إلى التفاوض مع بشار الأسد.

ووصف فضيلته، في لقاء إعلامي بالعاصمة التركية اسطنبول، تصريحات كيري بأنهّا مفاجئة وسلبية ومستنكرة، مؤكداً أنّ هذا التصريحات لا يمكن القبول بها، لأنّ ذلك يعني التفريط بتضحيات الشعب السوري.

وقد حضر الحوار عدد من وسائل الإعلام العربية والعالمية، من بينها؛ وكالة الأناضول للأنباء، ووكالة ماكالاتشي، ووكالة مسار برس، وقناة أورينت، وقناة تي آر تي العربية، وإذاعة صوت راية، وصحيفة يني شفق التركية- القسم العربي، وصحيفة القدس العربي، وموقع زمان الوصل، وصحيفة الحياة.

وسطية الإخوان
وأكّد فضيلة المراقب العام أنّ فكر جماعة الإخوان فكر وسطي، وهو الفكر الذي أسّس له المؤسسون الأوائل مثل الدكتور مصطفى السباعي، الذي لا يزال عليه الإخوان، والرافض للعنف والتطرف.

ورأى فضيلته أنّ التطرف في سورية استثناء ولا علاقة له بفكر الإخوان، مشيراً إلى أن المشروع السياسي لسورية المستقبل الذي أطلقه الإخوان يشير إلى الفكر الوسطي المعتدل، والذي يدعو لتأسيس دولة مدنية حديثة.

وأضاف فضيلته أنّ الأعمال الوحشية التي نراها حالياً في سورية، ليست من منهج وفكر الإخوان، مشدّداً أنّ الإخوان، بل الإسلام بريء منها، مؤكّداً أنّ الاختلاف كبير بين الإخوان أصحاب الفكر الوسطي، وتنظيم الدولة الذي يدعو لفكر غالٍ.

رؤية الإخوان للحكم
وأعلن فضيلة المراقب العام أنّ جماعة الإخوان تسعى إلى دولة مدنية بمرجعية إسلامية، تكون فيها الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم إجبار الناس على أي اعتقاد ديني أو فكري، معتبراً أنّ فرض الشريعة بالقوة فهم مغلوط للنصوص، بل فهم مغلوط للإسلام.

وأوضح فضيلته أن الإسلام وضع مبادئ عامة للحكم في الإسلام، وردت في القرآن الكريم، منها قوله تعالى ((لا إكراه في الدين)). كما أكّد أنّ الحكم في الإسلام يراعي إقامة العدل بين الناس وإقامة المثال الإسلامي بين الناس على أرض الواقع.

وفيما يخصّ نظرة الإخوان لموضوع الخلافة، قال وليد إنّ مفهوم الخلافة مفهوم تاريخي استمر لقرون، موضحاً أنّ الأصل في الحكم هو المضمون بتطبيق العدل والشرع، أيّاً كان شكل الحكم أو تسميته، مضيفاً أنّ الحكم الإسلامي هو الحكم الراشد الذي يعطي الحرّية والعدل للناس.

شباب وشيوخ
وحول ما يتداوله البعض بوجود تياري شيوخ وشباب داخل الجماعة، أوضح فضيلته أنّ ظروف الهجرة التي مرّت بها الجماعة على مدى عقود أوجدت شيئاً من الركود في الحراك السياسي حتى داخل التنظيم، وفي تلك الفترة أدّى ذلك لشيء من الانقطاع بين جيل شاب لم يجد مكانه في استلام مسؤوليات، وجيل الشيوخ.

ورأى فضيلته أنّ الإخوان تنبّهوا لذلك منذ سنوات، حيث أصبح من أهداف الجماعة الرئيسية إعداد الشباب لإدماجهم في مراحل لاحقة. وأضاف أنّه عند النظر للجماعة ومؤسساتها حالياً فإنّ أكثر من نصف الكوادر الإخوانية حول العالم هم من الشباب.

استراتيجية المرحلة القادمة
وقسّم فضيلته استراتيجية جماعة الإخوان في الفترة القادمة إلى قسمين داخلي وخارجي، موضحاً أنّ الاستراتيجية الداخلية ستركّز على الالتحام الحقيقي بالثورة، مشيراً إلى أنّ الفترة القادمة ستشهد التحاماً أكبر بالداخل، حيث أنّ نحو 75% من إمكانات الجماعة كانت مخصّصة للداخل.

كما ركّز فضيلته على أن يكون للشباب دور أكبر بما لهم من فعالية في المرحلة القادمة، إضافة إلى محاولة نشر الفكر الوسطي المعتدل، مقابل الفكر الغالي والمتطرف، الطارئ على الشعب السوري.

وأوضح فضيلته أنّ الجماعة تتجّه إلى التخصّص في مؤسساتها، ورأى أنّ شمولية فكر الجماعة لا تعني شمولية العمل، حيث أنّ هناك مراجعات فكرية وتنظيمية تتجه لاختصاص جسم الجماعة في الفكر الدعوي، وممارسة السياسة عن طريق الأحزاب السياسية.

خارجياً، قال فضيلته إنّ التحديات كبيرة على هذه المستوى، وأبرزها محاولات التشويه المتعمدة لصورة الإخوان من قبل كثير من الأطراف، ومحاولة ربط الإخوان والإسلام عموماً بالإرهاب، ورأى أنّ الجماعة بحاجة إظهار الصورة الحقيقية للإخوان وتجليتها.

جبهة النصرة
وحول موقف الجماعة من جبهة النصرة، قال فضيلته إنّ الجبهة تعلن ارتباطها بتنظيم القاعدة بشكل معلن، معتبراً أنّ النصرة ستعطي مؤشراً إيجابياً إذا قامت بإجراء مراجعات فكرية وفكّت ارتباطها بالقاعدة، الأمر الذي يصبّ في مصلحة الثورة. وشدّد على أنّ الجماعة تقف مع أيّ فصيل يوجه سلاحه ضد نظام الأسد والجماعات التي تقاتل إلى جانبه، وأنّ كل سلاح ضدّ نظام الأسد هو سلاح صادق وندعمه ونؤيده.

لا هيمنة على المعارضة
ونفى فضيلة المراقب العام هيمنة جماعة الإخوان على مؤسسات المعارضة، موضحاً أنّ دور الجماعة في جميع مؤسسات المعارضة التي اشتركوا فيها كان دور المشاركة وليس الهيمنة، وأشار إلى أنّ عدد أعضاء الجماعة الممثلين في الائتلاف الوطني على سبيل المثال لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة من أصل نحو 110 أعضاء.

وقال فضيلته إنّ جماعة الإخوان هي إحدى الفصائل المتواجدة على الساحة، ولعلّها الفصيل الأكثر تنظيماً، لكنها لا تسعى للهيمنة، مشيراً إلى أنّ تصدّر المشهد السياسي أو العسكري في سورية لن يكون في مصلحة أحد.

مؤتمر القاهرة
وحول المؤتمر الذي تعدّ له مصر والذي يستهدف جمع شخصيات من المعارضة في السابع عشر من الشهر المقبل، رأى فضيلته أنّ ظهور السلطة الجديدة في مصر على خط العمل السياسي لم يكن لصالح الثورة، مشيراً إلى أنّ مؤتمر القاهرة الماضي ومؤتمر موسكو الذي رافقه كانا يتحدثان عن حل في سورية مع بقاء بشار الأسد، الذي ارتكب مجازر وجرائم ما يجعله خارج المعادلة في سورية، لذلك مع الأسف لا يزال الروس مع المصريين يعتقدون أنّ الأسد جزءاً من الحل.

ورأى فضيلته أنّ السلطات في مصر ترفض الإخوان المسلمين، كما ترفض الإسلاميين عموماً، حيث عارضت في المؤتمر السابق مشاركة عضو الائتلاف هشام مروة، لمجرّد لأنّه إسلامي، رغم أنّه لم يكن من الإخوان يوماً من الأيام.

وأكّد فضيلته أنّ ما حدث في مصر أثّر بشكل سلبي على الثورة السورية، وأنّ غياب الدكتور محمد مرسي أثّر على الثورة السورية بوضوح، موضحاً أنّ الحكم الحالي في مصر لا يتّخذ موقفاً إيجابياً من الثورة السورية. وأعرب فضيلته عن أمله من المصريين مراجعة موقفهم من الثورة السورية، وألا يؤثر موقفهم من إخوان مصر على الإسلاميين في بقية البلاد.

العلاقة بين الإخوان
وأوضح فضيلته أنّ الإخوان السوريين تجمعهم مع الإخوان في البلاد الأخرى التوجّهات الفكرية المعروفة، لكن التوجّهات السياسية قد تختلف، مشيراً إلى أنّ لكل تنظيم اجتهاداته في القضايا المعاصرة مثل الدولة الحديثة، الديمقراطية، العدالة، شكل الحكم، التعامل مع الجهات الأخرى، ومع العالم.

واعتبر فضيلته أنّ النموذج الأقرب للجماعة في سورية هو النموذج التونسي، مشيداً بالموقف الذي اتّخذه حزب النهضة بتقديمه مصلحة الثورة والوطن على مصلحة الحزب والجماعة، الأمر الذي اعتبره فضيلة المراقب العام مبدءاً من مبادئ الجماعة في سورية.

العلاقة مع تركيا
وبشأن علاقة الجماعة بالحكومة التركية، قال فضيلته إنّ تركيا من الدول القليلة التي لا زالت داعمة للثورة، وهي بمثابة الرئة للشعب السوري، مشيراً إلى استضافة تركيا الملايين من السوريين، الأمر الذي لن ينساه لهم الشعب السوري.

وتابع فضيلته بالقول إنّ الحدود الطويلة بين سورية وتركيا تمثّل حدوداً استراتيجية، وإنّ سورية بعد انتصار الثورة ستمثّل بُعداً استراتيجياً لتركيا، مؤكّداً أنّ ما يربط بين الشعبين مصالح استراتيجية حقيقية، وأعرب عن أمله بأن تكون العلاقة مع تركية علاقة استراتيجية.

وعن دور تركيا محتمل في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، اعتبر فضيلته أنّ لتركيا مشروعها الخاص الذي تعمل عليه، وهو مشروع المنطقة الآمنة، والذي لم يجد حتى الآن موافقة من المجتمع الدولي. وأعلن فضيلته دعم الجماعة للمشروع التركي لأنّه يلبّي مصلحة الشعب السوري.

رسائل مع السعودية
وفي إجابته على سؤال حول الرسائل بين الإخوان والمملكة العربية السعودية، قال فضيلته إن السعودية استضافت الإخوان طوال عقود الخمسينات والستينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، مشيراً إلى المشاركة الإيجابية للإخوان في المجتمع السعودي.

وأشار فضيلته إلى وجود مصالح مشتركة بين الإخوان والسعودية ودول الخليج عموماً، وهي مصالح استراتيجية، كما هو الحال مع تركيا، كما اعتبر أنّ الخليج العربي والسعودية خصوصاً عمق استراتيجي للمسلمين في كل أنحاء العالم.

وأعلن فضيلته أنّ رسالته الأخرى للسعودية والإمارات هي أنّ موقفهم بوضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب، يحتاج إلى مراجعة، مؤكّداً أن فكر الجماعة وتاريخهم يدل على وسطيتهم واعتدالهم.

لكّن فضيلته نفى تلقّي الإخوان أي إشارات بتغيير الموقف السعودي، معبّراً عن أمله أنّ تشهد المرحلة القادمة في السعودية انفتاحاً على الجميع ومنهم الإخوان.

الحرب على الإرهاب
وشدّد فضيلة المراقب العام على رفضه "الانتقائية" الدولية في تعريف الإرهاب، موضحاً أنّ تعريف الخارج للإرهاب تعريف سياسي، كونه يغضّ الطرف عن إرهاب نظام الأسد، موضحاً أنّ الإرهابي بمفهوم الإخوان هو كل من قتل نفساً بغير حق أيّاً كان.

وحمّل فضيلته نظام الأسد مسؤولية ما يجري في سورية، موضحاً أنّ الثورة السورية كانت سلمية في الأشهر الأولى من انطلاقها، لكن طبيعة النظام الغير قابلة للإصلاح والمشاركة والتعامل القمعي والديكتاتوري مع الثورة، استجرّها لمربع المواجهة، مؤكّداً أنّ الإخوان لم يفكّروا بأي مواجهة عسكرية في بداية الثورة.

تصريحات كيري
واستنكر فضيلته بشدّة التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري،والتي قال فيها إنّه يجب على أميركا التفاوض مع نظام الأسد.

ووصف فضيلته تصريحات كيري بأنهّا مفاجئة وسلبية ومستنكرة، خاصة بعد تأكيدات المسؤولين الأميركيين المتعددة بأنّ بشار الأسد أصبح خارج المعادلة، وخارج مستقبل سورية، مؤكداً أنّ هذا التصريحات لا يمكن القبول بها، لأنّ ذلك يعني التفريط بتضيحات الشعب السوري.

إيران وروسيا
وأكّد فضيلته أن جماعة الإخوان ستواصل سعيها للاتصال بكل الدول التي تدعم الثورة وتقويتها في سبيل استمرار الدعم.

وبالنسبة للدول التي للإخوان خلاف معها، مثل إيران وروسيا، فرأى فضيلته أنّ الإخوان ضد توجّهات مثل هذه الدول في دعم نظام الأسد في الظلم والاستبداد، مؤكّداً إمكانية التفاهم مع أي دولة على المصالح المشتركة، لكن لا يمكن التعامل مع أي دولة تدعم نظام الأسد.


ورأى فضيلة المراقب العام أنّ هدف إيران في المنطقة ليس حماية بشار الأسد فقط، وإنّما لها مشروعها المذهبي، مشيراً إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأنهم يقاتلون في دمشق لحماية طهران، وأنّ بقاء بشار هو أحد دعائم المشروع الإيراني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق